مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 02-01-2012, 07:49 AM   #12
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537

الفريدة التاسعة : تكرار الاسم في الجملة ودلالتُه .

إذا تكرر اسم في جملتين فله أربع حالات :
الحالة الأولى : أن يكون الاسم في الجملتين معرفة نحو : جاء الرجلُ , وأكرمت وأكرمتُ الرجلَ .
الحالة الثانية : أن يكون الاسم في الجملتين نكرة , نحو : جاء رجلٌ , ورأيت رجلاً .
الحالة الثالثة : أن يكون الاسم في الجملة الأولى معرفة , وفي الثانية نكرة , نحو : جاء الرجل , وأكرمت رجلاً .
الحالة الرابعة : أن يكون الاسم في الحالة الأولى نكرة , وفي الثانية معرفة نحو : جاء رجلٌ , وأكرمتُ الرجل .

نأتي للحكم :
الحالة الأولى : ( أن يكون الاسم في الجملتين معرفة ) وحينئذٍ فالاسم المكرر هو نفسه في الجملتين , لم يتغير , فقولنا: جاء الرجل , وأكرمت الرجل , الرجل في الجملتين واحد , ومثل ذلك قوله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا , إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} سورة الشرح
فالعُسر في الآيتين هنا تكرر وهو معرفة , فالعُسْرُ الثاني هو العُسْرُ الأوّل , أي أنه لم يتغير , وسيأتي الدليل على ذلك .

الحالة الثانية : ( أن يكون الاسم في الجملتين نكرة ) وحينئذٍ فالاسم المكرر يختلف , فالثاني غير الأول , فقولنا : جاء رجلٌ , ورأيت رجلاً , فالرجل الذي رأيته غير الرجل الذي جاء فهما رجلان , وهذا ما ينطبق على الآيتين الكريمتين السابقتين , فاليُسر تكرر نكرة في الآيتين , فدلَّ على أن اليُسر الثاني غير اليُسْر الأول , فاجتمع لدينا عُسْرٌ واحد ويُسران , وهذا مصداق ما جاء به الحديث الشريف : " لن يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَين " أخرجه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم , وروي موقوفاً عن بعض الصحابة كعمر وابن مسعود عند الحاكم وغيره .

الحالة الثالثة : ( الأول معرفة والثاني نكرة ) وحينئذ فالثاني غير الأول , فقولك : : جاء الرجل , وأكرمت رجلاً . فالرجل المُكرَم غير الرجل الذي جاء .
الحالة الرابعة : ( الأول نكرة والثاني معرفة ) : وحينئذ فالثاني هو الأوّل , فقولك : جاء رجلٌ , وأكرمتُ الرجل . فالرجل المكرَم هو نفس الرجل الأول , وتكون ( أل ) في الثاني للعهد , ومن ذلك قوله تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا , فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} سورة المزمل ,
فكلمة ( رسول ) تكررت في الآيتين , وجاءت في الأولى نكرة وفي الثانية معرفة , وحينئذ فالرسول الثاني هو الرسول الأول وهو موسى عليه السلام .

وكذلك قوله تعالى : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } (35) سورة النــور .
فتكرر المصباح في موضعين , ففي الموضع الأول جاء نكرة وفي الثاني جاء معرفة , والمصباح هو هو , وكذلك كلمة الزجاجة تكررت في الآية فجاءت في الموضع الأول بلفظ التنكير , ثم تعرفت في الموضع الثاني , والزجاجة هي هي .

إذن : الاسم إذا تكرر يكون نفسه في حالتين : إذا كان معرفة في الموضعين , أو كان نكرة في الأولى معرفة في الثانية .
ويكون الثاني غير الأولى في الحالتين الباقيتين : إذا كان نكرة في الجملتين , أو كان في الأولى معرفة وفي الثانية نكرة .

والله أعلم .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل