مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-02-2006, 06:57 PM   #1
أبو سليمان الحميد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 136
بـيـان لفضيلة الشيخ / عبد الكريم الحميد .. عن سخرية ( الدنمرك ) ومقاطعتها .

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين

ضَـرَب ( 3 ) أمثلة لمن ينتصر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُصِرٌّ على الاستهانة بأوامره - عليه السلام - ونواهيه

في بيان أشار فيه - على خلفية الجريمة الدنمركية - إلى عظمةِ جمالِ النبيِّ الكريم " محمد " - صلى الله عليه وسلم - خُــلُــقــاً وخَــلْــقــاً :

الشيخ عبد الكريم الحميد : نسأل الله أن يجعل ما حصل " من المسلمين في مقاطعتهم بضائع الكفرة الساخرين " فاتحة خير للأمة وبداية حياةٍ لها لرجوعها إلى نبيها - عليه الصلاة والسلام - ، وأعظمُ نصرةٍ لـ ( محمد ) - صلى الله عليه وسلم - إتباعه بالقيام بأمره واجتناب مانهى عنه ، وأعظمُ المقاطعةِ مقاطعة ( الشيطان ) الذي أمر أتباعه الكفار أن يسخروا بهذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -

----------------------------------------

لتحميل البيان على ملفي ( وورد ) و ( أكروبات ) مع ( قائمة تفصيلية تتضمن مؤلفات الشيخ ) .. حمل من أحد الروابط التالية ( حجم الملف " قصير " : 341 ك.ب فقط ) :

http://www.hashiriya.jp/upload/source/up1628.zip

http://rubyurl.com/Huc

http://rubyurl.com/M6Q

http://rubyurl.com/xqa

http://rubyurl.com/Tg5

----------------------------------------

أنصر نبيك الكريم ( محمد ) – عليه الصلاة والسلام - ، وساهم بنشر هذا البيان بنشره في المنتديات وبين الناس وتنزيله بروابط أخرى ، وجزاك الله خيراً .

----------------------------------------
نص الـبـيـان

( عودوا إلى دينكم وقاطعوا الشيطان )

الحمد لله رب العالميـن ، وصلى الله على نبينا محمد سيد الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد :

فإن ما حصل من السخرية بنبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - من الكفرة الخنازير قد ظهر للمسلمين وللكفار وتبيّن .

كذلك فقد ظهر وتبيّن ما قُوبل به ذلك من مقاطعة المسلمين بضائعَهم .

وإنه لمن الغلط الفاحش اسْتعظام لا اسْتنكار ما فعل أعداء الله ورسوله الكفرة الفجرة ، فما تُكِنُّ صدورهم أكبر وأعظم وأخبث ! ، فما بالك بمن قال عنهم ربك عز وجل : ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ) [1] ، ومعنـى ( استحوذ ) استولى .

فهؤلاء جنوده وعبيده بواسطتهم يفعل على مقتضى ومعنى ما أخبرك به ربك عنه بقوله : ( لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) [2] ، وقوله : ( وَلأُضِلَّنَّهُمْ ) [3] ، وقوله : ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) [4] .

وربنا - سبحانه وبحمده - يقول : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) [5] ، فتأمل : ( فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) بعد الإخبار بـ ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ ) .

فإن كنت صادقاً في محبة ربك ونبيك ودينك وبغض من أبغضهم فاعلـم أن الذي أمرَ خنازير الكفرة في ( الدنمرك ) بإهانة نبيك ( هو معك وعندك وبين يديك ! ، إنه الشيطان الذي (يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيـرِ ) .. يقول بعض السلف : ( لا تكن عدو إبليس في العلانية وصديقه في السِّر ) ! ، كذلك يقولون : ( لا تكن ولياً لله في العلانية وعدوَّه في السِّرّ ) ! .

إنه مَزْلق خطير أن نظن أننا نصرنا ربنا ونبينا وديننا بما حصل من مقاطعةِ ما غايته شهوات بطون وإن كان هذا نوع نصرة , وإنما المراد وبـيْت القصيد هو تأمل ما قاله ربنا عز وجل بمناسبة ادّعاء من ادّعى محبة الله سبحانه : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )[6] .. هذه الآية تسمى آية المحنة ففيها الامتحان : هل المحبة صادقة أم كاذبة ؟!، ولذلك فعليك أن تتأمل عُظْمَ جزاء الصدق في ذلك وهو : ( يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) ! ، ولهذا يقول بعض السلف : ( ليس الشأن أنْ تُحِب ولكن الشأن أنْ تُحَب ! ) ، وقال الحسَن البصري وغيره من السلف : ( زعَم قومٌ أنهم يُحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ) [7] .

فنسأل الله أن يجعل ما حصل من مقاطعة بضائع هؤلاء الكفار فاتحة خير للأمة وبداية حياةٍ لها لرجوعها إلى نبيها محمـد - صلى الله عليه وسلم - ، وألاَّ يكون ذلك مجرد حماس وردة فِعل كما يُقال :

سحابـةُ صَيفٍ عن قليلٍ تـَقَشَّعُ !


وليـُعلم أنه لا يضر القمر نباح الكلاب .. فهكذا الحال مع أعداء الله ورسوله الكفرة الفجرة ! .

إنَّ وَصْفَ نبينا - عليه الصلاة والسلام - وما جاء به من الدين القويم والرحمة المهداة برسومات بشعة وصوَر قبيحة يقصر عنه ولا يقاربه ولا يدانيه ما يُقال :

كضرائرِ الْحَسْنـاءِ قُلْنَ لوجهِهَـا : - حَسداً وبغياً - : ( إنه لدميمُ ) !

لكن الأمر من جهة التقريب بالأمثال فقط كذلك فإن ما حصل فيه نوع شبه مما يقال :

وإذا أراد الله نـشـرَ فضيـلـةٍ طُوِيـتْ أتاحَ لَهَـا لسانَ حَسُـودِ !

لقد أخرج البخاري في صحيحه [8] عن أبي إسحاق السبيعي قال : سُئل البراء بن عازب -رضي الله عنه - : ( أكان وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل السيف ؟! [9] ) ، قال : ( لا ، بل مثل القمر ) ، وأخرج مسلم في صحيحه [10] عن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة - رضي الله عنه - يقول : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا أدَّهن لم يتبيـَّن ، وإذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية ) ، فقال رجل : ( وجهه مثل السيف ؟! ) ، قال : ( لا ، بل كان مثل الشمس والقمر ، وكان مستديراً ، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده ) .

وأخرج البيهقي [11] عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال : قلت للربيع بنت معـوذ : صفي لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ، فقالت : ( يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة ! ) .

وقد وصفت أم معبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئلت عنه حينما هاجر إلى المدينة ومرَّ بخيمتيها ..

قال ابن القيم - رحمه الله – في كلامه على هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينـة : [ " فصل " ثم مرَّ في مسيره ذلك حتى مرَّ بخيمتي أم معبد الخزاعية ، وكانت امرأة جَلْدَةً تحتبي بفناء الخيمة ، ثم تُطعم وتسقي مَن مَـرَّ بها ، فسألاها هل عندها شـيء ؟! ، فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القِرى والشاة عازب - وكانت سَنَةً شهباء - فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كِسْر الخيمـة ، فقال : ( ما هذه الشاة يا أم معبد ؟! ) ، قالت : شاة خلَّفها الجهد عن الغنم ، قال : ( هل بها من لبن ؟! ) ، قالت : هي أجهد من ذلك ، فقال : ( أتأذنين لي أن أحلبها ؟! ) ، قالت : نعم بأبي وأمي .. إن رأيت بها حلباً فاحلبها .. فمسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرعها وسمى الله ودعا ، فتفاجت عليه ودرَّت ، فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه حتى عَلَته الرغوة ، فسقاها فشَرِبت حتى رويت وسقا أصحابه حتى رَوَوْا ، ثم شَرِب وحَلَب ثانياً حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ، فارتحلوا ، فقلَّما لَبِثَ أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنـزاً عِجَافاً يتساوَكن هُزَالاً ، فلما رأى اللَّبَن عَجِب فقال : ( من أين لكِ هذا والشاة عازبٌ ولا حلوبةٌ في البيت ؟! ) ، فقالت : لا واللهِ إلا أنه مَرَّ بنا رجلٌ مُبارك كان من حديثه كَيْت وكَيْت ومن حاله كذا وكذا ؛ قال : ( والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه .. صِفِيه لي يا أم معبد ) ، قالت : ظاهرَ الوضاءة ، مليح الوجه , حَسَن الخلْق لم تَعِبْه ثُجْلة { أي كِبَر البطن } , ولم تُزْرِ به صَعْلَه { أي صِغـَر الرأس } ، وسيمٌ قسيمٌ ، في عينيه دَعج { أي شِدّة سواد الحدَقَـة } ، وفي أشفاره وَطـف { أي في شَعْر أجفانه طـول } ، وفي صوتـه صَحَل [12] ، وفي عنقه سَطَع { أي نور وطُول } ، وفي لِحيته كَثَاثة [13] ، أكحلٌ ، أزجٌّ { أي المتقوِّس الحاجبين } ، أقرنٌ { وهو التقاء الحاجبين بين العينين [14] } ، شديدُ سواد الشَّعَر ، إذا صَمَت علاه الوقار { أي الهيْبة } ، وإنْ تكلَّم علاَه البهاء ، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب , حُلْو المنطق , كأن مَنْطِقَه خرزات نَظْم { أي الدُّرّ من حسنه وبلاغته وبيانه وحلاوة لسانه } ، رَبْعة لا تقحمه عين من قِصَر ، ولا تشنؤه من طُول غصن بين غصنين { أي لا تبغضه لفرْط طوله } ، فهو أنضَر الثلاثة مَنظَراً وأحسنهم قدراً ، له رفقاء يَحُفُّون به .. إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمرَ تبادروا إلى أمره , محفـود محشود { أي يخدمه أصحابه ويجتمعون إليه ، لا عابس { أي متجهم الوجـه } ، ولا مُفَنـد { والمفند هو الذي لا فائدة في كلامه لكبر أصابه } ؛ فقال أبو مَعْبد : (هذا - واللهِ - صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا ، لقد هممت أن أصحبـه ، ولأفعلنَّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً ! ) ] انتهى [15] .

هذا وصفُ امرأة عربية بدوية للطلعة البهية - صلى الله عليه وسلم - ، أما الكفرة الفجرة فيقال لهم وصُوَرَهُمْ : ( ما ضر القمر نباح الكلاب ) ! .

ومع ما هو عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجمال الخلْقي العظيم حتى كأنه من شدةِ جَمَاله كالبدر والشمس إلا أن أعداء الله الصليبيين في ( الدنمرك ) قد صوَّروه برسومات شنيعة بشِعَةٍ وجعلوا له قروناً ونحو ذلك - قاتلهم الله أنَّى يُؤفكون - ! ، وهم لو صوَّروه بأحسن صورة لكان ذلك مُنكَراً لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد حرَّم التصوير ، ولا عِبرة بجرأة أهل هذا الزمان على الحرام ، فالدين ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - لا ما تُلُوعب به وتُحيِّل عليه كما هو حاصل اليوم عند كثير من الناس والله المستعان .

بعد ذلك ذكر ابن القيم شِعْر جِنّيٍّ كان مُشَاهداً لِمَا حصل عند خيمة أمِّ مَعْبَد وأنه أزرى بقريش وذمَّهم لِمَا فعلوا بنبيهم - صلى الله عليه وسلم - ، وحتى يعلم الكفار أن شاة أم معبد وهذا الجني لا يساوون عندنا بالكفار كلَّهم ، أسوق أبيات هذا الجني الذي طار إلى مكة يؤنب قريش .
قال ابن القيم - رحمه الله - بعد الكلام السابق : [ وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعونه ولا يرون القائل :

جَـزَى الله ربُّ العرشِ خيرَ جَزَائِهِ *** رفيقينِ حَلاَّ خيمتَيْ أمّ مَعْـبَدِ

هُمَا نزلاَ بالبِرِّ وارتحلاَ بِهِ *** وأفلحَ مَن أمْسَى رفيقَ مُحَمَّدِ

فيَا لِقُصَيٍّ مَا زَوَى الله ُعَنكُمُ *** به مِنْ فِخَارٍ لا يُحََاذَى وَسُؤْدَدِ

لِيَهْنِ بني كعبٍ مكانَ فَتَاتِهِمْ *** ومقعدها للمؤمنينَ بِمَرْصَدِ

سَلُوا أختكُمْ عَنْ شاتِهَا وإنائِهَا *** فإنكُمُ إنْ تسألوا الشاءَ تَشْهَدِ

فلمَّا سَمِع حسان بن ثابت - شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك شَبَّبَ - أي ابتدأ - يُجيب الهاتف وهو يقول :

لقد خابَ قومٌ زالَ عنهمْ نبيُّهُمْ *** وقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إليهِ ويَغْتَدي

تَرَحَّلَ عنْ قومٍ فزالتْ عقولُهُمْ *** وَحلَّ على قومٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ

هَدَاهُمْ بهِ بعد الضلالة رَبُّهُمْ *** وأرشَدَهُمْ مَن يَتْبَعَ الحقَّ يَرْشُدِ

قالت أسماء : ( مادَرَينا أين توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ أقبل رجلٌ من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه حتى خرج من أعلاها .. فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن وجهه إلى المدينة ] انتهى مع تصرف يسير [16] .

إن الغيرة لله ولنبيه ولدينه إذا كانت صادقة فآثارها لابد أن تظهر على سلوك مَن غار ، وإلا فهي كثوَرَان الغبار لسقوط جدار ، وإليك هذا المثال المقرب لما نحن بصدده :

ولَدٌ عاقٌّ بوالده ، لا يمتثل أمره ولا ينتهي عن نهيه ، مبارزٌ له بما يكره ، سمع مرة مَن يسب أباه فعاقبه ، فَعَلِم الوالد بذلك فقال لولده : ( قد علمت ما فعلت بمن سبني ولكنني في شك من حبك لي لأنك أنت تبارزني بما يسخطني ، فكم أمرتك ولم تمتثل أمري ؟! .. وكم نهيتك ولم تترك نهيي ؟! ) .. هذا المثال صحيح حتى في أمور الدنيا المحضة فكيف بما نحن فيه من أمر الدين وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟! .

ومثال آخر لرجل له غنم وكان يحلبها ويشوب لبنها بالماء فيبيعه على الناس ، وقد استمر على هذا الغش فجاء مرةً الوادي فغـرَّق الغنمَ كلَّها وقيل له : ( إنَّ قطَرَات المـاء التي كنت تشوب بها اللبن وتغش الناس قد اجتمعت وغرّقت الغنم ) ، فلو قيل لنا : ( إن استهانتكم بالصور التي ملأت بلدانكم وقد حرّمها نبيكم تجمّع شؤمها فصار تصوير نبيكم والسخرية به ) فماذا نقول ؟! .. مع أن هذه واحدة من عظائم أعظم منها لا تحصى ولا تُعدّ ! .

وتأمَّل قصة أبي طالب - عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وما لاقاه من أذى قومه من أجل حُبِّه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحمايته له ونصرته لـه ، فلم يكن ذلك كافياً لحصول رضى الإلـه - عز وجل - عنه حيث لم يَتَّبِع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات على الكفر ، ونُهِي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستغفار له [17] ! .

وختاماً : فإن جملة القول وفصل الخطاب أنَّ أعظم النصرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما تكون باتباعه وأن أعظم المقاطعة مقاطعة الشيطان الذي يجري منا مجرى الدم لِيـُضلّنا ويصدنا عن اتباعه - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يتجرأ عليه الكفار هذه الجرأة الخبيثة إلا لَمَّا تنكّرنا له - صلى الله عليه وسلم - ، وبذلك فتحنا لهم الأبواب وكسّرنا الأقفال .. ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر ) ؟! .. وكيف نستغرب أن يتجرأ الكفار على ديننا ونبينـا - صلى الله عليه وسلم - وعندنـا مَن يسبّ الله والرسـولَ والدينَ ولم يحصل لهم شيء ؟!! .

ولقد فعَلْنا العظائمَ باستهانتنا بأوامره - صلى الله عليه وسلم - ونواهيه ، وليس مَن يعلم كمن لا يعلم ، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ! ) ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟! ، قال : ( بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينْزِعَـنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهْن ! ) ، فقال قائل : يا رسول الله .. وما الوهن ؟! ، قال : ( حُبُّ الدنيا وكراهية الموت ) رواه أحمد [18] وأبو داود [19] وغيرهم .

فتأمل قوله : ( ولينْزِعَنَّ الله من صدور عدوكم المهابـة منكم ) ، فلو رجعنا لديننا وتمسكنا حقيقة بنبينا وما جاء به - صلى الله عليه وسلم - لَهَابـُونا ..

فَنفْسَـك لُـمْ ولا تـلُـم المطـايـاَ !

والله المستعان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلِّم تسليماً كثيراً .

عـبـد الـكـريـم بـن صـالـح الـحـمـيـد

بُريدة - غُرَّةُ شَهْرِ اللهِ الْمُحرَّم / 1427هـ

ـــــــــــــــ الهوامش ـــــــــــــ

(1) سورة المجادلة ، من الآية : 19 .

(2) سورة الأعراف ، من الآية : 16 .

(3) سورة النساء ، من الآية : 119 .

(4) سورة ص ، من الآية : 82 .

(5) سورة فاطر ، آية : 6 .

(6) سورة آل عمران ، آية : 31 .

(7) تفسير ابن كثير ، 1 / 358 .

(8) برقم ( 3359 ) .

(9) يعني في صِقاله ولَمعان جماله . أنظر : ( فتح الباري ، 6 / 573 ) و ( تحفة الأحوذي ، 10 / 80 ) .

(10) برقم ( 2344 ) .

(11) في " شعب الإيمان " برقم ( 1420 ) .

(12) قال ابن كثير في تاريخه ( البداية والنهاية ، 8 / 444 ) عن قولها ( صحَل ) : ( وهو بَحَّة يسيرة وهي أحلى في الصوت من أن يكون حاداً ) .

(13) والكثاثة هي كثرة الشَّعر ، وقد ورد - أيضاً - أنه كث اللحية عن علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء بن عازب - رضي الله عنهم - .

(14) قال ابن كثير في تاريخه ( 8 / 444 – 445 ) عن ابن عبيد أنه قال : ( ولا يُعرف هذا في صِفة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في هذا الحديث ، والمعروف في صفته - عليه الصلاة والسلام - أنه أبلج الحاجبين ) انتهى ، والله أعلم .

(15) باختصار يسير من ( زاد المعاد ، 2 / 53 – 54 ) مع إضافات وإيضاحات من ( البداية والنهاية لابن كثير 8 / 442 - 445 ) و ( لسان العرب لابن منظور ، 3 / 150 ، 389 ) .

(16) أخرج حديث " أم معبد " الطبراني في " المعجم الكبير " برقم ( 3605) ، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " برقم ( 3485) ، واللالكائي في " اعتقاد أهل السنة " برقم ( 1437 ) ، والحاكم في " مستدركه " برقم ( 4274 ) .. وقال : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه ) .

(17) كما في قوله - سبحانه وتعالى - : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) " سورة التوبة ، الآية : 113 " .

(18) في " مسنده " برقم ( 22450 ) .

(19) برقم ( 4297 ) .
أبو سليمان الحميد غير متصل