إن أعظم ما يدعو إليه الداعي هو ما كان في التوحيد وعبادة الله تبارك وتعالى
وما من امرئ يعتني بأمر التوحيد والدعوة إليه إلا ويعلي الله شأنه ويرفع قدره
إن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى هي الدعوة إلى توحيده والإيمان به وبما جاءت به رسله وذلك يتضمن الدعوة إلى أركان الإسلام وأصول الإيمان والإحسان بل الأمر بما أمر به والنهي عما نهى عنه ولا تتم إلا بذلك
وأول ما يبدأ به الدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى الشهادة كما كان شأن المرسلين وأتباعهم وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره، قال الله تبارك وتعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) أي: هذه الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة لله وحده طريقتي ومسلكي، ودعوتي إلى الله وحده لا شريك له لا إلى حظ ولا إلى رياسة، بل إلى الله تبارك وتعالى ((أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) بذلك ويقين وبرهان وعلم مني به، ((أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي)) أي: ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني وصدقني وآمن بي، والبصيرة: المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل ثم قال: ((وَسُبْحَانَ اللّهِ)) أي: أنزه الله وأعظمه وأقدسه وأجله عن أن يكون له شريك في ملكه أو نظير أو ند تقدس وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، ثم قال: ((وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) أي: من المشركين في الاعتقاد والعمل، لست منهم ولا هم مني بأي نسبة كانوا، بحيث لا يعد منهم بوجه من الوجوه إن جلسوا في المجالس فليس منهم، وإن خرجوا إلى المحافل فليس منهم، فليس من المشركين في أي حال من الأحوال، وفيه وجوب الهجرة وهو معلوم بالكتاب والسنة.