مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 11-07-2006, 07:47 PM   #2
عابق الذكرى
عـضـو
 
صورة عابق الذكرى الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
البلد: حبيبتي (بريده)
المشاركات: 2,621
تمر الساعات بطيئة مظلمة كعتمة الليل
اهتممت بالطفلة والغريب في الأمر لم أتراكها وظلت بين أحضاني وجعلتها تنام بجانبي
سأهتم بها ولن ادعها ولكن هذه الليلة.. الليلة فقط
لأني أنا
وئام..

لا داعي لان أخبركم كيف كانت حالتنا عندما عدنا إلى البيت.. حتى انه أم باسم كانت ستنام معنا.. ولم أرضى بذالك.. فيكفي العناء المتكبد من اجلنا..
الساعة الثانية فجرا عندما انفتح الباب لتظهر منه رهف واقفة بحزن
قلت له
" رهف "
قالت
" أبقني معك.. البيت موحش.. حتى أني اسمع أصوات في كل مكان..ولا أستطيع النوم "
أمر أخر يثير التعجب بدون أن أتكلم مددة يدي نحوها لتقترب و لأزيح المكان لها لتنام بجانبي...

مع بزوغ يوم جديد, و اشراقت مضياه, لتلوح بشارها, على نسيم الصباح, و عبير الزهور,
أوصلنا أبا باسم إلى المستشفى قبل ذهابه إلى عمله
وكم كنت خجله.. لما أثقلنا عليه.. و لم يذكر أي منهم الموضوع الذي تكلمت فيه أم باسم إلى رنا.. تعودنا دائما تفتح أبواب السعادة في لحظة ليتخطاها الحزن من باب أخر...
كانت نائمة.. دخلنا بهدوء شديد.. مقطبة مابين حاجبيه, لتفتح عينيها بصعوبة.. تحرك شفاها.. لتغمضهم بسرعة.. لم افهم ما تعني خفت عليها كثيرا..
قلت إلى رهف
" رهف سأبحث عن الطبيب لأطمئن عليها..ابقي أنت هنا مع الصغيرة .. لا أريد أن تصحو ولا تجد أين منه معها "
خرجت للبحث عن الطبيب و انتظرت خروج المراجعين من عنده وانقضت نصف ساعة حتى استطعت الدخول عليه
سألته
" هل تحسنت ! "
" الآن هي أفضل "
" لم تشعر لوجودنا معها "
تكلم الطبيب موضحا
"هذا من تأثير الابره المنومة.. فحتى تكون بخير تحتاج إلى النوم.. فلا تقلقي "

وعت أدراجي نحو الغرفة الصغير الذي تنام فيها رنا
تخطيت الباب ليصطدم نظري بعين رجل.. يركع بعدها بصرك من الجد المرتسم على ملامحه جالس على كرسي بجانب السرير لاقف عاجزة عن تتابع الباقي...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

الجزء الخامس

دموعي تجبرني على البكاء, تلاحقني, فتسابقني, و تدفعني إلى أخر
الطريق عبر ممرا موحلا أخاف السقوط فيها أو حتى أن يلامس أطراف
قدمأي !!
لتفلت مني آه و آهات.. و جروح و مناحات...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
انقضت ساعات الليل مابين حلم مزعج, و أفكار مخيفه..
تجبر النوم على أن يفر هاربا من سكنات الليل, ليمر الوقت بطيئا, مثقلا,
يعد اللحظة قبل اللحظة.. لنبداء معها يوما كتب مع تبلل أوراق الشجر بقطرات الندى...

في اليوم التالي لزيارتنا إلى رنا سارعت إلى الطبيب للاطمئنان عليها فقد كانت تهذي بكلمات غير مفهومه.. تركت رهف معها و الصغيرة..
إلى أن أعود...
انتظار المرضى من الانتهاء أمر مستحيل.. اضطررت بعدها لاستعجال الممرضة لدخول لدقائق فقط,
لأخبركم أمرا أخر! اكره الانتظار الطويل,
و اكره راحة المستشفى,
كما اكره وجودي هنا!!!!

السعادة التي كنت انتعش بها في عدة ساعات قد محت كلها بسبب مرض رنا..
و تحمل المسئولية ولو كان ليوم واحد فقط..
أتمنى أن تخرج رنا من هنا سريعا فقد افقد صبري سريعاً..

لم يكن لوقع خطواتي أي صوت لكن التفاف رهف ناحية الباب جعل من الرجل القابع على الكرسي الخشبي يرفع بصره نحوي...
سرت ببطء شديد و خطوت خطوة أمامه و ألقيت التحية..
تفا جئت من حضوره فقد جاء من حيث لا نعلم و لم يعد مرة أخرى على الرغم من تأكيده عودته ألينا..
و الأمر الوحيد الذي خطر على بالي أن يكون موجودا لتوقيع عقد الزواج فهو المسئول عنا بعد وفات أبي رحمه الله..
و بعدها يرحل دون أن أفكر لحظه إلى أين يتجه...
و ها هو هنا معنا و الفتيات الوحيدات في معزل عن الأقارب و إي احد من أهلنا حيث لم يخطر لأي منا أن تسائله كم عم أو عمة لدينا!..
و من هم أقاربنا...
شق ما كنت أفكر فيه إلى نصفين إحداها عند الرجل الجالس أمامي و الأخر في مدينة أخرى يقف عند مفترق طرق يحاول إيجاد الطريق الصحيح...
" كنتِ عند الطبيب! "
سألني, فهززت رأسي إيجابا
ليتبعه سؤال أخر
" ماذا قال لك ؟ "
نظرت أليه وقلت بأسى
" تعاني من فقر دم, و قلة في النوم و أشياء أخرى"
ظل صامتا لبعض الوقت ثم قال
" عندما تحدثت معها في الأمس كانت بخير! "
فتحت عينأي على مصرعهما متسائلة و متفاجئه
" تحدثت معها ! لماذا ؟؟ "
قال
" الم تخبركِ ! "
قلت بذهول
" تخبرني.. ماذا.. ماذا تخبرني!!!! "
بدا عليه الاستياء
" ألا تعيشان في نفس البيت! حتى انك لا تعلمين ما يحدث في بيتكم!"
شعرت بخجل من نفسي.. و هل كنت معها حتى اعلم ماذا يحدث فقد كنت في مكان أخر..
بصوت خافت بالكاد يسمع
" لقد كنت في غرفتي "
قال عمي سالم
" أخبرتها عن مجيئي يوم غد, مكالمتي الهاتفية مع رنا عجلة مجيئي لأنهي الأمر و بسرعة "
قلت والذهول يتملكني
" تنهي ماذا؟!! "
لذا بصمت لثواني ثم قال مفكراً
" ليس الآن "
دفع بالكرسي للوراء ليقف مما دفعني إلى أن أقف أيضا
" سأحادث الطبيب.. و سأكون هنا عصراً "
استدار منصرفا, و هما بفتح الباب ليتركني في حيرتي
" انتظر! "
التفف ناحيتي رافع احد حاجبيه متعجبا..
فلا يعقل أن يذهب هكذا دون توضيح أو أي كلمة
تصرفاته تثيرني.. ألان تأكدت إن ما صاب رنا كان بسببه ويجب أن اعرف ماذا حدث...
سأل بقلق
" ماذا هناك ! "
و ياله العجب السؤال الذي دارا في خلدي لم استطع النطق به لأقول
شيء ابعد مما كان يجول في بالي...
" كيف علمت بوجودنا هنا! .. اعني من أخبرك؟ "
لم يجب مباشره
مما زاد ني حنقا رأيت ابتسامة متخفية بين وجهه الجاد, ثم قال
" جاركم باسم "
شعرت بالدماء تزداد غزاره في وجهي و القشعريرة سرت في جسدي..
حتى شعرت بعدها بشعر راسي قد وقف منتصبا
بكلمتين اثنتان أنهى كلامه كما بداء
هل من برودة التكييف أو من عمي سالم عندما ذكر اسم باسم محاولا
أخاف ابتسامته ؟؟
أيكون قد اخبره؟!!
أغلق الباب وراء ليتسع المكان بدون الرجل الفارض هيبته حول المكان لأستدير إلى رهف منزعجة
" ماذا جاء به "
" لي ينتزعنا من بيتنا بلا شفقه و لا رحمة "

!

!

!


كان ذالك اليوم! ككل يوم شؤم مر على حياتي, باتصال عمي سالم و أخباره لنا, بل إجبارنا على الاستعداد لرحيل من بيتنا و انتزعنا من حياتنا و كل ما له صلة بالماضي من قريب أو بعيد, يتحدث بصفة المتملك و يفرض أراء المقتضبة القليلة في عددها و الكبيرة في معناها, و ما تحمله في طياتها من جروح تنزف بلا توقف لتفجر بعدها آلام و آلام لا تسكن و لا تهدى...

لو استمع احد إلى المكالمة الهاتفية التي جرت بيننا, اقصد أنا وعمي سالم لوجدها لتأثر في شي غير انه عما استوجب عليه تقديم المساعدة إلى بنات أخيه المتوفى..

فتيات ثلاث و طفلة صغيرة بحاجه إلى الرعاية و الاهتمام و إلى وجدود
رجل يتحمل أعباء احتياجاتهم...

أما شعوري أنا فكان تسلط و تجبر أن يتخذ أمر حتى بدون نقاش..
رجل لا يعني في حياتي غير اسم طبع على ورق ليثبت صلته إلى أبي يرحمه الله

مذ تلك المكالمة المشئومة وقعت ميتة بجسدي وروحي تأباه الخروج و الدوار يلف بي و أوجاعي تصفعني في كل مكان...
الم شعرت به منذ مده ولم ا ابه له..

و يبدو أن عمي عجل من ثورة الألم في داخلي و لم أقوى على الثبات على قدمي لأسير إلى غرفتي و إلى سريري و وسادتي, مقترب وقت وداعه إلى أخر غريب عني و عن دموعي و أحزاني و أفراحي...

فتحت عينيا بصعوبة فقد اعتادتا الظلام,
فسمعت صوتا !!
زعزع الأمان في داخلي..
و قتل الرغبة في العودة إلى الحياة..
و أثار الذكريات..
و حمل معه ما حمل..
بأحد عيني الشبه مغلفه لمحت عمي سالم يسير نحو الباب ليستديرا مرة أخرى يتكلم مع وئام لم افهم ما يعنيه فلا زال الدوار يلف بي..
ولم ارغب في توجيه الكلام إليه و انتظرت مغادرته..
لتصلني أخر كلماته إلى وئام..
( جاركم باسم )

وسؤال رنا الغاضب دفعني إلى إجابتها
" لي ينتزعنا من بيتنا بلا شفقه و لا رحمة "
كلمات أخرجتها من بعض ما يعتلي في جعبتي خرج صوتي بحشرجة مكبوتة بصمتي
لي تستدير وئام و رهف, لتهتف كل منهم..
رنا
رنا!!
رهف المتكاه على حافة السرير وحاملة الصغيرة في حضنها
و وئام التي لازلت مستديرة ناحية الباب مع ما بقى من كلمات عمي سالم
أقبلت كل منهما باتجاهي رهف تتحدث معي والارتياح بادا عليها
و وئام بملامحها المتقلبة, أحينا تشعر بمحبته و أحينا أخرى تشعر بأنك بنسبة إليها احد الصور المعلقة على الحائط...
رهف قالت
" لقد خفت أن أفقدك رنا, فانا أخاف من البقاء في بيتنا بدون وجودك, فلا احد لدينا رنا "
و بدأت سيلا من الدموع تنساب على خديها
المني أن أراها بهكذا حال, فلا تزال صغيره على هموما مثقله, متعبه, مخيفه, وصورة الفقد تتأرجح أمام عيناها...
شددت على يدها لأربت عليها..
قلت لها مطمئنه
" أنا هنا من جديد, فلا تخافي "
وئام قالت
" و أنا أين ذهبت الم أجعلك تنامين بجانبي ! "
ضحكنا جميعا حتى الصغير الغالية ارتسمت على وجهها ابتسامه تثير الحب في قلب كل من ينظر أليها...
استدركت
" أين ذهب ؟ ! "
قالت وئام
" من ؟؟ "
قلت بنافذ صبر
" عمك.. سالم "
أجابت رهف
" إلى الطبيب, ليطمئن عليكِ "
و عادت وئام لتكرار سؤاله من جديد.. و لكنها لم تنظر أجابه
" لماذا جاء إلينا ؟! "
" رنا "
" أخاف أن لا يتم الأمر.. اعني أنا و باسم.. ما بالي قد تهت اقصد الزواج "
قلت لها
" و لما الخوف ؟! انه زواج ليس ألا ! "
قالت متا ففه
" الخوف من الرجل الذي كان هنا منذ دقائق.. اقصد عمي سالم "
رهف
" هل تتوقعين أن يرفض باسم "
و لم تعلق اينا منا على سؤال رهف.. و يبدو إن الفكر لم تعجب وئام فاستدارت لتسير ببط نحو النافذ مزيحه ستائر لتنظر إلى الخارج.. غارقة مع أحلامها و مخاوفها...

بعد عدة ساعات, انتهزت فرصة تواجد الممرضة لإحضار طعام الغذاء و طلبت منها استدعاه الطبيب..
أخبرتني انه غير موجود في هذا الوقت لكنه سيكون هنا بعد ساعة من الآن...
سألتني وئام
" ماذا يدور في بالك "
تملكني الضحك مجبره من سؤال وئام فقد شعرت كمن يخطط لعمليه خطيرة و بسريه تامة.. و ممنوع وجود الدخلاء بيننا...
قلت لها
" ماذا تظنين, الخروج من المستشفى "
بعد لحظات
قالت رهف واضعه يدها على بطنها
" أنا جائعة "
نظرت إلى رهف و ثم إلى الطعام على الطاولة الصغيرة
" تعالي وكليه "
رهف قالت
" كلا.. لا أحب طعام المستشفى "
قالت وئام
" و أنا أموت جوعا, لم أتناول أي شيء من الأمس "
يبدو إن راحة الطعام و البخار المتصاعد من الإناء, فتحت شهيت الجميع, دفعت بالطعام إليهما
" تعلو و كلوه "
" أنت مريضه و يجب أن تأكلي, سأنزل إلى كافتيريا المستشفى هيا رهف "
" لن نتأخر "
أجبرت نفسي على التهام الطعام تعرفون طعم مذاق طعام المرضى كيف يكون
حركة بجانب السرير أيقظتني من غفوتي
و لم يكن غير الطبيب مع احد الممرضات غير الأخرى التي كنت هنا من قبل..
أخبرته في رغبتي في الخروج من المستشفى, ولم يبدو على الطبيب الرغبة في السماح لي بذالك
قال الطبيب معترضا
" لكنك لا تزلين متعبه, و تحتاجين إلى الراحة "
قلت بشئ من التوتر
" اا.. اشعر بالتحسن, و ارغب في العودة إلى البيت اليوم, بل في هذه اللحظة, و سريعا "
" هل هناك مشكله ؟! "
لا داعي لذكر من يكون !!!!
فقدت الرغبة في مغادرة المستشفى و حتى السرير الذي أنام عليه و الشر اشف البيضاء التي تغطيني, و المحاط بستائر قماشيه..
حاولت الجلوس مستقيمة, أجبرت نفسي على ذالك بالكاد استطعت رفع راسي من على الوسادة..
التزمت الصمت فوجوده يمنع أي احد من أبداء رأيه...
اكتشفت إن عمي متحدث لبق و يستطيع أن يكسب ود من يتحدث معه حتى الطبيب...
بالنبرة الغريبة التي يتحدث بها دائما, بكلامه الجاد, و بملامحه الجادة
"هل من مانع من خروجها ألان "
قال الطبيب مستجيبا لرغبتي أو لكلام عمي سالم لا اعلم
" و لكن.. لا مطلقا ! تستطيع الخروج..
حسنا يجب انهها الإجراءات أولا..
و أن تهتم في صحتها..
و تأكل جيدا..
و أن تأخذ كفايتها من النوم..
فهي لا تزال صغيره على لن تواجها الإرهاق من الآن "

تعرفون عندما يبدأ الطبيب في إلقاء نصائحه و أنت تحرك راسك لكل كلمه..
ورد عليه بكل لباقة
" نشكر اهتمامك "
خرج الطبيب و بقيت وحدي مع الرجل الملقب عمي
قال
" هل تشعرين بتحسن ! "
نظرت إليه بجدية و قلت بصوت جاد كما يتكلم هو حتى لا يشعر بضعفي
" بخير "
توقف عن توجيه أي كلام و الدقائق و الثواني وحتى عقارب الساعة قد توقف حتى تكلم أخيرا
قال بإصرار
" لا ستطيع إرغامك على ما لا تريدين, و لكن "
لذا في الصمت مفكرا ليتابع
" أريدك أن تطرحي على نفسك سؤالاً, هل أبدو كبير جدا و أسير بصعوبة مستخدما عكازين و قليل البصر لا أرى ما أمامي حتى تشعري بصعوبة العيش معي ومع عائلتي "
فاجأني سؤالها حتى اضطربت تعابير وجهي من الخجل و مشاعر مختلفة فهو لا يكبرني إلا بعدت سنوات فقط مابين الأربع أو الست سنوات..
انزعجت من كلامه في بأداء الأمر و بعدها وجت كل ما يقوله منطقي بحاجه إلى من يحمينا,و من يواسينا,
و بحاجه إلى رجل...
هلت من سؤاله
" ماذا ألان "
قلت
" ألان !! "
و لم أعقب
" لم تجيبي ؟ ! "
و لا زال الصمت يرافقني
" هل من الصعوبة أن تجيبي ! "
قلت
" حسنا, سنذهب معك, و هذا باردتا "
هل الارتياح ما بدا على قسمات وجهه
بقينا صامتين إلى أن جاءت وئام ورهف و الصغيرة
بعدها ذهب لإنهاء الإجراءات لخروجي من المستشفى هما أزيح من على عاتقي لوجود من يتكفل بهذا الأمر بدون شعوري بي الخجل
أزيحت الستائر ليظهر عمي بينها, كنت ارتدي عباءتي استعدادا للخروج
عندما عدنا إلى البيت هذه المرة في سيارة عمي كانت كبيرة نوعا ما كافيه لحمل عائله
كانت رهف تسير أمامي هي و وئام وعمي سالم يسير إلى جانبي مبتعدا قليلا..
لم نكد نتخطى الحاجز الأمامي, حتى لمحت أكياس وصناديق مكدسه على بعضها البعض و مرتبه
بجانب الحائط..
انحنت رهف ناحية الأكياس, فقالت بذهول
" انظري وئام فاكهه, وعلب من الكعك و أخرى من الحلوى المختلفة "
قالت وئام ضاحكه و هي تقلب الأكياس و تفتح الصناديق
" هل نزلت من السماء, أم حل العيد "
" أنها من وطن أبيكم و حيث ما ستكونون "
نظرنا جميعنا إلى عمي سالم ممتنيا و مشكورين...

بعيدا و لعدة ساعات, لتتبعها أخرى ليكتمل يومين منذ خروجي من حالتي المرضية,استعت نشاطي مجددا وشيئا من ابتسامتي..
عمي سالم كان يمضي بعض الوقت معنا و لم نسائله أين يقضى ليلته, لا نعلم أين يأكل و ماذا يشرب و لكنه كان يعود..
" تبدو هادئة "
يقصد بذالك الصغيرة
ممسك بيد الطفلة بحنان مغدقا
" قليل من الصغار يرقدون بسلام إلى حين "
كنت أتابع ما يقول باهتمام
" كما كنتي أنت, فهي تشبهك كثيرا "
صوّبت نظري إليه، متعجبة و خجله

في اليوم التالي, مجتمعين كلنا أنا و رنا و رهف و الصغيرة و عمي سالم و بيين أحاديثنا القصيرة, فلا يوجد ما نتكلم فيه
فجأة.. قال عمي
" استعدوه لرحيل بعد يوم غد و احملوا الضروري فقط "
ناقلا بصره إلينا الواحدة تلو الأخرى..
رنا بملامحها الهادئة
و رهف واختلاج تعابير وجهها للحظات
أما أنا فقد كانت هنا في ثغرة ما نار تقارب على الاشتعال لتحدث حريقا هائل وتلتهم كل ما حوله..
قلت بجراءة
" و خطبتي ! "
رافع احد حاجبيه, قال ببساطه
" يؤجل إلى وقت أخر"
هاتين الكلمتين دقت ناقوس الخطر لا قف بسرعة فقلت بتحدي فقد بدا الأمر أخر ما يفكر فيه
" لن يؤجل "
مقطب حاجبيه
" ولما الاستعجال ! "
ازدادت جرأتي إلى حد الوقاحة
" استعجال !, هل ترى الرجال يقفون صفوفا لنيل موافقتي!!... "
قاطعتني رنا, قالت
" أي كلام هذا ! "
التفتت رهف بدورها إلى رنا تأيد كلامها حتى بدون تكرار ما قالتها
ونظر إلي وهو يسأل
" وكيف ادعك هنا "
قلت بنفاد صبر
" متزوجة "
قال كمن نفذه صبره هو الأخر
" ترحلون جميعكم معي, و بعدها نبت في الأمر "
تدحرجت الكلمات لتندفع هاجمه على كل من سيحاول أن يفسد فرحتي
" لن ادع الفرصة تضيع مني, لأبقى و حيده, دون أب أو أم "
حملق الجميع بي و على وجوههم مختلف التعابير ما بين غضب و ذهول
قالت رهف و هي تنظر إلى بشيء من الاستغراب و الحزن و الخذلان و مشاعر كثير لا أستطيع ذكرها
" وئام "
لكنها عادت و أخفضت رأسها بحزن
لكني تابعة كلامي صارخة غير عاباه بأحد
" إذا كنت متعجلا للرحيل فخذهم معك "
مشيرة إلى رنا و رهف باستخفاف
تقدمت من رنا
" وئام يكفي.. فلا..
لكني قاطعتها رافعه صوتي والشر يتطاير مع كلماتي
" أنت يكفيك برودا و استسلاما.. لا تعرفين كيف يكون الإحساس بسعادة أو التمسك بما تحصلين عليه, ما رأيك أن نبقى جميعنا بدون زواج..
و أصبح عانس مثلك, فشعورك ميت وملفوف بي العنوسه...
بترت و قطعت و ألجمت ثورتي و توقفت معها أنفاسي الغاضبة و لم اشعر إلا أنا ملقاة على الأرض من الصفعة التي تلقيتها على وجهي...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

الجزء السادس

مابين الرياح العاصفة في صحراء قاحلة..
و مابين الغيوم الباكية في سماء ناجيه..
رأيت عصا ملقاة بين حفنات الرمل الصفراء حملتها بين أصابعي,
رافعتها عاليا, لأعود غرسها بين حبات الرمل, فرقت ما بينها
لأكتب بضعا كلامات و لا تعنيني فيها إلا كلمة واحدة...
امـــــــــــــــــي أين أنتي ؟
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
أهي لحظة من الزمن ؟
ليتوقف قلبي عن النبض !
و تيبس عيني عن الدمع !
و
و ماذا ؟ و ماذا ؟
صُعقت !!
كلمة لا تكفي لأصف حالي..
أم تألمت ؟؟
سؤال لديكم انتم إجابته...
هويت على الأرض بل ارتجفت ليس من شدة الصفع من يدا أختي بل من الغضب العارم الذي تأجج في داخلي ليتناثر بحمم مشتعلة على كل من حولي غير عابه بأي منهم...
الطريقة التي تكلم فيها عمي سالم بل الأمر الذي وضعه في علبة محكمة الإغلاق و ألقاها في وسط البحر إثارة جنوني...
جلست بتردد من هول الصدمة و وضعت يدي الاثنتين على خدي المصفوع فاتحة عيني ّ بذهول و مغلقتهما بذهول...
و ما زاد ني رجفة تسللت خفيه بين أضلاعي, ارتماء أختي رنا بجاني و أنفساها المتلاحقة و وجهها المحمر من الغضب و من الدموع التي تحدت تماسكها و ذرفت بلا توقف...
ويبدو أن الرجل الوحيد بيننا يحتسب خطواته مفكرا و مشدوها !
ثم أقبل نحوي و رمقني بنظره غريبة, اقصد بذالك عمي سالم..
لم أجراء على رفع أطراف رمشي بُعدا أخر مما هو عليه...
الصمت استباح المكان وحاصر عقارب الساعة و أمات النفس عن الحياة
مما زاد إضرابي عندما تكلم مزمجرا بعنف لم أعهده من قبل لأسمع الكلمات التي ذبحت الروح في داخلي...
" ليتم لكِ ذالك, ليتم..... لأنــــــــــــــي
أنــــــــــــا
من ارفض أن تكوني في بيتي!
أنــــــــــــا
من ارفض تواجدك بين عائلتي ! "
هنا بدأت رهف بالبكاء بصمت, لا ترى فيه غير سيل الدموع تتدحرج على وجهها بل توقف..
و يبدو أن الصغيرة بدأت هي الأخرى بالبكاء..
بعدما أنهى كلامه استويت واقفة
و ببساطة تجاهلته ! و نظرت إليه نظرة تحدّي و تكبر لم استطع الوقوف بعدها في مكاني..
أسرعت إلى غرفتي و أغلقت الباب ورائي و التقطت أنفاسي و نظرت إلى نفسي عبر زجاج النافذة لا فتحها لا ستنشق الهواء
و هالني ما رأيت
!
!
وجهي متوهج من الخجل و كأني أرى العالم اجمع ينظر نحوي مغتاظا ومتعجبا..
غرقت في بحر الندم و ألائم و العتاب و انتهيت بان ألقيت نفسي على وسادتي لأغرق في بكاء و نحيب, ونمت تلك الليلة بهاجس مخيفا, ارق مضجعي و أحال عيني إلى انهار متدفقة...

في صباح اليوم التالي, و اليوم الذي يليه, و ما بعدها من أيام, لتصبح أسبوع كامل على المشادة التي حصلت..
اخفي و جهي تحت الوسادة بعيدا نسمات الهواء المتسللة من بيين مقبض النافذة وكلي حزن و الم و حسره...
نعم لم أكن سعيدة ولا فرحه بما جرى, و أيضا لم اندم على الذي قلته, و ما كنت سأقوله..
عبارات تبادلناها قد تكون قاسيه و مؤلمه لكنها الحقيقة التي ذبحت ما بيني و ما بين رنا و رهف وتحديدا رنا و مابين الرجل المبجل عمي سالم...
الحيرة اكتنفت نفسي و أوقعتني في وحده اخترتها إلى نفسي..
و لم اعلم ماذا حدث خلف هذه الغرفة.. و أي مشاعر ستتغير من ناحيتي..
رنا، فقد كنت أتحاشى إلقاء معها بقدر المستطاع...
و عندما اشعر بالجوع أكتفي بطعام قليل، و أعود إلى غرفتي و حبسي المنفرد...
,,,,,,,
هل شعرت يوما بالخذلان ؟
كيف اصف ما حدث ! كيف أصفه !
حلماً !
قد تبدو كلمة صغيرة و فأرغه لما حدث
كابوساً !!
هي مجرد لحظة تٌخيفنا و تنتهي لكن ما حدث اكبر من ذالك
خيانة !!!
نعم خيانة هي كذالك خيانة.. لما التعجب ؟!
من قال إن الخيانة تصدر فقط من المتزوجين !...
من قال !!
إلا يخون الإخوة بعضهم بعضا ! ...
مع أول إطلاله لنا على الحياة تنز رع فينا هذه المشاعر, بحب الأب و حب ألام, و بالتالي تتحول إلى حب العائلة.. على اختلاف تدرج ذالك الحب من شخص إلى أخر...
لكن عندما نهدم الجسر المتواصل لمشاعر متأصلة في داخلنا بدون القصد منا وبكل سهوله ودون الاهتمام لمشاعرهم و ما يترتب بعدها...
لم أندهش أو أفاجأ بكل ما قالته فهي وئام...فلا غرابة في الأمر..
لكن ما تبعه من كلام جارح و توجيهه بشكل مستفز وبصورة مباشره لعدم أهميتنا..
و بدون ادني أي أسف و ليتفجر معها كل الألم...
لطمني و حطم البقية المتبقية من الصبر الذي ضل طويلا راقد في مكانه..
في لحظة واحدة استيقظ البركان الخامد في داخلي..
و ليختزن الغضب في يدي و بكل ما لدي من قوى ارتسمت ملامح أصابعي على خد أختي وئام...
تنازل من وئام عنا إلى عمي و كأننا لعبه يتناقلها الأطفال وكلا يلقيه في ناحية أمر لم أتوقعه على الإطلاق...
الذي حدث منذ لحظات قليلة, و أمام عمي سالم لهو موقف مخجل ويدعو للأسف..
دعونا ننسى كلى هذا دعونا ننسى أو نتناسى لأترو معي ما حدث بعدها و ما سيحدث...
خروج عمي سالم بدون أي كلمه..
اعتكاف وئام في غرفتها دون أي محاوله مني لتحدث معها,
لأني و لأول مرة لم تكن لدي الرغبة في أن أرى وجهها..
رهف وحزنه لما يحدث و بكاء الصامت و الدائم..
الصغيرة التي حلت على هذه الدنيا وهذا البيت ومحمله بذنب لم تختره..
وحدنا مرة أخرى و لا ندري ماذا يخبا لن القدر...

في إحدى الليالي، و البيت غارق في الظلام..
أتقلب على فراشي دون أن يهجع لي جفن, الأفكار تؤرقني, و سحابة من الغم تتربع على صدري, و ما بين ذالك و ذاك..
مع صوت صرير الباب تسرب ضوء مقتحم الظلام, محاولة فتح عيني لي أغلقهما مرة بعد مرة فقد اعتادا على الظلام..
للوهلة الأولى لم أتبين الواقف أمامي و أذهلني !!
فقد كانت وئام...
مطأطئة رأسها و على وجهها لا يزال اثر الدموع المنسكبة..
بخطوات مترددة متقدمه احدهم و ما خرت الأخرى..تقدمت نحوي قليلا، يلفها الاضطراب و القلق..
اقتربت أكثر, متخذة لها مكان تحت البطانية, ضامه رجليها و نظراتها مصوبة نحو الرسوم التي تغطي الشر اشف
" تصرفت بشكل أناني! "
لم اعرف حينها إذا كان هذا سؤال أم عتاب أم لؤم..
لم أعقب ولم ابدي أي مبالاة بكلامها !
تابعة ما قالت بعد صمت احرق الوقت
" احمل قلبا قاسي, بل متحجر لا يشعر إلا بنفسه "
كانت تتحدث بكآبة شديدة, و حسره تعتصر القلب..
لم أكن هذه المرة راغبة في مواساتها, فلا أزال غاضبه منها, بل متأججة غضبا و غلا...
لكن ما أن احتضنت وجهها بيديها ليخترق سكون الليل شهقة و نحيب يصدر منها من حين إلى أخر..
خفق قلبي بإشفاق وتلاشى معه كل الغضب..
أمسكت بيديها و قلت
" وئام.. "
و لم أكمل لأنها اعتصرتني بين يديها وبكاها يزداد ودموعها بللت كل البغض الذي كاد أن يبني بيننا...
لم يسبق لي أن رأيت وئام هكذا متلهفة لاحتضاني و الشوق يسبقها والدمع يدفعها والحسرة تأسرها..
بعدها ذهبت إلى غرفتها و الارتياح بادا عليها..
هنا فقط شعرت برغبة في النوم, و ما هي إلا لحظات حتى غرقت في النوم..
الساعة الثامنة مساء من اليوم التالي جاءنا زوار,
فلم يكن ذالك بالغريب فقد كانت أم باسم،
و لكن هذه المرة لم تكن وحدها بل جاءت معها ابنتها الوحيدة شذى و شقيقتيها, اقصد بذالك أم باسم...
وما كنت اتخذ مقعدي بينهم حتى عاود قرع جرس الباب حتى استأذنت من ضيوفي لفتح الباب
فوجئت !!
عرفتم من كان ؟
و من سواه عمي سالم...
نعم عمي سالم, الذي اختفى منذ الأسبوع, أيضا لا غرابة في الأمر فهو يختفي دائما ويعود مرة أخرى..
و يبدو لم يكن وحده, طلب مني التأكد من خلو المكان لإدخال الضيوف معه إلى مجلس الرجال, و من كانوا..
أبا باسم, و رجالاً آخرون لم اعرفهم..
و بالتأكيد معهم باسم..
ويبدو لا مفر, حتى أني لم أكمل طريقي حيث تقبع النساء..
إلا سمعت صوت عمي يناديني, لأتركهم معتذرة.. طالبا مني أعداد كل شيء لاستضافتهم
و هنا أيضا لم أكمل طريقي, فقد استوقفني سؤاله !
السؤال الذي الجم لساني للحظات عندما سئل عن غرفة وئام..
ليتجه مباشرة إلى حيث أشرة بيدي, بطرقات خفيفة انفتح الباب ليظهر وجه وئام من خلفه
بادرها قائلا
" أيمكنني الدخول ؟ "
حركة رأسها إيجابا.. ليخطو إلى الداخل مغلقا الباب خلفه..
سؤال أجابته معروفه !!
ما الذي جمع عمي سالم و عائلة أبو باسم ؟!
وما غير ذالك !
زواج وئام المرتقب من العريس..
و من غيره باسم..

مرة أكثر من نصف ساعة مع ضيوفي وعقلي في مكان أخر, كنت راغبة في معرفة ما حدث حيث وئام وعمي و ما دار بينهما من حديث, لكن خجلي من ضيوفنا منعني بان أهب إليهم..
و لاحظت أن شقيقات أم باسم مثلها في اللباقة و الطيبة, ترتاح النفس أليهم سريعا, فقد دارة بيننا أحاديث متفرقة لم تعني أمر بعينه,
رهف و الابتسامة الممتدة على جنبات وجهها الطفو لي أصبحت عائمة بمرح على شفتيها الصغيرتين..
لتدخل بعدها وئام وحمرة الخجل تعتلي خديها, ليقف الجميع مرحب بها و السرور أشعل المكان دفء و أكثرهم سعادة شذى شقيقة باسم,

سأختصر لكم ما حدث...
نقاش طويل و حوارات مختلفة على كيفيه إتمام الزواج بسرعة حتى نتمكن أنا ورهف و الصغيرة من الذهاب إلى المدينة الأخرى..
تم عقد القران بموافقة عمي لتمر أول ليله بعد ليالي الألم بدون هطول المصائب علينا كسيل من الأمطار..
(اللهم لا حسد)
و انتهى أول الهم.
خرج ضيوفنا و الفرح يزغرد من حول المكان..

نقطة تحول...
>
<
>
طلبت من عمي سالم البقاء معنا, و أظهرت له حاجتي لما يمكن حدوثه في ساعات الليل المظلمة..
بعد يومين ستنتقل وئام إلى البيت الأخر المجاور إلينا و نحن أنا و رهف و الصغيرة إلى حيث كان أبي يوما..
لم يبقى عمي غير لليلة واحده بعدها اعتذر منا لعدم تمكنه من البقاء فقد ترك أعمال ليكون بيننا..
لن يكن هناك احتفال كبير, فلم يمر على موت أمي الغالية الكثير فكتفينا باحتفال بسيط بيننا و عدد لا باس به من أقارب باسم..
بمساعدة باسم وشقيقته شذى استطعنا توفير ألازم من اجل الزفاف حتى ثوب الزفاف البسيط الذي ارتدته والحلي الذي تتزين به..
كيف كانت وئام ؟
رائعة !
تملكتنا الشجاعة حتى لا نضعف أمام وئام, فلو بدائنا في البكاء لن ننتهي فهي أخر لليلة هنا و لا نعلم إن كنا سنراها من جديد بعد تلك الليلة السعيدة و خروج كل المدعوين..
و حتى وئام في عالمها الجديد و الخاص, ليتحقق احد أحلامها, فهي لم تعد هنا بيننا, نتشاجر و نضحك ونبكي لكنها كانت هنا.. تتحدث بغضب و عن أحلامها حتى لم و كان الآمر مزعجا لكنها تشعرنا إن الكون يتحرك..

جاء دوركم لنزيح كل الأحداث الماضية, مع كل الصرخات و الألم و الحزن و الحسرة لنفجع من حيث لا ندري.. أو لنفرح من حيث تبدءا نقطة البداية..
حل اليوم المرتقب, اليوم الذي لن نكون في بيتنا..
محاولة بكل جهدي دفع الصناديق على مقربه من الباب, و أن أتم كل شي بسرعة مغلقة هذا و مثبته الأخر بلاصق ورقي حتى لا ينفلت منها شيء..

رهف التي اتخذت الصمت ملاذ لها في مكانها حيث هي منذ ساعات, لم تتحرك شبرا واحد,
أراها تميل رأسها أحيانا لتنتقل بصرها ناحية غرفة أمي و أحينا ناحية الباب الخارجي, نظرات حائرة أن لم تكن ضائعة بين الماضي و الحاضر و ما سنبدأ بعد دقائق فقط..

بعد ما انتهيت ارتديت عباءتي ننتظر عمي سالم فقد حان الوقت إلى الرحيل..
هنا قرع جرس الباب !
ما أن قرع الجرس حتى هبت منها التفاف مرعوبة ناحية غرفة أمي و من ثم ناحية الباب و مع كل هذا رأيت حبات من الدموع توشك على السقوط, معلنه أول الغيث..

متراجعة خطوة إلى الوراء لي تتحول الابتسامة إلى اكبر علامة استفهام
؟
فلم يكن عمي سالم,
فمن يكون ؟؟
أتريدون معرفة من ؟ !
أو ننهي الأمر ؟ !
حسنا سنكمل....
كان شاب طويل القامة تعلو وجهه غمازتين منفرجة مع ابتسامته شديد الوسامة, بهي الطلعة..
و ماذا أيضا..
يقارب عمي في العمر أو اصغر ليس بكثير
" إذا لم أكن مخطئ أنت احد الفتيات بنات أخي السيد سالم حامد "
انظر أليه كالبلهاء
قال مستفسرا
" أهذا هو بيته ؟ "
قلت
" من أنت ؟ "
قال بهدوء
" احد أقاربه "
هل يعني انه قريب لنا ابن عمي أو عمتي أو نسيت ليس لدينا عمه لا يهم سنعرف لاحقا..
قلت له و أنا انظر إلى الخارج
" و لما لم يدخل بعد "
قال
" لم يحظر, لقد جئت بدل عنه "
انفتحت عيني على مصرعهما حتى أحسست أنهما قد خرجتا من محجرهم..
قلت بتوتر
" لما "
لم يجب حتى خلت انه لن يجيب..
لكنه اخرج من جيبه ظرفا مده بتجائي و بكل تأكيد لم ابدي أي تجاوب لأخذ الظرف منه..
حتى تكلم
" من عمك سالم "
هل بدل رأيه, سنبقى في بيتنا حيث الذكريات و الحنين..
قطع سيل الاسئله المندفعة في بالي بقوله
" ألن تقرئيه "
أخيرا تكرمت لأخذهٌ منه..
فتحت المظروف و أخرجت الورقة التي بداخله..
ورقتان احدها كانت فأرغه و الأخرى مكتوب عليها و لم افهم سبب وجود الأخرى اقصد الورقة الفارغة من أي كلام, لكني تجاهلتها و فتحت الأخرى و كان هذا محتوى الرسالة

,,,,,,,,,,,
بعد التحية:
رنا.. لعلمي المسبق بكِ كتبت الرسالة..
لم استطع الحضور أليكم لظروف خارجه عن إرادتي..
و ثقي كل الثقة بمن أرسلت..
فانتم أمانه..
بانتظارك..
من عمك سالم....
,,,,,,,,,,
لم يكتب الكثير كدت ارجع الرسالة إلى الشاب الواقف ينظر نحوي لا التفت إليه و ابتسامته لازالت مرتسمة على وجهه
حرك يديه بتجائي بعبارة
ماذا
و ياله الغرابة
" لماذا لم يحظر هو أو يؤجل الآمر إلى وقت أخر "
أجابني
" لو لم يكن لديه انشغاله لكن هو من يقلكم إلى بيته "
لم يكن هذا هو الجواب الذي أردته
عاود الكلام
" هل سنقف ؟ أم ... "

ملوحا بيده نحو السيارة الواقفة في الخارج
وقعت في ورطه, كيف اصعد سيارة رجل لا اعرف لمجرد ورقه مكتوب عليها اسم عمي؟
قلت فجاء
" لما لم يتصل ليؤكد الأمر "
قال
" هو الآن خارج المدينة, و حدث الآمر سريعا.. "
قاطعته بحدة
" تقصد أنها ليس في بيته, كيف سنذهب إذا لوحدنا "
أجاب بعد أن اختفت الابتسامة التي أشعرتني بالخجل
" سيكون عند تواجدكم لا تقلقي "
صمت قليل ثم قال
" فانا لا أعض الفتيات "
اختلط على وجهي ألوان متعددة شعرت بعدها أن وجهي توهج بل مشتعل
حاولت تمالك نفسي سريعا أردفت دون أن انظر أليه
" احم.. سأجلب الصغيرة "
قال وبصره نحو الصناديق
" أهناك غيرهم ؟ "
" لا "
تقدم نحوى صندوق السيارة لوضع الصناديق الو رقيه..
و أنا حملت الصغيرة بين ذراعي, استدرت إلى رهف
" رهف هيا بنا "
و فجعت من ملامح أختي الصغيرة رهف و الدموع تشق طريها إلى الأسفل, تندفع الواحدة تجره أخرى
لم تكن تنظر نحوي ولا نحوى أي شي إمامها رفعت يداها إلى الأعلى, ليعتصر قلبي أضاعفا مضاعفه..
" أمي اقطف الورود لك ألن تأخذيها مني "
ليعلو صوتها هذه المرة متحشرجا بحسرة ولوعه
" أمـــــــــــي.. ا ا تسمعيني
أتحدث أليك أجيبي "
لم أتحمل أكثر من ذالك تركت الصغير على المقعد لاندفع نحو رهف و رجلاي ترتجفان خوفا عليها
أضمها بين ذراعي, إلى صدري بين أجفاني و لا أن أرها تجن من الحزن
( يا رب ارحمنا )
تزداد شهقاتها لتعلو في نحيب و بكاء
كلمات كثير و عبارات حزينة و ذكره مريرة تختلج رهف اعجز حتى أنا عن وصفها..
انخرطنا في بكاء مرير ليأتي البعد ليفرقنا عن بيتنا كما أبعدنا عن والدانا
جلست أدعو في سري لتهدى فلا رحمة أوسع من رحمة الله..
شعرت بغيض أن يرنا في هكذا حال, رفعت راسي لأنظر إليه مستندا على الحائط و نظرتها مصوبة إلى الأسفل حيث طرف حذاءُ و على وجهه الأسى..
و امتننت في داخلي على تصرفه النبيل..
ساعدت رهف على الوقف كانت أكثر هدوء و غسلت وجهه بالماء بيدي حتى أوصلتها إلى السيارة
لأهمس في أذنه
" لا عليكِ سنكون بخير "
دخلت البيت و حدي و ستكون الاخيره
في زاوية من جنبات البيت أودعت نظراتي أخر خيط من الماضي
خرجت من البيت لأقفل الباب بعدي و هو واقف خارج السيارة مفكرا ركبت دون أن انبس أي كلمه, انتبه لي, ليصعد بدورة
ابتعدنا مسافة تقارب الساعتين و الصمت مخيم على المكان
رهف بدت متعبه لجأت إلى النوم, و الصغيرة كذالك
نظرة إليه أحادث نفسي من يكون ؟
طار السؤل مع صوت محرك السيارة, ومن خلال المرآة العاكسة رايتها يرفع بصره نحوي و على شفتيه شبه ابتسامه أخفضت نظري سريعا من الخجل
التفت إلي مرة أخرى مبتسما
" إذن أنت رنا "
شعورا تملكني ممزوج بخجل حتى منعني من الاجابه ( اقصد الخجل )
وفهم بذالك أنني هي

لنبتعد قليلا عن هذا الشاب
بعد عدة ساعات مماثله استيقظت رهف و التحسن بادا على وجهها
قالت رهف
" الم نصل "
قلت
" كلا "
قال الشاب
" أمامنا ساعات طويلة حتى نصل "
و مازال الصمت رفيق الدرب إلى أن سمعنا صوت قوي شعرت و كأنه السيارة قد اهتزت منه
لتصرخ رهف بعدها
"أوه ربّاه ! "
__________________
عابق الذكرى غير متصل