• ماذا يجزئ من الأضاحي ؟
كلما كان لحم الهدى أو الأضحية أكثر كان أحب إلى الله ، ويستفاد ذلك من قول أبي بردة : (( عندي جدعة خير من مسنّة )) . ولذا وقع خلاف عند الفقهاء ، أيهما أفضل في الأضحية والهدي أن يكون بالشاة أو بالبعير ؟
ففضّل الإمام الشافعي البعير على الشاة لما فيها من لحم كثير ، لأن الإطعام يستغرق العدد الوفير . وفصل الإمام مالك ، ففضّل الشاة في الأضحية على البعير ، خلافاً للهدي ففضَّل فيه البعير .
وذهب جماهير الفقهاء إلى أن الجذعة من البياض تجزئ في الأضحية . و (الجذعة) : ما عاشت أغلب السنة ، أي بعد الستة أشهر ، وقبل السنة ، خلافاً للمعز ؛ فإنه لا يجزئ منها إلا المسنّة ، أي التي أتمت السنة ، وجوّز الإمام أبو حنيفة ذبح الجذع من الضأن إذا بلغ سنُّه ستة أشهر ، ولو لم يزد شيئاً عنها ، إن كان الجذع سمينةً . ولكن الجذع في اللغة ما زادت عن الستة أشهر .
لذا يقول جماهير العلماء : الجذعة من البياض ما عاشت أغلب أشهر السنة .
قال الإمام الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم . وجوَّز النبي صلى الله عليه وسلم الجذع من المعز لأبي بردة و قال له : (( اذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك )) . وورد ما يخالف هذه الخصوصية عن حديث عقبة بن عامر قال : (( قسّم الرسول صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا فأصابني جذع ، فقلت : يا رسول الله ! إنه أصابني جذع ، فقال : (( ضحِّ به )) . ( رواه مسلم )
وقد أجاب العلماء على هذا الإشكال أجوبةً منها :
1. قولهم أن حديث عقبة منسوخ بحديث أبي بردة ، و الأصل أن نعمل على التوفيق قبل أن نلجأ إلى النسخ .
2. وفَّق العلماء بين الحديثين من وجهين :
الأول : أن قول عقبة ( أصابني جذع ) : أي من الضأن وليس من المعز ، وبذا يستقيم الأمر لأن الجذعة في حديث عقبة مبهم وفي حديث بردة مبيّن .
الثاني : أن في بعض ألفاظ عقبة : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه غنماً يقسمها على أصحابه ضحايا ، فبقي عتود فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ضح به أنت )) . و ( العتود ) : هو المعز . وهذا يشوش على الوجه الأول ، ولكنّ العتود عند كثير من أئمة اللغة : ما أتمّ سنةً من عمره ، أي معزاً بلغ سنة فقسمه ، وكان حظه واحداً منها
|