مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 03-08-2005, 03:02 AM   #14
الرسالة
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 140
عندما تعرض المرأة الحرة العفيفة للبيع والمزايدة!!


حقًا إن على الشباب والفتيات أن يفكروا جديًا في موضوع الزواج متى ما تيسر لهم أمره وأن لا يتعلقوا بأمور مثالية تكون حجر عثرة بينهم وبين ما ينشدون من سعادة وفلاح، ويقصدون من خير ونجاح، وأن لا يتذرعوا بما يعبر عنه (بتأمين المستقبل) فإن المستقبل بيد الله عز وجل، وقد استأثر وحده سبحانه وتعالى به وألا يحتجوا بمسألة المادة والغنى، فهي من عند الله سبحانه وتعالى، مع بذل ما تيسر من الأسباب في ذلك، والله عز وجل يقول: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} [النور 32] وصدِّيق هذه الأمة -رضي الله عنه- يقول: «أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى». ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه- «التمسوا الغنى في النكاح».

إن ظاهرة العنوسة في المجتمع وعزوف كثير من الشباب من الذكور والإناث عن الزواج له مضاره الخطيرة، وعواقبه الوخيمة على الأمة بأسرها، لاسيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتن، وتوافرت فيه السبل المنحرفة لقضاء الشهوة، فلا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة، والفساد الأخلاقي، إلا بالتحصن بالزواج الشرعي، فالقضية أيها الغيورون قضية فضيلة أو رذيلة، ومن المؤسف أن يصل بعض الشباب إلى سن الثلاثين والأربعين وهو لم يفكر بعد في موضوع الزواج، وما انفتحت أبواب الفساد إلا لما وضعت العراقيل أمام الراغبين في الزواج، بل لم ينتشر الانحلال والدعارة وما وراء ذلك وقبله من المعاكسات والمغازلات والعلاقات المشبوهة، والسفر إلى بيئات موبوءة، إلا بسبب تعقيد أمور الزواج، لاسيما مع غلبة ما يخدش الفضيلة، ويقضي على العفة والحياء، مما يرى ويقرأ ويسمع، مع ألوان الفساد الذي قذفت به المدنية الحديثة، وحدث ولا كرامة عما تبثه القنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية التي تفجر بركان الجنس ضد قيم الأمة وأخلاقها فإلى الله المشتكى..

خطر عضل النساء


وهذه إشارة ثانية إلى مشكلة أخرى وعقبة كأداء، ألا وهي عضل النساء من زواج الأكفاء، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»، خرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح.
فهناك بعض الأولياء -هداهم الله- قد خانوا الأمانة التي حملوها في بناتهم وفتياتهم، بمنعهن من الزواج من الأكفاء دينًآ وخلقًا وأمانة، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية، ويسألون عن ماله ووظيفته ووجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته، بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع، أن يعرض ابنته سلعة للمساومة وتجارة للمزايدة والعياذ بالله وما درى -هذا المسكين- أن هذا عضل وظلم وخيانة، وقد تكون مدرسة أوموظفة فيطمع في مرتبها.

نداء إلى الأولياء


فأين الرحمة في هؤلاء الأولياء؟ كيف لا يفكرون بالعواقب؟ أيسرهم أن يسمعوا الأخبار المفجعة عن بناتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟
ويا سبحان الله كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد إلى ما شاء الله.
إن تضييق فرص الزواج علة خراب الديار، به تقض المضاجع وتكون الديار بلاقع، وبه يقتل العفاف وتوأد الفضائل وتسود الرذائل وتهتك الحرمات وتنشر الخبائث والسوءات..
فيا أيها الأولياء: اتقوا الله فيمن تحت أيديكم من البنات، بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الخاطب الكفء في دينه وخلقه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وعضل النساء ورد الأكفاء فيه جناية على النفس وعلى الفتاة، وعلى الخاطب وعلى المجتمع بأسره والمعيار كفاءة الدين وكرم العنصر وطيب الأرومة وزكاء المعدن وسلامة المحضن وحسن المنبت.

وثمة إشارة ثالثة إلى مشكلة من المشكلات المستعصية ألا وهي مشكلة غلاء المهور والمبالغة في الصداق في بعض الأوساط، حتى صار الزواج عند بعض الناس من الأمور الشاقة أو المستحيلة، وبلغ المهر في بعض البقاع حدًا خياليًا لا يطاق إلا بجبال من الديون التي تثقل كاهل الزوج. ويؤسف كل غيور أن يصل الجشع ببعض الأولياء أن يطلب مهرًا باهظاً من أناس -يعلم الله حالهم- لو جلسوا شطر حياتهم في جمعه لما استطاعوا فيا سبحان الله! إلى هذا الحد بلغ الطمع وحب الدنيا ببعض الناس؟ وكيف تعرض المرأة الحرة الكريمة المحصنة العفيفة سلعة للبيع والمزايدة وهي أكرم من ذلك حتى غدت كثيرات مخدرات في البيوت حبيسات المنازل بسبب ذلك التعنت والتصرف الأرعن.
إن المهر في الزواج -يا عباد الله- وسيلة لا غاية، وإن المغالاة فيه لها آثار سيئة على الأفراد والمجتمعات لا تخفى على العقلاء من تعطيل الزواج، أو الزواج من مجتمعات أخرى مخالفة للمجتمعات المحافظة مما له عواقب وخيمة فرب لذة ساعة تعقبها حسرات إلى قيام الساعة.
ولم يقف الجشع ببعض الناس عند هذا الحد، بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك مما هو خروج عن منهج السلف الصالح رحمهم الله، يقول الفاروق -رضي الله عنه-: «ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان النبي -صلى الله عليه وسـلم- أولاكم بها، لم يصدق امرأة من نسائه ولم تصدق امرأة من بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية». وقد زوج -صلى الله عليه وسلم- رجلاً بما معه من القرآن. وقال لآخر: «التمس ولو خاتمًا من حديد». وتزوج عبـدالرحمـن بن عــوف عـلى وزن نواة من ذهب، وقد أنكـر -صلى الله عليه وسلم- على المغالين في المهور فقد جاءه رجل يسأله فقال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة على أربع أواق من الفضة -يعني مائة وستين درهمًا- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أوه على أربع أواق من الفضة؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك». الله المستعان كيف بحال المغالين اليوم؟ أما علم هؤلاء أنهم مسؤولون أمام الله عن أماناتهم ورعاياهم هل نزعت الرحمة من قلوبهم والعياذ بالله.
ــــــــــــــــــ
كتبه فضيلة الشيخ / عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام
بمكة المكرمة.
نقله لكم محبكم الرسالة
الرسالة غير متصل