بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً أحيي أخي في الله (( النهيم )) في طرحه لهذا الموضوع الجميل !!
والذي أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجزي كاتبه خير الجزاء ، أما بعد :
فقضية لبس (( العمامة )) أو الشماغ هذا يرجع حسب وضع الشخص !!
فإن كان في نزهة برية فهذا من وجهة نظري أنه لا بأس به !!
أو كان في سفر !! أو نحو ذلك !!
أما إن كان خارج المنزل !! أو في مسجد !!
أو في فرح أو في منشأة حكومية !! أو نحو ذلك !! فإن هذا الموضع لابد منه من الشماغ !!
هذا والله أعلم !! فإن كان ماكتبت هو عين الصحة فهو من الله وحده !!
وإن كان يعتريه الخطأ فهذا من نفسي الضعيفة والشيطان !!
وبالنسبة للعرف وما أدراك مالعرف فإليك مايلي علّه يفيد :
قال الله تعالى ( وأمر بالعرف)، وأخرج الإمام أحمد في كتاب السنة وأبو داود الطيالسي والطبراني والبيهقي في الإعتقاد عن عبد الله بن مسعود : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. فهذا بعض مااستدل به العلماء على إعتبار العرف في الشرع .
العرف والعادة والتقاليد
العرف، والعادة، والتقاليد، والتعامل، عبارات متعددة في اللفظ متحدة في المعني، وهي أسماء لشؤون إستقرت في النفوس من الأمور المتكررة المقبولة عند الطباع السليمة.
وإنما تعددت الألفاظ بسبب تعدد أوصاف المعنى الواحد، فباعتبار كونها معروفة عند أربابها تسمى عرفا، ولتكرار العمل بها مرة بعد أخرى تسمى عادة، وبإتباع الناس لها وأخذها بدون بحث عنها تسمى تقليدا، وباستمرار العمل بها تسمى تعاملا.
منشأ التقاليد والعادات
وهى بطبيعتها لا تأتي عفوا بل لا بد لها من غرس أتت منه ورسخت بعد ذلك في النفوس حتى صارت عادة أساسية لحياة الأمة. فتارة تأتي من وضع واضع، وتارة أخرى تأتي من غير أن يعرف لها واضع، ومثل هذا النوع قد ينشأ من البيئة ومن نظم حياتها الإجتماعية جودة ورداءة. فمن الحياة السعيدة تتولد تقاليد مجيدة ومن الحياة الرذيلة تنشأ عادات سخيفة.
وتارة تأتى من الجيران أو من الأديان ، فهذه الاخيرة إن كانت من الأديان السماوية تعتبر من أرقى العادات والعمل بها يكون عملا بذلك الدين .
العرف العام والخاص
ينقسم العرف إلى قسمين:
عرف عام: وهو ما كان لجماعة كثيرة لا يستند وضعه إلى طائفة مخصوصة يتناولها وغيرها كالأوضاع القديمة .
وعرف خاص: وهو إضطلاع طائفة مخصوصة على شئ معلوم.
كما ينقسم العرف إلى:
عرف قولي: وهو أن يتعارف الناس إطلاق اللفظ عليه.
وعرف عملي: وهو أن يطلقوا اللفظ على هذا أوعلى ذلك ولكنهم فعلوا هذا دون غيره.
إصلاح الرسول للعادات الجاهلية
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس الأربعين من عمره المبارك في عام 610 م والقوم الذين بعث إليهم كانت لهم عادات وتقاليد متوارثة فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يلغ تلك التقاليد جميعا بل غربلها فأبطل منها الفاسد المضر وأبقى على حاله الصالح المفيد وعدل الصواب المخلوط بغيره إلى الصالح النافع.
أحكام تختلف باختلاف العادات
الأحكام نوعان : نوع لا يختلف باختلاف البلدان الإسلامية كالصلاة والصوم والزكاة ونحوها.
ونوع آخر يختلف باختلاف عادات البلاد واستعمالاتهم وهي الأحكام المبنية على العرف وهى كثيرة منصوص عليها في كتب الفروع لمختلف المذاهب الإسلامية.
إعتبار الشرع للعرف
والعرف له إعتبار كبير في الشرع الإسلامي كما أشارإلى ذلك العلامة ابن عابدين في منظومته عقود رسم المفتي :
والعرف في الشرع له إعتبار لذا عليه الحكم قد يدار
قال ابن فرحون في تبصرة الحكام :إن الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت وتبطل معها إذا بطلت، فمثلا إذا كان الشيء عيبا في الثياب في العادة رددنا به البيع. فإذا تغيرت تلك العادة وصار المكروه محبوبا لم يرد به. وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء لا إختلاف فيه.
ثم قال: كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة.
قواعد في العرف
وفي كتب الأحكام للقضاء الشرعي مبحث مستقل يسمى باب القضاء بالعرف والعادة وقد ذكر الفقهاء عدة قواعد عامة في العرف نحو ما يأتي أدناه:
1- العادة محكمة، ومعناه أن العادة عامة كانت أو خاصة تقرر أمرا لإثبات حكم شرعي وفرعوا على هذه القاعدة مسائل عديدة مبنية على العرف .
2- العادة المضطردة تنزل منزلة الشرط، ومعنى ذلك أنما أثبتت العادة المتداولة المعمول بها يكون كالثابت بالشرط.
3- المشروط عرفا كالمشروط شرعا، ومعناه إذا كان الشئ لازما وثابتا في العرف يكون معتبرا كما تعتبر الشروط الشرعية ومنها تتفرع مسائل عديدة.
4- العادة المخالفة للشرع تلغى والعرف إنما يكون حجة إذا لم يخالف نصا شرعيا فإذا خالف نصا شرعيا فلا عبرة له قطعا، بل يجب الغاءه وإبطاله من أصله كالنياحة، وخمش الوجوه، وذر التراب على الرؤوس في الموت، وإقتسام القبائل دية المقتول، وخرق الأنف بالزمام، والوشم، والشلوخ، والربا، والخمر.
5- مسائل يتقدم فيها العرف على الشرع: وإذا تعارض العرف مع الشرع في مسائل لفظية قدم عرف الإستعمال ، خصوصا في الأيمان. فاذا حلف لا يجلس على الفراش أو على البساط أو لا يستضئ بالسراج لا يحنث بجلوسه على الأرض، ولا بالإستضاءة بالشمس، وإن سماها الله تعالى فراشا وبساطا وسمى الشمس سراجا. ولو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بأكل لحم السمك وإن سماه الله تعالى في القرآن لحما، ولو حلف لا يركب دابة فركب إنسانا لا يحنث وإن سماه الله تعالى دابة، وإن حلف لا يجلس تحت سقف فجلس تحت سماء لم يحنث وإن سماه الله تعالى عنده سقفا محفوظا.
مراعاة العرف عند الإفتاء
ولذا قالوا لا يمكن للعالم أن يطلق عنان الإفتاء في مسألة حتى يقف على عرف السائل لأن أهل كل جهة لهم عرف خاص تبنى أحكامها عليه. وقال العلامة ابن عابدين في رسالته نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف ما يأتي نصه: إن العرف يثبت على أهله عاما أو خاصا، فالعرف العام في سائر البلاد يثبت حكمه على أهل سائر البلاد والخاص في بلدة واحدة يثبت حكمه على تلك البلدة فقط.
وعلى المفتي أن يفتي بما هو المعتاد في كل عصر، فيعتبرفي كل إقليم وفي كل عصر عرف أهله، فإن كل متكلم يقصد مدلول لغته فيحمل كلامه عليها وإن خالفت لغة الحاكم أو القاضي باعتبار قصده. ولذا جاء في شرح السير الكبير :أنه يعتبر في كل موضع عرف ذلك الموضع في ما يطلقون عليه من الإسم.
قال العلامة قاسم في فتاويه: كل عاقد يحمل كلامه على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها، وافقت لغة العرب ولغة الشرع أم لا. قال في القنية: ليس للمفتي ولا للقاضي أن يحكم على ظاهر المذهب ويترك العادة .
قال القرافي في كتاب الأحكام: ينبغي للمفتي إذا ورد عليه مستفت لا يفتيه بما هو عادته .... حتى يسأله عن بلده وهل حدث له عرف لغوي في ذلك البلد أم لا، وإن كان اللفظ عرفيا فهل عرف ذلك البلد موافق لهذا البلد في عرفه أم لا؟
أخوكـ ومحبكـ في الله / أســيــم
.
.
.