مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 31-10-2011, 08:46 AM   #27
شريط الذكريات
عـضـو
 
صورة شريط الذكريات الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
البلد: المملكه العربيه السعوديه
المشاركات: 176
قوله تعالى : {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} (11) سورة الكهف
ضربنا على آذانهم : أي عطلنا وظيفة السمع لديهم ليناموا فترة طويلة , وهذا دليل على أن حواس الإنسان تنام معه إلا السمع فإنه يظل موجودا , ولو كان بنسبٍ متفاوتة من شخص لآخر .
فضرب الله على آذانهم , وأغلقها لكيلا يسمعوا الأصوات فيستيقظوا , فكانت النومة الطويلة التي أخبرنا عنها القرآن الكريم .
ولنلحظ التسلسل التاريخي للحدث :
إذ أوى الفتية إلى الكهف : لجؤوا إليه ليؤويهم .
فقالوا ربنا ... : دعوا الله أن يرحمهم وأن يكتب لهم الرشاد .
فضربنا على آذانهم ,,, بمجرد دخولهم الكهف وارتياحهم قليلا جاءهم النوم ,, وهنا جاء العطف بالفاء ( فضربنا ) لأنها تفيد الترتيب والتعقيب , أي أن النومة جاءت عقب دعائهم .
ثم بعثناهم ... البعث جاء بعد زمن طويل , ولهذا جاء العطف بالحرف ( ثم ) لأنها تفيد الترتيب والتراخي .
قوله تعالى : " نحن نقص عليك ,, " فيه تعظيم لهذه القصة وأنها من عند الله تعالى , فلا مجال للشك فيها أو تكذيبها , وفيها تعظيم للمخاطب وهو محمد صلى الله عليه وسلم ؛ إذْ أخبره ربه بأنه هو الذي سيقص عليه القصة العظيمة وليس أحد آخر كأهل الكتاب مثلا .
ولذلك جاء التعقيب بكلمة ( بالحق ) فمادام أن القصة من عند الله , فالحق ملازم لها لا تنفك عنه .

قوله تعالى : {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (14) سورة الكهف
أهل الكهف هنا : بدؤوا بتوحيد الربوبية فأثبتوه لله تعالى ( ربنا رب السموات والأرض ) , ثم ثنوا بتوحيد الألوهية ( لن ندعو من دونه إلهاً ) .
قولهم : " لقد قلنا إذاً شططا ,,, أي لو أننا دعونا من دونه إلَها لكان قولنا شططا وظلما , والشطط هو الجور والتعدِّي والظلم , هذا هو المعنى هنا , وليس المراد أن قولهم : لن ندعو من دونه إلها " هو الشطط , كلا , بل لو أنهم دَعَوا من دونه إلها لكان هو الشطط والجور ,
ومثل هذا الأسلوب قوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام : {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ} (79) سورة يوسف .
أي أننا لو أخذنا أحدا غيره لأصبحنا ظالمين .
وجاء التعبير عن الشرك بالشطط , ومعناه الجور والظلم , لأنه شرك بالله العظيم , وكما قال تعالى : {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} (4) سورة الجن , وقوله سبحانه عن الشرك { لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13) سورة لقمان .
ثم بين سبحانه سبب نقمتهم على قومهم وفرارهم منهم , بأنهم أشركوا بالله تعالى مالم ينزل به سلطانا {هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} (15) سورة الكهف
قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) استفهام إنكاري , أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا .
قد يسأل سائل : أين الكذب على الله هنا ؟؟
الجواب : الكذب على الله تعالى بادعاء أن معه إلها آخر , لأن جميع الخلائق تؤمن بوجود الخالق سبحانه إلا قلة من الملاحدة , ولا عبرة بهم .
فإذا كان الناس مؤمنين بوجود الله وأنه هو الخالق المدبر للكون , فإثبات إله آخر معه يحتاج إلى دليل وبرهان , ولهذا جاء التعبير ( لولا يأتون عليهم بسلطان بين ) أي : هلّا جاؤوا بدليل وبرهان على وجود تلك الآلهة مع الله تعالى .
وحيث لا وجود للدليل , فإثبات الآلهة مع الله من أعظم الكذب على الله , وأعظم الفِرى والبهتان , ولا أحد أظلم ممن يأخذ حق الله تعالى وهو العبودية ليمنحها لإله آخر بلا دليل ولا برهان .
والله تعالى أعلم .

( كبير المحايدين)


__________________

آخر من قام بالتعديل شريط الذكريات; بتاريخ 31-10-2011 الساعة 08:53 AM.
شريط الذكريات غير متصل   الرد باقتباس