يارا
بائسات الأرصفة
عبدالله بن بخيت
تتداول الصحف هذه الأيام المواجهات المحزنة بين بائعات الأرصفة وبين أمانة مدينة الرياض. فالاخوة في أمانة مدينة الرياض حسبما نقرأ اخذوا يضايقون تلك النسوة بحجج مختلفة. أنا متأكد أن سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز العياف وزملاءه في أمانة مدينة الرياض لا يمكن ان يكونوا سبباً في قطع أرزاق الفقراء والبائسين ممن يحاولون كسب عيشهم بطرق شريفة وكريمة. كما لا يمكن ان اتصور ان يأتي اليوم الذي تختفي فيه ظاهرة التجارة النسائية، لأسباب كثيرة أهمها أن أكل العيش لا يمكن لأحد أن يمنعه. فالمرأة خلقها الله تأكل وتشرب وتصرف على أطفال وتحتاج الى علاج وتحتاج الى رفاهية. كما أنها أحوج الى الدخل الشريف الذي يؤمّن لها عيشا كريما بعيدا عن التطفل والشحاذة والخروج عن القيم. والأمانة مسؤولة في الوقت نفسه أمام الله وأمام الناس وولاة الأمر لتحقيق أهدافها التي هي أهداف نبيلة بالتأكيد. وإذا تعارضت الأهداف الوطنية مع حاجة الناس لابد من دراسة الأرضية التى سببت هذا التعارض. فلا بد أن هناك خللا بعيداً عن المنظور يجب احضاره الى الوعي لمناقشة وجوده. فالبيع والشراء حق كفله الشرع وكل القوانين الإنسانية للنساء والرجال على حد سواء. فمجتمعنا بطبيعته الأصيلة لم يمنع المرأة العاملة. كل الأسواق التقليدية في المملكة من الشمال الى الجنوب الى الوسط الى الشرق لم تخلُ من البائعات أبدا.
وبالنظر في مشكلة بائعات الأرصفة الحل ليس في طرد تلك النسوة السعوديات البائسات ومنعهن من البيع وكسب الرزق الحلال. الحل في ابعاد الأجانب الذين يبيعون في المحلات ويتمتعون بالمكيفات والظل الظليل، ونسبة من الأرباح، وإحلال تلك النسوة في مكانهم. فالعمل على الرصيف لا يمكن ان يختلف أخلاقياً عن العمل داخل المحل. فالقيم والأخلاق التي تسمح للمرأة بالعمل على الرصيف لا يمكن ان تمنع المرأة من العمل داخل المحل. فمن غير المعقول أن بنت البلد البائسة تجلس على الرصيف في الحر والغبار والأجنبي الغريب يجلس في الظل وتحت المكيفات ويأخذ نسبة من الأرباح أيضاً. نحن نعرف ان معظم أصحاب المحلات الصغيرة هم من الموظفين ومن المتسببين وبالتالي يتسترون على بعض الغرباء. فعندما نسمح للمرأة بالبيع في هذه المحلات فنحن نقوم بعدة أعمال جليلة. أولاً نبعد نساءنا عن الأرصفة وصورة الشحاذة القائمة في وضعهن. ثانياً جعلنا النظام الحضاري الذي تسعى الأمانة الى تطبيقه متسقاً مع حاجات الناس وليس متعارضا معهم. ثالثاً نكون دحرنا ظاهرة التستر. أنا على ثقة ان تلك النسوة وغيرهن سيقبلن العمل كأجيرات عند صاحب المحل بنفس راتب الأجنبي وسيقبلن أكثر لو أنه اعطاهن نصف النسبة التي يتقاضاها هذا الأجنبي. انتم تعرفون أيها الإخوان ان اكبر استنزاف لموارد البلد يأتي من حوالات العمالة. في الوقت الذي تعاني فيه بلادنا من دين يتجاوز ستمائة مليار يتزايد باستمرار. والعاقل خصيم نفسه.
فاكس: 4702164
yara4u2@hotmail.com