مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 23-12-2011, 07:57 AM   #22
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537

الفريدة السابعة :

كلمة في العربية إن نكرتها صارت معرفة, وإن عَرَّفْتَها صارت نكرة , وهي كلمة ( أمسِ ) .
فكلمة ( أمسِ ) مبنية على الكسر عند أكثر العرب , وهي تعني اليوم الذي قبل يومك الحاضر , فتقول : سافرنا أمسِ , وخرجت نتيجتي أمسِ .. كان أمسِ يوماً جميلا ...
وهي بهذا التنكير ( أي بدون أل ) تكون معرفة , لأنه يقصد بها يوماً معلوماً , وهو اليوم الذي يسبق يومك الحاضر .
أما حين تدخل عليها الألف واللام ( الأمس ) فإنها تكون نكرة , حيث يقصد بها كُلُّ يوم ماضٍ سواء كان اليوم الذي يسبق يومك أم يوما ماضيا بعيداً , المهم أنه يقصد به الزمن الماضي دون تحديده , فتقول : بالأمس كنا نسافر بعيداً دون قلق أما اليوم فالجوالات جلبت القلق للأهل ..
قال تعالى : {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (24) سورة يونس
وقال تعالى : {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (82) سورة القصص .

ولا يمنع أن يراد بها اليوم الذي يسبق يومك , بشرط أن يكون السياق يدل عليه كما قال تعالى : {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ} (18) سورة القصص
وقال تعالى : {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ } (19) سورة القصص .

هذا على القول بأن ما بين قتل موسى للقبطي واستصراخ الإسرائيلي به يومٌ واحد فقط , فيكون ( الأمس ) معرفة هنا , حيث يراد به اليوم الذي يسبق اليوم الحاضر ..
أما إن يوم استصراخ الإسرائيلي بموسى ليس لاحقا ليوم القتل مباشرة , فكلمة ( الأمس ) تظل على بابها وهي التنكير ...
ولكن الذي يظهر أنه الأول , لقوله " فأصبحَ " مما يدل على أن القصتين حصلتا في يومين متتاليين ... والله أعلم .

المهم أن كلمة ( أمس ) بالتنكير : تكون معرفة , وبالتعريف تكون نكرة .
وهي كلمة يلغزون فيها كثيرا , فيقولون : كلمة إن نكّرتها صارت معرفة , وإن عرّفتها صارت نكرة فما هي ؟
الجواب هي كلمة ( أمس )
وقد نلحق بها كلمة ( غداً ) فهي بالتنكير تعني اليوم التالي , وبالتعريف ( الغد ) تعني المستقبل بشكل عام ..

ملحوظة : ما قلناه في كلمة أمس ليس قطعيا دائما , فقد تخرج عن ذلك لسياق معين كما مثلنا بآية القصص , ولكن الغالب في استعمالها ما ذكرناه ,, والله أعلم .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل