الفريدة الثالثة :
كلمة ( زوج ) : وفيها مبحثان :
المبحث الأول : تحقيق معناها :
المراد بها : هو الشيء الذي له نظير من جنسه ,, ففردتا الحذاء زوجان , وكل واحد منهما يقال له : زوج , وذكر بعض اللغويين أن كلمة ( زوج ) تدل على اثنين , فتقول : عندي زوج حَمَام , أي عندي حمامتان ذكر وأنثى , ولكن الصواب أن يقال : عندي زوجان من الحمام لأن كل واحد منهما يقال له : زوج , وهذه لغة القرآن , وانتصر لهذا الصواب أبو بكر الزبيدي فيما نقله عنه ابن منظور في لسان العرب , فقال : " العامة تخطئ فتظنُّ أن الزوج اثنان , وليس ذلك من مذاهب العرب , إذ كانوا لا يتكلمون بالزوج موحدا , في مثل قولهم : زوج حَمام , ولكنهم يُثنُّونه فيقولون : عندي زوجان من الحمام , يعنون ذكرا وأنثى .. " لسان العرب ( مادة زوج ) , وهذا قول أبي منصور الأزهري وابن سيدة أيضاً , ونسبه أبو منصور للنحويين جميعاً , وقال : هو الصواب .
ولو تأملنا لغة القرآن لوجدنا الصواب كما قال أبو منصور وابن سيده بأن الزوج هو الفرد الذي له نظير من جنسه , لأن الله تعال يقول : " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى " وقال تعالى : " فاسلك فيها من كلٍّ زوجين اثنين " , وقال تعالى : " ثمانية أزواج , من الضأن اثنين ومن المعز اثنين .. " وعدّدَ ثمانية أفراد , كل فرد منها يسمى زوجاً .
المبحث الثاني : هل يقال للمرأة : زوج أم زوجة ؟
اللغة الفصحى وهي لغة القرآن ولغة الحجازيين أن يقال للمرأة ( زوجٌ ), فيقول الرجل لامرأته : هذه زوجي , وسافرت بزوجي .. وفلانة زوجي ,, وهكذا
قال تعالى : { اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } (35) سورة البقرة , وقال تعالى {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (90) سورة الأنبياء , وقال تعالى : " {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} (20) سورة النساء
وقال تعالى : {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } (189) سورة الأعراف
وقوله تعالى : { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } (37) سورة الأحزاب .
ولكن يجوز أن يقال : زوجة , وهي لغة بني تميم كما قال الفرزدق :
وإنَّ الذي يسعى يحرّشُ زوجتي ,,, كساعٍ إلى أسد الشرى يستبيلها
وقد رفض هذه اللغة الأصمعي وشنع عليها تشنيعاً قوياً , ولكن هذا تشدد منه رحمه الله , والصواب قبولها , مع التأكيد بأن اللغة الأولى أقوى وأفصح .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]