مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 07-06-2012, 03:21 AM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537

الفريدة الخامسة عشرة : الخير والشر .

كلمتان يكثر تداولهما في الكلام , ولهما استعمالان :
الاستعمال الأول : أن يكونا ( أفعل تفضيل ) بمعنى أن يراد بهما تفضيل شيء على آخر , فيقال مثلا : محمد صلى الله عليه وسلم خير من موسى , أو محمد خير الأنبياء , أو يقال : فلان شرٌّ من فلان ..
وهي بهذا الاستعمال تكون ( وصفاً ) , أي يعطي معنى يكون صفة لغيره .
قال تعالى : {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } (106) سورة البقرة
وقوله سبحانه : {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } (89) سورة النمل
وقوله سبحانه : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ } (60) سورة المائدة
وقوله تعالى : {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (34) سورة الفرقان
وأصلهما : أخْيَرُ وأَشَرَ , ولكن لكثرة استعمالهما حُذِفت الهمزة وتحرك الحرف الذي بعدها بالفتح وهو الخاء في ( خير ) والشين في ( شرّ ) , والدليل على ذلك قول الراجز :
بلالُ خيرُ الناس وابن الأخْيَرِ
وفي عامية نجد نجد استعمال الأصل , فيقولون : فلان أخِير من فلان , بكسر الراء مع إمالتها .

الاستعمال الثاني : أن تُستعمل اسماً له معنى خاصا , ويكون ( الخير ) معنى عاما دالا على كل ما فيه صلاح ونفع .
والشر : اسم جامع لكل معنى سيء .
وهذا الاستعمال يرد كثيرا أيضا , ومنه الآيات التالية :
{ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران
{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ } (104) سورة آل عمران
{إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} (149) سورة النساء
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (11) سورة يونس
{وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} (11) سورة الإسراء
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } (51) سورة فصلت

وقد يستعمل الخير بمعنى المال , فيقال : فلان عنده خير كثير أي مال كثير , ومنه قوله تعالى :
{وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (21) سورة المعارج
{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (8) سورة العاديات

وقد تطلق كلمة الخير على الخيل خاصة : {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص , فالخير هنا هي الخيل على قول كثير من المفسرين , وفي السنة المطهرة : " الخيل معقود بنواصيها الخير " .
ويُجمع الخير على : الخيرات , ويراد بها الحسنات والثواب , كما قال تعالى : {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ } (148) سورة البقرة , أي الطاعات والحسنات .
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ } (73) سورة الأنبياء
{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (88) سورة التوبة , أي لهم الطيبات من الجنات ..
وقد يُطلق ( الخيرات ) على نساء الجنة , كما قال تعالى : {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ , فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} سورة الرحمن .

والله تعالى أعلم .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل