أخي العزيز رولكس :
شكرا لفوائدك الماتعة , ولكن لا أظن أننا نختلف في هذه المسألة فأنا أوافقك فيما قلت , ولكني أتكلم عن شيء وأنت تتكلم عن شيء آخر , ودعني أبينه لك بالتفصيل :
أولا : إذا كان المخاطب مذكرا : وجب خطابه بالتذكير بلا خلاف بين أهل العلم , وأدلته من كلام العرب أشهر من أن تذكر .
ثانياً : إذا كان المخاطب مؤنثاً : أيضا وجب خطابه بالمؤنث , ولا أعلم خلافا فيذلك , فلا يصح أن تخاطب المؤنث بلفظ المذكر , فتقول : النساء يقولون , ويكتبون .., هذا خطأ محض
بل الصواب : هو التأنيث نحو : " فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا , ... فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن "
وقال تعالى : " إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين .. الآية "
ثالثاً : إذا كان المخاطب جمعا من الذكور والإناث , فإن الخطاب يكون بالتذكير لاغير , لأنه الأصل , والتأنيث فرع عنه تبع له , وهذه سنة العرب في كلامهم , وقد مثلت لك بذلك .
انظر : الصاحبي لابن فارس ص : 305 , والخصائص لابن جني : 3/245 .
وعلى هذا فإذا جاء الخطاب مذكرا فإنه شامل للجنسين إلا أن ينص الدليل على تخصيصه بالمذكر , وإن جاء الخطاب للمؤنث فهو خاص بالمؤنث قطعا ولا يدخل معه المذكر , والعلة في ذلك , أن التذكير أصل للتأنيث , فإذا جاء الخطاب للأصل فإن الفرع يدخل معه تبعا , ولا عَكْسَ .
فأنا تكلمتُ عن الفقرة الثالثة , وأنت تكلمت عن الفقرة الثانية , فلا خلاف في الحكم بيننا فيما يظهر لي .
نرجع إلى قول الأخت الفاضلة ( شهر زاد ): بأننا نسمع بإذاعة ( يقولون ) ولم نسمع بإذاعة ( يقلن ) في إشارة منها على أن مصدر الشائعات مذكر وليس مؤنثا , فهذا فيه نظر , واعتراض الأخ ( زيل ) في محله , لأن كلمة ( يقولون ) هي مذكر في اللفظ , لكنها تشمل الجنسين , كما قررناه آنفا , لأن ( يقولون ) فعل مضارع أسند إلى واو الجماعة , وهي مذكر , والمؤنث فرع للمذكر , فيدخل الفرع مع الأصل ؛ إذْ لا يوجد مُخصِّصٌ للأصل هنا , فدل على عمومه كما قرره ابن فارس وغيره .
والله تعالى أعلم وأحكم .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]