عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2005
البلد: بريدة
المشاركات: 156
|
الحلقة السادسة من الحوار
الحلقة السادسة :
السائل : تحدثنا عن مكتبة طالب العلم , و تحدثنا عن بداية التدوين , وعن بعض المكتبات العامة والخاصة التي اشتهرت في العالم الإسلامي في الماضي , وأشرنا أيضاً إلى جزء يسير مما يتعلق ببناء طالب العلم لمكتبته في التفسير وعلوم القرآن . بقي لنا مواضيع عديدة حول بناء مكتبة طالب العلم , أستأذنكم بأن نـبدأ فضيلة الشيخ بالحديث عن السنة النبوية عن الحديث كيف يبني طالب العلم مكتبته في هذا العلم المهم ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فعلم السنة بل السنة النبوية من أهم ما ينبغي أن يعنى به طالب العلم لأنها هي المبينة للقرآن , ومفســرة لــه . فلتكن همة طالب العلم مصروفة لحفظ ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم , وفهمه , بمطالعة ما اعتمد عند أهل العلم من شروح وإلا فالشروح لا يمكن الإحاطة بها . فعلى سبيل المثال صحيح الإمام البخاري رحمه الله شروحه بالمئات , فبما يعتني طالب العلم من هذه الشروح , وهل يغني بعضها عن بعض؟ قديماً قيل : لا يخلو كتاب من فائدة , فإذا أمكن لطالب العلم أن يجمع أكبر قدر ممكن من هذه الشروح لتكون مراجع له عند الإعواز والحاجة فهذا هو المطلوب , لكن قد لا يتيسر ذلك لضعف القدرة المادية مثلاً أو ضيق المكان أو غير ذلك من الظروف التي تضطَّـر بعض طلاب العلم على عدم استكمال ما ينبغي استكماله من الشروح فضلاً عن الإحاطة بجميع ما دون في هذا الباب . فلا شك أن هذه الكتب إذا أردنا الاستغناء التام ببعضها عن بعض لم يمكن لنا ذلك , نقول لا يمكن الاستغناءالتام ببعضها عن بعض بدليل انه لا يمكن أن تستغنى بفتح الباري مثلاً بغيره من شروح الصحيح ولا يمكن أن تستغني بعمدة القارئ عن غيره من الشروح وهكذا .
لأن لكل كتاب من هذه الشـــروح لــه مــيزة لا توجد في غيره , لكن إذا أراد الطالب أن يقتصر على شرح واحد , يُنظر له فيــما يحـقـق الهــدف في الجملة , يعني في الغالب دون الإحاطة بجميع ما يحتاجه لحل هذا الكتاب , فمثلاً صحيح البخاري وهو أولى ما يعني به طالب العلم لأنه أصح ما كتب في السنة بل أصح ما دونه البشر وأصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل شُرح شروح كثيرة جداً .
ولا غرابة في أن يشرح بمئات الشروح , وأشرنا في الحلقة السابقة أن تفسير البيضاوي عليه أكثر من مائة وعشرين حاشية , هذا المدون المعروف , منها ما هو كامل ومنها ما هو ناقص ومنها ما هو مختصر ومنها ما هو مطول , هناك حواشي قلمية لا يمكن الإحاطة بها على تفسير البيضاوي , وقل مثل هذا في التفاسير الأخرى , إذا فماذا عن صحيح الإمام البخاري شرح بمئات الشروح والمعدود منها الآن أكثر من مائة سردا هذه المدونة وهناك الشروح المطولة والمختصرة والتامة والناقصة , النفيسة وهناك شروح أيضا فيها غث كثير, المقصود أننا اخترنا أهم هذه الشروح لتكون بين يدي طالب العلم , فمن ذلك أول هذه الشروح شرح الخطابي أبي سليمان حمد بن محمد البستي هذا أقدم الشروح . اسمه " أعلام الحديث " طبع باسم أعلام الحديث لأن أكثر النسخ على هذا , وكانت شهرته عند أهل العلم " أعلام السنن " في مقابل " معالم السنن " في شرح سنن أبي داود له هذا الكتاب مختصر جدا يعني لو طبع بالحرف الذي طبع به فتح الباري لجاء في مجلد واحد , لكن طبع محققا في أربعة مجلدات .
السائل : والمحقق الموجود مخدوم ؟
الشيخ : هو رسالة علمية . هو أيضا طبع محققا تحقيقا أقل من مستوى هذا الذي أشرنا إليه وهو لأحد الأمراء من آل سعود طبع بجامعة أم القرى هذا تحقيق رسالة علمية , هناك طبعة قبل هذه الرسالة في المغرب في مجلدين هذه طبعة نادرة جدا . يمكن الاستفادة من شرح الخطابي , لأن الشراح ينقلون عنه كثيراً وإن كانت زُبَدُه أودعت في الشروح التي جاءت بعده يعني إذا كان الطالب يُعنى بالجمع فمن خير ما يقتنى هذا الكتاب وإن أراد الإكتفاء فيكتفي عنه بغيره من الشروح التي تليه الحلقة السادسة
هناك أيضا شرح الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى واسمه " فتح الباري " , وابن رجب رحمه الله تعالى كعادته يشرح السنة بالسنة ويشرح السنة بأقوال الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة , المقصود أن هذا الشرح فيه نَفَس السلف الصالح , فعمدته كلام السلف وهذه ميزة الحافظ ابن رجب رحمه الله , ويعنى بها عناية فائقة , ويمتاز بها عن غيره في جميع مؤلفاته . والكتاب مطبوع مرتين .على كل حال الكتاب ليس بكامل فيه خروم كثيرة , هو أولاً إلى " كتاب الجنائز" في الجملة . وفي الذي وجد منه خروم كبيرة جداً , يعني بين حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه في كتاب الإيمان في الشبهات إلى الحديث الذي يليه في الطهارة أكثر من مائتي حديث مخروم , وكم في شرح هذه الأحاديث من علم عظيم من علم السلف , فالحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى يعنى بعلم السلف وبأقوال السلف , ويُنَكِّب جانباً عن أقوال المتأخرين واصطلاحاتهم , فمن يطالع هذا الكتاب وطالع أيضاً شرح الأربعين له عرف قدر هذا الرجل , وله رسالة في الباب اسمها فضل علم السلف على الخلف , رسالة نفيسة لا يستغني عنها طالب العلم , رسالة في غاية الجودة . والكتاب مطبوع مرتين إحداهما بتحقيق ثمانية , طبعتها ونشرتها دار الغرباء طبعة جيدة في الجملة فيها مقابلة نسخ وفيها تعليقات , وفيها ترقيم . فهي طبعة جيدة أنا قرأتها كلها والملاحظات عليها يسيرة , والطبعة الثانية للشيخ " طارق عوض الله " وهو من خيار طلاب العلم , كان من المجودين , لكن لا يوجد له أثر في هذا الكتاب إلا النشر, فلو أتحفنا بشيء من علمه في تعليقات على هذا الكتاب يفيد طالب العلم , لأن له عناية بالرواية وله عناية بعلل الحديث , وسبق أن نشر " جامع العلوم والحكم " ومثله نشْره أيضاً " لسبل السلام " , فهو يُعنى بتصحيح الكتاب لكن لمساته في التعليقات التي تفيد طالب العالم ليست على مستوى علمه الذي نعرفه عنه , أنا قابلته شخصياً , عرفته عن قرب , هو من خيار من يتصدى لنشر الكتب في العصر الحديث , على كل حال أنا عنايتي بتحقيق الثمانية لأنها خرجت أولاً فوقعت موقعها, وقرأتها وراجعت طبعة الشيخ طارق وهي جيدة في الجملة . هناك أيضاً شرح الكرماني اسمه " الكواكب الدراري " , وهذا الشرح شرح ماتع نفيس , فيه فوائد كثيرة جداً , وفيه لطائف وطرائف , كثيرمنها يتعلق بتراجم الرواة , فيذكر في ترجمة الراوي أطرف ما يذكر من أخباره , وهذا ينشط القارئ . على أوهام في الكتاب لأنهم يقولون إنه أُخذ علم هذا الكتاب من الكتب , ومعروف أن الذي علمه من كتبه ليس علمه كمن زاحم أهل العلم ,
وهنا أبيات ذكرها بعضهم :
يظن الغمر أن الكتب تُهْـدى أخافهــم لإدراك العـلــــــــوم وما يدري الجهول بأن فيها غوامض حيرت عقل الفهيم إذا رمت العلوم بغير شيـــخ ضللت عن الطريق المستقيم وتلتبس الأمور عليك حــتى تكون أضل من تـــوم الحكيم
وقالوا عن " ابن حزم " إنه أخذ علمه من الكتب , ولذا خف عنده الأدب بالنسبة لأهل العلم كما ينبغي وإلا فالرجل من أهل العلم كما هو معروف على ما عنده من خلل في العقيدة , لكن أرسل لسانه في بعض أفاضل هذه الأمة وخيارها , وعلى كل حال هذه من عيوبه . ويقول أهل العلم إن وضعه الاجتماعي بين وزارة وبين تضييق وإهانه وإحراق كتب. على كل حال ابن حزم له وعليه , وليس هذا مجال بسط مثل هذا الكلام . " الكواكب والدراري" هذا من أولى ما يبتدئ به طالب العلم بالقراءة , لأنه يشد الطالب ويحفزه على القراءة , والكتاب ليس بطويل طولا مملاً .
السائل : الكواكب طبع في كم مجلد .
الشيخ : طبع في خمسة وعشرين جزءاً صغار, وأجزاء صغيرة جداً يعني هو إثنى عشر مجلد وحرفه كبير, يعني هو مناسب جداً للقراءة , على أوهام فيه أحياناً تقع منه الأوهام بحيث يكون رد هذه الأوهام في الكتاب المشروح - الرد في الكتاب المشروح - حتى قال الحافظ ابن حجر: ( وهذا جهل بالكتاب الذي يشرحه ) أحياناً منها يفهم فهما وينجع في الفهم ويحمل الخطأ للإمام البخاري , وأحياناً - وهذا نادر- يسيء الأدب مع الإمام البخاري , ولكن هذه نادرة جداً , تعقبه الشراح و كلهم اعتمدوا عليها ممن جاء بعده , لم يستغن عنه , فاعتمدوا عليه وأفادوا منه فائدة كبيرة , وكشف لهم عن كثير من الأمور, بل فتح لهم الطريق لكنهم تعقبوه , بعضهم يتعصب عليه وبعضهم ينصفه, على كل حال الكتاب نادر وماتع على الأوهام التي ذكرناها فيه , فلو قدر أن تنشر هذه الأوهام , وهي عندنا مدونة على الكتاب كله , والردود عليهم من الشروح الأخرى مع الكتاب , لكان الكتاب غاية في النفاسة , لكن طالب العلم المبتدئ يقرأ الكتاب وهو لا يعرف أن هذه أوهام , فتقع منه موقع القلب الفارغ , فعلى كل حال هذا الكتاب نفيس وممتع ويشد القارئ . أيضاً وفق بطبعة جميلة جداً , وحرف جميل , فالكتاب أنصح به ويرجع إليه , والكتاب طبع في المطبعة المصرية , والمطبعة المصرية هذه طبعت مجموعة من الكتب أبدعت في طباعتها , يعني طبعت هذا الكتاب وطبعت تفسير الرازي وطبعت شرح النووي وطبعت مجموعة من الكتب .
الشيخ : لكن لو طبعوا تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وفتح الباري لكان وفقوا في ذلك , أيضاً هناك شرح العيني " عمدة القارئ " , و عمدة القارئ كتاب مرتب على الفنون لبدر الدين العيني .
السائل : على الفنون أم على الأحاديث يا شيخ ؟
الشيخ : الأحاديث على ترتيب البخاري , لكن شرح كل حديث يرتبه يبدأ بالمناسبة , ثم الرواة , ثم اللغة , ثم المعاني , ثم البيان , والبديع , والمقصود ترتيبه بديع وهذا في رُبْع الكتاب الأول , أما في الربع الثاني فأقل , والنصف الأخير مختصر جداً , وهذا الكتاب في الجملة نافع , فبسبب ترتيبه لا تتعب في البحث عما تريده مع طول الكتاب , الكتاب مطبوع في تركيا في أحد عشر مجلداً كبار, ثم طبع في المطبعة المنيرية في خمسة وعشرين جزءاً , ثم طبع بعد ذلك في مطبعة الحلبي في عشرين جزءاً , والطبعة المنيرية نفيسة , أما الطبعة التركية فجيدة في الجملة, لكن التعامل معها فيه شيء من الصعوبة لتداخل المباحث , أما الطبعة المنيرية ففصلوا المباحث بعضها عن بعض , فصلوها وحرفه في الغالب جميل وترتيبهم بديع في الطباعة , شرح العيني هذا اعتمد على الشروح المتقدمة , بحيث كانت مقدمته مأخوذة بحروفها من مقدمة النووي على البخاري في حدود عشر أو إحدى عشرة , أو اثنى عشرة صفحة بحروفها من شرح البخاري للنووي . فالنووي شرح قطعة من البخاري فشرح بدء الوحي والإيمان فقط , وهذه القطعة طبعت في المطبعة المنيرية مع مجموعة اسمها شروح البخاري للنووي والقسطلاني وصديق لبدء الوحي والإيمان من صحيح البخاري . هذه المقدمة استلها العيني من شرح النووي , ثم بعد ذلك أخذ يشرح الأحاديث , ويفيض في الشرح وينقل عن الحافظ ابن حجر كثيراً , لكنه لا يسميه بل يبهمه , فيقول قال بعضهم , ثم يتعقبه كثيراً .
السائل : وهو معاصر له يا شيخ ؟
الشيخ : نعم من الأقران . إذا انتهي مجلد من شرح الحافظ ابن حجر, اسْتُعِير بعلم الحافظ ابن حجر للعيني واطَلع عليه . ونقل منه الصفحة والصفحتين , فتصدى للرد عليه , وبينهما ما بين الأقران من المنافسة , وهناك كتاب في الباب اسمه " مبتكرات اللآليء والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر" للبوصيري وهو شخص معاصر, أيضا ابن حجر له كتاب " انتقاض الاعتراض " يذكر كلامه ثم يذكر كلام العيني وتعقبه عليه , ثم ينقضه , وأجاب كثيرا من الإشكالات التي أوردها العيني والتعقبات , لكنه أبقى أشياء فبيض لها ولم يتيسر له إكمالها , " مبتكرات اللآلئ والدرر" فيه محاكمات كثيرة بين الشيخين بإنصاف , لكن بقيت هناك أشياء ما تطرق لها ابن حجر نفسه ولا البوصيري في " المبتكرات " , بقيت أمور تحتاج إلى محاكمة بين الشيخين , وتحتاج إلى مزيد عناية . وعندنا بعض المدونات في شيء منها . شرح العيني قلنا أنه طبع ثلاث مرات . ثلاث طبعات هي الطبعات التي يمكن يستفاد منها طالب العلم , الطبعة التركية ثم المنيرية ثم الحلبية , أما الطبعات الأخيرة , طبعات المطابع التجارية المتأخرة كما سبق لنا أن أشرنا في الحلقة السابقة , مع مداخلة الدكتور عبد المحسن العسكر, أشرنا إلى أن تولي هذه المطابع الحديثة للكتب الكبيرة التي تحتاج إلى لجان متخصصة لتصحيحها وتصويبها يقع فيها الخطأ الكثير, لذا من كان عنده طبعات قديمة أو مصورة على هذه الطبعات القديمة فليستمسك بها , لا سيما الكتب الكبيرة التي ما جُمع لها نسخ واعتني بها , وقورن بين هذه النسخ . فالكلام السابق ليس على إطلاقه, فقد يتيسر وجود نسخة صحيحة من الكتاب , و يعتمد المتقدمون في المطابع القديمة على نسخ حسب تيسرها لهم . وهم مع ذلك لا يشيرون إلى فروق النسخ , ثم يتيسر للمتأخر أن وقف على نسخة المؤلف , أو نسخة قوبلت على نسخة المؤلف , أو لأحد تلاميذ المؤلف أو ما قرب من عصره , وفيها عناية ومقروءة من قبل أهل العلم , ثم يطبع الكتاب عنها , تكون له ميزة
__________________
أنت في الحياة إما تتقدم أو تتأخر فكن من السابقين المفلحين
آخر من قام بالتعديل الانصاري; بتاريخ 23-06-2006 الساعة 03:29 PM.
|