مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 26-12-2013, 11:45 AM   #3
الزنقب
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 2,132


الثاني امن نفس وطمأنينة قلب

فإن قلت ما الامن النفسي ؟؟

قلنا الامن النفسي هو انتفاء الشعور بالخطر


وأن سالت عن انواعه

قلنا لك هو نوعان امن ايماني وامن دنيوي


فالامن الايماني ما كان صدرا عن ثقة بموعود الله ونصره وتأييده

والامن الدنيوي ما كان صدرا عن ثقة بأسباب العبد الدنيويه


والامن الايماني نوعان

امن حقيقي وهو ما كان صدرا عن تقوى وعمل

وامن غرور وهو ما كان صدرا بدون تقوى وعمل


وفي الحديث الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع

نفسه هواها وتمني على الله الاماني رواه ابو الترمذي وفي اسناده لين

وهذا الحديث يفرق بين الامن الحقيقي وامن الغرور

فالكيس من عمل وحاسب نفسه وتمني من الله الخير

والعاجز من لم يعمل ولم يحاسب نفسه وتمني على الله الخير


وضرب العلماء للراجي بدون عمل بمزارع يرجوا الثمر بدون بذر ورعاية وسقي

والراجي مع العمل بمزارع حرث الارض وبذر البذور وسقى وتعاهد ورجى من الله اخراج النبات


والامن الدنيوي نوعان

الاول الامن بالاسباب الماديه كمن يعتمد على قوته وماله وتجارته واهله

كما قال تعالي (( قالو نحن أكثر امولا وأولادا وما نحن بمعذبين ))

فالمال والولد من الاسباب الماديه التى غرت كثير من اهل الشرك والكفر

قال تعالي عن الوليد ابن المغيره (( وجعلت له مالا ممدوا وبينين شهودا ))

فالمال الكثير والابناء اقوياء الحاضرون سبب للغرور


الثاني الامن الغافل وهو امن بدون اسباب دنيويه

كحال كثير من الناس الذين ليس لهم مال ولا جاه ومع ذالك في قلوبهم امن

وطمأنينه بدوام الحال مع رؤيتهم لتقلب الدنيا بأهلها



وسبب ذالك

ان النفس لا تنزل نفسها منزل الالم وترى النعم شي دائم ولا تتخيل

نفسها بدون هذه النعم ويعتقدون ان الخير دائم والشر ظل زائل

ولذا اخبر ربنا انه يداول الايام بين الناس وانه يعز ويذل ويرفع ويخفض

وكل يوم هو في شأن

ولذا يغفل الناس كثير عن النعم الموجوده وينسون شكرها ويكثرون من ذكر

النعم المفقوده ويجعلونها على بالهم ويقارنون انفسهم بمن هو ارفع منهم

وهذا سبب الشقاء وسبب الغفله في ان واحد


ذالك ان الشقاء هو ان لا تلتذ بما اعطاك الله وتشغل نفسك بما عند غيرك

والسعاده ان تفرح بالموجود ولا تأسى على المفقود

فمن اشغل نفسه بحظه غيره فقد اشقى نفسه

فالسعيد من فرح بلقمه يأكلها وثوب يستره وطفل يلاعبه ومال يأخذه

ولم يشغل نفسه بأكل غيره ومال غيره ..


ووجه الغفله

ان تذكر النعمه هو الشرط الاول في الشكر

ذالك ان الشكر مبني على اعتراف القلب وثناء اللسان وتسخيرها فيما يرضى

المنعم وامساكها عن التسخير فيما يسخط المنعم

فلا يستعمل نعمة ربه عليه في محاربته بالمعاصي وتضليل عباد الله


وكثير من اهل الفسق والغفله يعيشون امن دنيوي قابل للتبديل والتغير في اسرع وقت

فالصحه ليست مضمونه والغني ليس مضمون والطمأنينه ليست مضمونه طول الوقت

وكم هجم الخوف على القلوب فتركها قاع صفصفا

وربما هجم الخوف بلا سبب ظاهري ..

وهذا ما يسميه علماء النفس الخوف المرضي او الخوف الشاذ

وهو الخوف بدون مخوف او الخوف الكثير بسبب بسيط

فزيادة الخوف عن المستوى الطبيعي مرض

وحدوث الخوف لسبب تافه او لغير سبب مرض نفسي

يعالجونه اليوم بالعقاقير وتغيير الافكار وتبديل القناعات


ومع ايماننا بأن هذا النوع من العلاج نافع في الجمله

الا انه ليس الحل النهائي


ذالك ان الامن الايماني اليقيني هو الحل الاكيد للنفوس المضطربه والقلوب الخائفه

فمن احسن العمل واحسن الظن بربه وتفأل بخير عاجل وأجل فهو السعيد الذي

وافق القران في قوله تعالي (( الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم

الامن وهم مهتدون )) وقوله (( الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر

الله تطمئن القلوب ))


فربنا علق الامن الحقيقي على شرطين

الاول الايمان

وهو التصديق بوجود الله وربوبيته وألوهيته واسمائه وصفاته وكل ما اخبر عنه من الغيوب

تصديق جازم مشفوع بالعمل الصالح الذي ينبني على الايمان بالغيب


الثاني عدم لبس الايمان بالظلم وطمأنينه القلب بذكر الله

فعدم لبس الايمان بالظلم يشمل الشرك كما صح به الخير والكبائر والاصرار على الصغائر

ذالك ان الظلم ثلاثة دواوين

ديوان لا يغفره الله وهو الشرك بالله

وديوان لا يتركه الله وهو ظلم العباد بعضهم بعضا

وديوان تحت المشئيه وهو ظلم العباد لانفسم بالبدعه والكبيره والغصيره


اما طمأنينة القلب بذكره

فهو النتجه والثمره للايمان والعمل

ذالك ان حلاوة الايمان هو ثمرة الايمان كما قال اهل العلم

وفي الصحيح مرفوعا (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان .. أن يكون الله

ورسوله احب اليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه الا الله وأن يكره ان يعود في

الكفر كما يكره ان يقذف في النار ))


قال العلماء ان الرسول صلى الله عليه وسلم


في هذا الحديث شبة الايمان بشجره فيها الساق والجذور

والاغصان والاوراق والثمار

فالجذور هي العقائد .. والساق هو الفرائض والاركان

والاغصان هي الطاعات والاحسان والاوراق هي النوياء الطيبه

والهم في فعل الخير والرغبه فيه والثمار هي نتائج الايمان



المقصد من هذا كله


ان الفاسق والعاصي يغتر بقشره ظاهره من النعم التى يعيش فيها

كالامن والطمأنينه الغافله او المبنيه على الاسباب ويعتمد عليها

ثم يبارز ربه بالفسق او بالغفله والغرق في اودية الدنيا


واذا لم تنتشله يد القدر من هذا الغرور بالمصائب المحيره التى

تعجز عنها اسبابه فهو غارق في الغفله سابح في بحر المعصيه ولا بد


ذالك ان ذوق حلاوة الدنيا مع الغفله والمعصيه وبدون حوادث تهز الاستقرار

النفسي الذي بني على قشرة ضعيفه من الاماني العاطله والاسباب المتغيره

سبب للتمادي في المعاصي والسرحان في الغفلات والشهوات


ولذا صار من يرد بالله به خير يصيبه ببعض البلاء والمحن التى تهزه

حتى لا يثق بأسبابه و يثق بالنعم المتغيره ويعتمد على ربه في جلب الخير ودفع الشر


وكم رأينا من تائب منيب بسبب تتابع الهزات النفسيه وفقدان الامن والطمأنينه فلم تعد

قشرة الاسباب العارضه ولا النعم المتحوله تغره

واصبح يخاف من البيات وتصبيح البلاء ونزوله به .. فأتخذه من التقوى درعا

حصينه ومن الذكر سلاحا ماضيا ومن التوبه والانابه قلعة حصينه يمتنع بها

من سهام القدر التى لا تخطي


وللحديث صله
الزنقب غير متصل