مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 30-10-2011, 10:46 PM   #122
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537

- قوله : أبصر به وأسِمع : أسلوب تعجبي : أي ما أبصره ! وما أسْمَعه ! , والضمير يعود إلى الله تعالى , وبدأ بالإبصار هنا لأن حال الكهف المصورة من أول السورة تستدعي النظر قبل السماع , فحالهم وهم فارون , وهم منعزلون , وهم نائمون , وهم متقلبون , وحال كلبهم , وحالهم بعد البعث , كلها أحوال بصرية , فسبق الإبصار هنا عن السماع ,, والله أعلم .

- قوله تعالى : " واصبر نفسك " أي واحبس نفسَك مع ضَعَفَة المسلمين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي , والصبر في اللغة معناه : الحبس .

- قوله سبحانه : " يدعون ربهم .. يريدون وجهه " يفيد أن الدعاء وحده لا يكفي حتى يرتبط بالإخلاص لله تعالى , كما قال سبحانه : { وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (29) سورة الأعراف , وقوله سبحانه : {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (65) سورة غافر .

- قوله تعالى : { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (28) سورة الكهف . جمع الله تعالى بين ثلاثة أمور هنا : غفلة القلب عن الذكر , واتباع الهوى , وضياع الحال والأمر . فالأول سبب للثاني , والثالث نتيجة للأول والثاني معاً , فمن غفل قلبه عن ذكر الله تعالى فإنه سيكون مُتَّبِعاً لهواه , ثم إن نتيجة ذلك هي ضياع أمره وحياته " وكان أمره فُرُطا" أي خسراناً وضياعا .

- قوله تعالى : "{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} (29) سورة الكهف .

- قوله :" الحقُّ من ربكم " مبتدأ وخبر , والجملة هنا اسمية دالة على الثبات وعدم التجدد , فالحق دوما من عند الله لا يزول ولا يحول , كما قال سبحانه : " {الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (147) سورة البقرة , وقوله سبحانه : " {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } (108) سورة يونس

- قوله : " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " هذا أسلوب تهديد , وليس المراد به التخيير , فهو كما قال سبحانه : " اعملوا ما شئتم " , وفي الحديث " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " , وقال ابن جرير : إنه أسلوب تخيير , فالله تعالى يبين الحق , فمن شاء الإيمان فله ذلك , ومن شاء الكفر فله ذلك , لأنه لا إكراه في الدين , ولكن ليعلم الكافر أنه إن اختار الكفر فإن جزاءه النار " أحاط بهم سرادقها ... "

- وفيه بيان أن الكفر ظلم عظيم , لأنه قال : " إنا أعتدنا للظالمين ناراً " بعدما قال " ومن شاء فليكفر " , فالكافر ظالم لنفسه , وظالم لربه بالإشراك به , كما قال تعالى { وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (254) سورة البقرة .

- وحكمة ذكر السرادق هنا , وهي الجُدُر التي تحيط بالنار , لأن الجزاء من جنس العمل , فالكافر حينما اختار الكفر - مع أن الحق من عند الله تعالى - فقد أحاط نفسه بذل الكفر , وذل الهوى , وذل عصيان ربه , فكان جزاؤه النار المحاطة بالسرادق . نسأل الله السلامة والعافية .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]

آخر من قام بالتعديل أبو سليمان الحامد; بتاريخ 30-10-2011 الساعة 11:03 PM.
أبو سليمان الحامد غير متصل