مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 09-12-2012, 08:40 PM   #2
معاني17
كاتب مميّز
 
صورة معاني17 الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
البلد: جوار ضريح أمي .
المشاركات: 623
*

حِنْو الكَذِبِ .

حُمْرَةُ الشَّفَقِ تَمْلَأُ الأَفُقَ ..
وَتُجَسّدُ حَجْمَ شَجَرَةِ سِدْرٍ أَغْصَانُهَا سَدْلَى ..
مَالَتْ بِحَبّات ثَمَرٍ قَرِيْبَةِ عَهْدٍ بِأَزْهَارِهَا ..
وَكَأنّهَا تُرِيْدُ احْتِضَانَه وَصَغِيْرَتَه !
بَيْنَه وبَيْنَ شَجَرَتِه رِبَاطٌ أزَلِي , يقدسه حَدّ البُكَاءِ ..
يَكْفِي أنّهُ اسْتَظَلَّ بِهَا أيّامًا خَلَتْ ..
هُوَ وَمَنْ بِرَحِيْلِهَا تَجَرّعَ اليُتْمَ حَتَّى وَهْوَ أبٌ ..

ثَلاثَة خَفَافِيْشٍ تَطِيْرُ فَوْقَهُمَا بِشَكْلٍ حَلَزُوْنِي ..
وَكَأنّهَا تَكْتُبُ غُمُوضًا وَوَحْشَةُ , وشُؤْمَ رَحِيْلٍ !
يَقُوْلوْنَ : إنَّهَا تُرْسِلُ ذَبْذَبَاتٍ نَحْوَ أَهْدَافِهَا ..
تَرْتَدُّ إِلَيْهَا فتُحَدّدُ مَسَارَهَا , وَنَوْعَ الأشْيَاءِ التِي تَقْتَاتُ عَلَيْها ..
لَيْتَهَا تُخْبِرُهُ أيَّ لَوْعَةٍ تَحْمِلُهَا الذّبْذَبَاتُ المُرْتَدّةُ إِليْهَا مِنْ صَدْرِهِ ..

تَخَافُ صَغِيْرَتُهُ وَتَرْتَمِي فِيْ حُضْنِه ..
فَيُطَوّقُهَا بِيَدِهِ اليُسْرَى وَفِنْجَانُهُ فِي يَدِهِ اليُمْنَى
يَهْمِسُ فِي أُذُنِهَا وَيُبَدِّدُ خَوْفَهَا ..
وَحَقِيْقَةَ الأَمْرِ هُوَ يُحَاوِلُ تَبْدِيْدَ خَوْفِهُ عَلَيْهَا ..
وَلأنَّهَا تَثِقُ بِهِ , وَتَرَاهُ النّبْضَ وَالوُجُوْدَ , تُصَدِّقُ كِذْبَتَهُ الحَانِيَةَ ..
بِأنّهَا طُيُورٌ جَمِيْلَةٌ , تَحْمِلُ قَنَادِيْلَ لَيْلِيّةً صَغِيْرَةً وَمُضِيْئَةً ..
وَتُحَاوِلُ إِنَارَةَ دُرُوْبِهَا وَدُرُوْبِنَا , تُحِبُّنَا وَتَلْهُو مَعَنَا أَيْضًا ..

زَادَهَا قَنَاعَةً وَاطْمِئْنَانًا عِنْدَمَا رَمَى نَوَاةَ تَمْرٍ فِي الهَوَاءِ ..
فَتَبِعَتْهَا الخَفَافِيْشُ أَثْنَاءَ سُقُوْطِهَا تُرِيْدُ التِقَاطهَا حَدَّ الاصْطِدَامِ بِالأَرْضِ ..
لـَ رُبَّمَا حَارَتْ فِي تَحْدِيْدِ كُنْهِهِا , تَمَامًا كَمَا حَارَتْ فِيْ تِحْدِيْدِ كُنْهِ قَلْبِهِ ..
فَذَاكَ الشّيْءُ المَزْرُوْعُ فِيْهِ , حَتّى هُوَ لا يَعْلَمُ كَيْفَ وَلِمَ زُرعَ ؟!
أَوْ عَلَى الأَقَل لَمْ يَجِدْ إِجَابَةً مُقْنِعَةً

تَبْتَسِمُ بُنَيّتُهُ وَتَرْمِي بَقِيّةَ النَّوَى الوَاحِدَةَ تِلْوَ الأُخْرَى , وَكَأنّهَا تُلَاعِبُهَا ..
وَأثْنَاءَ ضَحِكَاتِهَا يَعْتَدِلُ فِي جِلْسَتِهِ وَيَسْكُبَ فِنْجَانًا آخَرَ ..
فَعِشْقُهُ فَنَاجِيْنِ القَهْوَةِ , سِيَّمَا بَعْدَ أدَاءِ المُهِمّاتِ ..
وَلَيْسَ مُهِمّةٌ أَكْبَرَ عنده الآنَ مِنْ تَبْدِيْدِ الخَوْفَ مِنْ فُؤَادِ مَلَاكِهِ ..

وَيُؤْمِنُ أَكْثَر أنَّ الأَشْيَاءَ القَبِيْحَةَ ..
لَيْسَتْ إِلاَّ أشْيَاءَ جَمِيْلَةً شَوَّهَا الإنْسَانُ .
فـَ هَاهِيَ بُنَيَّتُهُ تُرَاقِصُ الخَفَافِيْشَ .

*
__________________
.

. . ما أقربك يا الله !

.

آخر من قام بالتعديل معاني17; بتاريخ 09-12-2012 الساعة 08:47 PM.
معاني17 غير متصل   الرد باقتباس