مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 18-02-2014, 11:29 AM   #1
الزنقب
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 2,132
شذرات من كتاب المقالات




هذه بعض المختارات لبعض كتاب الصحف


يقول الدكتور حسن الهويمل


فمصطلح [الأدب الإسلامي] -على سبيل المثال- أقام الدنيا، ولم يقعدها، لقد أغرق المختَصِمون في الحديث عن مفهومه، وعن مشروعيته، وعن الحكم الشرعي فيما لا يدخل فيه، حتى لقد أسرف البعض على أنفسهم،وعلى مشاهدهم، وظنوا أنه معادل،أو مقابل لـ[لأدب الكافر]، وأنه من محدثات الأمور، وكُلُّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ولو عرفوا أن القران الكريم أولُ من فَرَّق بين شعراء الهداية،وشعراء الغواية، وأن المصطلح لا يعني أكثر من الدعوة إلى الكلمة الطيبة والقول السديد, وأَنَّه {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}،لما ضربوا في أودية التيه، وركضوا بأرجلهم في طرق العِمَاية.


لأنها تدخل في إفرازات [عقدة الأبوية]: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.


ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعرَ من لبيد



ولن نتوغل في تفكيك تلك الرؤى, والترجيح فيما بينها، إذ يكفى أن نشير إلى أن المسألة مسألة ارتباك، وإعادة تنظيم للصفوف، ومحاولة للانسجام مع المبادئ والمثل التي أشاعها الإسلام. فهي مرحلة انتقالية، لا يمكن التعويل على نتائجها، فالشعر لم يلبث أن استعاد عافيته في ظل الإسلام الذي جاء لترشيده، ولم يأت لقمعه.



ففي كتاب [الشَّعراءُ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم] الذي أعده [د. نايف الدعيس] خمسمائة وخمسة وثمانون شاعراً من الصحابة، أشار إلى أن لكل واحدٍ منهم شعراً يؤثر عنه.


أما الشعراء الحقيقيون الذين أبدعوا المقطعات والقصائد، فلا يزيدون عن عشرين شاعراً، كما جاء ذكرهم في كتاب [شعراء حول الرسول] للأستاذ الدكتور [عبدالله أبو داهش].



التصورات الإسلامية للخالق جل وعلا،و للإنسان،وللكون, وللحياة . ولا شك أنه أصح تَصَوِّرٍ،وأكمله . لأن هذا التصور يستدعي مفهوم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وفق ما جسده [ابن القيم] في كتابه [مدارج السالكين]،ويستدعي مفهوم إنسانية الإنسان {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ويستدعي مفهوم العلاقة الواقعية بين الإنسان والكون والحياة. وهي علاقة تفاعل وتنمية


. فمهمة الإنسان وفق هذا التصور تقوم على ثلاثة مرتكزات :-
_ عِبَادةِ الخالق .
_عِمَارة الكون .
_هِداية البشرية .



وما لم تتواشج العبادة والعمارة والدعوة فإن المسلم يفقد شطراً من هويته،ولأن الإسلام شمولي،فإنه لا يقيم وزنا للانتقاء
, والإيمان ببعض التكاليف : {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}. بهذا القدر الدقيق تفهم شعراء الرسول مهمة الشاعر، ونهضوا بها على وجهها، ولو ذهبنا نقدم النماذج،لبعدت علينا وعلى القراء الشقة، ولم نف بالمطلوب . وشعراء




ابن قتيبة] وآخرون،جنحوا إلى الالتزام، ولم يجدوا بداً من حَمْل الشعراء عليه، فيما جنح آخرون إلى الفصل بين الدين والشعر, كـ[قدامة] و[القاضي] و من شايعهم .والمتوسطون من عرفوا كم هو الفرق بين لغة الفقهاء والمؤرخين من جهة،ولغة الشعراء من جهة أخرى, كـ[الأصمعي] و [الباقلاني] .


أن هناك لغة عقل، ولغة عاطفة، ولغة فن, ولغة علم، وخيال وحقيقة، ولقد أثر عن [الأصمعي] تحرجه من رواية الشعر المخالف للتصور الإسلامي .



والحديث عن الأبعاد الفنية يدعونا إلى التفريق بين شعراء البادية الذين ألموا بالمدينة،ثم عادوا إلى مراعيهم ومواشيهم أمثال [لبيد] و[الجعدي] و[العباس بن مرداس] ،وشعراء المدينة الذين أقاموا مع الرسول صلى الله عليه وسلم،وخالطوا الوفود وذاقوا طعم التحضر،أمثال [حسان] و [كعب بن مالك] و[ابن رواحه].فالشعر المدني اتسم بـ[العذوبة و السلاسة ودقة الألفاظ ووضوح المعاني]أما شعر المتبدين من الصحابة، فلم تلن عبارته، ولم تتضح معانيه، بل ظلت الخشونة و الجزالة مصاحبة له،وما



إذ طرأ على ذلك بعض التغيير في [المطالع]و[المقاطع]. فما كانت المطالع طللية، ولا خمرية, ولا غزلية بالشكل السائد في الجاهلية, ولا عبرة بما انفرد به [كعب بن زهير] في لاميته الاعتذارية, وقد نفى [الجبوري] أن يكون هناك تطور واسع في القصيدة العربية من الناحية اللغوية والشكلية،وهذا ليس على إطلاقه، إذ بناء القصيدة يحتفظ ببعض [عمودية الشعر]، ويخرج على بعض مكونات



خلاصة القول :أن التحولات الدلالية, في الأفكار والعواطف والأخيلة وسائر الأغراض الشعرية السائدة واضحة المعالم،وقد بسط الحديث عنها عدد من الدارسين ربما يكون من أكثرهم توازنا الدكتور [عبدالله الحامد]،ذلك أن الإسلام يأطر على الحق، ويقمع التفحش, وقالة السوء، وما إهدار الرسول صلى الله عليه وسلم لدم بعض الشعراء الذين آذوه،وتصدوا للدعوة، وما سجن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لـ[الحطيئة] وعزله لأحد ولاته إلا دليل على مبادرة الإسلام لترشيد مسار الشعراء، وحمل الشعراء على البعد عن قول الزور،وذلك أوضح دليل على التحول الدلالي . وهو تحول حدَّ من انطلاقة الشعراء, وحملهم على تجنب ما يعكر صفو العلاقات بين الإنسان وخالقه،وبينه وبين أخيه الإنسان.





وما من دابة تمشي على الأرض، ولاسمك يعوم في البحر، ولا طائر يخفق بجناحيه في السماء إلاَّ أممٌ أمثالنا، لها غرائزها، وشهواتها، وعوالمها الغريبة. وعُدْوانها محكوم بسُنَّة الدورة الغذائية، وفواسقها لا تزيد عن خَمْس. - فأين هي بهذه المحدودية من الإنسان بهمجيته وعدوانيته وأثرته؟


ولما كان الإنسان هو المخلوق الوحيد المسؤول عما يأتي، ويذر، أصبحت تتنازعه سمتان:
- [أحسن التقويم]، و[أسفل السافلين]. ولأنه قادر إرادياً على تحديد السمة، فإنه مطالب بالصَّيْرورة إلى الأفضل. والخطورة تكمن في أن الاستقامة كسبية، والانحراف جِبِليِّ.



والإنسان إذ يكون روحاً وجسداً، تكون الخَلِيقَةُ النبيلة فيه غيبية، فيما تكون الصفة الشهوانية والغرائزية من عالم الشهادة. وبين الغيب والشهادة تكمن الإشكالية. فعالم الغيب يتطلب الاستكناه الذهني، والإيمان الطوعي، وعالم الشهادة مطروح في الطريق، يكون إلى الإنسان، وقد لا يكون الإنسان إليه، وهو عالم لا يتخطى بالإنسان إلى العالم المثالي، بل يَرْتَهنه في حيوانيته.

ثم إن النفس والروح والعقل مفاهيم غير مشاهدة، ولا ملموسة، بينما الشهوات والأهواء والغرائز ماثلة للعيان، لتجسدها في الممارسة.
لقد ناقش [العقاد] المواءمة بين الحرية والطاعة، وكيف يمكن الجمع بينهما، والطاعة عكس الحرية خنوع واستسلام. من هنا جنح الإنسان بطبيعته إلى الحرية غير السوية، وبدت صفاته الشريرة كما جَسَّدها القرآن الكريم



أشار إلى نظرية [النشوء والارتقاء] وحَسَمَها بأن الإنسان سلالة ذَكَرٍ وأنثى، مؤكداً أن قَدَمي الإنِسان الثابتتين هما: العقل، والإيمان. العقل بما عُلم بالحواس، والإيمان بما خفِي على الحواس. والمسمى بعالم الغيب، ولو قُوِّمَ المتوحشون، لثبت افتقارهم إلى العقل المدبر، والإيمان المقوم.



الإنسان المتوحش حِينا، والوديع حيناً آخر، له تجليات متعددة ومتنوعة، وهو أميل للوحشية، والعنف، وقهر المستضعفين، واستلاب حريتهم، وحقهم، في العيش الكريم. وهو أفقر إلى الدين الصحيح منه إلى الطعام والشراب.
لقد شُرِعَت السلطات التي تحكم الجماعة، وتحول دون التسلط، وقَل أن تَخْلُص السلطات من الطبيعة الإنسانية، متى لم يُحْكَمْ رؤساؤها بالدساتير وعامتها بالقوانين.




والموبقات الإنسانية، أنَّ أَعْنف المواجهات عبر العصور مواجهات الأديان والطوائف. وقراءة التاريخ السياسي للمسلمين يكشف عن ممارسات متوحشة، لا يقرها عقل، ولا يسوغها دين. ومشروعية الجهاد لا تلجأ إلى القتل، إلا في أضيق نطاق، وتحت ولاية مسؤولة.



وقديما قالت المرأة الحديدية: ليست هناك صداقات تدوم، وإنما هناك مصالح تتغير.



كانت توقعاتي تقوم على رؤيتين أحلاهما مُرُّ : فإما أن يُمَزَّق العالم العربي للمرة الثانية، على شاكلة تمزيق [سايكس بيكو]، وهي محاولة قابلة للتحقق، لكنها لم تكن الخيار الوحيد، وقد تتم، أو يتم شطرٌ منها، إلى جانب الرؤية الثانية. وهي تقوية الطائفة الشيعية، بحيث تكون معادلاً لـ [السنة] في العالم العربي، وذلك بقيام حكومات طائفية في [العراق] و[سورية] و[لبنان] وشطرٍ من [اليمن] تابعة لـ [إيران]، إلى جانب أقليات قوية نافذة في دول الخليج، والعمل على مراوحة الموقف الغربي بين [السنة] و[الشيعة]، بحيث يظل الطرفان بحاجة إلى مساند خارجي، يفرض [أجندته]، ويملي إرادته، ويسعى جهده للإبقاء على الاحتقان والخوف، وتبادل الحروب: الباردة والساخنة. لتلهو دول المنطقة: [سنة] و[شيعة] عن كل مكرمة.



وإن قيل في الجاهلية الأولى:-
[ما تُرانا نَقُولُ إلاً مُعاراً
أو مَعاداً من قولنا مَكْروُر




لكأني ذلك الخطيب الذي ظَلَّ يكرر خطبته في كل جمعة، ولمَّا سِيْء المستمعون بذلك، عاتبوه على فِعْله المشين، فقال لهم:- ما أقوله موعظة، لم أجد لها أيَّ أثر?.? ولم أشأ تجاوزها إلى أخرى، حتى تقلعوا عما نهيتكم عنه




النكسات الموجعة في عالم الكُتَّاب، عدم التفريق بين المختلف معنا، والمعادي لنا. ومن ثم التعامل مع الفئتين بأسلوب واحد؟؛ وإذ يكون من حق المختلف غير المعادي التفسح له، ومداراته، وتجسير الفجوات معه، يكون من حق المعادي العدل معه، وتفادي تصعيد العداوة، والعمل على احتواء الموقف. فاستفحال العداوة، وتعدد الأعداء، يضاعف المسؤوليات، ويحول دون الفراغ للأجدى والأهدى، وليس من الحصافة تمني لقاء العدو، فالروابط متعددة، ومن أوسعها الرابطة الإنسانية. والمسلم مطالب بالجنوح للسلم، والدفع بالتي هي أحسن؟.


إِذا جَارَيْتَ فِي خُلُقٍ دَنيْءٍ
فَأَنْتَ وَمَنْ تُجَارِيهِ سَواءُ




إننا حين نختلف مع المسالمين، يجب أن يكون خِطَابُنا للإقناع والاستمالة. أما حين نختلف مع المحاربين، فيجب أن ننظر إلى إمكانياتنا، وإلى مناسبة الوقت للتصدي والتحدي. فالعاقل من يختار الوقت المناسب لمعاركه، بحيث لا يتيح الفرصة للآخر، كي يفرض عليه وقت المعركة ومكانها. والذين تروعهم الأوضاع، ثم لا يتبصرون في الأمور يهتاجون، ويثورون، ويمكنون أعداءهم من توجيه الضربات الموجعة: حِسِّياً ومعنوياً



و[أبو تمام] الذي يستبعد رباطة الجأش عند المخالف، يقول متأوهاً:-
[مَنْ لِي بِإِنْسانٍ إذَا أَغْضَبتُهُ
وجَهِلْتُ كان الحلمُ ردَّ جوابه




ولهذا أجمع العلماء على أن [القرآن الكريم] لا يُترجم، وإنما تُترجم معانيه، فبالترجمة يفقد إعجازه البياني. ولما كان الشعر فَنَّاً، أصبحت ترجمته من باب الخيانة، والخيانة دَرَكات، إذ المترجِم لا ينقل الإبداع، وإنما ينقل المعاني.



دون الإخلال بمقاصدها، فقد هُيئت له الاستعانة على تفكيك النص بأدوات [النحو، والصرف، والبلاغة، واللغة]، وكل هذه الأدوات محاولة من المتلقي، للحيلولة دون التَّوهُّم. فالكلمة لبنة في الجملة، والجملة النحوية لبنة في بنية العبارة، والعبارات حلقات في سلسلة الأسلوب. والأدوات تخترق هذا التماسك لاستخراج الدلالة، وليس لإنتاجها. على أن الإنتاج بضوابطه المقاصدية إضافة إيجابية، ممن يحسن استثمار هذا الحق.

وسلطة النص قَلَّلت من احتمالات الخيانة في القراءة، وتقويل الكاتب ما لم يقل.


لقد أبقت هذه السلطة للنص حرمته، وللمنتج هيبته. ولما كان الإنسان ظلوماً جهولاً، فقد سطا على المنتج والنص معاً، وسلبهما أبسط حقوقهما. وبهذه الحركة البنيوية التفكيكية تحول مركز الكون النقدي إلى [المتلقي]، ليكون الآمر الناهي، الذي يرفع صوته فوق صوت المنتج والنص، ويقترف خطيئة إنتاج الدلالة، بدلاً من اكتشافها. ولذة استلاب الحقوق، حفّزت على تكريس [نظرية التلقي]، وتتابعت المؤلفات التي تنفخ في نظرية التلقي، وتمنح المتلقي السلطة المطلقة.


ولتحقيق هذا السطو نُحِّي الشَّرْحُ والتَّفْسيرُ، والاكتشافُ. ليحل محلها التأويل، والتفكيك.


وليس هناك من بأس حين نشير إلى [التوليدية] و[التحويلية] و (التأويلية) و (التفكيكية) وهي نظريات نشأت في ظل ثورة علم اللغة الحديث، وتُعد هذه النظريات من محققات الخيانة القرائية. ولأن الخيانة لم تكن قصراً على ثلاثية [التفكيك] و[التحويل] و[التوليد] وما يقابلها في التراث العربي من [التأويل] و[الكشف الصوفي] فإن ما هو أخطر من ذلك كله الخلفية الثقافية للمتلقي، والنوايا المبيتة، وسلطة المذهبية، والطائفية، والحزبية التي تصنع الدلالة المبتغاة، بصرف النظر عن كوامِنْ النص، ومقاصد المنتج. وتلك أم الخبائث، ورأس الفتنة.


وقِرَاءات الملل، والنحل للنص التشريعي عند [ابن حزم ت 456هـ] و[الشهرستاني ت 548 هـ] تكشف عن محاولات جادة، لتكريس سلطة المتلقي المتلبس بالمذهبية المتعَصِّبة.
فـ[الاعتزال] الذي أدار النص في فلك العقل، يعد رائد القراءات التأويلية التعسفية. ومن بعدهم جاء المتطرفون من غلاة [الخوارج]، وغَنُوصِيِّي [المتصوفة]، ورافضة [الشيعة]، والتكفيريين من [السنّة] ممثلين لخيانة القراءة، بكل بشاعتها.




وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم متعدِّدة الأطوار، والأحوال، والمواقف. وذلك شأن ذوي الشأن الرفيع. فالقائد، والزعيم تنتابه ظروف، وأحوال، تضطره إلى اتخاذ مواقف متنوّعة. وكل من وجد في هذه المواقف ما يخدم أهدافه، أطال الوقوف عندها. وقَعَّر الرؤية، وضخّم الأحداث، واختصر حياة الأسوة فيها. ولو لم تتعدّد الاهتمامات، وتتنوّع الأهداف، لما تعدّد كُتَّابُ السيرة النبوية، وكتّاب التفسير.



ولعلنا نقرأ [عبقرية محمد] للعقاد، ثم نقرأ [فقه السيرة] للبوطي، و [فقه السيرة] للغزالي، و[حياة محمد] لهيكل و[الرسول] لِحَوَّى و[فترة التكوين في حياة الصادق الأمين] لخليل عبد الكريم، وآخرين من دونهم، لا يعلمهم إلاّ العالمون، لنرى كيف يتم توظيف جوانب السيرة لخدمة المضمرات المذهبية، والرؤى، والأفكار الحزبية. ومع أنّ بعض أولئك لم يخونوا أماناتِهم في قراءاتهم، إلاَّ أنهم قعّروا رؤيتهم الخاصة، حتى ضلّ أكثرهم سواء السبيل.


في أوج المد الاشتراكي، أُنْهكت شخصية [أبي ذر الغفاري] رضي الله عنه، لأنه خالف الصحابة في فهم آية [ الكنز].



ويكفي أن تتحسّس عن قراءة [الولايات المتحدة الأمريكية] ومن شايعها لأحداث مَشْرقنا المأزوم، وتصرفها الضال المضل، والمضر بمصالح الأمة العربية، مما يؤكد [نظرية الغزو والتآمر]، التي يتحفظ عليها المستغربون. بل اقرأ تباين القراءات، وتنافرها لحدثين أمريكيين هامين :- اغتيال الرئيس الأمريكي [جون كندي]. وحدث [الحادي عشر من سبتمبر] لترى تداخل التناقض مع الخيانة، وليِّ أعناق الأحداث، لتوافق الأهواء والمصالح والتصوُّرات.



أنا أحب طه حسين حُبا جِبِلِّياً، وأكرهه كرها: عقدياً وفكرياً{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ}. قد يقول قائل: إن في الآية إيجاز حذف، وأن النص بدون الإيجاز [من أحببت هدايته] ولست مع من يذهب هذا المذهب، ذلك أن الحُبَّ الجِبِلِّي مشروع بأكثر من نص، وبأكثر من فعل. خذ على ذلك إباحة الزواج من الكتابية، وإن بقيت على نصرانيتها أو يهوديتها. والزواج لابد له من الحب الجبلي والمخالطة.


وإذ أقول بملء فمي: لا أدب لمن لم يقرأ كتاب [الأغاني] لأبي الفرج الأصفهاني، على الرغم من أنه من أكذب الكتب، وقد كتبتُ مقالاً، ونشرته في هذه الجريدة، تحت عنوان [أعذب الكتب وأكذبها].
ولا أسلوب لمن لم يقرأ ما أملاه [طه حسين]. فهو أعمى، يُمْلِي على كاتبه. ولقد سمعت من شيخي [عبدالقدوس أبو صالح] -إن لم تخني الذاكرة- قوله:- [المتحدث الوحيد ارتجالاً بدون لحن, أو تلعثم طه حسين]. ومن أمتع الرسائل [الأكاديمية] رسالة تناولت أثر العمى على أسلوبه.



السياسية،ذلك أن الصراع الفكري حين تُصَرِّفه اللعب السياسية،يفقد مصداقيته ومرجعيته المبدئية. وذلك ما نعانيه في حاضرنا المضطرب، فبعض المفكرين تُجَرُّ قدمه من حَيْثُ لا يفكر ولا يقدر، فإذا فَكَّر وقَدَّر، وحاول الخلوص من ردغة السياسية، اعتورته السهام، وأردت سُمْعته، ثم حُوِّل كل منجزه الفكري لمزبلة التاريخ،بسبب جرائر السياسة التي لا تستقر على حال.



الذي قال كلمته المضحكة [إذا قطع طه حسين رزق أولادي فسأطعمهم من لحمه،إذا أفتاني الفقهاء بجواز أكل لحم الكلاب].




كانت لمصر في مخيلتي ثلاث صور:
- الصورة الفرعونية، وتَجْسِيد الذكر الحكيم لها.
- الصورة الإسلامية، وتَفْصِيل التاريخ الإسلامي لها.
- الصورة المعاصرة، وتَضْخِيم الإعلام الثوري

فنحن دولة لم تُسْتَعْمر، إذ نأت بها عن المطامع المقدّسات، والتصحُّر، وسياسة الاتقاء التي توسل بها الملك المؤسِّس، ومن ثم كانت إدارتنا، وعاداتنا، وأدبنا عربية خالصة العروبة،


قصيدته الظالمة لمصر وأهلها:
(جودُ الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ


قال عنها أحد الوافدين إليها:
(دَخَلْنا الكوفة بليل فذهب الأخيارُ إلى الأخيار، وذَهب الأشرارُ إلى الأشرار)
الزنقب غير متصل