مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-07-2006, 11:42 AM   #1
الخفاش الأسود
كاتب الساحات العربية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 51
هددتني بالانتحار بعد أن امتطت مركبتي !

وأنا كرجل حضاري أحفظ للمرأة مكانتها وكرامتها، وأحترمها للغاية بغض النظر عن جميع الاعتبارات التي قد تطرأ على الحياة، كما أتمتع بقدرٍ هائلٍ من الدبلوماسية وحسن التعاطي مع مختلف المواقف الإنسانية المعقدة، فتحت للسيدة المحترمة باب المركبة وهي تسير بسرعةٍ متوسطةٍ قائلاً لها : تفضلي سيدتي ... هيا اقفزي، أرنا جرأتك ومقدار شجاعتك وأنا أدعو الله في سري ألا تفعل ! أحجمت السيدة قليلاً أمام حرارة الحياة وحب البقاء لتقول لي : خفف سرعة المركبة قليلاً !! قلت لها : ولم !؟ ألم تقرري الرحيل بعد ؟

قالت : لا أريد الموت بشكل مباشر ! أريد فضلة حياةٍ وجرعة روحٍ لأمر في نفسي !! ازدادت حيرتي وأنا أقول : ولماذا هذا التشبث بالحياة !؟ قالت : حتى أودع محاضر الشرطة شهادتي بأنك قاتلي الآثم !! عجبت من شدة الكيد وسعة الحيلة وخبث المكر، غير أنني استدركت الأمر بأن لدي شهوداً يقفون في صفي ويدعمون روايتي ويبرؤون ساحتي من هذه الجريمة المزعومة ...... وإليكم القصة من بدايتها .

كان الأمر مجرد حديثٍ عابرٍ دار بيني وبين زوجتي أم بناتي الثلاثة من جهةٍ، وابنتاي من جهةٍ أخرى كطرفٍ ثالثٍ تم إقحامه في القضية بشكلٍ مباشرٍ، تطور النقاش الأسري الهادئ إلى تهديدٍ بالانتحار ورغبةٍ في إنهاء حياة المرارة والقسوة التي ذاقتها حرمي المصون على يد الجلاد ( سيد السيد ) الذي هو أنا !! السفر ممل والطريق طويل، ولكي نقطع الطريق ونطوي بعد السفر كان هناك حديثاً طويلاً جداً، مجرد حديثٍ فقط، تطور من نقاشٍ أسريٍ هادئٍ تبادلنا فيه ومن خلاله الآراء الأسرية حول قضيةٍ ما، إلى تهديدٍ بالموت وخراب الديار !

قلت لها عقب ذلك التهديد : ألم يدر في خلدك أنني سأستعين بعد الله في تبرأت ساحتي من هذه الجريمة المزعومة بشهادة ابنتاي !؟ ثم أتعبت القول الفعل، فسألت الكبرى وهي في الصف السادس بقولي : هل ستشهدين يا ابنتي لصالح براءة والدك الموقر ؟ أجابتني بمقدمةٍ طويلةٍ عن فضائلي وإحساني، وعن كدي وشقائي في سبيل إسعاد أسرتنا الصغيرة، وتوفير متطلباتها الضرورية من غداءٍ وكساءٍ ودواءٍ، ثم ختمت جملة هذه الفضائل بصعقةٍ لفظية : ولكنني يا والدي الحبيب أميل إلى الوقوف في صف والدتي !؟

سألتها مستنكراً : وأنا !؟

أجابتني : دبر نفسك !

أدبر نفسي في غياهب السجون لجريمةٍ لم أقترفها ولم تتلطخ بها يداي !؟ مسكين أنت يا ذئب يوسف ! حدجت الوسطى بنظري وهي في الصف الثاني الابتدائي : وأنت يا أستاذة معي أم مع ماما ؟ كاد تيار السياسة يجرفني وأنا أتمثل مقولة الرئيس الأمريكي دبليو بوش : من لم يكن معي فهو مع ماما !!

قالت : بابا الأبلة في المدرسة علمتنا حديث النبي عليه الصلاة والسلام، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أبوك، ذكرت مرة واحدةً يا بابا في الحديث، وذكرت أمي ثلاث مرات، كدت أن أعانق عمود إنارة من شدة الضحك بعد أن سمعت كلامها، وفقدت السيطرة تماماً على مقود السيارة، ونظرات الشماتة تلتهمني وتفترسني من قبل الزوجة، ما هذا الانقلاب الأنثوي السافر على رب الأسرة ؟ إنها مملكة النساء التي أذلت أعناق الرجال !

اعترضت على استشهادها بقولي : ألم يمر عليك يا مقصوفة الرقبة حديث النبي عليه الصلاة والسلام : ألا أنبأكم بأكبر الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكأً فجلس وقال ألا وشهادة الزور وقول الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت، انبرت الكبرى مدافعةً بابا الحديث هذا أخذناه في الصف الخامس !! أجبتها مستنكراً : تطويني ليالى السجن القاسية ظلماً لخمسة أعوام، حتى تقرأ أختك الحديث النبوي المحذر من شهادة الزور وتعمل به !؟

ثم أين أنتم من تلك الأنشودة التي تشنفون به آذاني على مدار اليوم داخل المنزل وفي السيارة ( أبي الحنون - أبي الحنون ) ومن شدة ما بي من الغيظ نسيت الشطر الثاني، أكملت الوسطى الشطر الثاني في تلقائية بقولها : يسعى دوماً لأجلنا أبي الحنون !؟ قلت لها ساخراً على نفس الوزن ( أبي المجنون - أبي المجنون، أبي المجنون خريج سجون أبي المجنون ! )

نظرت إلى صغرى بناتي وهي رضيعة أكملت ربيعها الأول استنجد بها من طوق المؤامرة القاتل، تبسمت لي في ودٍ وقالت بلسان الحال لا المقال طبعاً : يا خريج سجون ! تعوذت بالله من الشيطان الرجيم، لقد اعتراني الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، قلت لنفسي : ما ينغزا بك يا صغيرتي، والكثرة تغلب الشجاعة، ويد الله مع الجماعة، وأنا فرد، وأنتن ولا مؤاخذة يعني ثلاث شقيقاتٍ، تتعاطفن مع الأم المضطهدة ضد الأب المتوحش الذي تجرد من جميع صفاته الإنسانية، أقصد صفات المكر والكيد التي تتحلى بها بعض النسوة !

أمام تأزم الوضع واشتداد وطأة خيوط المؤامرة الأنثوية حول رقبتي، لم أجد بداً من الإذعان لهن ورفع راية الأمان والاستسلام أمامهن، وإبداء الاعتذار العلني أمام الجميع دون أي قيدٍ أو شرطٍ، وبجميع لغات العالم الحية، وقد أضمرت أمراً شريراً في نفسي، وخطة طوارئٍ معقدةٍ ذات بنودٍ وحشيةٍ، 1- تقليص مصروف البنات 2- فرض طوقٍ أمني ! أقصد طوقاً أبوياً أمام الحلويات وعرائس باربي وفلة، 3- منع جميع الأناشيد الحزبية وغير الحزبية التي تمجد فضائل الأب وتثني عليه، واستبدالها بآخر إصدارات المطرب العالمي شعبولا، أنا بحب بابا وبكره ماما ! كآخر ما توصل إليه الطب النفسي الحديث، من تقويم السلوك، وسد خلل التربية، وإيقاف سياسة التدليل، التي مسختني إلى رجل ذليل !


ملحوظة مهمة : القصة حقيقة بجميع أبعادها، أضيفت عليها بعض التحسينات .
__________________
الحجر الذي رفضه البناؤون هو حجر الزاوية .

الخفاش الأسود غير متصل