القسم الثاني
طليعة التنكيل
أولاً : مقارنة بين بيان (المثقفين) وبين كلامهم في السابق :
من الظاهر جداً أن هذا البيان مملوء بلغة الهزيمة والتخاذل والذل والاستجداء والتودد إلى الكفار ، ولو قرنته ببعض كلام من (تولاه) و (نشره) في السابق لأخذك العجب :
فقد كانت له محاضرة قبل (سجنه) بعنوان (لماذا يخافون من الإسلام؟) قرّر فيها بكلام جميل (دور الجهاد) في (إخافة أعداء الله من الكفار) ، ثم رد (وبالغ في الرد) على من سماهم بـ(السذج) من (المفكرين الإسلاميين) ممن يظنون أن الإسلام سينتصر بـ(الكلمة) و (الدعوة ) و (الحوار) ولن ينتصر بالسيف والجهاد ، فانظر كيف بلغ به الحال ليس إلى مجرد ترك الدعوة إلى الجهاد أو تمجيده أو تقريره ، بل إلى إنكار (الصدام) و (الصراع) و (لغة القوة) - وهذه كلها تعني (الجهاد) - والتبرؤ منها ، وأنها لا تبني (أجيال المستقبل) و لا (الخير للبشرية) ، بل الذي يبني هذا (الحوار)!! وزعم بأن هذه شريعة الإسلام!!! .
وكانت له محاضرات عن الجهاد وقتال الكفار منها (صناعة الموت) و (حتمية المواجهة) ، ولكنها انقلبت الآن إلى (حتمية الحوار) و (صناعة التعايش) !! .
كما كانت له محاضرة بعنوان (التطبيع) تكلم فيها على دعاة (التقارب بين الأديان) وطريقتهم في (إزالة العداء من نفوس المسلمين) وكسر الحاجز النفسي عندهم للقبول بالتعايش مع اليهود وغيرهم ، وهذا البيان الممسوخ إنما هو في حقيقته ورقة من ورقات التقارب بين الأديان كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وهناك آخر ممن وقع على هذا البيان كانت له محاضرة بعنوان (القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى) طبعت في كتاب عام 1414 – قبل سجنه – يقول فيها بالحرف الواحد ، وانتبه جيداً لكلامه كما في ص 8 :
"إن الحديث عن الحقوق المشروعة ، والقرارات الدولية ، الذي استنزف ، ويستنزف ؛ من الإعلام العربي ما يملأ البحار لم يجد أذناً – ولا عشر أذن – كتلك التي أحدثها انفجار مشاة البحرية في بيروت ، والهجوم على ثكناتهم في مقديشو ، بهذه اللغة وحدها يسحب الكفر أذيال الهزيمة ، وتنحني هامات الخواجات العتية أمام مجموعات طائفية ، وعصابات قبلية ، وليست جيوشاً دولية ، وإن استرداد بضعة قرى ومدن في البوسنة قلب المؤشر الصليبي وأرغمه على إعادة حساباته .
إن أي خطاب للكفر لا يستخدم هذه اللغة : هو لغو من القول ، وزور من العمل)
قلت :
فقد حكم على نفسه بنفسه ، وأن بيانه هذا (لو كان سالماً من المخالفات الأخرى): لغو من القول ، وزور من العمل !!.
واحمد الله على العافية ، وسل الله الثبات والتوفيق والهداية [1].
ثانياً : مقارنة بين بيان (المثقفين) و بيان (الكفار) :
عندما تقرأ بيان الكفار الأمريكيين وهم الذين ضربت عليهم الذلة كما في الحديث (وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري) : تجد في لغتهم الاعتزاز بقيمهم ، وتراثهم ، وفي لغتهم التعالي ، والتهجم على الإسلام (الراديكالي) – وهو الإسلام الصحيح لا الممسوخ – .
بينما إذا قرأت بيان من يسمون بالمثقفين والذين يتكلمون باسم الإسلام والله تعالى يقول (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) : وجدت في كلامهم التخاذل ، والاستحياء ، والهزيمة ، والاستجداء ، والتودد إليهم ، واستعطافهم ، والرغبة في الحصول على الاعتراف ، وسأذكر فيما يلي مقارنة سريعة :
1- عنوان بيان الأمريكيين (على أي أساس نقاتل؟) .
وعنوان المثقفين (على أي أساس نتعايش؟!) .
فانظر إلى مبلغ الذلة والهوان ، والرغبة في (التعايش) ، وكأن لهم شرعاً غير شرع الإسلام الذي من أصوله (الجهاد والقتال في سبيل الله ) ، في الوقت الذي تصب فيه القنابل على المسلمين في كل مكان !! .
فهلاّ – لما استحوا من ذكر الجهاد – قالوا (على أي أساس نقاوم؟!) .
ولكن : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله !!.
2- في بيان الأمريكيين يؤيدون (بوش) في حملته على المجاهدين ويقولون كلاماً معناه (سر يا بوش ونحن وراءك) حيث قالوا ما نصه (باسم المبادئ الأخلاقية الإنسانية العامة ، وبوعي كامل لقيود ومتطلبات الحرب العادلة نؤيد قرار حكومتنا ومجتمعنا باستخدام حد السلاح ) وقالوا (نرفع صوتا واحداً للقول إن انتصار أمتنا وحلفائها في هذه الحرب حاسم ، إننا نقاتل للدفاع عن أنفسنا ، ولأننا نؤمن أيضاً ، أننا نقاتل من أجل حماية تلك المبادئ العامة المتعلقة بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والتي تشكل الأمل الأفضل للنوع الإنساني) .
وفي بيان المثقفين تبرؤوا فيه من المجاهدين وأعمالهم ، وأنهم أفراد ، وأنهم لا يتحملون مسئولية أعمالهم ، وأن كثيرا من المسلمين ساءهم فعلهم ، في لمز ظاهر وخفي في مواضع من بيانهم ، والمجاهدون حتى لو أخطأوا خطأ قطعياً فإن لهم حق النصرة والإخوة خصوصاً في الوقت الذي يقاتلهم الكفار ، ولا عجب فقد جاء هذا البيان بطامة أعظم من هذه عندما أيدهم في (حملتهم على الإرهاب) كما سيأتي !.
3- في بيان الأمريكيين يطالبون فيه بفرض ما يسمونه بـ(القيم الأمريكية) على المجتمع المسلم ولو بالقوة ! .
وفي بيان المثقفين يقولون ما نصه (وليس من شريعتنا أن نلزم الآخرين بمفاهيمنا الخاصة، هذا هو خيارنا الشرعي) . وقد كذبوا في هذا إن كانوا يقصدون بالشريعة شريعة الإسلام ، فإن الله سبحانه يقول (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) ويقول (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ..الآية) ، وغيرها من آيات السيف ، مع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، وسيرته ، وسيرة الصحابة ، وعلى ذلك أجمع العلماء إجماعاً قطعياً قبل ظهور هذه الشريعة الممسوخة ، وهذا هو الإلزام بالمفاهيم ؛ فإما الإسلام ، وإما أن يؤدي الجزية وهو صاغر ، وإما السيف ولا كرامة له.
4-في بيان الأمريكيين يطالبون فيه أن يضرب (الإسلام الراديكالي) يعني الحقيقي القائم على (الولاء والبراء) و (الجهاد في سبيل الله) .
وفي بيان المثقفين يدعون الكفار و (المفكرين الأحرار) إلى (الرحمة) و (العطف) و (التعقل) وفتح (باب الحوار) من أجل (التعايش) و (السلام العادل) و (التعاون) لما فيه (خير البشرية)!!.[2]
ثالثاً : البيان والسياسة :
إن الذي يقرأ بيان المثقفين لا يشك لحظة أنه كتب ، ووضعت حدوده ، وصرفت طرقه ؛ بحيث يتوافق مع (سياسة ومواثيق هيئة الأمم المتحدة) القائمة على مباديء (الحرية والمساواة والعدل) ، حيث يبدأ البيان ويكرر عدم التفريق في (العدل) و (الظلم) و(القتل) بين الناس (مهما اختلفت أديانهم) ، فيحرص على ذكر (الأديان) وعدم التفريق بينها في مواضع ، وهذا موافق لميثاق هيئة الأمم ، وليس موافقاً للقرآن إلا بتحريف لنصوصه كما يحرفه أهل الأهواء ، كما أنهم يوافقون على نبذ الصراع والصدام ، ويريدون (السلام العادل) ، و (التعايش السلمي) ، ولا يعارضون (الحريات)[3] ، و يطلبون (الحوار) من أجل (التعاون) لما فيه (خير البشرية) و (الإنسانية) ، إلى آخر ما تفوهوا به ، وقد سمعت من غير واحد أن هذا البيان روجع من قبل بعض السياسيين .
ولم يلتفتوا في هذا إلى الشرع الذي من أصل الأصول فيه (الكفر بالطاغوت ) و(البراءة من الكفر وأهله) ، بل أنكروا هذه العداوة تلميحاً في مواضع ، وأنكروا (الجهاد) في مواضع ، ولم يذكروا ملة (إبراهيم) ، بل ولم يدعوهم (إلى الإسلام) ، فقد استحوا من ذلك ، فهذه الورقة لا يستبعد أن تتبناها هيئة الأمم المتحدة في (تقرير ضرب المجاهدين) في كل مكان لأنهم يمثلون (الصدام والصراع) الذي أنكره (مثقفو المسلمين) ، و في (إنكار مقررات ومناهج وكتب المسلمين ) التي تقرر عداء الكفار وجهادهم ، وكل هذا بناء على ما كتبه هؤلاء (المثقفون) !!.
رابعاً : البيان والتقريب بين الأديان :
يخطيء من يظن أن الدعوة إلى (تقريب الأديان) تعني إحداث دين جديد ، أو الدخول في دين آخر ، فهذا يندر من يفعله ؛ لثبوت فشله ؛ لذلك لجأ كثير من كفار العالم إلى الدعوة إلى (تقريب الأديان) ، ويسمى (حوار الأديان) ، أو (حوار الحضارات) ، أو (نبذ التعصب الديني) ، أو (الحوار الإسلامي المسيحي) ، ونحو هذا ، ولا يطالبون فيه إلى أن يغير أحد دينه ، بل الكل على دينه ، وزعمه بأنه على الحق ، ولكنهم يبحثون عن الأهداف المشتركة لتحقيق (التعاون) من (أجل التعايش) و (نبذ الصراع) ، والتقريب بين الأديان يقوم على ثلاثة أسس :
الأول : الحوار من أجل التعايش والتعاون.
الثاني : الانطلاق من الأهداف المشتركة ، وترك القضايا الشائكة (التي تحتلف عليها الأديان) .
الثالث : نبذ التعصب الديني [4].
وقد قام هذا البيان على هذه الأسس ، فبدأ بذكر الأهداف المشتركة التي ينبغي الانطلاق منها في (الحوار من أجل التعايش) ، و كرر وأعاد أن المسيحيين قريبين من المسلمين ، و تبرأ من الجهاد أو (الصدام) أو (الصراع) أو (لغة القوة) ، كما تودد إلى الكفار وبين أن الإسلام جاء لاستقرار (المؤمنين وغير المؤمنين) ، وأنه يحرم قتل (المسلمين وغير المسلمين) ، في لغة يفهم منها البليد أن الإسلام قد أتى بشريعة لا يعادي فيها الكفار ، وأنهم لا يفرقون بين (المسلم) و(غيره) حتى لو قالوا: إن (الإسلام حق) ، ويكون (الولاء والبراء) في هذا الحوار على أمر آخر ، فالولاء لأصحاب (التعايش السلمي) على اختلاف أديانهم ، والبراء من (أعداء التعايش السلمي) على اختلاف أديانهم ، فالجامع هو (التعايش) ، والمفرق هو (الإرهاب) ، وقد قرّره أصحاب هذا البيان الممسوخ أبلغ تقرير حين زعموا أنهم (ضد الصراع) و (الصدام) وهم مع (التعايش) و (التعاون) ويرغبون في (فتح حوار لأجل خير البشرية) و (مستقبل الأجيال) ، وأن إقامة العلاقات الإنسانية على الأخلاق الكريمة ، فهذا معقد (ولائهم) .
كما قرروا مساندتهم للأمريكيين ضد الإرهابيين – أعداء التعايش السلمي – (سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ) ، وهذا معقد (براءتهم) .
فليس ولاؤهم للمسلمين مطلقاً ، ولا برءاتهم من الكفار مطلقاً ، كما قرره القرآن ، والسنة ، وعليه إجماع أهل الإسلام من (سنة) و (أهل بدع) ، بل الولاء (لأصحاب التعايش) ، والبراء من (أعداء التعايش) من الإرهابيين وغيرهم ، بغض النظر عن دينهم .
وبطلان كلامهم ، وما سعوا إليه ظاهر لكل من عرف التوحيد والإسلام ، ولو كان من (عامة الناس) ، والكلام في نقض هذه الأباطيل تجدها بالتفصيل في كتاب (التنكيل) إن شاء الله تعالى .
خامساً : البيان والافتراء على الشريعة وتحريف النصوص :
قام كاتبو هذا البيان في سبيل (التودد) للكفار و (استرضائهم) بالافتراء على الشريعة في مواضع ، ولعلك لا تجد نصاً ذكروه إلا وحرفوه ، وإليك بيان هذا باختصار :
1- من ذلك أنهم كرروا أنه (لا إكراه في الدين) وأن هذا أصل من أصول الإسلام ، وهذا تحريف وكذب ، فالمقصود بهذه الآية أنه لا يكره الكافر على تغيير معتقده ، ولكن يكره على الدخول في حكم الإسلام ، فإما أن يسلم ، وإما أن يؤدي الجزية ، وإما أن يقتل ، وهذا بإجماع المسلمين ، والآيات والأحاديث الواردة في ذلك تفيد العلم الضروري ، وقد تواتر على ذلك عمل الأئمة والعلماء والقادة .
2- ومن ذلك أنهم زعموا أن الأصل في معاملة الكافر (البر والإقساط) ، وهذا كذب وتحريف ، بل هذا هو الاستثناء ، وأما الأصل فهو قتالهم حتى يسلموا أو يدخلوا في حكم الإسلام ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما دلت على ذلك النصوص المتواترة ، وأجمع عليه المسلمون ، وأما هذه الآية فهي استثناء خاص في معاملة بعض الكفار بشروط مذكورة في نفس الآية ، فكيف يجعل الاستثناء أصلاً ، وهو مذكور في آية واحدة ، بينما آيات القتال والجهاد أكثر من مائة آية ، فكيف تهمل وكأنه لا وجود لها !!!.
3- ومن ذلك أنهم ذكروا أن النصارى أقرب الأديان إلى الإسلام وذكروا آية المائدة وفيها قوله تعالى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) ثم تركوا باقي الآية ولم يكملوها ، وباقيها مفسر لهذا وهو قوله تعالى (ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ، وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ..الآيات) فهذا يبين أن المقصود بهم الذين آمنوا من النصارى لأن هذا الكلام لا يقوله إلا مؤمن ، وقد ذكر ذلك المفسرون ، بل ذكر بعض أهل العلم كالقاضي أبي يعلى وغيره إن مقالة النصارى أقبح من مقالة اليهود ، وقد ذكر الله سبحانه كفر النصارى وقبح مقالتهم قبل الآية المذكورة بآيات يسيرة ، وقال تعالى عنهم (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) فقد جعلهم أولياء لليهود على المسلمين وهو الحاصل اليوم ، وقال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وغيرها من الآيات .
4- ومن ذلك أنهم ذكروا في سبيل (استعطاف الصليبيين) أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بعض (الصحابة) من مكة إلى أحد الملوك المسيحيين في الحبشة !! ، وهذا من التلبيس ؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبعث الصحابة إليهم لأجل اتصافه بالنصرانية ، بل لأنه عادل لا يظلم عنده أحد – كما ثبت في الصحيح – ولذلك لم يبعثهم إلى هرقل وهو نصراني ودياره أقرب من ديار الحبشة بكثير !!.
5- ومن ذلك إنكارهم أن شرع الإسلام يلزم غيره في الدخول فيه ، وقد كذبوا فآيات وأحاديث القتال والجهاد ترد عليهم ، فالدخول في الإسلام شيء ، والدخول في حكم الإسلام شيء آخر ، فالأول هو المنفي ، أما الثاني فلأجله شرع الجهاد في سبيل الله حتى يكون الدين كله لله .
6- ومن ذلك زعمهم أن من أساس رسالة الإسلام إقامة العلاقات الإنسانية على الأخلاق الكريمة ، وهذا في خطاب الكفار ، وهذا كلام مجمل ، ملبس ، بل الأساس في العلاقات الإنسانية هو (الكفر) و (الإيمان) .
7- ومن ذلك زعمهم أن من قتل نفساً (هكذا بإطلاق) فكأنما قتل الناس جميعاً ، وهذا باطل .
8- ومن ذلك تسويتهم في مواضع بين المسلمين وغيرهم في (العدل) و (الظلم) و ونحو ذلك ، وهذا الكلام بهذا الإطلاق كذب .
9- ومن ذلك قولهم إن الإسلام جاء لاستقرار المؤمنين وغير المؤمنين ، وهذا الكلام بهذا الإطلاق كذب.
والكلام على تحريفاتهم هذه وإبطالها يطول ، وستجد ذلك مفصلاً إن شاء الله تعالى في (التنكيل)[5] .
سادساً : البيان وموالاة الكفار :
وهذه هي الداهية الدهياء ، والقاصمة للظهر ، وإن كان بيانهم أصلاً يسير في مداهنتهم والتودد إليهم ومحاولة استرضائهم بشتى الوسائل ، فإنهم هنا صرحوا بتأييد حملتهم على الإرهاب ، فقد جاء في البيان ما يلي :
1- (إن الغرب يتحدث كثيراً عن مشكلة الإرهاب والتطرف، ومن وجهة نظرنا فإن هذه مشكلة جادة في العالم، ويفترض أن تكون هنالك مشاريع متعددة لمعالجتها) .
2- (وأيضاً فإن التطرف الديني ليس مرتبطا بديانة معينة وإن كنا نعترف بأشكال متطرفة مرتبطة ببعض المسلمين كغيرهم) .
3- (إننا على إدراك أن كثيراً من التجمعات الإسلامية المتشددة -كما توصف - لم تُرِدْ أن تكون كذلك في أولى خطواتها.. قنواتها في التعبير السلمي،و تمتلك إلغاء فرص الاعتدال[6]) .
4- (إننا معنيون بالحملة على الإرهاب سواءً أتى من مسلمين أو غير مسلمين لكن ما دام الأمر مستنداً إلى قيم وأخلاقيات) .
5- (إن الإرهاب بالمعنى الاصطلاحي الشائع اليوم إنما هو صورة واحدة من صور الاعتداء الظالم على الأنفس والممتلكات) .
فمن مجموع ما سبق – وغيره مما تركته – يتبين لك أخي الموحد ما يلي :
أن الإرهاب بمعناه الاصطلاحي عند الكفار (صورة من صور الاعتداء الظالم) فالمثقفون يقرون بهذا ، وإنما ينكرون قصره عليه ، ومن المعلوم للجميع علماً ضرورياً أن المخاطبين بذلك اصطلاحهم في الإرهاب يعنون به في المقام الأول المجاهدين في (الأفغان) و (كشمير) و (الفلبين) ونحوهم .
وعلى ذلك فالمثقفون يرون أن (الجهاد في سبيل الله ) مشكلة جادة في العالم ، وأنها أشكال متطرفة ، بناء على إقرارهم بالإرهاب الاصطلاحي لدى الكفار .
بل وزادوا ذلك فقالوا : إنهم معنيون بهذه الحملة على الإرهاب سواء أتى من مسلمين أو غير مسلمين ، إلا أنهم يرفضون قصره على حرب (الإرهابيين الاصطلاحيين) عند الغرب وهم (المجاهدون) . بل يريدون تعميمه عليهم وعلى غيرهم كاليهود .
فإقرارهم (الإرهاب الاصطلاحي) نسف كل تأويل وحجة ؛ إذ الإرهاب الاصطلاحي عند الأمريكان معروف لكل ذي لب .
وبهذا يظهر للقاريء أن (هؤلاء الدعاة) صاروا – شعروا أو لم يشعروا – يساندون (الحملة الصليبية) في حربها (ضد الإرهاب) ، ورحم الله التوحيد وأهله .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] وقد وضعت ملحقاً في آخر هذا المختصر وهو عبارة عن مقال لأحد الإخوة في الإنترنت ويرمز لاسمه بـ(لويس عطية الله) وقد ذكر فيه جملة من تناقضاتهم .
[2] والمقارنة التفصيلية في (التنكيل) إن شاء الله .
[3] انتبه أخي الموحد : فالخطاب موجه إلى الكفار ، والكلام الذي يفهمونه أن الإسلام لا يعارض (عدلهم) ولا (حرياتهم) ونحو هذا ، وهذا من أبطل الباطل ، ومن أعظم الكذب على الله وعلى الإسلام ، ونقض هذا بالتفصيل في (التنكيل) إن شاء الله .
[4] وتجد في (التنكيل ) إن شاء الله تفصيل هذه الأسس ، والمقارنة التفصيلية بين ما جاء في هذا البيان الممسوخ وما جاء في مؤتمرات التقريب بين الأديان ، مع مقارنتها بشريعة الإسلام الحقيقة .
[5] ومن العجيب أنهم لم يستدلوا بنص تقريباً إلا وحرفوه عن وجهه كما سبق ، ومن العجيب أنهم لا يستدلون بنص إلا وكان فيه ما يبطل استدلالهم به ، وقد بينت ذلك في (التنكيل) ، كما ذكرت فيه الإجماعات التي خرقوها بهذا البيان الممسوخ .
[6] الاعتدال عند هؤلاء هو ترك الجهاد !!!.
انتهى القسم الثاني
اقسام الكتاب : 1 - 2 - 3
|