الورقة الرابعة
الحصة : الثانية .. المادة : مطالعة .. الموضوع : لمن تصفو الحياة ؟ ..
انتهينا من القراءة .. طلب منا المعلم أن نخرج ورقة صغيرة
ونكتب فيها ما يجعل الحياة تصفو وتحلو لنا ..
بكل صراحة , وبلا مثالية وتصنُّع .. ما يسعدنا الآن في يومنا هذا .
ودون كتابة أسمائنا على الورقة .. حتى لا يكون قيدا
بدأنا نكتب وكلُُّ منا يخفي ورقته عن الآخر, خشية التهكُّم والسخرية !
كان نشاطا مسلّيا وممتعا , وُفّق المعلم في قتل الروتين الممل
وبشقاوة مراهق , التفتّ إلى زميل خلفي .. لأرى ما كتب ..
كانت ورقته في منتصف الطاولة , فجأة أدارها باتجاهي سامحا لي بقراءتها !
كانت عبارته .." أكون سعيدا لو رأيت أبي وأمي يجلسان ويتحدثان مع بعض "
قفز إلى ذهني أنه ضحية طلاق , وتشتت أسري ..
جُمعت الأوراق .. فرزها المعلم وقرأ بعضها , كانت غاية في الطرافة
أحدهم سعادته صيد الضبان ! .. وآخر عندما يحضر أبناء عمته
وثالث .. يتمنى سيارة بمواصفات محددة !
استطاع المعلم وببراعة أن يسبر أغوارنا ..
وبأسلوب تربوي عُهد عليه كان يعلق على أمانينا ويوجهنا
لم يقرأ المعلم ورقة زميلي ! ربما لخصوصيتها , فهي جديرة أن تُحال للإرشاد
.. لكنها علُقت في ذهني ..
بعد الدرس خرجت وإيّاه , وتعمَّدت صحبته , توجهنا إلى المقصف
أخذنا إفطارنا , ثم آوينا إلى ركن منعزل ..كنّا متجاورين ننظر باتجاه واحد
لا أدري كيف أبدأ الحديث معه .. كان يحرِّك الملعقة ليذيب السكر في كوب الشاي
ودون أن ينظر إليّ .. بادرني بالسؤال .. تعاطفت مع أمنيتي .. أليس كذلك ؟
سألته .. أين أمك ؟ _ في البيت . وأبوك ؟ _ أيضا في البيت
غريب ! .. كيف إذاً تتمنى أن يجلسا مع بعض وهما في بيت واحد
تنفس الصعداء .. ولا زال يتحاشى النظر إليّ ! وبتنهيدة قال لي :
تصدِّق؟! عمري ستة عشر حزنا /عاما , لم أرهما يجلسان مع بعض طوال حزني
أبي لا يرى أمي شيئا ! ولا يطيق الحديث معها ! وهي تبادله ذات الشعور ..
أنا وأخوتي وأخواتي .. ضحية طلاق عاطفي !
أردت التخفيف عنه , لكنه قاطعني وهو ينظر إليّ هذه المرة , وفي محجر عينيه دمعة
قائلا : ( وش عندنا الدرس اللي يجي ؟ ) .
*
|