أمور تعين المرأة على حفظ وقتها
تسأل بعض النساء : ما الأمور التي تعين المرأة على أن تستثمر وقتها بما ينفع ؟
ونقول : إن من الأمور التي تعين المرأة على أن تستخدم وقتها بما ينفع ما يلي :
1- مراقبة الله تعالى والخوف منه : فالمرأة التي تراقب الله تعالى وتخشاه وتخاف عقابه وترجو عفوه ومغفرته لا يمكن أن تضيع وقتها دون فائدة ، بل هي أحرص على محاسبة نفسها في وقتها من محاسبة الشريك لشريكه ، وأسوق لك أختي المسلمة في قضية الخوف من الله وكونه دافعاً لاستثمار الوقت مشهداً يؤكد صدق مراقبة لله والخوف منه ، وهذا المشهد تقصه علينا فاطمة زوجة عمر بن عبدالعزيز رحمهما الله فتقول : (( ما رأيت أحداً أكثر صلاة ولا صياماً منه ، ولا أحداً أشد فرقاً من ربه منه ، كان يصلى العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه ، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة ، فينتفض كما ينتفض العصفور من الماء ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف )) ونحن نقول : الله المستعان فكم نحن مفرطون ! بل كم نحن غافلون ! علماً بأن المصير الذي ينتظرنا هو المصير الذي كان ينتظر أمثال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، وعلى أيه حال فإن الخوف من الله تعالى ومراقبته أمر من الأهمية بمكان وهو من الأمور المعينة للمرأة وللرجل على استثمار الوقت .
2- معرفة المرأة بالأزمنة والأمكنة الفاضلة : إن استفادة المرأة وتقديرها للأزمنة والأمكنة الفاضلة من الأمور المعينة لها على استثمار وقت فراغها ، ذلكم أن الله فاضل بين الأزمنة كشهر رمضان مثلاً وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة ونحوها مما تضاعف فيه الأعمال ، وكالثلث الأخير من الليل وهو محل استجابة للدعوة ، وهناك أوقات مباركة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( بورك لأمتي في بكورها )) .
أيضاً هناك أمكنة فاضلة كالحرم المكي مثلاً والحرم المدني والمسجد الأقصى ، فمعرفة المرأة بهذه الأزمنة الفاضلة والأمكنة الفاضلة واستثمارها بما ينفع وبذل الجهد في مثل هذه الأيام التي تعتبر مواسم للخير يُعدان خير معين على استثمار أوقاتها ، ذلكم لأن الحسنة تضاعف ، والرصيد التي ستجده المرأة التي تستثمر في مثل هذه الأيام والأمكنة هو رصيد كبير جداً عند الله . ولتسأل الله القبول والتوفيق .
3- شعور المرأة بواجبها ودورها في المجتمع : المرأة التي تدرك دورها في المجتمع وتحس أنها مستأمنة على الأموال والأعراض ، وأن عليها مسئولية إعداد الأجيال المسلمة ، وأنها ليست من سقط المتاع ، بل ولا ينتهي دورها عند إعداد الطعام النظيف ، وتنظيف الثياب وإن كان هذا يعد عبادة لله تؤجر عليه إذا صاحبته النية الطيبة ، بل يمتد للمشاركة في إصلاح المجتمع وتقويم ما انحرف من سلوكياته ، المرأة التي تشعر بهذه المشاعر ، وتحس هذه الأحاسيس لا شك أنها لن تضيع وقتها سدى ، بل ستحرص على اغتنام الفرص فيما يعود نفعه عليها وعلى من استأمنها الله تعالى عليه ، أما المرأة التي لا تدرك هذه الأشياء فيستضعف عندها هذا الشعور ، وسيكون على حساب وقتها ، وينبغي فعلاً أن تستشعر المسلمة أهمية وجودها أو قيمتها في هذا الدين العظيم ، وربما تتضح لها قيمتها حينما تدرك الفرق بين وضعها في الجاهلية ووضعها في الإسلام ، سواء كانت الجاهلية القديمة أو الحديثة ، وهذه الحضارة الغربية - التي ربما أعجبت بعض الناس - هي التي انتهت بالمرأة إلى هذا الضياع وهذا التخبط المرير ، وهي التي كانت قبل قرون قليلة جداً تبيع الزوجات ، وفي إيطاليا مثلاً حدث شجار بين زوج باع زوجته وبين الرجل المشتري ، لأنه لم يعطه كل الثمن الذي اتفقا عليه فما كان منه إلا أن قتل زوجته وحينما سئل عن السبب قال : إن المشتري لم يعطني ثمنها ، كانت فعلاً تعتبر من سقط المتاع ، بل حرم عليها فترة من الزمن قراءة الأناجيل التي تعتبر الكتب المقدسة عندهم ، أما نحن في دين الإسلام فالمرأة معززة مكرمة وتزداد عزتها وكرامتها كلما التزمت بدينها وحافظت على وقتها .
4- اختيار الجليسة الصالحة : الإنسان بطبعه لا يمكن أن يعيش وحده ، بل لابد له من جليس يؤنسه ، لكن هذا الجليس كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم إنا أن يكون كحامل المسك أو كنافخ الكير ، وليس هناك وسط بين هذا وذاك ، وعلى المرأة أن تختار جليستها الصالحة فهذه الجليسة التي ستختارها هي خير معين لها الاستفادة من وقتها ، حتى تعلمي أيتها الأخت المسلمة مواصفات الجليس الصالح أذكرك بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما : قيل يا رسول الله : أي جلساؤنا خير ؟ قال : (( من ذكركم الله رؤيته وزاد في عملكم منطقه وذكركم في الآخرة عمله )) الحديث صحيح .
ويقال بالنسبة للخليل أو الجليس : إن الناس صنفان : صنف تموت القلوب بمخالطتهم وهم أحياء ، وصنف تحيا القلوب بذكرهم وإن كانوا أمواتاً ، ولهذا يقال إن رجلاً فاضلاً مرَّ بقبر عبدالله بن المبارك رحمه الله فأنشد :
مررت بقبر ابن المبارك غدوة **** فأوسعني وعظاً وليس بناطق
وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي **** غنياً وبالشيب الذي في مفارقي
ولكن أرى الذكرى تنبه غافلاً **** إذا هي جاءت من رجال الحقائق
( من كتاب : كيف تقضي المرأة وقتها ؟ صفحة 39 )