الخائضون - بغير علمٍ - في مصير الأمة !
بسم الله الرحمن الرحيم
(( 1 ))
قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى : «مِنْ الله الرسالة ، وعلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلَّم البلاغ ، وعلينا التسليم» .
وهذه كلمةٌ بليغة عظيمة؛ ففيها بيان لميزان الحق، وأنَّ الحقَّ هو ما أحقَّه العزيز الحكيم، وأنَّ كلَّ ما خالف ذلك فهو باطل !
ومنه نستفيد أنَّ هذا الدينَ القويمَ هو من شرع الله عزَّ وجل، وأنَّه سبحانه هو الأعلم بما يُصلحه. وعلى هذا فلا يجوز ولا يصح لنا أن نسلك طريقة مخالفة للشرع، ثم نزعم أننا نريد بها إصلاحا لهذا الدين !
فالرؤى الاستراتيجية، والأفكار الدعويَّة، والأصوات الحماسيّة، والدعوات الإلغائيَّة، أو التجميعيَّة، أو الثوريَّة.. وكلّ كلمةٍ تُكْتَب - أو تُقَال - بقلمِ - أو على لسانِ – داعيةٍ، أو مفكرٍ، أو صحفيٍّ .. ويُزْعَم أنّها في سبيل مصلحة المسلمين في دينهم، أو أمنهم ..
فليست من الإصلاح في شيء ما لم توافق الشرع القويم، وهي مردودة على صاحبها كائنا من كان !
فالله عزَّ وجلَّ أعلمُ بدينه، وبما يصلِحُه .
وقد شرح لنا رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم معالِمَ هذا الدِّين، وبيَّنه وأظهره.
وصحبُه رضوانُ الله عليهم هم حملةُ هذا العلم، وهم أعلم به ممن بعدهم، وتابعُوهم أعلمُ ممن بعدهم، ومن فهم هذا الدين كما فهمه سلفُنا الكريم، وسار على طريقتهم فهو أعلم الناس، وأقربهم إلى الحق !
ومن تنكَّبَ ذلك الطريقَ في فهمِه أو عملِه فقد سار على غير الهدى، وإن ادَّعى لنفسه ما ادَّعى !
ما ذكرتُه هو من بدهيِّ القول !
وأقولُه وأكرِّره تذكيراً لي، ولكم، ولأقوام لفحتهم نيرانُ الفتن، فانطلقت ألسنتهم وأقلامهم ترسم لأمة الإسلام الطريق للخروج من مآزقها المختلفة، والخلاص من مآسيها المتنوعة، وكل ذلك من غير علم ولا هدى ولا اعتماد على مصدر للحق أصيل، بل تخرصٌّ، وثرثرة، وتنفيس لما في النفس المريضة من هموم وأغراض !
والخائضون – بغير علم – في مصير الأمة أصناف؛ فمنهم الغيور الجاهل، ومنهم المتعالم المغرض ..
فالأول : رأى تقلُّبَ الأحوال، وكثرة الأقوال .. فطاش فهمه، ونفد صبره، فأطلق للسانه العنان، وأصبح مع القوم الخائضين !
والثاني : رأى في تلك الحال منفذا لإشباع غروره، أو تكثير حزبه، أو إيذاء خصمه .. !
|