أخي العزيز محب الخير للناس :
لا أدري هل القول هنا مأخوذ عن أحد من أهل العلم أم هو اجتهاد اجتهدتَه ؟؟
وعلى أي الأمرين فلعلك تسمح لي بإبداء وجهة نظر أخرى في الموضوع , والقصد في الأول والأخير هو الحق والصواب , ونسأل الله تعالى أن يهدينا للتي هي أقوم ..
نحن أمام صورتين :
الصورة الأولى : أن يصلي الرجل جالسا على الأرض , ويومئ بالركوع , ويسجد على الأرض بأعضائه السبعة .
فهو هنا : أتى بركن واحد على حقيقته الأصلية وهو السجود , أما القيام والركوع فأتى بهما بالصفة الفرعية ( صلاة المريض ) .
الصورة الثانية : أن يصلي على الكرسي , فيأتي بالقيام والركوع , ثم يجلس على الكرسي ويومئ بالسجود .
فهو هنا أتى بركنين ( القيام والركوع ) على حقيقتهما الأصلية , وأتى بالسجود على صورته الفرعية .
فهاتان صورتان متقابلتان .
فأيهما أرجح في نظرك .
أرى أنك رجحت الصورة الأولى , بحجة أن السجود أفضل , وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد , فمن الأحسن له أن يعفر وجهه وجبهته بالأرض .
وهذا قول حسن وجميل , ولكن :
هل السجود على الأرض أولى من القيام والركوع ؟؟؟
المقرر عند الفقهاء : أن أفضل أحوال الصلاة هي القيام , ثم الركوع , ثم السجود
ولذلك قال الله تعالى : " وقوموا لله قانتين " , وقال تعالى : " إذا قمتم إلى الصلاة ... "
فالأصل في الصلاة هو القيام " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى "
ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم به فقال : " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا "
فهو الآن يستطيع القيام , فيجب أن يبدأ به لأنه الواجب , ولا يتحول عنه إلى القعود إلا عند العجز .
ثم إن القائم غالبا يأتي بالركوع على صفته , والركوع أفضل من السجود , لأن بالركوع تدرك الركعة , ولا تُدرك بالسجود , ولأن الركوع أقل من السجود , فركعة واحدة تعدل سجدتين , وهو موضوع تعظيم لله تعالى : " وأما الركوع فعظموا فيه الرب .. "
وأما قولك : إنه يترك السجود , والعبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد
فمن قال : إنه ترك السجود ؟
هو لم يتركه ولكنه سجد على الطريقة التي يستطيعها , ولم يدل دليل صريح على أن قرب العبد من ربه وهو ساجد مشروط بأن يضع جبهته على الأرض , فأي سجود أتى به على قدر استطاعته فقد حقق المراد , وهو سجود كامل لا نقص فيه ,,,
وأما أنه يعفر جبهته على الأرض فهذه مكرمة عظيمة ولكنه ضحى بها من أجل مكرمة أعلى وهي القيام لله تعالى والركوع له تعظيما وإجلالا ...
والله تعالى يقول : " فاتقوا الله ما استطعتم " " ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
وعلى افتراض أن القيام والركوع والسجود متساويات في الفضل , فإنه إن استطاع أن يأتي بركنين على صورتهما فهو أفضل من أن يأتي بركن واحد على حساب ركنين .
ومن خلال هذا الاستعراض فإن الذي يظهر والله أعلم أن الصلاة على الكرسي والإتيان بالقيام والركوع أفضل من الصلاة على الأرض والإتيان بالسجود وحده .
وهذا اجتهاد من أخيك ولم أسأل أحدا , فإن كان صوابا فالحمد لله , وإن كان غير ذلك فأستغفر الله .
والسلام عليك .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]