بالأمس القريب تحدثت عن فنِّ التطنيش وقد يكون هذا الموضوع يدخل في ضمن الأول تباعاً – في ظني – وهنا فإني مٌضطرٌ ؛ أن أبتعد قليلا عن لغة العلم والأدب ، إلى
محــراب الكلمـــة ؛ بعد تأسيس أركانه الشرعية .
وبهـذه المقـدمة ؛ سأنطلـق مـع القـراء الأعـزاء – بإذن الله - في الحديث عن ذكرياتي مع رجل أكاديمي – وللأسف – افترى كلاما على لساني لا يمتُّ لي ولا للحقيقة بأيّ صلة من قوله :
أني في صدد تكوين جماعات في مدن مملكتنا الحبيبة وشغلها الشاغل القدح في أعراض علمائنا الأجلاّء والنيل من ذواتهم – فضلاً – عن تكوين خفافيش الظلام لبثّ الفرقة بين أهل السنة ... وغير ذلك من الإشاعات.
وهذا فيه مخالفة صريحة ل
محراب الكلمة القائم على مصداقية النفس أولا ، ومن ثـمَّ عفَّةُ اللسان .
فحرية الإنسـان الشهم العربي ؛ فضلاً عن غيرهم ، ترفض المخالفة والغش قولا وفعلا ، ناهيكم عن التحلي بهما ؛ والتورية بجلباب عباءتيهما السوداء - منظرا ومخبرا - ، وكأنَّ الناس هَمجٌ رِعَاع ، لا يعرفون خبراً ولا أثراً ، ولا يـُميّـزون بين الصواب والخطأ .
فمن الصعب أن يكون المسلم يروغ روغان الثعلب في ألفاظه وأفعاله ، وذلك أنَّ هذه التصرفات تُفضي بدورها إلى المنصفين من عامة الناس ؛ أنَّ قلة التحري العلمي والتربوي ؛ سببا جوهريا في تفاقم هذه العادة السيئة لأيّ شخص كان – وهذا في الغالب - ، وإن كان يمثل نفسـه في الأصـل.
وقـد بـدأ المنصفون - بحمد الله - ، يستشفون هذه الصناعة المقيتة ، خارج المحراب ببعض الكلمات المرفوضة أصلاً وحساًّ - ، وكل هذا جاء بعد ولادة سبقتها مخاضات متعددة ، والذي ولّد بدوره منظومة متكاملة لهدم المحراب .
وفي نظرة - سريعة - لهذه الصناعة المنبوذة ، ومن دون مقدمات فضفاضة ؛ فإنَّ مخالفة النص القرآني - بقصد أو غير ذلك - سيولد أسوأ النتائج لمحراب الكلمة ، من لدن رُوَّاد مصنع الإشاعات .
وفي النهاية :
شيئ مخجل ؛ أن تنقاد أحكامنا لترويج الشائعات من وعلى أهل السنة ، وهم أولى الناس بإدارة عجلة الإصلاح في فقه الألفاظ !
فمثل هذه المواقف ، لا تمثل - في الحقيقة - شيئا إذا ما قارنَّاهُ بالسواد الأعظم من الواقع المشاهد الذي نراه في رفض هذه الإشاعات ، فلا يقاس على حال أولئك ، - عندئذٍ - تذكرت :
إذا قال فيك الناس ما لا تحبه * فصبرا يفئ ود العدو إليكا
وقد نطقوا مينا على الله وافتروا * فما لهم لا يفترون عليكا .
ختاماً : أشكر قلمي ، ولكل من قرأ ناقدا أو مطالعا ، فمحراب الكلمة الحقيقي الذي أصبو إليه من توثيق هذا الحدث ؛ هو رونق الصدق ، وليس صناعة الكذب .
التوقيع : علي بن مسفر لسلوم اليـامي ، أبوسـارة .
الخميس الموافق : 29 / 11 / 1432هـ
القصيـم - بريــدة .
§-¤§-¤§-¤§-¤§-¤§-¤§-¤§