[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.e-fnan.com/upload/uploads/images/domain-3dc11b1644.png');"][cell="filter:;"][align=center]
جاء في كتاب الكبائر للإمام
الحافظ شمس الدين الذهبي -رحمه الله- :
سب أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم-
ثبت في الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال : يقول الله تعالى :
" من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب " ،و قال -صلى الله عليه و سلم- :
" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم و لا نصفيه "
(مخرج في الصحيحين) . و قال -صلى الله عليه و سلم- :" الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا
بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني و من
آذاني فقد آذى الله ، و من آذى الله فقد أوشك أن يأخذه " أخرجه الترمذي .
ففي الحديث و أمثاله بيان حالة من جعلهم غرضًا بعد رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
و سبهم و افترى عليهم و كفرهم و اجترأ عليهم .
و قوله -صلى الله عليه و سلم- : " الله الله" كلمة تحذير و إنذار كما يقول المحذر النار النار أي :
احذروا النار ، و قوله : " لا تتخذوهم غرضًا بعدي" أي لا تتخذوهم غرضًا للسب و الطعن ،
كما يقال : اتخذ فلانًا غرضًا لسبه أي هدفًا للسب ، و قوله : " فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من
أبغضهم فببضغي أبغضهم " ، فهذا من أجل الفضائل و المناقب لأن محبة الصحابة لكونهم
صحبوا رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و نصروه و آمنوا به و عزروه و واسوه بالأنفس و الأموال ،
فمن أحبهم فإنما أحب النبي -صلى الله عليه و سلم- .
فحب أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم- عنوان محبته و بغضهم عنوان بغضه ،
كما جاء في الحديث الصحيح : " حب الأنصار من الإيمان و بغضهم من النفاق" ،
و ما ذاك إلا لسابقتهم و مجاهدتهم أعداء الله بين يدي رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
و كذلك حب علي -رضي الله عنه- من الإيمان و بغضه من النفاق ، و إنما يعرف
الصحابة -رضي الله عنهم- من تدبر أحوالهم و سيرهم و آثارهم في حياة رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
و بعد موته من المسابقة إلى الإيمان و المجاهدة للكفار و نشر الدين و إظهار شعائر الإسلام ،
و إعلاء كلمة الله و رسوله و تعليم فرائضه و سننه ، و لولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل و لا فرع ،
و لا علمنا من الفرائض و السنن سنة و لا فرضًا و لا علمنا من الأحاديث و الأخبار شيئًا .
فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين و مرق من ملة المسلمين ،
لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم و إضمار الحقد فيهم و إنكار ما ذكره الله تعالى
في كتابه من ثنائه عليهم ، و ما لرسول الله -صلى الله عليه و سلم- من ثنائه عليهم و فضائلهم
و مناقبهم و حبهم ، و لأنهم أرضى الوسائل من المأثور و الوسائط من المنقول ، و الطعن في
الوسائط طعن في الأصل ، و الازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول ، هذا ظاهر لمن تدبره و سلم
من النفاق و من الزندقة و الإلحاد في عقيدته ، و حسبك ما جاء في الأخبار و الآثار من
ذلك كقول النبي -صلى الله عليه و سلم- :" إن الله اختارني و اختار لي أصحابًا ، فجعل لي
منهم وزراء و أنصارًا و أصهارًا فمن سبهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله
منه يوم القيامة صرفًا و لا عدلاً ".
و عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال أناس من أصحاب رسول الله
-صلى الله عليه و سلم- :" إنا نُسَبْ ، فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :" من سب أصحابي
فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ".
و عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :" إن الله اختارني و اختار لي أصحابي
و جعل لي أصحابًاو إخوانًا و أصهارًا ، و سيجيء قوم بعدهم يعيبونهم و ينقصونهم فلا تواكلوهم
و لا تشاربوهم و لا تناكحوهم و لا تصلوا عليهم و لا تصلوا معهم ".
و عن ابن مسعود -رصي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :
" إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، و إذا ذكر النجوم فأمسكوا ، و إذا ذكر القدر فأمسكوا " .
قال العلماء : معناه من فحص عن سر القدر في الخلق ، و هو :
أي الإمساك علامة الإيمان و التسليم لأمر الله ،و كذلك النجوم و من اعتقد أنها فعالة أو لها تأثير
من غير إرادة الله عز و جل فهو مشرك ، و كذلك من ذم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
بشيء و تتبع عثراتهم و ذكر عيبًا و أضافه إليهم كان منافقًا .
بل الواجب على المسلم حب الله و حب رسوله ، و حب ما جاء به ، و حب من يقوم بأمره ،
و حب من يأخذ بهديه ، و يعمل بسنته ، و حب آله و أصحابه و أزواجه و أولاده و غلمانه و خدامه ،
و حب من يحبهم و بغض من يبغضهم ،لأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في الله .
قال أيوب السختياني -رضي الله عنه- :" من أحب أبا بكر فقد أقام منار الدين
و من أحب عمر فقد أوضح السبيل و من أحب عثمان فقد استنار بنور الله و من أحب
عليًا فقد استمسك بالعروة الوثقى ، و من قال الخير في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- برئ من النفاق ".
و أما مناقب الصحابة و فضائلهم فأكثر من أن تذكر ، و أجمعت علماء السنة العشرة
المشهود لهم ، و أفضل العشرة : أبو بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم
علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين- ، و لا يشك في ذلك إلا مبتدع منافق خبيث .
و قد نص النبي -صلى الله عليه و سلم- في حديث العرباض بن سارية قال :
" عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليه بالنواجذ ،
و إياكم و محدثات الأمور " الحديث .
و الخلفاء الراشدون هم : أبو بكر و عمر و عثمان و علي -رضي الله عنهم أجمعين- ،
و أنزل الله في فضائل أبي بكر -رضي الله عنه- آيات من القرآن ،
قال تعالى : " و لا يَأْتَلْ أُولُوا الفَضْلِ منْكُم و السَّعَة أن يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى و المساكِين".
لا خلاف في ذلك فيه ، فنعَته بالفضل -رضوان الله عليه- و قال تعالى :
" ثاني اثنين إذْ هُمَا في الْغَارِ" ، لا خلاف أيضًا أن ذلك في أبي بكر -رضي الله عنه-
شهدت له الربوبية بالصحبة ، و بشّره بالسكينة ، و حلاه بثاني اثنين كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- :
" من يكون أفضل من ثاني اثنين الله ثالثهما ؟"
و قال تعالى :" و الّذي جاءَ بالصِّدْقِ و صَدّقَ به أُولئِكَ هم المُتّقُونَ " .
قال جعفر الصادق : لا خلاف أن الذي جاء بالصدق رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و الذي
صدّق به أبو بكر -رضي الله عنه- و أي منقبة أبلغ من ذلك فيهم ؟ رضي الله عنهم أجمعين . أهـ
(الكبائر " 207 .. 210")

[/align][/cell][/table1][/align]