الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , وبعد , فهذه أبيات يسيرة أبكي فيها والدتي الغالية ( فاطمة بنت صالح العميريني ) التي لقيت ربها صباح يوم الجمعة الموافق 24 / 2 / 1435 هـ , وهي أقل مما تستحقه , وأيسر مما يجب علينا بحقها , فحقها علينا أعظمُ من قطر الغمام , وأكبَرُ من جاريات البحار , وأثبتُ من راسخات الجبال , فهي التي ربّتْ وتعِبَت , وسهِرَتْ وبكَت , وخافت وقلِقَت , وأعطَتْ وعلَّمَت , ونصَحَتْ وأرشَدَتْ , ومَرِضَتْ وصَبَرَت , فجزاها الله عنا – معشر أولادها – خير الجزاء , وجمعها ووالدي ( سليمان بن عبد الله الحامد ) في " جَنَّاتٍ وَنَهَرْ ,في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ " و "رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيانِي صَغِيرَا " :
قال أبو سليمان غفر الله له :
أعَينَيَّ جُودَا بالبُكاءِ عَشِيَّةً
وصُبْحاً وفي ليلِ الشِّتاءِ المُتَمّمِ
ولا تَبْخَلا بالدّمعِ سِرّاً وجَهْرَةً
على فَقْدِ أمٍّ ذاتِ وجْهٍ مُكَرّمِ
فحَقٌّ علينا أن تسيحَ دُمُوعُنا
بكاءَ مُحِبٍّ للحبيبِ مُتَيَّمِ
مَضَتْ نَحْوَ مَولاها إلى دارِ رَحْمَةٍ
تُزَفُّ بأثوابٍ وترقى بِسُلَّمِ
مضَتْ بعد أنْ نالَتْ من الضُّرِّ والأسى
شهورا وأعواماً على الأرض تَرْتَمِي
ولكنَّها دوما تراها رَضِيّةً
بِمَا قَدّرَ اللهُ , وبالصبرِ تحْتَمِي
فللّهِ ذاك الوجهُ والمبسمُ الذي
يشع جلالا بالعيون وبالفَمِ
ولله ذاك الجسمُ والروحُ والشذى
تفيض علينا بالزّكا والترحُّمِ
ولله تلك الأمُ كانت عظيمةً
تقوّمنا بالدينِ قبلَ التعَلُّمِ
تُرَبّي على حُبِّ الصلاة بعطفها
وتأمُرُنا بالخير دون تبَرُّمِ
وتنهى عن البغضاءِ والمنكَرِ الذي
يسوء ويدعو للأسى والتندّمِ
إذا جئتها في الليل أو في صبيحةٍ
رأيت لها وِرْداً وإنْ لَم تكلّمِِ
وتقرأ آي الذكر بعد تلَعْثُمِ
يَرِفُّ لَها قَلْبٌ لِمَكَّةَ كُلَّمَا
أتى موسِمُ الحجَّاجِ أو في المحرّمِ
تقول خذوني يا بَنِيّ فإنني
أريد طوافا بالحطيم المعظَّمِ
فإن وَصَلَتْ تلكَ الدِّيارَ رأيتَها
تصلي أمام البيت قُدّام زمزمِ
إذا حَدَّثَتْنَا كانَ طِيبُ حَدِيثِها
كنَشْرِ الخزامى وسْطَ روضَةِ مَلهَمِ
تَسُرُّ حَوَالِيها وتُبدِي بَشَاشَةً
وتَبرقُ عيناها بِحُسْنِ التَّبَسُّمِ
أيا أمَّ إن القلب قد شَفَّهُ الْجَوى
وصِِرْنا يتامى بعد موتك فاعلمي
ويا أمَّ إن البيتَ أصبحَ مُوحِشاً
وأضحى إلى الأشباح بيتُك ينتمي
أفاطمةَ الخيرات قد غاب شخصُها
لقد سكنت في المقلتين وفي الدمِ
عليكِ سلامُ الله يا بنتَ صالحٍ
ورحمتُه ما شاءه من ترحُّمِ
عليكِ سلامُ الله ما هبتِ الصَّبا
وما دارَ في الأكوان أفلاكُ أنجُمِ
سقى قبرَكِ الرَّحْمنُ غَيْثاً ورحْمَةً
وأسْكَنَكِ الفِرْدَوسَ حتى تنعَّمِي
إذا طَلَعَتْ شَمسُ النَّهار فإنها
أَمَارَةُ تَسْلِيمِي عَليكِ فسلِّمي
علي الحامد