الموضوع: طليعة التنكيل
مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 11-05-2002, 02:19 AM   #1
مفك14
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: خب بريده
المشاركات: 193
طليعة التنكيل

طليعة التنكيل

بما في (بيان المثقفين) من الأباطيل



والذي نشر في موقع (الإسلام اليوم)





ويتلوه كتاب (التنكيل) – وهو الرد المفصل –

قريباً إن شاء الله تعالى



كتبه

ناصر بن حمد الفهد



شهر صفر من عام 1423






تحذير



إن البيان المسمى بـ(ببيان المثقفين) والذي تبناه ونشره موقع (الإسلام اليوم) بيان خطير على التوحيد ، قادح في عقيدة الولاء والبراء ، معطل لأحكام الجهاد ، مخالف للكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين ، محرف للنصوص ، منحرف عن الشريعة ، متبع سبيل غير المؤمنين ، لهذا :

فإنه يحرم نشره ، وتوزيعه ، وتوقيعه ، ويجب التحذير منه ، والبراءة مما فيه ، وعلى من كتبه ، أو نشره ، أو وقعه ؛ التوبة ، والإنابة ..

والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ...

ومن أراد زيادة علم في هذا فليسأل أهل العلم المعروفين بالدين والصدق والورع عن حكم هذا البيان ، مثل :

الشيخ عبد الرحمن البراك ، والشيخ سليمان العلوان ، والشيخ علي الخضير ، والشيخ بشر البشر ، والشيخ سعد الحميد ، والشيخ عبد الرحمن المحمود ، والشيخ عبد الله السعد ، والشيخ عبد العزيز الجليل ، والشيخ محمد الفراج ، وغيرهم.

اللهم هل بلغت ..

اللهم فاشهد ..



ناصر بن حمد الفهد




خلاصة (طليعة التنكيل فيما ورد في بيان المثقفين من الأباطيل)



(1) اعلم أخي المسلم أن (الكفر بالطاغوت ) و (البراءة من الكفر) و(أهله) و (معاداتهم) ركن التوحيد وأصله ، كما قال تعالى (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) ، وقال تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) ، وقال تعالى عن إبراهيم (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إننا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) ، فانظر إلى قوله (وبدا) يعني (ظهر) وليس موجوداً في (القلب) فقط ، وقوله (بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ) فجمع بين (العداوة) و (البغضاء) وقدم العداوة لأن من الانهزاميين من قد يقول : أنا أبغضهم ، ولكنه لا يعاديهم ، أو لا يظهر عداءهم ، ثم قال (أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) فجعل العداء قائماً بين المؤمنين والكفار إلى الأبد ولا غاية لانتهائه إلا أن (يؤمنوا بالله وحده) . وهذا البيان المسمى ببيان المثقفين ناقض لهذا الركن (الكفر بالطاغوت والبراءة من الكفر وأهله) قائم على التودد إليهم ، وإظهار ذلك لهم ، وأنهم لا يعادونهم ولا يريدون صدامهم ، ويرغبون في الحوار معهم من أجل (التعايش ) ، وهذا كله على قادح في عقيدة الكفر بالطاغوت والبراءة من الكافرين والذي هو أصل التوحيد .

(2) واعلم أخي المسلم أن الجهاد في سبيل الله من الأحكام التكليفية العملية التي يختلف حكمها باختلاف الحال فقد يكون فرض عين ، وقد يكون فرض كفاية ، وقد يسقط عند العجز فينتقل إلى البدل وهو الإعداد ، وهذا كله يخضع لاجتهاد أهل العلم الموثوق بهم ، أما اعتقاد وجوبه وشرعيته وفرضيته وبقائه إلى يوم القيامة فهذا أمر عقدي وأصل من أصول الإسلام ، وعليه الإجماع القطعي ، لا يخضع لاجتهاد ، ومن أنكره ، أو تبرأ منه ، أو سعى لإلغائه ؛ فقد كفر بالله ؛ إذ يوجد في القرآن أكثر من مائة آية في (الجهاد) و (القتال) في سبيل الله ، هذا غير أحاديث الجهاد ، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسيرة أصحابه ، ومن بعدهم ، وهذا البيان المسمى ببيان المثقفين تبرأ من (الصدام) ، أو (العنف) ، أو (التطاحن) ، أو (الإرهاب) ، وأن هذا ليس من دين الإسلام ، وادعى أن (الإسلام) لا يلزم غير المسلمين في الدخول فيه ، والله سبحانه يقول (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) ، ويقول (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) ، وقال تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ...إلى قوله : حتىيعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فلم يجعل للقتال غاية ينتهي عندها إلا عندما يدخل الكفار في (حكم الإسلام) ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وهذا ما سعى البيان لإنكاره والبراءة منه ، وفرق شديد بين أن يقال : الوقت وقت ضعف لا يصلح للقتال ، أو يقال : لن نذكر الجهاد مطلقاً بخير ولا شر ، فهذه مسألة قد تخضع للاجتهاد ، وبين إنكار الجهاد والقتال في سبيل الله لنشر الإسلام والبراءة منه بطريقة أو بأخرى فهذه مسألة عقدية إنكارها مؤداه إلى الانسلاخ من الدين والعياذ بالله!!.

(3) واعلم أخي المسلم أن غاية شبهة هؤلاء الانهزاميين هو قولهم (إن هذا من أجل كسب هؤلاء الكفار) أو على الأقل (تحييدهم) من أجل ضعف المسلمين ، وهذا قول باطل ، فإن إبراهيم عليه السلام قال لقومه مع (قلة أنصاره) و (ضعفه بينهم) حتى رموه في النار : (إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) ، ولو سعى لكسبهم بمصانعتهم أو مداهنتهم كما جاء في هذا البيان الممسوخ لسلم من أذى قومه.

ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في (مكة) وكان المسلمون في (ضعف) و (قلة) وتحت سلطان المشركين ، ومع ذلك نزل عليه قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) وقيل : إنها نزلت وعدد أصحابه لا يتجاوز الأربعين ، ولم يصانعهم حتى يدرأ أذاهم عن نفسه وأصحابه ، ثم إن أصحابه لقوا صنوفاً من العذاب : فقتل فريق كآل ياسر ، وعذب فريق كبلال وعمار وخباب ، وأخرج فريق كمهاجرة الحبشة ، وحوصر فريق وسجنوا كالرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه في (الشعب) ، ولقوا من الأذى ما هو معروف معلوم لمن قرأ السيرة ، ولو كان معه أحد هؤلاء (الانهزاميين) لقال : إن (بعد النظر) و (الرأي السديد) يقتضي أن (يكسب كفار مكة) أو على الأقل (يحيدهم) وذلك لرفع العذاب عن المسلمين ، فالمسلمون بين قتيل ومعذب وطريد ومسجون ، والسلطة والقوة لكفار مكة ، و من أجل مصلحة الدعوة ، ولحماية الأقلية في (مكة) التي لو فنيت فني معها الإسلام ، فلا بأس بمداهنة هؤلاء وكلامهم بلغة لا يفهمها إلا (المثقفون من كفار مكة ) ، كما قد جاء مثله في هذا البيان الممسوخ المسمى (بيان المثقفين) ، ولكن الله سبحانه قال في ذلك الوقت (فلا تطع المكذبين ، ودوا لو تدهن فيدهنون) والادهان : اللين والمصانعة كما ذكره أهل التفسير ، فنهاه الله سبحانه عن نقض أصل الكفر بالطاغوت والبراءة من الكفار ومعاداتهم كما جاء في هذا البيان .

فمسألة (الكفر بالطاغوت) و (البراءة من الكفر وأهله) و (عداوتهم ) و (بغضهم) مسألة عقدية ، هي أصل من أصول التوحيد ، وركن من أركان الشهادة القائمة على أصلين (الإيمان بالله وحده ، والكفر بالطاغوت) .

فجاء هذا البيان ليهدم هذا الأصل ، ويداهن الكافرين ويصانعهم ويتولاهم ، ويبين لهم براءة من كتبه من (الجهاد) و(أهله) ، وأنهم ضد (الصدام) و (الصراع) ، وأنهم يؤيدونهم في ضربهم للإرهابيين ولكنهم عتبوا عليهم أنهم قصروا الإرهابيين بالمجاهدين فقط !!!! .

(4) وفي هذا البيان من التحريف للنصوص ومسخ الشريعة ما يطول بذكره المقام – وعليك بأصل الطليعة وهو كتاب (التنكيل) تجد التفصيل في ذلك إن شاء الله تعالى – ومن هذا :

- دعواهم عدم الإكراه في الدين مطلقاً ، وأن الإسلام لا يلزم غيره بشريعته ، وهذا تحريف ، فالإكراه المنفي هو الإكراه العقدي ، فلا يلزم الكافر بالدخول في الإسلام ، ولكن يلزم في الدخول في أحكامه فيؤدي الجزية ، وإلا فالسيف ، وهذا بالإجماع .

-دعواهم أن الأصل في معاملة المسلم للكافر هو (البر والإقساط) ، وهذا كذب وتحريف ، فهذا هو الاستثناء ، وإلا فآيات القرآن كلها تدل على أن الأصل قتال الكافر حتى يلتزم بأحكام الإسلام ، فيكون مسلماً ، أو ذمياً يؤدي الجزية ، أما (البر والإقساط) فهذا في معناه اختلاف شديد بين العلماء لأنه خرج عن الأصل ، وآيات السيف جاءت بعد هذه الآية .

- دعواهم أن الأصل في بني آدم التكريم – وهم يخاطبون الكفار – وهذا تحريف ، فالتكريم في أصل الخلقة وتفضيله على (كثير مما خلق تفضيلا) كما يوضحه آخر الآية ، أما الكفار فقال تعالى عنهم (إن هم إلا كالأنعام بل أضل سبيلا) ، وفي الحديث (وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري) ، فأي تكريم لمثل هؤلاء ؟!! .

وفي البيان من التخليط ومسخ الشريعة ومخالفة العقيدة ما سوف تراه مفصلاً إن شاء الله في (التنكيل).

فاحرص أخي المسلم على أصل الدين ، والبراءة من الكافرين ، ولا يهولنك كلام المنهزمين ، فانظر إلى آيات القرآن تجد رد بيانهم في أكثر آياته ، ولله الحمد والمنة .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .




مقدمة لا بد منها



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله القائل في الآية المدنية (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) ، والقائل في الآية المكية (فلا تطع المكذبين ، ودوا لو تدهن فيدهنون) ، وصلى الله على رسول الله القائل ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري) ، وعلى أصحابه الميامين ، الذين جاهدوا المرتدين ، وقاتلوا اليهود والنصارى والمشركين ، وفتحوا مشارق الأرض ومغاربها بسيف التوحيد ، وقادوا كثيراً من الناس إلى الجنة بالقيود والسلاسل ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم ، وعلى من اتبعهم من الأئمة والعلماء والقادة الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله من (قرح) أو (سجن) ، وسلم تسليماً كثيراً :

أما بعد:

فإن المصائب على هذه الأمة قد توالت ، والفتن تتابعت كقطع الليل المظلم ، فلا نكاد ننتهي من واحدة إلا وتتلوها الأخرى ، حتى صدق في هذا قول الشاعر :

أتـاني الدهـر بالأرزاء حتى *** فـؤادي في غشـاء من نبال

فـصرت إذا أصابتني سهـام *** تكسرت النصال على النصال

فلم يجف القلم بعد عن التحذير من مخاطر التطبيع والسلام المزعوم مع اليهود ونحوهم والذي تبناه السياسيون ، حتى خرج مشروع تطبيع آخر مع الصليبيين تبناه (بعض الدعاة المنتسبين إلى الشرع) ، فظهر في هذا ما (طم الوادي على القرى) ، مرققاً ما سبقه من مصائب ، وأعني به (البيان الكارثة) المسمى ببيان (المثقفين) ؛ الذي نسب توقيعه إلى ما يقرب من مائة وخمسين من (المشايخ والدعاة وطلبة العلم والعصرانيين والأكادميين والعلمانيين (!) وغيرهم) ، ونشره موقع (الإسلام اليوم) ، فكان هذا البيان فاقرة من الفواقر ، ورزية من الرزايا ، فوامصيبتاه على التوحيد ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ويعلم كل من عرفني عن قرب أنني – والله – كنت أتحاشى الرد على أي داعيةٍ ممن يسمون بـ(مشايخ الصحوة) – عند مخالفتي لهم في ما يطرحون – ، وأبتعد عن ذلك ما استطعت إليه سبيلاً ، على الرغم من إلحاح كثير من الإخوة ، فلم أخطّ - قبل الساعة - ورقة واحدة في الرد على أحدٍ منهم ؛ لأمور أحسبها من المصلحة ، وسعياً في وحدة الكلمة ، فلا أريد أن أرمى بأنني ممن يسعى في شق الصفوف ، أو تصيد الأخطاء ، في زمن فوّق فيه الأعداء سهامهم على المسلمين من كل جانب.

إلا أنهم بعد أن أظهروا هذا البيان الممسوخ ، وقرأت ما فيه ، علمت أن الحزام قد بلغ الطُّبيَيْن ، و أن الأمر قد عظم عن التلاقي ، وأن الداء قد أعيى على الراقي ، فلم يسعني إلا أن أقول :

قربا مربط النعـامـة مني *** لقحت حرب وائل عن حيالِ

لم أكن مـن جـناتـها - علم الله - وإنني بحرّها اليوم صالِ

فقد جل الأمر – بعد هذا البيان – عن العتاب ، وطاولت (تخبيطاتهم) السحاب ، ووصل سيلهم الزبى ، وجاوزوا المدى ، فلم يبقوا خياراً لمستخير ؛ حيث بلغ بهم الانهزام والتخاذل والذلة إلى : تغيير الشرع ، والعبث بأصول الدين ، ومسخ عقيدة الولاء والبراء ، والبراءة من الجهاد والمجاهدين ، ومداهنة الكافرين ، وتحريف النصوص ، في سبيل إرضاء حفنة من الصليبيين.

وقد كنا سابقاً نسمع (شائعات) عن (بعض) من ينتسب إلى الدعوة وأن لديهم مشاريع للتقريب بين أهل السنة والروافض ، ألا أننا لم نعلم أن همتهم أعلى ؛ وأن لديهم مشاريع أيضاً للتقريب بين الإسلام والنصرانية ، كما أظهره هذا البيان ؛ الذي هو أشبه ما يكون بورقة عمل في مؤتمر للتقريب بين الأديان ، نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة حتى نلقاه .

ومن العجيب أن من الكفار من سجن لأجل مبادئه ما يقرب من الثلاثين عاماً ، فلم يتزحزح - على كفره - عنها حتى خرج ، بينما تجد من (الدعاة) من سجن بضع سنين فانقلب رأساً على عقب من : (حتمية المواجهة) إلى (حتمية الحوار) ، ومن (صناعة الموت) إلى (صناعة العيش) أو (التعايش) ، ومن (لماذا يخافون من الإسلام؟) إلى (لماذا يحارب الإرهابيون الكفار؟) ، هذا وهم في (سجن) يأتيهم رزقهم فيه بكرة وعشياً ، فكيف لو كانوا محاصرين في (كهوف أفغانستان) أو (جبال كشمير) أو (غابات الشيشان) أو (مخيمات جنين) ؟!! ماذا تراهم سيصنعون ؟!!.

وهذا – أخي المسلم – يوجب عليك – والله – دوام المراقبة ، والخوف الشديد من الله سبحانه ، والتضرع إليه ، وكثرة الوقوف بين يديه ، واللجوء إليه ، وسؤاله التثبيت ، والتوفيق ، والهداية ؛ فإن القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، والعبد مهما بلغت حاله ، أو علت منزلته : فهو فقير ، مسكين ، محتاج ، لا غنى له عن رحمة ربه ، وتوفيقه ، وهدايته ، نسأل الله سبحانه أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وأن يتوفانا وهو راض عنا .

واعلم – أخي في الله – أن البيان المذكور: متهافت ، ساقط ، مليء بالعظائم ، يعرف بطلانه العامي من أهل التوحيد ، مؤسس على شفا جرف هار ، مخالف للكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين ، بل ولإجماع أهل البدع : سواء من الوعيدية : كالخوارج ، والمعتزلة ، أو المرجئة : كالأشاعرة ، والماتريدية ، ومصادم لعقيدة الولاء والبراء ، و منحرف عن ملة إبراهيم ، ومعطل للجهاد في سبيل الله ، ومغير لشريعة رب العالمين ؛ ومداهن للكافرين ، ولهذا :

فلا عجب أن وقعه بعض المحسوبين على العلمانيين !! فأين لهم بمثله من (طلبة علم ودعاة) ؟!! .

ولا عجب أن قامت جريدة الوطن بنشره ، ثم أثنت عليه !!

ولا عجب أن خصصت قناة الجزيرة وقتاً خاصا لذكره ، وللمقابلة مع أحد من تولى كبره !!

ولا عجب أن ذكرته بعض الإذاعات وأثنت على صاحبه بقولها (فضيلة الشيخ الداعية المعروف ) بعد أن كان إذا ذكر اسمه سابقاً قيل (المدعو) !!

ولا عجب أن قرأنا بعض مقالات للعلمانيين يثنون فيها على هذا البيان ، ويمجدونه ، ويستبشرون بترك (المشايخ ) للمنهج السلفي (المتشدد) بزعمهم !!

بل ولا تستغرب لو سمعت أن هذا البيان تبنته أمريكا بقوة ، وجعلته ورقة لضرب جميع المجاهدين في العالم ، واتخذته طريقاً للقضاء على عقيدة (معاداة الكفار والبراءة منهم وجهادهم) من مناهج المسلمين وتعاليمهم !!

ولا تستغرب لو تبنى هذا البيان أحد مؤتمرات التقريب بين الأديان !! فإنهم قد لا يجدون له مثيلاً!!

فأحسن الله عزاءنا بمن رضي بما فيه ، والله المستعان .

وحيث إن هذا البيان الساقط مليء بالعظائم ، والرد عليه سيطول ، وسيأخذ وقتاً لاستيفاء ما فيه من المخازي والرد عليها بالتفصيل ؛ فقد رأيت أن أجعل بين يدي الرد التفصيلي (طليعة مختصرة) : فيها رد عليه ، و تحذير منه ، وبيان ما فيه من مزالق ، وكل هذا على وجه الإجمال ، وهو هذا المختصر ؛ للمسارعة في تحذير من لا علم عنده ممن قد يغتر بالأسماء المذكورة فيه ، وأما التفصيل فتجده في كتاب (التنكيل بما في بيان المثقفين من الأباطيل ) الذي استوفيت فيه بيان الأصول والأدلة والأقوال والنقول والرد على الشبهات وسأخرجه حال الانتهاء منه إن شاء الله تعالى .

وقبل أن أتكلم على ما ورد في هذا البيان ؛ أريد أن أذكر بعض الأمور :

الأمر الأول : أن هذا البيان تولى كبره وتحريره ونشره وجمع التواقيع عليه أحد المنتسبين للدعوة و (بعض) مريديه ، وإنما أراد أن يتترس بتواقيع أهل الخير والعلم والصدق حتى لا ترشقه سهام الموحدين ؛ لهذا فمن العدل أن لا ينسب ما فيه من (المخازي) إلا له ومن أعانه عليه ، أما بقية الموقعين فهم على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : بعض المشايخ ، وطلبة العلم ، والدعاة ، والداعيات ؛ الذين لهم فضلهم ، وسبقهم ، و جهودهم في الدعوة ، ونشر العلم ، ونعلم عنهم : صدقهم ، وحبهم للخير ، والرغبة فيه ، فهؤلاء هم الذين صعقنا لما رأينا أسماءهم ، وقد ثبت لدينا بالدليل القطعي :

أن منهم من (لم يقرأ البيان) وإنما وثق بمن كتبه وحمله إليه ..

ومنهم من (لم يوقعه) وفوجيء بوجود اسمه بعد النشر ..

ومنهم من (طلب حذف اسمه) بعد تدقيقه لما ورد فيه ..

ومنهم من (أرسل تعديلاً) لهذا البيان ؛ فوضع اسمه دون التعديل ..

ومنهم من نبُه إلى ما فيه من مزالق فاسترجع واستغفر وتراجع ..

وبعضهم كتب تراجعاً ، وبعضهم وعد بكتابة ذلك ..

و هؤلاء أعرفهم بأسمائهم ، ولعلي أنشرها في (التنكيل) إن شاء الله بعد استكمالها ، وكلمت بعضهم ، وكلمهم غيري ، وقد كان هذا ظننا فيهم من أول الوقت ؛ إذ هذا البيان لا يقبله العامي من الموحدين ، ويناقض أبجديات (ملة إبراهيم) ، فمثل هؤلاء لا يمكن أن يتواطئوا على هذا البيان الكارثة .

القسم الثاني : من عرف عنهم : الدين ، والرغبة في الخير ، والصدق ، ولكنهم ليسوا من أهل العلم الشرعي ، فهؤلاء قد وثقوا بمن (خط ) البيان وحمله ووقعه من المنتسبين للعلم الشرعي فوضعوا تواقيعهم بناء على هذا ، دون تصور لما فيه .

ومع هذا كله ؛ فإن أهل هذين القسمين – مع تنصل كثير منهم مما فيه – لا يعفيهم أيضاً من المسئولية ، بل يجب عليهم وجوباً عينياً إظهار البراءة منه ، وبيان ذلك للناس.

القسم الثالث : خليط من (العصرانيين) و (الانهزاميين) و (العلمانيين) و (من لا أعرف محلهم من الإعراب) ، فهؤلاء لا أدري ما سبب وجود تواقيعهم إلا أن يكون للمكاثرة بهم ، فهم كما قيل :

طلبت بك التكثير فازددت قلة *** وقد يخسر الإنسان في طلب الربح

وهؤلاء لهم أصلاً من (المصائب) ما هو أعظم مما ورد في البيان ، ولو كان لا يوجد في البيان إلا أسماؤهم ما خطننا سواداً في بياض .

لذلك فما ورد في هذا الرد من تشنيع وقسوة فلا يقصد به (أصحاب القسمين الأول والثاني) لمعرفتنا بصحة قصدهم ، ورغبتهم في الخير ، وحرصهم عليه ، ولأنه قد دُلِّس الأمر عليهم ، وقد تراجع كثير منهم لما خوطب ، – إلا من كان منهم موافقاً لما فيه بعد معرفته لفساده – .

الأمر الثاني : أن موقع الإسلام اليوم قال في مقدمة هذا البيان[1] : (قام موقع "الإسلام اليوم " بخطوة جريئة في هذا المجال من خلال طرح ورقة جوابية يخاطب بها الطبقة المثقفة في المجتمع الغربي ، وتبناها أهل العلم والفكر والثقافة في المملكة العربية السعودية). وهذا كذب ، فقولهم (وتبناها أهل العلم والفكر والثقافة في المملكة العربية السعودية) ، افتراء ظاهر ، وأتحدى كاتب هذا البيان أن يثبت أن هذه (الورقة) يتبناها (أهل العلم ) في (بريدة) فقط – التي هي مصدرها – فضلاً عن أن تنسب (لأهل العلم والفكر في المملكة العربية السعودية) ، بل إن هذه الورقة ثبت عندنا أنه لا يتبناها كثير من الذين وقعوها – كما سبق – ، فهي لا ينبغي أن تنسب إلا إلى (الكاتب) و بعض (مريديه) ، وإن أراد أن يستكثر بالعصرانيين والعلمانيين فشأنه وما أراد.

وهذا (شيخ بريدة) و ( شيخ صاحب البيان) الشيخ سليمان العلوان حفظه الله تعالى قد عرض عليه هذا البيان فأنكره ، وشنع عليه ، وحذر منه ، وبين ما فيه من خلل ، ونقضه في مجالس متعددة ، و هذا الشيخ علي الخضير والشيخ محمد الفهد الرشودي والشيخ إبراهيم الدبيان وغيرهم من المشايخ - الذين في (بريدة) فقط - يعارضونه ويحذرون منه .

أما في غيرها فهم كثير لا يحصون من المعارضين من العلماء وطلبة العلم : كالشيخ عبد الرحمن البراك ، والشيخ عبد الرحمن المحمود ، والشيخ بشر البشر ، والشيخ سعد الحميد ، والشيخ حمد الريس ، والشيخ محمد الفراج ، والشيخ عبد الله السعد ، والشيخ عبد العزيز الجليل ، وغيرهم من المشايخ الأفاضل وهم كثيرون ، وكلهم معارضون لما ورد فيه ، منكرون له ، ومن هؤلاء من عرض عليه البيان قبل خروجه فرفض التوقيع عليه ، وحذر منه ، فكيف ينسب بيان إلى (أهل العلم في السعودية) مع معارضة أمثال هؤلاء وأضعافهم له ؟!! .

الأمر الثالث : وقال الموقع أيضاً في مقدمة البيان (هذه الورقة الجوابية ـ كما يقول معدو الورقة ـ ليست موجهة للمثقف المسلم أو حتى الرجل العادي في الغرب، بل كتبت بلغة يفهمها المثقف الغربي ) .

قلت : وقد وضعت هذه العبارة من أجل أن تكون (مخرج طواريء) إذا رشقتهم السهام لجأوا إليها ، وقالوا : أنتم لا تفهمونها ، وهذا الكلام مردود من وجوه :

الوجه الأول : أن أصول الإسلام وأركانه وعقائده لا تمسخ في حوار سواء كان مع (مثقف) أو (عامي) أو (ملك) . وبالنسبة لإلغاء (الولاء والبراء) ، والتنكر (للجهاد) ، والدعوة (للحوار من أجل التعايش) و (السلام العادل) ، ومداهنة الكفار ، والإكثار من التودد إليهم ، في الوقت الذي يرسلون فيه أطنان القنابل فوق رؤوس المسلمين ، فهي لغة نفهمها ، ويفهمها كل سليم الفطرة ، وهي لغة (الانهزاميين) ( المتخاذلين) ، تنسب إليهم ، ويرمى بها في وجوههم ، ولا تنسب إلى الشريعة ، والشريعة منها براء ، وفرق شاسع بين أن يسكت العالم عن أشياء من الحق ولا يبينها ، وبين أن يقلب الحق فيجعله باطلاً ، ويجعل الباطل حقاً ، كما فعلوا في (الولاء والبراء) و (الجهاد) وأشياء أخرى يأتي تفصيلها إن شاء الله !!.

الوجه الثاني : أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى الإسلام ملوكاً وعامة وسوقة وغيرهم ، فلم يغير من أصول دعوته لما دعا الملوك ، بل دعاهم إلى التوحيد وحذرهم من الشرك ، كما فعل مع غيرهم ، وهكذا الرسل جميعاً صلوات الله وسلامه عليهم ، وعقيدة الإسلام قد كملت ، وانقطع الوحي .

الوجه الثالث : أن الإسلام ليس ديناً كهنوتياً يحتوي على طلاسم لا يفكها إلا (المتخصصون) ، بل معرفة الحق من الباطل متيسرة ولله الحمد ، خصوصاً في أصول التوحيد كالولاء والبراء .

الوجه الرابع : أن يقال : إذا كان هذا البيان لغته لا يفهمها إلا (المثقفون الغربيون) فكيف وقع عليها مشايخ ودعاة وطلبة علم و (عوام) من المثقفين (العرب)!!! إذا كانوا قد فهموها فقد فهمناها ، وإن كانوا لم يفهموها فكيف يوقع (المثقف) على شيء لم يفهمه !! .

الوجه الخامس : أن يقال : ما الفائدة من نشر هذا الخطاب باللغة العربية ، والدعاية له بين المسلمين ، والسعي لجمع التواقيع عليه ، فهلاّ جعلوه - لما كان (طلسماً) لا يفكه إلا (المثقفون الغربيون) - بينهم وبين أولئك !! . أم أنهم يريدون مسخ البقية الباقية من دين الناس ؟!! .

الأمر الرابع : أن الحق لا يعرف بالكثرة ، بل بموافقة الكتاب والسنة ، ومن أوضح الأدلة على هذا الشيء أن هذا البيان وقع عليه جملة من (الدعاة وطلبة العلم وغيرهم) ، ومع ذلك فبطلانه وفساده واضح لكل ذي عينين ، لأن كلامهم ليس في مسألة قد تختلف فيها الاجتهادات ، ولا في مسألة عقدية خفية ، بل في أصل دعوة الأنبياء والمرسلين ، وفي أصل يتفق فيه عامة أهل البدع مع أهل السنة ؛ وهو الولاء والبراء والكفر بالطاغوت .

الأمر الخامس : اعلم أنه ليس بيننا وبين من كتب هذا البيان عداء شخصي ، بل – والله – إننا كنا نحبه لما فيه من الخير ، وهو يعلم ذلك جيداً ، ووالله إنه لمن أسعد الأوقات لو علمنا أنه تراجع وتاب واتقى الله فيما ينشر ، نسأل الله تعالى أن يهديه ، وأن يوفقه لما يحب ويرضى ، وأن يكفيه شر نفسه وشر الهوى والشيطان ، وأسأل الله سبحانه أن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وأن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ، والله المستعان.

وفيما يلي ذكر ما في البيان من مخالفات على وجه الإجمال :







--------------------------------------------------------------------------------

[1] وفي مقدمة البيان هذا أشياء أخرى تجد ردها إن شاء الله تعالى في (التنكيل) .

انتهى القسم الأول
مفك14 غير متصل