وقف أمامي شاحب الوجه تساؤل يدور في خلده والبكاء متحجر في عينيه
اقتربت منه قائلاً ، أهلاً بك ياسعد ؟
أومأ برأسه إيماءة تدل على رد التحية
فهمت مايدور في خاطره فمسحت برأسه وقلت له ، هل أنت غاضب مني ؟
مع علمي بأن لم يكن لي أن أغضبه ولكن أحببت أن أستجلب منه الحديث
أطرق ملياً ثم قال لي هل يتهم الإنسان بشيء لم يفعله ؟
ثم بدأ يبكي ويبكي ثم أخذ زفرة كبيرة من صدره أعادت له الحياة بعد أن كان ميتاً بهمه
عاود الحديث مرةً أخرى وقال /
لما عيونهم ترقبني وكأني مجرم حرب ، لم أعد أحتمل هذا ، إنني لم أفعل شيء من هذا
ما أحقرهم وما أشد بأسهم ، قد هدموا البناء وأرادوا تحصين الأعراض .
يارب رحمتك بدأنا نعيش في هامش الحياة ، بعد أن أخرجنا المجتمع خارج السطور
ما أقسى قلوبكم ، إنها كالحجارة بل هي والله أشد ، يا رحماء التفتوا إلينا وافهموا المأساة
بأي لسان أتحدث ، وبأي قلب أنطق ، وبأي زفرة أنطق ، ياعقلاء استنطقوا .
استجمعت عبارات وجهه ثم قطب ثم أخرجها كأنها النار :
لعنك الله يا أبي وأنتِ يا أمي فقد تركتموني في مجتمع بلا هوية .
...
استوقفته وقلت له يا سعد إن الله لم يخلق الخلائق عبث ، وأنت مؤمن بالله
وإياك والأفكار الشيطانية أن تنسل إلى داخلك ، استعذ بالله من الشيطان
لتجعل الرسول قدوتك ، وكن مع الله يكن معك ، وكن مع الله يكن معك .