لو أنك من المريخ
أو عطارد , أو زحل... لو أنك قدمت لنا معشر أهل الأرض من هذه الكواكب السيَّارة , ونقلت لنا أخباركم هناك وتحايا المحبين وسلامهم . لكان ذلك أرحمُ لك من أن تخبرنا أنك ابن القبيلة أو اللاقبيلة !!
أنت إن أخبرتنا أنك من الكوكب الذي يسمى بالمشتري فأنت تقابل بالحفاوة والتكريم..
وإن قلت إنك قدمت من كوكب كذا النائي عن كوكبنا ولا تربطنا به صلة فأنت وكوكبك..
إن كنتم أغنياء فحيهلاً ..
وإن كنتم ملوكاً فالسمع والطاعة ..
وبالمقابل ؛
إن كنتم في كوكبكم فقراء فهنا لافراش ولا مأوى ..
وإن كنتم أذلة فلا ناصر ولا معين ..
وإن كنتم ...
هذا لأننا أهل الكوكب الأرضي لانعرف أن نفرق بين بلد يضم الملايين من البشر وبين فرد يضم الملايين من الشعور .
ثم إن كانت القبيلة فأبشر بالترحاب والأحباب والموائدالعِذَاب...
وإن كنت ابن القبيلة فأنت تحمل بطاقة بعدم التعرض والاحتقار ..
وقبيلتك تحميك من الناس , وتؤويك عندهم . لا . بل تجعلك الأديب الأريب وأنت قليل الحياء عديم العقل . إنها تضفي عليك زيناً في الوجه , ومحبة في قلوب الخلق , وسعة فيما في أيديهم إن سألت أو لم تسأل .
وتحتد وتشتد القبيلة عندما تمس بأذى , أو يخفر جنابك بسوء فيكون الانتصار لك مضاعفاً ويسمع عدوك صوتاً لايُعبِّر عن أخذ الحق وكفى .. بل رد الاعتبار إن لم يسمع التهكم والطعن وغيرها من مصطلحات الانتقام والاستشفاء لما في الصدور المملوءة بالغيظ والاحتقان .
وبطبيعة الحال فهذه سنة كونية أن توجد هذه الطبقيات ولكن لنعلم أننا متى ما تعاملنا معها بالأناة والحلم والتعقل والاتزان وشيء من الواقع فإنها لاتعدوا أن تكون شيء من التعارف . أما إن طغت وبغت وزادت عن حدها فإنها نذيرُ شرٍّ ودعوى جاهليةٍ مقيتةٍ ..
.. إنه وإن كان من المسلَّمِ ـ واقعاً لا عقلاً ـ أن تفرقنا الأنساب والأحساب فمن الخزي أن تدعنا متشاحنين متنافرين متباغضين متجافين.