كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
وقفات في آيات الحج ,,, حلقات متجددة .
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , وبعد
فهذه وقفات لغوية وبيانية في بعض آيات الحج أجعلها على حلقات هنا , لتسهل قراءتها , سائلا الله تعالى أن ينفع بها , وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم .
الحلقة الأولى :
قال الله تعالى : " {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} (197) سورة البقرة
وقفات حول هذه الآية الكريمة :
الوقفة الأولى : تكرار لفظ الحج ثلاث مرات , وهو في كل موضوع يختلف دلالته عن الموضع الذي قبله .
فالحج في الموضع الأول : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ) المراد به : زَمَن الحج , وبين سبحانه أنه : أشهر معلومات , تبدأ من عيد الفطر المبارك , وتنتهي بآخر يوم من ذي الحجة , وقيل , تنتهي في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة , وهو آخر أيام التشريق .
والحج في الموضع الثاني : ( فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) المراد به : الإحرام بالحج , أي من دخل في النسك , والدخول في نسك الحج يكون بالإحرام .
والحج في الموضع الثالث : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) المراد به : أعمال الحج , أي لا رفث ولا فسوق ولا جدال أثناء أداء الفريضة .
ومع تكرار لفظ الحج ثلاث مرات إلا أن القارئ لا يحس بأثر هذا التكرار , فلا تلحقه السآمة ولا الضجر , لما يُلْقَى في رُوعِه من جلال اللفظ , وتغاير المعنى .
الوقفة الثانية : الحج ليس واجباً على الجميع كل عام , بل هو مرة واحدة على المستطيع , بدليل قوله : " فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ " والمعنى : أن مَن دَخَلَ في النُّسُكِ فَعَلَيْهِ الابتعادُ عن كذا وكذا , ويُفْهَمُ منه : أن هُناك أُنَاسٌ لن يدخلوا في النسك , ولن يفرضوا الحج .
الوقفة الثالثة : الحج تربية وتهذيب للنفس من أدران السيئات , والأخلاق الفاسدة : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) .
وجاء النفي هنا بلا النافية للجنس ( لا رفثَ , لا فسوقَ , لا جدالَ ) ليكون النفي أعم وأشمل لجميع الأنواع التي يمكن أن تدخل تحت أي صنف من الأصناف الثلاثة المذكورة في الآية , والنفي يستلزم النهي , ولكن جاء التعبير بالنفي بدلا عن النهي – والله أعلم - لتكون الآية تصويراً مثاليا لما يسير عليه الحجاج , فهي تنفي وجود ما يمكن أن يخلّ بحجِّهم , لتبين أن الأصل في حج المسلمين كمالُ الأخلاق , وتمامُ النسك .
الوقفة الرابعة : على كثرة عدد الحجاج إلا أنهم لن يعجزوا الله تعالى حفظا وعلما , فكل تحركاتهم وأقوالهم وأعمالهم يعلمها الله تعالى : " وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ " , فتأكد أنك مهما فعلت من الخير ولو كان يسيراً في الحج فإن الله يعلمه وسيجازيك عليه , ولن تختلط عليه الألسنة واللغات .. سبحانه وتعالى .
الوقفة الخامسة : التقوى أساس الحج .
ختم الله هذه الآية بالأمر بالتقوى , لأن الحج سبب للتقوى , فهو الطاعة العظيمة التي يطيع الإنسان فيها ربه , ولو كان فيه مشقة على نفسه .
والتقوى ارتبطت بالعبادات كلها : الصلاة والزكاة والصوم والحج .
ففي الصلاة والزكاة يقول تعالى : { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) سورة البقرة .
وفي الصوم يقول سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة
وفي الحج هذه الآية الكريمة .
وقد بين سبحانه أن التقوى خير زاد للمسلم الذي يرجو ثواب الله , وهي خير دليل على كمال عقل المسلم ( يا أولى الألباب ) .أي : يا أولى العقول .
والله تعالى أعلم .
ملاحظة : يسعدني قراءة أي نقد أو إضافة .
أبو سليمان 1/12/1432هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|