السعوديات يؤكدن قدرتهن على النجاح في التجارة، لكنهن يطالبن بتوسيع الانشطة المتاحة امامهن، والغاء اشتراط عملهن من خلال وكيل شرعي.
الرياض – من رياض بواعنه
استأثر موضوع عمل المرأة والمعوقات التي تواجه النساء السعوديات الراغبات في خوض غمار النشاط التجاري باهتمام العديد من المتابعين والمنشغلين في هذا المجال، وخصوصًا الجهات ذات العلاقة سواء كانت رسمية أم أهلية، وذلك بعد أن حققت العديد من التجارب النسوية نجاحا لافتا للنظر عكس قدرة المرأة السعودية على إدارة الكثير من المنشآت والمصالح الاقتصادية والتجارية بتميز وكفاءة.
وقد استطلعنا آراء عدد من سيدات الأعمال والأكاديميات وتعرفت من خلالهن، وعن قرب، على آرائهن ووجهات نظرهن حيال المعوقات التي تواجههن والدور المطلوب من الجهات المهتمة بالشأن لتذليل هذه الصعوبات.
عن أهم المعوقات تقول الأستاذة منيرة الشنيفي، وهي سيدة أعمال في مجال عروض الأزياء والزهور الطبيعية والخدمات المنزلية، إن أهم معوق يقف أمام سيدة الأعمال الراغبة في الدخول إلى مجال الاستثمار يكمن في: من أين وكيف تبدأ؟ ثم ما هي المشاريع المطروحة التي يمكن لها أن تستثمر فيها؟ مشيرة إلى أن ذلك يحتاج إلى توفر مرجع علمي يمكن من خلاله الاطلاع على فرص الاستثمار المتاحة والمجالات التي يمكن ممارسة النشاط التجاري بحيث تكون ذات جدوى اقتصادية، وهذا بالطبع يحتم توفر مركز للمعلومات أو مكتبة متخصصة يمكن الرجوع إليها تكون بمثابة دليل أو مرشد عام.
وتضيف الشنيفي ان هناك قوانين وتعليمات يجب على أي سيدة ترغب في إقامة مشروع ما أن تطلع عليها وتتعرف عليها، كما انه لابد من دراسة المشروع من جميع جوانبه. وتضيف أن هذه المعوقات يجب ألا تقف حائلاً أمام طموحات الراغبات في دخول مجال الاستثمار مؤكدة أهمية الاعتماد على الذات والاطلاع على كل جديد في مجال المال والأعمال.
ومن جانبها تشير الأستاذة صفية السليمان، وهي سيدة أعمال، إلى أن المعوق الأبرز الذي يواجه سيدة الأعمال هو عدم إنجازها لمعاملاتها بشكل شخصي حيث إنها تضطر إلى طلب مساعدة الآخرين أو من ينوب عنها في متابعة أي معاملة تجارية خاصة بها، إذ إن من شأن ذلك الإسراع في إنجاز جميع المعاملات ومتابعتها وتنفيذها في الوقت المحدد.
أما الأستاذة هدى الجريسي، وهي سيدة أعمال والمدير العام لمركز الأريبة للمهارات النسائية بالرياض، فترى بداية أن المناخ العام والبيئة الاقتصادية قد شجعت الحكومة إلى التوجه نحو نقل وسائل التعامل التجارية بين الشركات والمؤسسات من الوسائل الورقية لتكون إلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وهو ما أتاح للمرأة الاستفادة من التطورات الحاصلة في مجالات تقنية المعلومات وتحسين أدائها الوظيفي بدقة أكثر وسرعة أكبر.
وترى الجريسي أن قلة من سيدات الأعمال ذوات خبرة في مجال الأعمال والمال قادرات على الانخراط في النشاط التجاري، لكن كثيرًا من سيدات الأعمال أو اللواتي يرغبن في البدء بمشروع معين، لا يعلمن كيف تكون البداية وإلى من يذهبن، لأنهن بحاجة إلى من يوجههن ويرشدهن، إذ من الصعب أن يكون هذا التوجيه هاتفيًا، وهذه إحدى الصعوبات، بالإضافة إلى الحاجة إلى التدريب وبناء قاعدة معلوماتية سليمة. وعلاوة على ذلك هناك مشكلة محدودية الأنشطة الاستثمارية المسموح بها على الرغم من وجود مشاريع كثيرة تتخذ اسم مشغل، لكن النشاطات التي تمارس فيها هي غير ذلك، وكذلك فإن مشكلة التمويل تمثل عائقًا كبيرًا ذلك أن هناك العديد من سيدات الأعمال ليس لديهن السيولة النقدية اللازمة لفتح مشاريع تجارية بشكل منفرد.
مطلوب توفير أقسام نسائية
اما الأستاذة أمل العليان المحاضرة بقسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود وعضو جمعية الاقتصاد السعودية فتلخص أبرز المعوقات التي تواجه سيدات الأعمال السعوديات فيما يلي: أولاً صعوبة التعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد الوطني بسبب عدم توفر أقسام نسائية في الغرف التجارية السعودية تتيح لسيدات الأعمال حضور اللقاءات والمنتديات التي تعرض فيها الفرص الاستثمارية المتاحة، ولقاء الوفود التجارية الأجنبية التي تزور السعودية. ثانيًا: صعوبة إنهاء الإجراءات المتعلقة بإصدار تراخيص المشروعات الاستثمارية ومتابعة الأحداث الخاصة بها بسبب عدم توفر الوكيل الشرعي المتفرغ الأمين الذي يمكن أن تثق به سيدة الأعمال، وكذلك آلية متابعة تلك الإجراءات بحسب ما يشترطه نظام وزارة التجارة حاليًا وهو ما يجعلها تحجم عن الاستثمار. ثالثًا: عدم توفر جهات تدريبية ذات كفاءة ومدربة في التخصصات التي يمكن أن تلجأ إليها سيدة الأعمال التي ترغب في تدريب عمالتها النسائية في حالة رغبتها في تدريبهن حيث إن معظم البرامج التدريبية موجهة للرجال فقط. رابعًا: منع استقدام عمالة نسائية ذات كفاءة ومدربة في التخصصات التي تحتاج إليها مشاريعهن الاستثمارية وقصر الاستقدام على مجالات محددة وقليلة كالخياطة على سبيل المثال. خامسًا: صعوبة الحصول على قروض من المصارف التجارية بسبب الشروط التعجيزية التي تفرضها تلك المصارف على سيدات الأعمال.
مسؤولية الغرف التجارية
وطرحنا على سيدات الأعمال محورًا ثانيًا يدور حول المطلوب الذي يجب أن تقوم به المؤسسات والجهات الرسمية والأهلية لمساعدة سيدات الأعمال، حيث عبرن عن ثقتهن بالجهات ذات العلاقة في مساعدتهن لإثبات نجاحهن وتذليل الصعوبات والعقبات التي تقف حائلاً أمامهن.
وتقول الأستاذة صفية لا بد أن تخصص الجهات الرسمية أقسامًا نسائية للنظر في طلبات سيدات الأعمال واحتياجاتهن، وإنجاز أمورهن بأنفسهن، لأن من شأن ذلك ان يقدم مساعدة كبيرة لسيدات الاعمال.
وطالبت الأستاذة منيرة الشنيفي بتأمين المظلة التي تحتمي بها السيدة للحصول على المعلومات الدقيقة، ومساعدتها في حل المشكلات العملية، وهي مسؤولية الغرف التجارية في المملكة، وكذلك ضرورة فتح مكاتب نسائية في مختلف الوزارات ليتسنى للمرأة القيام بأعمالها بدلاً من أن يتصرف الوكيل في ممتلكاتها دون علمها أو يضعها في مأزق يسبب لها الفشل لا قدر الله.
ومن جهتها ترى الأستاذة هدى الجريسي أنه لا بد من وجود ملتقى أو اجتماع دوري لسيدات الأعمال يعقد بصفة دورية فيما بينهن بحيث يتم فيه مناقشة الهموم والمشكلات التي تعترضهن، بالإضافة إلى تبادل الأفكار فيما بينهن لمناقشة الموضوعات التي تهتم بالنشاط التجاري والاستثمار وكذلك الاستفادة من خبرات بعضهن. أما الأستاذة أمل العليان فترى أن المطلوب من المؤسسات والجهات الرسمية والأهلية لتذليل هذه الصعوبات والمعوقات إلغاء شروط الوكيل الشرعي كشرط لمنح المرأة الترخيص لمشروعها التجاري والسماح لها بمتابعة إجراءات إقامة مشروعها وتنفيذه اعتمادًا على إمكاناتها وقدراتها.
النجاح ممكن، ولكن بشروط
لكن هل تملك سيدات الأعمال السعوديات القدرة على إدارة مشاريعهن التجارية بشكل منفرد واعتمادًا على خبراتهن ومؤهلاتهن؟
تؤكد الأستاذة صفية السليمان أن ذلك ممكن، منوهة بتجارب العديدات التي حققن من خلالها نجاحا مميزة في هذا المجال. وتشاركها الرأي الأستاذة منيرة الشنيفي التي تشترط توفر البيئة والمناخ الملائم لذلك، وتشير الأستاذة هدى الجريسي إلى أن المرأة السعودية قد قطعت أشواطًا كبيرة في مجالات متعددة في الحاسب الآلي وصولاً إلى ممارسة التجارة الإلكترونية وغيرها، إذ إن سيدة الأعمال السعودية تمارس الآن مختلف أنواع الاستثمار كشركات استيراد المواد الغذائية والمقاولات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وصالات الأفراح والمطاعم ومحلات بيع الزهور وغيرها من النشاطات المتعددة، وهذا يؤكد قدرة سيدة الأعمال على تنفيذ مثل هذه المشاريع وإدارتها بكفاءة وجدارة.
وتشير الجريسي إلى أن بعض النساء قد تمكن من التوسع في نشاطهن التجاري إلى حد افتتاح فروع لبعض المشاريع في أنحاء مختلفة من المملكة وبعض الدول العربية، وهذا تأكيد حقيقي للنجاحات التي تحققت على أرض الواقع.
وعن مقارنة تجربة سيدة الأعمال السعودية بشقيقتها العربية ترى الأستاذة صفية السليمان أنه رغم الفترة الزمنية القصيرة لدخول سيدات الأعمال السعوديات مجال الاستثمار مقارنة مع خبرة سيدات الأعمال العربيات فإن ما تحقق يبشر بالخير ويؤكد قدرة المرأة السعودية على النجاح. والشيء نفسه تشير إليه الأستاذة منيرة الشنيفي وهو أن المرأة السعودية لا تقل كفاءة وقدرة عن شقيقاتها العربيات في استثمار أموالها ودخول هذا المجال متسلحة بالذكاء والعلم، وتعي جيدًا ما تفعله، وتتمتع بشخصية قوية ولباقة في المخاطبة والتحدث مثبتة وجودها كسيدة تعمل دون ضجيج.
أما الأستاذة أمل العليان فترى أن تجربة المرأة السعودية في مجال الاستثمار الخاص حديثة العهد نسبيًا إذا ما قورنت بتجارب شقيقاتها العربيات، إلا أنها تمكنت، وفي زمن قياسي بفضل مثابرتها وتوفر دافع الرغبة لديها أن تتجاوز الكثير من الحواجز، وهي بذلك تنطلق بثبات مستفيدة من تجارب سيدات الأعمال العربيات من خلال حرصها على حضور اللقاءات والحوارات المشتركة التي عقدت في عدد من الدول العربية.