كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
هذه رسالة وصلتني من الأخ برق على الخاص , حول بعض الإشكالات في هذه القصيدة , فلم أشأ أن أجيب عليه على الخاص , وإنما فضلت الجواب هنا لتعم الفائدة .
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
شكرا لك أخي على بيانك الوافي عن المنقوص من صبغ منهتى الجموع
استأذنك أنّه لم يشف الغليل من معرفة سرّ المنقوص من صيغة منتهى الجموع, فهل لك أن تزيدني تفصيلا عن ذلك وتجلي حيرتي : هل يجوز أن نقول : معانيَ عند الجر كما نقولها عند النصب ؟
لأن علة عدم إظهار ضم المنقوص وكسره هو التخفيف , وما دام هذا المنقوص ممنوعا من الصرف يجر بالفتحة فما المانع من نطقها ؟!
وما دمت سأجد منك مثل هذا العلم الذي عقّبت به فاسمح لي بنقل المدارسة إلى كلمات إخرى في قصيدتك الزاهرة
قلت :
" لها في النحو قدر أيُّ قدر " أظنك رفعت كلمة ( أي ) على أنها خبر لمبتدأ تقديره : هو , فهل يجوز نصب قدر على أنها مفعول مطلق ؟ فإن كان جائزا فلم لا تختار النصب لكونه أخف نطقا , وأقرب إعرابا .
قلت :
"فهبوا نحو ضادكمُ بصبر " أشبعت ميم الجمع بضمة , رغم أنه ينطق واوًا , فهل ترى الأنسب كتابة الإشباع واوا أو ضمة ؟ أم تراهما سواء ؟ |
|
 |
|
 |
|
قال أبو سليمان :
أشكر أخي برق على إثارته هذه الفوائد اللغوية , وسأجيب الآن عن هذه المسائل الثلاث :
فأقول مستعينا بالله ومتوكلا عليه :
المسألة الأولى :
العلة في عدم فتح الياء في ( جواري , وصحاري , ومعاني ) حال الجر , .
الجواب : أن الكلمات السابقة ونحوها مما هو على وزن ( مفاعل ) ممنوعة من الصرف , وهي منقوصة , أي.
والاسم المنقوص هو الاسم المختوم بياء أصلية مكسور ما قبلها نحو : قاضي , وداعي , ساعي , وغازي ,.. )
وقاعدته أن الحركات تقدر فيه حال الرفع والجر , وتظهر فتحة حال النصب , فإذا كانت الكلمة معرفة بقيت الياء على حالها في الرفع والنصب والجر , وتكون الحركات مقدرة في الرفع والجر وظهور الفتحة نحو : جاء القاضي , ورأيت القاضيَ , وسلمتُ على القاضي .
أما إن كان نكرة فإن الياء تحذف حال الرفع والجر , يعوض عنها تنوين في آخر الاسم يسبقه كسرة لازمة للدلالة على الياء المحذوفة , أما في حال النصب فإن الياء تبقى , وتظهر الفتحة عليها نحو : جاء قاضٍ ( رفع ) , ومررتُ بقاضٍ ( جرّ ) , رأيتُ قاضياً ( نصب ) .
فإذا كان الاسم ممنوعا من الصرف فإنه لا يختلف شيء من الحكم سوى أن المنصوب لا ينون نحو : هذه جوارٍ , ومررتُ بجوارٍ , ورأيتُ جواريَ .
قال ابن مالك :
وذا اعتلال منه كالجواري ,,, رفعا وجرا أجرِه كساري
أي أن المعتل من الجمع الممنوع من الصرف يعامل في الرفع والجر معاملة الاسم المنصرف مثل : ساري , وقاضي ...
قال الأشموني : " ولا خلاف في ذلك " شرح الأشموني : 3 / 245 .
وبهذا جاء القرآن الكريم :
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } (41) سورة الأعراف
فكلمة ( غواشٍ ) : اسم منقوص ممنوع من الصرف , وهو مرفوع هنا , فتحذف الياء ويعوض عنها تنوين .
قال تعالى : {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} (10) سورة مريم
{وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (2) سورة الفجر
فكلمة ( ليالٍ ) مجرور ,وهي ممنوعة من الصرف لأنها على وزن فَعَالِل , ومع ذلك حذفت الياء وعوض عنها تنوين .
{ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} (18) سورة سبأ :
فكلمة ( لياليَ ) هنا : ظرف زمان منصوب , فالاسم منصوب , والياء باقية والفتحة ظاهرة بدون تنوين لأن الاسم ممنوع من الصرف .
والإشكال هنا الذي أثاره الأخ برق , أن الجر في المنوع من الصرف مثل النصب في أن آخره فتحه كما نقول : صليتُ في مساجدَ كثيرة , ونظرتُ إلى مآذنَ مرتفعة .
والفتحة تظهر على الياء مع المنقوص , فلماذا حذفت الياء في المنقوص الممنوع من الصرف حال الجر , ولم تكن مثل النصب فتبقى الياء وتظهر الفتحة ؟؟
والجواب على ذلك : أن حذف الياء وتنوين الاسم مع الجر له وجهان :
الأول : إجراء المنقوص حال الرفع والجر على حالة واحدة سواء أكان ممنوعا من الصرف أم غير ممنوع ,ويكون التنوين الموجود في الاسم تنوين عوض وليس تنوين تمكين .
الثاني : أن الفتحة في حال النصب فتحة أصلية فوجب مراعاتها , وبقاء الياء معها .
أما الفتح حال الجر في نحو : مررت على جواريَ ,, فالفتحة فيه فتحة فرعية عن الكسرة , فلم يحسن مراعاة الفرع , لأن الفرع لا يقوى لأخذ أحكام الأصل كلها .
وهذا أمر كثير في النحو , أي عدم مراعاة الفرع كمراعاة الأصل , ف ( كان ) لها من الأحكام ما ليس لأخواتها , لأنها أصل في بابها .
والصفة المشبهة لا تعمل فيما قبلها لأنها فرعٌ عن اسم الفاعل في العمل , فلم تقوَ على العمل فيما قبلها كقوة الأصل ...
المسألة الثانية :
لها في النحو قدرٌ أيُّ قدر .
يسأل الأخ برق عن جواز نصب ( أيّ ) على اعتبار أنها مفعول مطلق .
والجواب : أن هذا لا يصح , لأن المفعول المطلق هنا يفتقر للعامل وهو الفعل كما في قوله تعالى : " { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء , فـ ( أيّ ) هنا مفعول مطلق لأن هناك فعل عامل فيها وهو ( ينقلبون ) ..
أما هنا فلا يوجد عامل ينصب أي على المفعولية المطلقة .
والصواب : أنها تعرب نعتا للنكرة قبلها .
وقد قال ابن هشام في ذكر أنواع ( أيّ ) :
الرابع : أن تكون دالةً على معنى الكمال , فتقع صفة للنكرة نحو : زيدٌ رجلٌ أيُّ رجل , أي كامل في صفات الرجال , وحالاً للمعرفة كمررت بعبد الله أيَّ رجل " مغني للبيب : ص 109 .
المسألة الثالثة : في عدم إشباع الميم في البيت : " فهبوا نحو ضادكمُ بصبر " والوزن يقتضي إشباعها , فكان الأولى أن تكتب هكذا : ضادكمو بصبر ..
الجواب : أن هذه الواو تنتج عن إشباع ميم الضمير , وهي تقع كثيرا في الشعر لأجل الوزن , وللعلماء في كتابتها وجهان , فمنهم من يكتبها خطا , ومنهم من يحذفها .
إذن الوجهان جائزان عند العلماء , ونص على ذلك الشيخ نصر الهوريني في المطالع النصرية ص : 192 .
هذا ما تيسر لي بحمد الله تحريره في هذه المسائل الهامة ...
وصلى الله على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|