[align=justify]
أهكذا يكون الحوار؟
قرأت بمزيد من الاستغراب في جريدة الجزيرة الصادرة يوم الأربعاء 7-6- 1426هـ العدد 11976 مقالاً للكاتب: حماد بن حامد السالمي بعنوان: (كم آخر بيننا ينتظر الحوار قبل الآخر)، يتهجم فيه على من يخالفه الرأي في جواز تغيير لفظ الكافر الوارد في الكتاب والسنة إلى لفظ الآخر، وأخذ -سامحه الله- يصف المخالف له في هذا الرأي بأوصاف لا تليق بالحوار الذي يدعيه ويدعو إليه. وسأذكر لك أيها القارىء الكريم مقتطفات من كلامه مع التعليق عليها.
1- يقول: إن في الحوار مع الآخر (ويقصد الكافر) دعماً لمستقبل الإسلام نفسه في هذه الدول فهو مستقبل مرهون بالسلام والمحبة واحترام الأنظمة والقوانين والحقوق والحريات الشخصية في المجتمعات الغربية.. ونقول:
أولاً: الإسلام ولله الحمد عزيز ماضياً ومستقبلاً لأنه مستمد من كتاب عزيز، وهو القرآن، يقول تعالى {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، فليس بحاجة إلى البشر، وإنما البشر جميعاً محتاجون إليه وعزهم مرهون بالايمان به والتمسك به.
ثانياً: مستقبل الإسلام ليس مرهوناً بالسلام والمحبة مع أعدائه وإنما هو مرهون بتطبيقه على المنهج السليم والعمل به على الوجه الصحيح.
ثالثاً: لا يجوز احترام الأنظمة والقوانين والحريات الشخصية في المجتمعات مطلقاً كما قلت وإنما يحترم منها ما لا يخالف الإسلام.
2- يقول: (يرسى الحوار على قواعد: منها احترام الخصم والسماح بتعدد الآراء وتنوع وجهات النظر).. ونقول: ليتك عاملت مخالفك بمقتضى هذه القواعد ولم توجه إليه الكلمات النابية - مثل قولك في مخالفك: (إنه يصر على تكريس الخطاب العدائي وسادة الشعور بالكراهية المتناهية المتبادلة بين المجتمع السعودي والمجتمعات الغربية، ثم لا يكتفي بذا الموقف المغالي في التشدد ضد الآخر). ونقول: أين هذا الكلام الجارح الذي وجهته إلى مخالفك وأدب الحوار الذي تدعيه ولماذا لا تحترم رأي مخالفك.
3- يقول: (إلا أن التنابذ والتنابز بالألقاب بالتصنيف المذهبي والفكري ما زال باسطاً ظله على الساحة). ونقول: انقسام الخلق إلى شقي وسعيد ومسلم وكافر وسني ومبتدع سنة إلهية تجري في مقابل ما يختاره الإنسان لنفسه من منهج سليم أو منهج منحرف، والله تعالى يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}، ويقول {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}، فحكمة الله وعدله يمنعان التسوية بين هؤلاء وهؤلاء والمسلم يجب عليه أن يفرق بين هذا وهذا في الأحكام كما فرق الله بينها.
4- يقول: (لسنا معنيين - خصوصاً في الحوار الوطني بالتحول إلى دعويين ندخل هذا الآخر -يعني الكافر- غير المسلم في الإسلام قبل التعاطي معه حواراً أو تعاملاً). ونقول: إدخال غير المسلم في الإسلام لا نملكه نحن، قال الله لنبيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
ولكننا مكلفون بالدعوة إلى الإسلام في أي موقع كما قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}ولا يسعنا السكوت عن الدعوة - وهي من العمل لصالح البشرية وهي وظيفة الرسل، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}5- يقول في حق مخالفه -وهو قول بعيد عن أدب الحوار الذي يدعيه- يقول: ما فائدة الحوار الوطني إذا كان بعضنا ما زال واقفاً في الأماكن القديمة لم يغادرها بعد نتيجة الوقوف والجمود.. ونقول: ما قصدك بالمواقف القديمة التي وصفت الواقف فيها بالجمود - أهي الوقوف مع دلالة الكتاب والسنة والعمل على منهج سلف الأمة وعدم تغيير المسميات الشرعية؟! وإذا وصفت من وقف معها بالجمود فنحن نصف من تركها واستبدلها بغيرها بالميوعة والذوبان.
6- استغرب الكاتب بشدة تذكير الذين اقترحوا تغيير لفظ الكافر بلفظ : (الآخر أو غير المسلم) تذكيرهم بالتوبة من هذا الاقتراح لأنه مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وهل التذكير بالتوبة مما يستغرب والله تعالى قد أمر نبيه فقال: {وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}، وقال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بحاجة إلى التوبة والاستغفار فغيرهم أحوج إلى ذلك.
7- اعتبر الكاتب التنبيه على الخطأ وصاية على الناس - ونقول : التنبيه على الخطأ هو من باب النصيحة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الدين النصيحة) وهو من باب بيان الحق، والله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ}وقال تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}
وأخيراً أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لمعرفة الحق والعمل به ومعرفة الباطل وتجنبه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه..
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
الجزيرة 11985 الجمعة 16 جمادى الثانية 1426
[/CENTER]
|