هذا أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر
الذي ولي الأندلس , وهي ولاية تميد بالفتن , وتشرق بالدماء فما لبث أن قرت له , وسكنت لهيبته , ثم خرج في طليعة من جنده , فافتتح سبعين حصناً في غزوة واحدة , ثم أمعن بعد ذلك في قلب فرنسا , وتغلغل في أحشاء سويسرا , وضم أطراف إيطاليا , حتى ريض كل أولئك له .
وبعد أن كانت قرطبة دار إمارة يذكر فيها الخليفة العباسي على منابرها , وتمضي باسمه أحكامها – أصبحت مقر خلافته , يحتكم إليها عواهل أوربا وملوكها , ويختلف إلى معاهدها علماء الأمم وفلاسفتها .
أتدري ما سر هذه العظمة ؟ وما مهبط وحيها ؟ إنها المرأة وحدها ‘’ فقد نشأ عبد الرحمن يتيما قتل عمه أباه , فتفردت أمه بتربيته , وإيداع سر الكمال وروح السمو في نفسه , فكان من أمره ما علمت .