ملحق :
قرأت مقالاً لبعض الإخوة في أحد منتديات (الإنترنت) وقد رمز لنفسه باسم (لويس عطية الله) وكان مقاله رداً على هذا البيان ، وقد أعجبني ما فيه ، لأنه ركز على مسألة التناقض من الموقعين ، فرأيت أن ألحقه بهذه (الطليعة) :
هزيمة الإسلاميين (رد على بيان المثقفين)
قبل أن تقرأ هذا المقال ضع في اعتبارك أنني أصبحت أفرق بين نوعين من العاملين في المجال الإسلامي.. الأول هم المجاهدون .. والثاني الإسلاميون الآخرون أصحاب النظريات الكلامية في الدعوة .. كلامي في هذا المجال موجه لهذه الطائفة ..
نشر بيان المثقفين والجميع قرأه .. وهذه بعض النظرات في البيان ..
------------------------------
لدي قناعة راسخة أن هناك إفلاس يعاني منه من صاغ وكتب البيان ..
سأتجاوز عن ( لغة ) البيان وضعفه .. بحيث صيغت عبارة :
(إن لغة الحوار هي لغة القوة ، ومن الخطأ أن نجعل القوة هي لغة الحوار .. ) بطريقة مشكلة ..
فكلمة لغة في الجملة الأولى مفسدة للمعنى ..
والمفترض أن يقال ( إن لغة الحوار هي القوة ، ومن الخطأ أن نجعل القوة لغة للحوار )
، لأن للقوة لغات كثيرة أولها السلاح وآخرها العفو ، وليس الحوار لغة من لغات القوة بل هو بديل لها .. ولا أدل على الفرق بين ( الحوار ) و ( القوة ) من هذا البيان الضعيف !
لن أتوقف عند هذه النقطة فآخر ما أهتم به في هذا الوقت الصياغة اللغوية ،
وإن كنت أتمنى الاطلاع على النص الانجليزي .. للبيان ..
يجب أن يدرك الذين كتبوا البيان أننا قرأنا مقدمتهم التي قالوا فيها إن البيان إنما صيغ بتلك الطريقة لمخاطبة عقلية أكاديمية محددة .. نحن ندرك ذلك ..
لكننا نملك الحق في التساؤل والنقاش في نفس الوقت مع الموقعين .. ويحق لنا أن نكون شهودا حضروا الحوار ومراقبين يراقبون كلمات وأفكار من نصبوا أنفسهم ممثلين لنا ، مع احترامنا لهم واعترافنا بصحة تمثيلهم في الجملة .. وعليه يحق لنا أن نعترض ونقول ..
لا هذه الفكرة لا تمثلنا ، ودعني أبتعد عن استخدام ضمير الجمع ، فلأتحدث عن نفسي وأقول إنه يحق لي أن أطلع وأعترض على ما أعتقد أنه لايمثلني خصوصا وأنني أعتبر نفسي جزءا من هؤلاء الذين وقعوا البيان في الجملة أيضا ..
لقد قرأت البيان ، وفي البدء فإن هناك مكاسب مثل اعتراف بعض من اعتبروا ضمن التيار العلماني برفض العلمانية كمنهج في بلاد الاسلام .. هذا مكسب تحقق في البيان ..
لكن أغلب نقاشي سيكون مع الاسلاميين الذين اختاروا الفكرة الاسلامية كمنهج للحياة
، وسألونا يوما ونحن صغار بسؤالهم ( من يحمل هم الدعوة ! ؟ ) ..
فحملنا هم الدعوة ، ودخلنا معهم المعترك واعتبرنا أنفسنا جنودا مجندين من أجل الدعوة .. وأخبرنا أولئك الأساتذة أن الاسلام مستهدف من الغرب الصليبي واليهود ..
وجلسنا في مجالسهم وحلقات العلم التي عقدوها وظللنا سنوات نعتقد أن الغرب هو ( عدونا ) الأول ، وأنه يجب أن نعمل كل ما بوسعنا من أجل جهاده والقضاء عليه أو على الأقل دفع ضره عنا ، ورد كيده في نحره ودفع غائلته ..
وحاربنا وكلاءه ( العلمانيين ) حربا ضروسا كنا فيها أتباعا وجنودا مخلصين لشيوخنا الذين كانوا يقودون تلك الحروب ..
فأصبحت هذه المفاهيم أسسا قامت عليها حياتنا وبنينا عليها أن دين الله يقتضي البراءة من الكفر أولا ، ثم منابذته العداوة ثم جهاده .. وقيل لنا إن هذا هو التوحيد ..
فقلنا نعم وهذا ما دل عليه القرآن ..
ومرت السنوات ونحن نعتقد أن هذا هو الدين .. وأن الله خلقنا لهذه الغاية ..
أن نقيم دينه بالبراءة من الشرك ثم تحقيق التوحيد في أنفسنا وفي حياتنا وكل شيء يتعلق بنا ..
وخرج منا رجال تشربت نفوسهم بمبدأ ( حتمية المواجهة ) ..
فحملوا رؤسهم على أكفهم يطلبون الشهادة في سبيل الله والموت من أجل ماذا ؟
من أجل ردع الكفر وإخراجه من بلاد المسلمين ، ودفع تسلطه وطغيانه علينا ..
وكان من نتيجة هذا كله أن حدثت غزوات نيويورك وواشنطن المباركة ..
فباركناها كما تعلمنا من شيوخنا ودعونا لمن نفذها وقلنا ..
رحمهم الله يا أرشد الله من غزاة وقد رشدوا ..
أليس هذا هو القرآن الذي تعلمناه من شيوخنا ؟
أليس الله قال ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) .. ؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال
( ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبه من النفاق ) ؟
فإذا لم نحدث أنفسنا بالغزو فلا أقل من الدعاء للغزاة والقنوت من أجلهم .. أليس هذا هو الإسلام الذي علمنا إياه شيوخنا ..
أليس الله يحب أن تسفك الدماء في سبيله وإقامة شرعه ودينه ؟
أليس هذا الدين الذي تعلمناه من هؤلاء الشيوخ حسنا نحن عملنا
بمقتضاه ودعونا لمن سفك الدماء في سبيل الله ..
وخرج الكفر وأجلب على المسلمين بخيله ورجله ،
وحمل معه الخمر والقيان ( ماريا كاري المغنية زارت الجنود الأمريكيين في
طاجكستان وغيرها وغنت لهم هنا) ..
فكتب شيوخنا بيانات خاصة يعلنون أن الفئة المسلمة التي غزت أمريكا في عقر دارها إنما هي فئة ( مفتئتة ) على الأمة ، وأنها شرذمة لا تمثل الأمة .. ! عجبا !!
ثم كتب مفكرو الأمريكان وفلاسفتهم بيانا قالوا فيه ( على أي أساس نقاتل ) ! ؟
قالوا فيه ما قالوا وخلاصته أنهم برروا لحكومتهم ما تفعله بنا ..
وأننا بما نحمل من فكر ( التوحيد ) و ( الولاء والبراء ) و( الجهاد ) مجرد حثالات يجب تخليص البشرية منها ..
فقلنا كافر ونطق كفرا فكان ماذا ؟
لكننا صدمنا .. بأن شيوخنا الذين علمونا كل شيء عن المواجهة وحتميتها تغيرت مواقفهم .. وأصبحوا يتحدثون أن كلام أولئك المفكرين مجرد ( وجهة نظر ) وأنهم أي شيوخنا يقدمون ( وجهة نظر بديلة ) فلم يتحدث شيوخنا عن شيء اسمه ( الحق ) .. و ( الباطل ) ، ولم يقولوا إننا على حق ، بل إن الأمر لا يعدو أن يكون ( وجهات نظر)..
هذه ليست مشكلة فلنفرض أنها وجهات نظر وإن شيوخنا يعتقدون أن وجهة نظر الامريكيين (باطلة) .. ولكنهم يتنزلون مع المخالف .. حسنا لكن ماذا عن التطلع
( لتأسيس أجواء تفاهم مشترك تتبناها الحكومات والمؤسسات ) ؟
أين ذهب الكلام عن المواجهة وحتميتها وأين اختفت مبادئ ( المدافعة ) ؟
لقد افتقد هؤلاء الشيوخ أبسط المعايير ( البشرية ) دعك من مبادئ الشجاعة والحمية !
إن هؤلاء الأمريكيين كانوا صادقين مع أنفسهم ..
فحكوماتهم تخوض حربا ضد عدو نال منها فقالوا لها إنك على الحق فأنت تدافعين عن نفسك ! وأتحفوها ببيان عن الأسس التي يقاتلون عليها !
فماذا فعل شيوخنا ؟
كتبوا بيانا عن ( التعايش )!! .
مدجج بالسلاح يقف على رأسك قتل أبناءك وينتهك حرماتك ، ثم يتلو عليك بيانا لماذا يقاتلك ! ما أنت صانع ؟
تقول له تعال إلى الحوار ؟ تعال لنتعايش ؟
لو لم أكن مسلما ووقفت في هذا الموقف لكانت طبيعتي البشرية تحتم علي أن أقول له أضعف الإيمان : سأقاتلك..أضعف الإيمان أن أقول له إنني سأقاومك بما أستطيع .. سأدافع عن نفسي وعن أمتي.. فكيف وإسلامي يقول لي إنني لو قتلت في الدفاع عن ( حذائي ) أكرمكم الله فإنني شهيد سأدخل
الجنة فورا ! ( من قتل دون ماله فهو شهيد )! .
لكن شيوخنا في الوقت الذي خرجوا علينا ببياناتهم في نقد ( الفئة التي ناصبت الغرب العداء بنفس طريقته)وسارت علي هدي قوله تعالى ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) خرجوا علينا في نهاية الأمر ببيانهم عن التعايش وأسسه ..
حسنا نحن وإياكم على مفترق طريقين ..
أولا : إما أنكم مخطئون فيما سبق من دعوتكم لنا .. وما علمتمونا إياه كان خطأ وأن المعارك التي خضناها سابقا على ذمتكم ضد العلمانية مثلا .. كانت باطله ، والدماء الفكرية التي سفكت فيها كانت هدرا .. وإذا كنتم على قدرة للتعايش مع الغرب الكافر الآن فإنه يلزمكم التعايش مع العلمانية العربية والاعتراف بها .. فالعلماني يفترض أن يكون أدعى لقبول التعايش معه إذا كنتم قادرين على التعايش مع الغرب الذي يعتدي عليكم ، فالعلماني وأعني به من يعتقد أن هناك تفسير
آخر للإسلام غير التفسير الذي علمتمونا إياه .. أقرب لكم من اليهودي أو النصراني الكافر يقينا .. بينما العلماني يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكنه يقول إن كلامكم عن الإسلام مغلوط..
وإن كنتم مخطئين سابقا فما الذي يضمن لنا أنكم على صواب هذه المرة أيضا ؟
وما فائدة رفض العلمانية الآن إذا كنتم على استعداد ( لقبول مبدأ التعايش مع الغرب ) علما أن الغرب لا يتعايش معكم بل هو يتعيش فوقكم ويستولي على ثرواتكم وينتهك أبسط حقوقكم ..
حق أن تكونوا من الإنس الأحرار ! ، أما العلماني ، فمسكين هو العلماني !
لا يفعل بكم كثيرا مما يفعله الغرب ، بل كل ما يطلبه تفسير آخر للإسلام ..
بحيث يخرج من المأزق الذي وضعتم الأمة فيه عندما جعلتموها تعيش هاجس المواجهة ثم تراجعتم الآن ..
إنني بعد بياناتكم سأنظر بعين العطف للعلماني الذي يطالب بإلغاء مبدأ الولاء والبراء ..
فدعوى العلماني ومطلبه يعطي نفس النتيجة التي توصلتم لها أخيرا في بيانكم لكن العلماني لا يعيش التناقض الفكري الذي تعيشونه ولا تحسونه ..
فالعلماني يرفض مبدأ المواجهة من أصلها ولذا هو يطلب تفسيرا جديدا لمبدأ الولاء والبراء في الإسلام..
أما أنتم .. وأنتم أنتم ! .. فتقبلون مبدأ الولاء والبراء بل وتعتبرونه من أصول الدين . ثم تطلبون تعايشا مع الغرب ! ألا تشعرون بتناقضكم ؟
نحن مضطرون للاعتراف بواحد من مواقفكم .. إما القديمة وإما الجديدة ..
لا نستطيع رفضها كلها لسبب واحد ، أننا وجدنا نموذجا عمليا ما زال متمسكا بما كنتم تتحدثون به سابقا عن الإسلام ..
وأعني بهم من وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم ( لا يزالون على الحق منصورين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، يقاتلون في سبيل الله )
وقد علمنا مما سبق من بياناتكم أنكم خذلتموهم .. وقد سمعت أحدهم في قناة الجزيرة يقول .. إننا أمرنا بالقتال فقاتلنا وأدينا ما علينا إبراء للذمة ، لكن الأمة خانت نفسها وخذلتنا وأكثر من خذلنا العلماء .. الذين كتبوا في بوش زعيم الكفر كلاما لينا ، وكتبوا فينا ما يسفه أحلامنا ويجعلنا مفتئتين على الأمة ،
قلت : ونسي ذلك العالم أنه قبل سنوات افتأت هو على علماء الأمة عندما عارض فتواهم في الاستعانة بالقوات الكافرة ، فما الذي جعل افتئات أولئك الشباب مرفوضا
وجعل افتئات هذا الشيخ مقبولا ؟
والأدهى والأمر أن هذا الشيخ بالذات ورفضه لوجود القوات الأجنبية كان من ركائز وأساسيات فكر تنظيم القاعدة حاليا .. أخرجوا المشركين من أرض العرب ..
لكن هذا الشيخ يتنصل منهم الآن .. فمن الذي يجب أن يحاسب أسامة بن لادن ؟ أم ذلك الشيخ المتنصل من مسئوليته ؟
إن صاحب النظرية يتحمل نفس القدر من المسئولية التي يتحملها من طبق النظرية ..
أليس كذلك ؟ لا ؟ طيب بقدر أقل ألا يتحمل جزءا من المسئولية ؟ أظنك ستقول نعم هذه المرة!
أم أن هذا الشيخ يظن أن الإسلام ( مجرد كلام في كلام ) .. وينسى أن فتوى يقولها أو كلام يطلقه ينسى أن هناك شباب مؤمن وإيمانه في العمل ، فهو عندما يسمع كلاما يعمل جاهدا على تطبيقه .. وقد سمعوا منه رفض وجود القوات الأمريكية في البلد ، وعدم شرعية إحضارها وعدم شرعية بقائها وأن وجودها احتلال للبلد ..
أم أن هذا الشيخ الفاضل يتنصل الآن مما صاغه وكتبه بيده قبل سنوات ؟
وثانيا : إن الخطأ ليس منكم بل من الإسلام وهذا لا تقولونه
ولا يقوله مسلم بحال من الأحوال .. فلزمكم ما سبق . والله المستعان .
أمر آخر ..
إن كل بياناتكم ، وكل ما كتبتموه أثبتم به أنكم كما يقول العلمانيون عنكم ( مجرد ظواهر صوتية) فأنتم لم تقدموا أي حلول عملية للأمة ..
إنني أشعر بالأسف الشديد أنكم أكثر الناس معرفة بحقيقة الغر ب وطبيعة صراعه معنا ، وأغراضه من التحكم بنا وبمصالحنا .. لكن الأنكى من ذلك أنكم تستبعدون تماما الخيار البسيط والصحيح ..
خيار الجهاد والقتال في سبيل الله ..
إنكم لم تستطيعوا أن تفتحوا عيونكم على أن الأمة تعيش أزمة ومشكلة أنتم جزء منها ، وتعرفون الحل لكنكم لا تريدون أن تدفعوا الأمة باتجاهه .. كونكم جزء من الأزمة .. يكمن في أنكم دفعتم الشباب عبر محاضراتكم ودروسكم وندواتكم ، وكتاباتكم في مواجهة الثور ، فلما حصلت المواجهة وغرس الشباب رماحهم في رأس الثور وهاج الثور على الجميع جئتم تتحدثون عن ( التعايش ) ! وتأسيس أجواء تفاهم مشترك ؟
وإن كان وصلكم لهيب الحرب مع الأمريكان وأتباعهم فإن أولئك الشباب قد أحرقتهم تلك النار ، واسأل الله أن يبدلهم بردا وسلاما في الجنة ..
يجب أن تدركوا أيها الشيوخ أن الغرب والأمريكان صادقون جدا مع أنفسهم ، وأنتم الذين تغالطون أنفسكم .. وتكذبون عليها .. فأسامة بن لادن خرج من تحت عباءتكم ،
وخطاب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته من الذين يستمعون دروسكم ،
وأحمد الحزنوي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته من تلاميذكم
وكل الغزاة السعوديين رحمهم الله أجمعين وجمعنا بهم في جنات النعيم ،
كانوا من تلاميذكم ، وممن جثوا على ركبهم في مجالسكم ..
فلماذا اليوم تتنصلون منهم ؟ ولماذا تتبرأون منهم وتبدون للغرب أن ليس لكم علاقة بهؤلاء الشباب ؟
لماذا لا تتحملون مسؤولياتكم أمام الدين الذي تصديتم لهمّ حمله
والدعوة إليه ؟ لماذا لا تصدقون مع أنفسكم وتقولون إن هؤلاء العظماء منكم وإليكم ..
إن تنصلكم منهم لن يزيدهم إلا رفعة في نظرنا ولن يزيدكم في نظري إلا تخبطا كما تخبطتم وتخبطت بياناتكم أول وقوع الغزوات ..
يجب أن تدركوا أن كل ما يحدث الآن أنتم أحد صناعه ، وأنتم الذين ( شكلوا الصحوة ) في بداياتها وصبغها بصبغتها الحالية .. لا تقولوا لقد كنا نرفض الذهاب لأفغانستان ونحذر الشباب منه.. هذا لا ينفعكم شيئا ، لأنكم عندما تزرعون في عقول الشباب أي فكرة عن حماية الإسلام وحمل هم الدعوة ، ووجوب مدافعة أعداءه ثم يتجاوزكم هؤلاء الشباب وينفذون عمليا ما قلتموه نظريا .. فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم .. واعتذروا لهم عن خذلانكم لهم ..
إن كاتب هذا المقال واحد من الذين كانوا يهتمون بحضور دروسكم .. وكثير من مواقفي تجاه الغرب والأمريكان واليهود إنما تشكلت بعد الاستماع لمحاضراتكم .. وحضور مجالسكم ..
فأصبحت هذه المواقف جزءا من تكوين شخصيتي وحياتي ..
فماذا تتوقعون أن يكون شعوري عندما أقرأ لكم أنكم الآن تطلبون التعايش مع الغرب ؟
أشعر بالقرف الشديد من بياناتكم .. وأشعر أنكم أفلستم حقا .. وأنكم أقل من أن تستطيعوا معالجة أزمة الأمة التي كنتم أحد مظاهرها ..
أشعلتم نيران حروب ثم انسحبتم الآن بعدما حمي الوطيس وبدأت تلك الحروب تحرق الأخضر واليابس .. واعلموا أنها ستحرقكم يوما فلا تستعجلوا ..
لقد نكصت على عقبي فيما مضى من سنوات عندما رأيت أنكم وضعتمونا في طريق ثم اكتشفنا أنكم أعجز الناس عن إكمالها.. فرجعنا وقلنا هذه طريق ليست بسالكة .. لا يمكن عبورها .. كيف لا وشيوخنا وقفوا في وسطها !
لكن رجلا واحد فقط أثبت لكم ولكل العالم الإسلامي .. أن هذه الطريق سالكة وأنها توصل إلى الجنة لكنها مفروشة بالموت في كل جانب من جوانبها .. ذلك الرجل هو أسامة بن لادن ..
هذا الرجل أعاد ثقة الآلاف من المسلمين الضعفاء مثلي بأن هذا الدين حق بعدما ضاع هذا الحق في النسبيات التي لا أول لها ولا آخر عندكم ..
ولئن أسلم الكثير من الغربيين بعد 11 سبتمبر فإنني واحد من الآلاف من المسلمين الذين رجعوا يؤمنون بأن هذا الدين يمكن تطبيقه كاملا كما أنزله الله .. لا على سياسة المراحل التي خدعتمونا بها
في السنوات السابقة .. تلك السياسة التي لم تورث سوى حسرة وحرقة ومصائب إصابتكم قبل أن تصيبنا نحن من بعد ..
أيها الشيوخ إننا معاشر تلاميذكم .. نعيش أزمة حضارة وهوية ..
وقد عجزتم عن تعبيد الطريق الصحيح للنهضة أريتمونا الداء ولم تعطونا الدواء ..
فاتركوا المجال لغيركم .. وعلى أقل تقدير لا تخذلوهم ..
لقد سقطت نظرياتكم وأطروحاتكم ، فلم تقدموا للأمة سوى حلول خيالية .. لا تصلح للتطبيق ..
واعلموا أن الميكافيلية لا تصلح لكم ، وإخفاء المبادئ ومحاولة تهميش أصول الإسلام الكبرى كالجهاد بكل أنواعه ، لن يجديكم نفعا ولن يجعل الغرب ينظر لكم بعين الرضا ، فالغرب يعرف حقيقة دينكم ولن يقبل منكم بغير الطاعة العمياء له وبقاء استعباده للأمة كلها ، وعندما يقرأ لكم تلك اللغة المتهالكة ومحاولة إرضائه وإظهار أنفسكم بمظهر ( المتحضر ) ..
الذي يحسن التحدث بمصطلحات السياسة ويتحدث عن ( الأوراق ) و ( الأدوار )..
ويقول في معرض كلامه ، لدينا أوراق لم تنفد بعد ! ويستخدم عبارات مثل ( يمارس دورا ) .. هذا كله لا يجديكم نفعا ..
وهذا اللباس لا يصلح لكم بل هي لغة من يعتقد أن الحياة مجرد ( لعبة ورق ) قائمة على الحظ .. قمار .. أو أن الحياة عبارة عن مسرحية تمارس فيها الأدوار بعبثية ..
أنتم أصحاب رسالة قائمة على التدين والعبودية لله .. فابتعدوا عن هذا المستنقع الآسن من مخلفات الفكر الليبرالي ..
والغرب لن يرضى عنكم حتى تتبعوا ملته فأفيقوا من نومكم واخلعوا عنكم كل لباس ليس من لباسكم .. وابحثوا عن الحل البسيط الواضح ..
أيها الشيوخ .. تعلمنا منكم أن الإسلام بسيط .. وأن الإسلام ليس بذلك التعقيد الذي يتخيله من لا يعرف الإسلام ، فلماذا كلما سألناكم عن طريق الحل رغتم وتخبطتم ؟
ألا تستطيعون فهم حقيقة قول النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا ؟
ألا تشعرون بالذلة ؟
ألا يدل بيانكم على حجم المذلة التي دفعتكم إلى كتابته ؟
ما الذي جعل بيان الأمريكيين قويا وتبريريا للحرب علينا وشجاعا ، وجعل بيانكم بتلك الدرجة من الضعف ؟
أليس قوتهم ؟ وهواننا عليهم ؟
إذن كيف نتخلص من هذا الهوان ؟
إذا لم تقنعكم أقوال نبيكم صلى الله عليه وسلم عن أهمية الجهاد والقتال فا قرأوا في تاريخهم هم وانظروا كم من الدماء الغربية النجسة سفكت حتى تخلصت أوربا إبان الثورة الفرنسية الأولى وما تلاها من ثورات ثم ثورات في كل أوربا .. تخلصت من الذل والاستعباد الذي كان يمارس عليها من بني جلدتها ؟
فكيف وأنتم يستعبدكم عدو صليبي حاقد وكافر تعرفون أن مصيره جهنم ..!
وتعرفون أنكم إذا متم في المواجهة معه فإن مصيركم الجنة ؟
أشعر بغصة .. وصدمت عندما قرأت في أسماء الموقعين واحدا كان يقول لنا :
إن من يعادي أميركا سيد لنا .. فهل تغيرت الموازين الان أيها اللبيب ، وأصبحنا نستطيع التعايش معهم ؟
العبيد لا ينتصرون فتحرروا ..
أعتذر عن شدتي معكم .. لكني قلت هذا لأني أعلم أننا سنلتقي يوما ما نتخاصم عند ربنا سبحانه وتعالى فآثرت أن أكون مخاصما في الدنيا عن الحق لا خصيما له في الآخرة ..
(لويس عطية الله) .
الفهرس
2
تحذير
3
خلاصة الطليعة
6
مقدمة لا بد منها
14
أولاً : مقارنة بين كلام المثقفين وبين كلامهم سابقاً :
16
ثانياً : مقارنة بين بيان المثقفين وبيان الكفار :
18
ثالثاً : البيان والسياسة :
19
رابعاً : البيان والتقريب بين الأديان :
21
خامساً : البيان والافتراء على الشريعة وتحريف النصوص :
23
سادساً : البيان وموالاة الكفار :
25
سابعاً : البيان وإنكار الجهاد والبراءة منه :
27
ثامناً : لغة الاستجداء والذلة والمهانة :
29
خاتمة الطليعة :
32
ملحق : هزيمة الإسلاميين (لويس عطية الله) :
40
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] السيل الجرار : 4/518 ، 519 ، وانظر : المحلى 5/341 ، المغني 9/165 ، وجميع كتب الفقه في أول باب الجهاد أو السير ؛ فإن هذا متفق عليه.
[2] قد فصلت الشبهات والرد عليها في (التنكيل) .
انتهى القسم الثالث
اقسام الكتاب : 1 - 2 - 3
الكتاب على ملف الورد
|