وهذا رد من تركي التركي اليوم بتاريخ 13 / 3/1427
عن الهويمل والمهوس: ثقافة المنطقة وحوار الأجيال..!
يجد الإنسان نفسه في أحيان في موقف حرج حينما يضطر لأن يقف في موقف (الحكم) بين فريقين أو شخصين عزيزين على قلبه، ربما يرى أن أحدهما أخطأ على الآخر لكنه لفرط حبه للمخطئ وإساءة الفهم قد يقرر أن يلتزم الصمت، بيد أن ضغط المنطق والحقيقة يجب أن يفرض نفسه في المقام الأول والأخير مع الأخذ بالاعتبار أن من أخطأ في تصوري لم يخطئ لأجل الخطأ أو الإساءة بقدر ما يكون الأمر اختلافاً في وجهات النظر.
هنا في هذا التعقيب السريع أجدني مشدوداً (للرد) على الزميل والصديق القديم المتجدد الأستاذ أحمد المهوس -الذي أحمد فيه طموحه ومثابرته الواضحة في سبيل الرقي في مجال الثقافة والأدب دونما توقف طلباً للمزيد من التحصيل العلمي المستحق لقاء حرصه على التطوير- فيما كتبه عن الدكتور حسن الهويمل، ولن أتداخل مع الأستاذ أحمد في محور النقد الأساس الذي وجّهه للدكتور حسن والمتمثل في رأي الأستاذ أحمد في نقد الدكتور حسن للأمة الإسلامية مما لمس منه انتقاصاً لها ولمكانتها، واستوجب تدخل بعض طلاب الدكتور حسن مذكّرين للمهوس فضل الدكتور عليه وأستاذيته له إبان تلقيه الدراسة في صفوف جامعة الإمام بالقصيم، ونفي المهوس لهذه الأستاذية وهو حماس مندفع من الأخ أحمد وإلا فهو يعلم أن مجرد مرورنا كطلاب على أحد الأساتذة ولو لفصل دراسي أو حلقة معينة يجعل منه أستاذاً لنا، ولنا في سير كثير من العلماء والمثقفين حينما يشار إليهم بأنهم من طلاب الشيخ فلان أو درس على يد العالم علان وهو عرف دارج بعيداً عن مدى الاستفادة التي لقيها الطالب من أستاذه، وأجزم أن في حياة الأستاذ أحمد آلاف الطلاب الذين يحملون له ذات القدر من الاحترام والاعتراف بالأستاذية، ولعل في تبرير المهوس بعدم أستاذية د. حسن له ما لا يقبل حيث حاول إسقاط الأستاذية بالأسلوب الذي ينتهجه د. حسن في التدريس مبيناً أن محاضرات الدكتور تذهب في جُلّها نقاشات وأسئلة خارج الموضوع المقرر كمنهج للمادة منوهاً أنه حين التنبيه على الدكتور بأهمية الاهتمام (بشرح) المنهج كان يجيبهم بأن المنهج موجود في المذكرات بالإمكان الرجوع إليه..!!
وبدءاً.. هل هذا الأسلوب التعليمي حصر على الدكتور حسن لينتقد به..؟ والذي أعلمه وعايشته مع كثير من الأساتذة ومنهم علماء كبار من أئمة هذه الأمة أن هذا الأسلوب غالب على تعاملهم مع طلابهم، ذلك أنهم بين مبدأين: الأول ثقتهم أن مفهوم (المنهج) المقرر قد بات مرحلة تخطاها أو يجب أن يتخطاها الطالب الجامعي وبالتالي فدور الأستاذ الجامعي هو فتح آفاق وأذهان الطلاب (للبحث) عن المعلومة من خلال (رؤوس) الأقلام التي تمنح لهم في قاعة المحاضرات، طبعاً يقوي هذا ماهية المادة الدراسية المقررة، وهذا المنهج كما أسلفت وجدته من عدد كبير ممن (تتلمذت) على أيديهم ومنهم مشايخ معروفون بالإضافة إلى أني وجدته في جامعة عريقة في دراستي الماجستير حالياً، كما أن الدكتور حسن وكأحد تلامذته لثلاثة فصول دراسية كان يفعل ذلك تجاوباً مع الأسئلة التي ترد إليه، منها ما كان له صلة بالمنهج، ومنها ما يتعلق بالثقافة والأدب بشكل عام، وهي معلومات هامة يحتاجها ولا شك الطالب من قامة أدبية خبيرة ومتميزة كالدكتور حسن، فالأخ أحمد يوافقني أن دور الأستاذ لا يقتصر على تعليم المادة المقررة فقط، فهو موجّه ومربٍّ وركن رئيس من أركان الثقافة التي يكتسبها الطالب في مسيرة حياته وربما أن الأستاذ أحمد يتذكر في مسيرته من أفاده بمعلومات ومعارف ليست لها علاقة بالمنهج الدراسي.
ورغم أن الحوار الذي شهدته جزيرتنا الغراء كان بين زمنين مختلفين، حيث يمثل الدكتور حسن أحد الرموز الأدبية المشرقة ليس في منطقة القصيم فحسب بل في مملكتنا، ويمثل الأستاذ أحمد نبوغ الشباب المتجدد وحرصه على إثبات الوجود في المجتمع الأدبي يدعمه في ذلك حرصه الكبير وموهبته الثرية، فإنه ولا شك يمثل حواراً مطلوباً بين جيلين تفخر بهما منطقة القصيم وبما قدماه أو سيقدمانه للثقافة والأدب، وهي خاطرة آمل أن يتم المزج بين الخبرة والعراقة المتمثلة بالدكتور حسن وبين الشباب ووهجه الطموح المتمثل بالأستاذ أحمد، وأجزم أن الدكتور حسن حريص على مثل هذا التواصل ليس مع الأخ أحمد فحسب بل مع فئة الشباب بالمنطقة بشكل عام، يدل على ذلك البرامج المتنوعة حيث يحرص النادي ممثلاً بلجنته الثقافية برئاسة الدكتور الفاضل حمد السويلم على الزج بالوجوه الشابة في كافة ميادين الثقافة والأدب وقد تشرفت بأن كنت ممن ساهم النادي بإشراكهم مرات في فعاليات مختلفة أدبية وثقافية وتنظيمية.
ختاماً، وكما أسلفت فإن در الأخ أحمد مهم أن نحمل منه وجهه الإيجابي وننظر إليه كرأي جدير بالتقدير، أقصد تعقيبه الأول عن الموضوع الأصلي بعيداً عن (شخص) الدكتور حسن، وكلّي ثقة وتفاؤل أن ما حدث هو بادرة طيبة ستثري وتفيد المجتمع الثقافي بالمنطقة، شاكراً في الأخير جزيرتنا الغراء على منحها الفرصة لي للمشاركة في الموضوع.
تركي بن منصور التركي
Tmmt22@hotmail.com
http://www.al-jazirah.com/226719/rv4d.htm