مفتاحُ الباب ومقدمة الكتاب *
أيها الأحبة :
المقدمات في أوائل الكتب ورؤوس المواضيع مهمة بل هي المفتاح لفهم صلب الكتاب أو الموضوع واستيعابه ،
فكما أن لاحل للولوج من باب مُقفل إلا بمفتاحه وأسنانه ، فكذلك المقدمة هي أسنان لتلك الأقفال ،
فتارة تكون آية وتفسير ، وتارة أثر وتبيين ، وتارة قواعد وتأصيل ، وتارة تكون سرداً تاريخاً مهماً ، فالمقدمات غالباً دائرة على ما سيقابل القارئ من فنٍّ توسّع به مصنِّفُه ،
فهي لب الموضوع بل أحياناً تكون المقدمة أكثر فائدة من الموضوع نفسه لاشتمالها على علم السلف العميق أو مجدهم التليد أو توضيح لقواعدهم وفقههم البعيد ،
بل من شأنها أن تشجع القارئ على قراءة تلك الدرر التي شوقته لها تلك المقدمة وتفتح أمامه أشياء ما كانت لتتضح للقارئ العادي لولا إضاءة المقدمة له التي تعتبر عتبة خصبة تمكن القارئ من الارتواء والنهل والتجول في أصل الكتاب ،
فلو سبرنا كتب السلف من أهل الحديث والفقه والفنون الأخرى ،
وجدتَ أن لهم مقدمات مشهورة فيها أصول ماسيتطرقون له في تآليفهم الضخمة ،
كمقدمة بن حجر للفتح " هدي الساري " ومقدمة بن خلدون وغيرها من مقدمات نافعة كنفع القطر على الأرض ** ، فالعلماء يوصون طالب العلم أن يقرأ من كتب السلف ذات الفهم العميق ولو اقتصر على المقدمة لكتبهم ،
لعلمهم أنها وحدها هي علم غزير وفقه سديد ، بل منها ماتكون ذات فوائد وكنوز عظيمة يفرح بها الطالب قبل أن يبدأ بمشواره الأصلي ،
فيكررها ويضبطها ويتمنى ألا يتعداها حتى يعي مافيها من مفاتيح للخير ومغاليق للشر .
أخوكم
غربة غريب
25 - 12 - 1432 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أيها الكرام في الحقيقة أن أصل هذا الموضوع هو حاشية لموضوع سابق هو
ياعام 1432هـ بماذا نسميك ،
فخشيت الإطالة على القارئ الكريم من جهة ، وأهمية التنبيه له من جهة أخرى فأفردته بباب مستقل لتعم الفائدة .
** من كان يحضره مقدمات ثمينة مر عليها ، أو أوصاه بها شيخ مدقق فليذكرها في رده لننتفع سوياً .