والخلاصة :
أن التمثيل : حرفة ً ، وأداءً ، وتكسبـاً ، وعرضـاً ، ومشاهدة ، لا يجوز .
لأنه إن كان تمثيلاً دينياً فهو بدعي : لوقف العبادات على النص ومورده ، ولما علمت من أصله لدى النصارى واليونان .
وإن كان غير ذلك ، فهـو لهو مُحـَـرّم ، لما فيه من التشـبه ، ولما رأيته من تفاريق الأدلة ، وما يحتوي عليه ، ويترتب عنه من الآثار المعارضة لآداب الشريعة ، وناموس الترقي ، وانحلال ربقـة الآداب . وأن ما فيه من عظات ، وفضائل مزعومة ، فهي ضائعة مغمورة في حَـلبـة تلك الملهيات التي توقض نائم الأهواء ، وتحرك ساكن الشهوات . كما ينطق به الواقع المرير ، لتمرير الفحش والخنـاء ، والفسوق والعصيان ، وتهديم البيوت داخل أسوارها .
فهو يُمثل مخاطر على العقائد ، والأخلاق ، والفضائل ، والآداب .
وبالجملة فإن انتشار التمثيل بصفته التي ُتشاهد وُتسمع كل يوم وليل ، يُمثل إعتلال في الأمة ، ونهم في اللهو واللعب ، ووهن في الدين ، وفراغ من العلم ، وعجز عن تحصيله ، وتحطيم للأمة في قوتها ووقتها وتنمية طاقاتها ومواهبها ، فماهي إلا وسيلة عدوان على الأمة ، وتخطيط رهيب لتعيش سادرة ، تخوض فيما لا ينفعها في دينها ولا في دنياها ، بل هو ضرر محض عليها في الدين والدنيـا .
وإفساد الإنسان ، وانهيار أخلاقه ، بغرض السيطرة عليه : مخطط تخريبي ، يهودي .
وفي ( بروتكولات يهود ) :
( يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان ، فتسهل سيطرتنا ، إن ( فرويد ) منـا ، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يـبقى في نظر الشباب شيئ مقدّس ، ويصبح همه الأكبر إرواء غرائزه الجنسية ، وعندئذ ٍ تنهار أخلاقه ) انتهى .
والتاريخ يحفظ في سطوره أن الهيام في المضحكات والترفيهات من علائم الإنحطاط وانقراض الدول .
فهذا المستعصم آخر خلافاء بني العباس في بغداد ، كان مولعاً بالتـفرج على " المساخرة " المضحكة ، وكان يقضي أكثر زمانه معها ، كما في ( الفخري ص / 144) وتاريخ أبي الفداء 3 / 176 ) ، وغيرهما .
وهكذا ، إذا ماتت السنن ظهرت البدع ، وإذا ضعف الجد والعزم ، تفشى في الأمة الهزل والضعف ، لتصل إلى محطة الشيخوخة في دائرة قطيع يُسام ، وسلع تساوم ، وإن الحياة لحادث جَـلل ، فما بمثل هذا تعمر الحياة ، ويكون ( التمثيل ) ناموساً ورمزاً لمجدها .
وبالجملة ، فالتمثيل يحوي مفاتيح هذه المقاصد الهابطة ، ويتضمن " محاضن تفريخ لها " .
وهنا أذكـّر من ابتلي بشيئ من أمر الفتيا ، أن يبصر حال أمته ، ويبصر أوضاعها ، وماذا يُراد بها ، ليتوقى عند إصدار الفتوى من فتيا تكون سلماً لتلك المآرب المهينة .
ولا أرى الفتيا بالجواز المقيد بشروطه ، إلا ومُـصْدِرها - مع التقدير - في غياب عن الساحة وما يجري فيها من توظيف " التمثيل " لهدم مقومات الأمة . فستكون الفتيا " تكأة " ينطلق منها الآثمون ، مستبعدين لضوابطها الشرعية عند من أفتى بها - وقد فعلوا !
وأقول أخيراً :
إن التمثيل لو كان جائزاً بشروطه ، لوجب في هذا الزمان الإفتاء بمنعه وتحريمه ، لما يُشاهد في بلاد المسلمين من زحم التمثيليات المهول التي تفرز خطورة على مقومات المسلمين كافة ، ولا ينازع في الواقع إلا جاهل به ، أو ممالي .
أيقظ الله المسلمين من غفلتهم ، وهداهم ، وأصلح بالهم ، والله الموفق
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بكربن عبدالله أبو زيد