قال لي صاحبي
ايهما اولي بالمرعاة المصلحه ام الكرمه ؟؟
قلت وهل هناك تعارض بينهما
قال لي ما اكثر ما اقع في حياتي بمثل هذا التعارض
اشياء ارى أن كرامتى لا تسمح أن امررها واسمح بها .. لكني مضطر بسبب المصلحه
أن اسمح بها ..
اما سمعت بمقولة الحكيم ( اذا رميت بسهم طائش فأخفض راسك .. واذا قابلت العاصفه
فعليك بالانحناء )
قلت لم استطيع ان افهمك بالنظير اضرب لي مثالا يتضح لي المقام ؟؟
فقال الامثله كثيره يا صاح
سرح طرفك وترى ذالك في نفسك وفي غيرك ..
اما ترى أن فلان من الناس يبيع كرامته من اجل المال .. وفلان من الناس يبيع
كرامته من اجل ان يرضى عن فلان وفلان .. وفلان من الناس تهان كرامته ولا يستطيع
ان يتكلم بسبب انه يخاف مصالحه ومنافعه .. وفلان يبيع عزته وكرامته من اجل فتات من الدنيا
الامثله اصعب من ان تحصر
قلت وهل الكرامه شي نسبي او شي مطلق ؟؟
قال الكرامه شي نسبي .. هو ما تعتقد أنك اهنت فيه ولا تستطيع أن تدافع عن نفسك
ان تعيش تحت الذل والقهر وتحس بمرارة القهر في داخلك ولا تستطيع أن تتكلم
وربما كانت شي مطلقا اذا اتفق الناس على أن فلان من الناس مهيون مذلول وليس له كرامه
فهو كعير الحي والوتد كما قال الشاعر
من كان ذا عضد يدرك ظلامته ... إن الذليل الذي ليست له عضد
- تنبو يداه إذا ما قل ناصره ... ويمنع الضيم إن اثرى له عدد
- ولا يقيم على ضيم يسام به ... إلا الاذلان : عير الحي والوتد
- هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثي له أحد
- إن الهوان حمار الأهل يعرفه ... والحر ينكره والجسرة الأجد
والعربي طبعت في نفسه النخوه وعجنت في نفسه الكرامه كما قال عنتر
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ = بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ = وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ.
قلت اسمع مني ما اقوله ولك الحكم في النهاية
اذا كان الذل الذي تقيم به يرفع شي من عماد الدين او يحقق لك مصلحه اكثر وأعظم
او يحمي غيرك من الضعفاء المساكين فهو ذل محمود
لان الذال المذموم ماكان المصلحه فيه شهوات ومصالح وقتيه
او كان سببه خور النفس وجبنها وشحها
ونحن مأمورن عقلا وشرعا بمرعاة اخف المفسدتين لدفع اعلاهما
وتحمل المضرة الصغري لدفع المضره الكبري
فيجب عليك أن ترجع في هذه العواطف الجياشيه التى يمتلى بها صدرك
الى حكم العقل والشرع
فما حكم الشرع أنه مفسده ومضره فيجب عليك تركه ولو ادي بك ذالك الى الذل
وما حكم العقل انه يضرك مصالحك الخاصه الضروريه ويضر بمن تعول فتحمله
ولك الثواب من الله .. وأنت العاقل في النهاية
واطرد عنك ذالك الهاجس الذي يأمرك أن تكون طائشا لا تراعي عند غضبك
وثورتك لنفسك مصلحة شرعيه او مصلحة عقليه تنفعك في الحال والمعاد