أساليب الغيبة المحرمة عند ابن تيمية رحمه الله
أساليب الغيبة المحرَّمة عند ابن تيمية
رحمه الله تعالى
قال ابن تيمية رحمه الله :
(1)
فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره ، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون ، أو فيه بعض مما يقولون ؛ لكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه ، فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة ، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم.
(2)
ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى ، تارة في قالب ديانة وصلاح ، فيقول : ليس لي عادة أن أذكر أحداً إلا بخير ، ولا أحب الغيبة ولا الكذب ، وإنما أخبركم بأحواله ، ويقول : والله إنه مسكين ، أو رجل جيد؛ ولكن فيه كيت وكيت ، وربما يقول : دعونا منه ، الله يغفر لنا وله؛ وإنما قَصْدُه استنقاصه وهضماً لجنابه، ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة ، ويخدعون الله بذلك ، كما يخادعون مخلوقا ، وقد رأينا منهم ألواناً كثيرة من هذا وأشباهه.
(3)
ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه ، فيقول : لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان؛ لما بلغني عنه كيت وكيت ، ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده، أو يقول : فلان بليد الذهن قليل الفهم؛وقصده مدح نفسه ، وإثبات معرفته ، وأنه أفضل منه.
(4)
ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين : الغيبة ، والحسد ، وإذا أثنى على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قوالب دين وصلاح ، أو في قالب حسد وفجور وقدح ليسقط ذلك عنه.
(5)
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب ، ليضحك غيره باستهزائه ومحاكته واستصغار المستهزأ به.
(6)
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب ، فيقول تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت ؟! ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت ، وكيف فعل كيت وكيت ، فيخرج اسمه في معرض تعجبه.
(7)
ومنهم من يخرج الاغتمام ، فيقول مسكين فلان ، غمني ما جرى له وما تم له ، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به ، ولو قدر لزاد على ما به ، وربما يذكره عند أعدائه ليتشفوا به ، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه.
(8)
ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر ، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخرف القول ، وقصده غير ما أظهر والله المستعان.
المرجع :
مجموع الفتاوى
[236-237-238\28]
مهم للنشر ..
__________________
لايزال لسانك رطباً من ذكر الله
|