بسم الله الرحمن الرحيم
نزكوكم يا أهل بريدة
قالوا : ما بال لهجتكم يا أهل بريدة ! لهجة مصطنعة مضحكة ! إمالات وتقليل وخلط بين الأحرف !
قال قائل من أهل بريدة : في الميدان يا حميدان ، مانقمتم علينا قدموه لنا .
قالوا : كلمات كثيرة
قال البريّدويّ : اعرضوا بعضها .
قالوا : أنتم تقولون : ( ضربَنْ ) وتريدون ( ضربني ) ، ( يسمعَنْ ) وتريدون ( يسمعني ) ، وتقولون ( منّ ) و ( عنّ ) وتريدون ( مني ) و ( عني ) .
قال البريّدويُّ : ما أحسنم صنعاً !
ومكمن جهلكم أنكم تتلون كتاب ربكم ولا تقفوا عند ألفاظه .
ألم يقل الله في كتابه الكريم ( قال كلا إن معي ربي سيهدينِ ) أصلها ( سيهديني ) الشعراء 62
وقال سبحانه ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تنفندونِ ) أصلها ( تفندوني ) يوسف 94
وقال سبحانه ( ثم كيدوني فلا تنظرونِ ) أصلها ( تنظروني ) الأعراف 195
وقال سبحانه ( أجيب دعوة الداع إذا دعانِ ) أصلها ( دعاني ) البقرة 186
وهناك أكثر من 80 آية تعضد هذه اللهجة .
وهاكم الأبيات الشعرية
قال صناجة العرب ( الأعشى ) :
فهل يمنعني ارتيادي البلا
دَ من حذر الموت أن يأتيَنْ
يريد ( أن يأتيني )
وقال كذلك :
فجئتك مرتاد ما خبَّروا
ولولا الذي خبَّروا لم ترن
يريد : ( لم ترني )
وقال كذلك :
ولكن ربي كفى غربتي
بحمد الإله فقد بلَغنْ
يريد ( بلّغني )
وغيرها كثير .
قالوا : فما تصنعون بـ ( بُهْ ) و ( بَهْ )
قال البريّدويُّ : حتى هذه سخرتم بنا .
أنتم تقصدون قولنا ( سمعت بُه ) والتي نقصد بها ( بِهِ ) و ( سمعت بَه ) والتي نقصد بها ( بِها )
ومرد ذلك إلى أن ضمير الغائب ( الهاء ) إذا سبق بكسرة أو ياء فيجوز في تلك الهاء وجهان :
الأول : أن تضمّها وتتبعها واواً ، وهو الأصل ، فتقول : محمد مررت بهُو ، وعليهُو ، وهذه اللغة ما زالت حية يتكلم بها أهل السودان ومنها قراءة حمزة ( فخسفنا بِهو وبدارٍهو الأرض ) القصص 81 ، وقراءة حفص عن عاصم ( ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله ) الفتح 10
فأما قولنا ( بُهْ ) ، فأصله ( بِهُ ) بعد حذف الإشباع ، وهو الباء من ( بِهو ) ، فنقل المتكلم ضمة الهاء إلى الباء ، فسكنت الباء فصارت ( بُهْ )
ومثله قول زياد الأعجم :
عجبت والدهر كثير عجبُهْ
من عنَزِيِِّ سبني لم أضربُهْ
وهذا قول ابن جني وسيبويه والسيرافي والشنتمري وغيرهم .
الثاني : أن تكسر الهاء إتباعاً لكسرة الباء قبلها ، وهذه لغة أكثر العرب ، وعليها جاء أكثر ما في القرآن .
وأما قولنا ( بَهْ ) فهذه لغة طيء وقضاعة ، حكى ذلك الكسائي والفرّاء .
قالوا : فما تصنعون بكلمة ( لا تواخذه ) وغيرها والتي تشربتموها من شيبكم .
قال البريّدويّ في ثقة : أضحكتمون !
هذه قراءة أهل المدينة وشيخهم نافع فيقرأ بالإبدال فمثلاً ( ولو يواخذ الله الناس بما كسبوا ) بدون همز ، فاطر 45
ويقرأ كذلك ( يوده ) قي قوله تعالى ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يوده إليك ) آل عمران
وهنا أطبق الصمت وانتهى الحوار .
** يمكنك المشاركة في الحوار ، ونتمنى أن يشاركنا في ذلك أهل اللغة .
أخوكم مؤمن آل فرعون