الجزء العاشر
جزء من الماضي يعود محمل بوعود طوت مع صفحات معلقة على جدار يقارب على الوقوع و نثر كل ذكريات الماضي راسم اكبر علامة لمن لم يعشه يوما أنها قصة..
بيت قديما أصبح بدوننا مهجور..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
مختبئة بين الشر اشف و محتضنة الوسائد لتمدني بالدفء في شتاء برده قارص..
و مغمضة عيناي و سارحة في قوقعة تردد في داخلها اسم واحد و وحيد..
كريم...
أصاب بالخجل من مجرد ذكره اسمه حتى مع نفسي..
فالإحساس في داخلي ينبع كما مراهقة في السادسة عشر من عمرها تحلم بان تكون أول من يدق قلب شخص ما..
هذه الليلة بدوت كريشة طائر تحلق عاليا تتمايل بجانبية لتقع بين حناياه..
حينما طلبة مني سلمى الاتصال بأخيها كريم, كنت سأرفض و لكن الوضع لا ينتظر تأجيل أو تفكير, فهناك مولود سيظهر على ا لحياة..
رفعت السماعة بتردد لتعبث أصابعي بأزرار الهاتف لأضغط الأرقم بعشوائية, اعت ضغطها مرتين متتاليتين حتى المرة الثالثة لترفع من الطرف الآخر..
لثواني رآه لي أغلقها بعد سماعي صوت كريم غالبا عليه النوم..
اندهشت بعد صمته و تميزه صوتي و بسرعة..
يمكن للمرات القليل التي ارفع فيها سماعة الهاتف إذا كانت زوجتي عمي مشغولة أو إذا كان البيت خاليا من أي احد..
و ها هي الظرف تجبرني على الركوب من جديد في سيارته ..
و لوحدنا..
من خلال المرآة استرقت النظر و جلت ببصري على وجهه فرأيت سواد عينيه و ملامحه الحادة المحفورة بين غمازتين محتلة مساحه على وجنتيه بكبرياء..
( سأوصلك انتظري )
قال كريم و أنا أهم بركوب أول عتبه..
وقفت ملتصقة مكاني لثواني ثم تابعت صعود عاتبات البيت دون آن التفت إلى الوراء,
المفتاح في يداي اشعر به ياهتز لهول ارتجافي لأصوب بصري لجزء من الثانية على وجهة كريم ,
لتصدر مني رعشة جعلت المفتاح يسقط من بين أصابعي !
لآني عندما استدرت كان مستندا على الحائط قرب الباب و واضعا احد يديه في جيب بنطا له و اليد الآخر تحاول اخذ مكانه في الجيب الآخر و الابتسامة القاتلة احتلت مساحة من وجهه المستدير !
التقط المفتاح حيث وقع و محاولة تمالك نفسي !
لأخطو خطوة أولى في الظلام و ليتسلل الضوء من الخارج من قمر هب لتوديع آخر للحظات الليل ..
صدرت مني شهقة فزع ارتعشت بها إطرافي عندما آمال بجسده إلى الداخل !!
هل جن ؟؟
هل يعتقد أني اسمح له بالبقاء ؟ !
لكن كل الأفكار وقعت أرضا هاربة بخجل لتفكيري الطفو لي لينتشر الضوء بعدها ..
متى سأتوقف عن إبداء التفكير السيئ ؟؟
لا اعتقد ذالك !!
لقد أغاظني بقوله
(أغلقي الباب خلفك جيدا !)
هل يحسبني طفلة صغيرة لا تستطيع تحمل المسئولية و بحاجة إلى نصائحه ؟!
ثم استدار مغلقا الباب خلفه, تاركا إياي في حيرتي..
لأغلق بدوري الحديث عنه مؤقتا فقط ..
نسيت آمرا مهما جدا..
أنجبت زوجة عمي سلمى بنت جميلة بل رائعة الجمال اسمها رائدة..
بذالك تحققت أمنيت الجميع وحلت البنت الوحيدة إلى عمي سالم..
في المساء اليوم التالي عاد عمي و كم كانت فرحته كبيرة و أنا أزف إليه بشر قدوم طفلته, أسرع بعدها إلى زوجته في المستشفى..
في صباح اليوم التالي
كنا ننتظر قدوم عمي و زوجته و الطفلة الصغيرة رائدة فهي أصبحت شخص مهم و متلهفين إلى روايته..
و حتى التوأمين لم يكفا عن طرح الأسئلة عن الصغيرة..
" هل اشترت أمي طفلة صغيرة من السوبر ماركت ؟
" هل هي جميلة ؟ "
" هل ستلعب معنا ؟ "
" هل ستنام مع أمي ؟ أنا أيضا سأنم معها ! "
" هل أصابعها صغيرة مثل غيداء ؟ "
و الكثير من الأسئلة و طرح الاقتراحات من اجل الصغيرة رائدة !
و بدخول رائدة على حياتنا محمولة بين يدا عمي تقافزا كلا من هادي و فادي و حامد و حتى غيداء فهي تعي قليل مما حولها..
متلهفين للنظر إليها و حملها..
أصبح البيت بعدها مسرحا للعب و اللهو و مصدرا للإزعاج بوجود الطفلة الجديدة رائدة..
و الشجار الدائم على من يحمل الصغيرة !
" أمي لم احملها , ضعيها هنا ! "
" كل أنا من سيحملها ! "
" بل أنا "
ليبدأ البكاء في كل مرة يتنازع الجميع على حملها حامد و هادي و فادي..
في الأيام جاء كريم و معه ثامر..
قال كريم يحدث سلمى
" أصرا على آن يأتي و بعد إلحاحا منه على مرافقتي أخذته معي.. أردا آن يجلس مع الجميلة "
قال كلمته الأخيرة و هو ينظر نحوي لأخفض بصري إلى الأسفل إلى ابعد نقطة ..
قالت سلمى و هي تحمل ابنتها
" لكن الجميلة لا تكف عن البكاء "
قال ثامر قاطع كلام سلمى و بعفويه
" لا اقصد رائدة بل غيداء "
وتابع
" شقيقة رنا "
قالت سلمى بحنق
" يا لك من آخ "
تدخل كريم
" آريتي لا يكف عن إلحاحه على رأيت غيداء "
ثم تابع بسخرية
" شقيقة رنا "
في كل كلمه كان بنظر إلى ناحيتي, و أنا اخفض بصري أكثر و أكثر..
هنا شعرت بأنه رقبتي ستكسر من طأطأته بسبب كريم و تعليقاته الساخرة..
" ثامر انتبه على الجميلة "
قال ثامر مبتسما
" الجميلة.. لا عليك سأبقى حارسا لها "
ضحكت من كلام ثامر ثم قلت
" فتى مشاكس "
وجه كلامه إلي ما أطرني إلى رفع راسي
" أين هي ؟ "
قلت
" من ؟ "
قال كريم غامز بأحد عينيه و الابتسامة تشع من وجنتيه
" يقصد الجميلة ! "
توقف نبضي و الهواء عن الاندفاع إلى داخل رئتاي و وجهي زاد اشتعاله ما بين غضب و خجل حتى بدا كلامي مبعثرا و معلثم
" ا .. إنها .. الآن .. هي.. نائمة.. "
" سأفتح الباب بهدوء.. لن اصدر صوت "
و اختفى من أمامي كما اختفى كريم..
خلال هذه الفترة أي منذ أنجبت سلمى صغيرتها كانت يتردد على البيت أناس كثيرون بعضهم من أقاربنا و آخرين أقارب إلى زوجة عمي سلمى و أصدقائها واحدة فقط لم ارتح لها, فلم أرى في حياتي أمراء مثلها نفاقا وعجرفة و غرورا ابغض ما رأيت في حياتي و ما سأرى تقابلكم بضحكه رنانة خلفه الكثير من الكذب و الزيف !
و في كثير من الأوقات اسمعها تتحدث عن عنا مع سلمى ..
و في إحدى المرات, الأمر تعد الحديث العابر بل تطرق إلى وجودنا في بيت عمي و احتلالنا البيت و ابعدا عائلتها تقصد بذالك سلمى و خصوص وجودي أنا يمنع كريم من اخذ حريته في البيت..
في بعض الأحيان رد سلمى يطمئن و في أحيانا أخرى لا يدعو إلى الاطمئنان أو النوم الهادئ..
و اكتشفت السبب لاحقا..
المدعوة فائزة تهيم حب بي كريم و تسعى إلى الزواج منه..
كلامها ينشر السم في الجسم و يصعب القضاء عليه
تنظر لي بتعالي, قالت فائزة
" أهلا بك رنا, لماذا لا تجلسين معنا , أو أنت من الأشخاص الذي يبغضون الجلوس مع الآخرين ؟ "
إذا تعلن الحرب ,
تريد إن تظهرني ابغض الآخرين و لا أحب أحدا و إمام زوجة عمي..
قلت بغضب مكبوت
" أبدا.. لا ابغض الآخرين.. فقط اختار الذين اجلس معهم "
و تعددت المواقف بيني و بينها فهي تتعمد إذلالي و بطريقه هادئة و بابتسامه خبيثة تعتلي وجهها..
حتى زرعت أول خلاف بيني و بين زوجة عمي و لولا طيبت سلمى لتفاقم الوضع إلى الحد الذي لا يمكن السيطرة عليه..
في يوم ما جاءت لزيارته كما هي معتادة إذا كان عمي غائب عن البيت جاءت سلمى طارقة بابي
تكلمت سلمى بدون أي مقدمات
" فائزة تشعر بالخجل من مجيئه لأنها تشعر بأنكِ لا ترغبين في رويتها.."
قلت بعدم اهتمام
" و ما شأني بها "
قالت سلمى بعصبية
" أنها صديقتي المقربة و من عدة سنوات إما أنتي .. "
لم تكمل بدت مترددة و متعلثمه
أكملت بدلا عنها
" لا نعني لكي شيء .. و نعيق حريتك "
ندمت على قولي و ما فائدة الندم
قالت غاضبة
" لم أتوقع جواب كهذا اقلها الاحترام لاستضافتي لكم في بيتي "
لم أرد آن أشعل فتيل الشجار و لم اجب بغير
" اعلم ذالك .. سامحيني على إغفالي الآمر "
خرجت من غرفتي دون آن تهتم لقولي وذلك بسبب الخبيثة زياراتها إلى سلمى قد زادة و أصبحت تلازمها كالظل..
كانت هناك يوما حيث كنا..
اليوم و حيث كان الأمس و إلى بقايا ذكره جرداء من الماضي..
طرق الباب طرق سريع ليفتح بعدها ويظهر من خلفه ابن عمي حامد مندفع إلى الداخل ويقترب مني قبل آن أعي ماذا يحدث
امسك يداي و حثني على المشي بسرعة إلى حيث كان الجميع مجتمع وقفت مكاني و أجيل ببصري من عمي الجالس على المقعد و بارتياح و زوجة عمي سلمى و التأثر ظاهر على وجهها و حتى التوأمين و الصغير
الحبيبة ذو العام و النصف متعلقة بقدم رهف ..
إما رهف..
رهف تمسك بقرص الهاتف و تتحدث باكيه و شيئا من الفرح يتخلل بكاها
" نعم.. أكملت دراستي.. بقي عام واحد "
" و أنت سعيدة ! "
" اشتقت لكي وئام ! "
!
!
قلت بصوت عالي
" وئام !!!! "
" شقيقتي وئام !! "
بعده لم انتظر أجابه من احد أسرعت نحوى الهاتف و أمسكت بقرص الهاتف ما بين أصابع رهف وهي تحاول إمساكه لتكمل كلامه
" ها هي رن.. "
لم تكلم لان القرص الهاتف أصبح بيدي و يلامس إذني محاولة اخترقه
حتى استطيع السماع جيدا..
" وئام "
" رنا أهذه أنت رنا "
قلت و أنا أوشك على البكاء من فرط فرحي و سعادتي لسماعي صوت أختي بعد عاما و النصف
" و من ستكون غيري ! "
أمطرتني بوابل من الأسئلة و أنا أجيب
" ا انتم سعداء في بيت عمي "
" كيف هم "
" اشعر بالشوق لرويتكم "
" لما لم تتصلي من قبل ؟ كيف تنتظرين عام ونص حتى تفكري بذالك ! "
قالت بحزن
" كنا خارج المدينة طوال هذه المدة و لم نعد إلى من شهرين , و رقم هاتف بيت عمي لا اعرفه ! "
قلت مستفهمة
" كيف حصلتي عليه "
قالت موضحه
" من عمي "
قالت و أنا ارفع بصري نحو عمي الجالس حيث كان
" من ؟ "
قالت
" عمي سالم , جاء منذ عدة أشهر إلى بيت أم باسم و أعطاهم رقم
الهاتف "
" لكني جربت الاتصال و لم يرد احد "
" كانت مصادفه توافقت حضورهم و كم فرحت لذالك "
أرت الاطمئنان عليها, قلت
" وئام كيف آنت و.. و باسم "
بدا صوته يشوبه الحزن
" رنا .. هل سامحتني حقا ؟
لم تجب على سؤالي بل سألتني
قلت بحيرة
" على ماذا ؟ "
قالت بضياع
" على خذلاني.. على كل شيء "
" الآمر انتهي .. آنت سعيدة ؟ "
هنا لم تجب بل قالت
" خفت آن يكون مصيري كمصير آمي ؟ "
قلت بهلع
" ماذا حدث ؟ "
لمحت الجميع ينظر نحوي باهتمام
قالت بندم صادق
" لم يحدث حمل إلى الآن.. اهو عقابا على ما فعلت ! "
ماذا أجيبها . اخبروني انتم ماذا ؟ أواسيها بتجربة عشنا مرارتها..
معنا وتجربة خوف عشاها ولدنا قبل آن نولد..
" لا تيأسي , رحمة الله واسعة على عبادة , لا تقلقي نفسك بما لا يدا لكي في تغيره "
أغلقت الهاتف و حالي متعلق بصوت وئام حيث للحظات الماضي بقت محفورة في بيتنا القديم..
اقتربت بجانب عمي سالم لأنحني إمامه مقبلة جبينه بشكر و امتننا
" لن أنسى معروفك ما حييت "
مجتمعينا حول مائدة الطعام نتناول العشاء هذه أول مرة نكون جميعا دون تكليف في أكثر الزيارات لكريم نغلق بابا المطبخ أنا ورهف و لا نخرج حتى يغادر هذه المرء إصر هو على بقاء و تحت إلحاح ثامر بقينا
و اعتراض عمي في أول الآمر في النهاية استسلم و قبل أن نجلس معهم جميعا..
لم ا آكل الكثير اشعر بنظراته موجها ناحيتي
" سأخبركم أمرا ! "
التفت الجميع إليه,
" لقد حصلت على فرصة عمل ممتازة "
قلت سلمى و هي تطبق على يد كريم
" خبر يستحق هذا العشاء "
قال عمي
" و عملك الحالي "
قال
" استقلت "
قال ثامر
" و هناك خبر آخر, لم يخبرك عنه "
قالت سلمى
" لا تقل قررت الزواج "
ضحكاته جلجلت المكان حتى ضحك معه الجميع
قال
" كنت أتمنى ذالك "
قالت سلمى متلهفة
" هي تكلم أثرة فضولي "
" سأعمل خارج البلاد .. و سأنتقل إلى هناك "
أطلق الخبر و عم السكون بعدها حتى من أصوات الملاعق المرتطمة بالإطباق..
أخفضت الشوكة من يدي و الصدمة ظهرت جليه على وجهي..
يسافر يالا السخرية هل هزأت بنفسي آن تصورت ...
تصورتي ماذا رنا .. ماذا تخيل عقلك المجنون !
هناك دمعه وحيدة توشك على السقوط..
تكلمت سلمى بعد صمت
" فاجأتني , و ثامر ؟ "
" سيكون معي سجلته في المدرسة الإعدادية قريبه من البيت الذي استأجرته "
عمي بهدوء المعتاد, قال
" اتخذت قرارك إذا, يوفقك الله "
ثم نهضت يصافح كريم و ثامر أيضا..
اضطررت إلى البقاء حتى لا يشعر احد بما يشتعل في داخلي و تمنيت خروجهم سريعا لدي رغبه شديدة في البكاء..
بكيت تلك الليلة كما لم ابكي من قبل,
بكيت حظي العاثر و على أحلامي التي بنيت خلال قرابة العامين و تهدمت في لحظة واحدة..
بكيت كما لم ابكي يوم فقدت أبي ..
بكيت أكثر من يوم بقينا بدون أماً تضمنا إلى صدرها بحنان..
الليلة فقط تذكرت بيتنا و غرفتي و سريري و سادتي القديمة و ما تحمله من دموع لم تجف بعد ,
كم أتمنى العود حيث ما كنا و لم أرى يوما كريم !!
بعد يومان جاء كريم عل غير موعد و فتحت الباب بنفسي..
و تمنيت لو بقيت في غرفتي وان لا أقف إمامه الآن..
استدرت سريعا, فانه لا أريد رواية وجهه و ابتسامته ثانيتا..
" رنا "
أكملت طريقي غير عاباه بنداء ودخلت المطبخ و أغلقت الباب خلفي سلمى كانت تتطعم ابنتها رائدة..
قالت و هي تنظر إلى الباب المغلق
" لما أغلقت الباب ؟ "
" أخاك هنا "
" من ثامر؟ "
" كلا الآخر "
قالت و إحدى حاجبيه مرفوع بتعجب
" كريم ! "
ووضعت ابنتها على الأرض و خرجت من المطبخ و سمعت صوت كريم يتكلم معها..
بعد دقائق سمعت صوت الباب يفتح و توقعت آن تكون سلمى ..
كان كريم..
دخل وجعل الباب نصف مفتوحا و تقدم بالتجاء الطاولة الصغيرة الموضوعة في وسط المطبخ..
وقفت بسرعة و في نيتي الخروج من أي مكان يكون هو فيه..
تكلم بسرعة و بصوت خافت
" رنا .. لا تهربي .. جئت لأتكلم معك لأوقت لدي"
قلت بحنق
" لا أريد التكلم معك "
قال
" دقائق لا تضرك في شيء أرجوكِ "
لم يستطع قول أكثر من خمس كلمات فصوت سير احدهم يقترب من الباب..
بصوته الهامس و غمازتيه الاثنتين, قال
" انتظريني رنا.. حتى أعود .. فقط انتظريني "
بعدها فتح باب المطبخ و التفت بخوف إلى الواقف خلفه..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الجزء الحادي عشر
عواصف هوجاء مندفعة محطمة كل شيء..
الآمل.. عندما يصبو بخيبة..
الشوق.. عندما يحن للمحب..
الحب.. عندما يسقى كروي العطشان..
و اخيرا000000
الموت.. عندما يأخذ من نهيم بهم حبا و شغفا..
و هنا تبدءا أولى العواصف..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
بعد إعلان كريم رحيله إلى مدينة أخرى للعمل و اصطحاب ثامر معه..
الوحشة اكتنفت على حياتي و سارت على عكس ما بدا إنها ستبدى..
فلم أكن أنا ضمن مخططة الذي رسمه له و إلى شقيقة الأصغر ثامر..
و إني آمرا مؤجل إلى حين و من كلامه آخر مرة التقينا فيه و ما جنا على هذا اللقاء من موقف لا احسد عليه آبدا..
بعد يومان من الليلة التي اخبرنا فيها قراره بالانتقال جاء كريم فجاءه و أنا من فتح له الباب..
لم استطع الوقوف و النظر إليه .. يومان عشت فيهم الألم الذي كان يسيطر على حياتي قبل أن ائتي إلى بيت عمي..
شعرت خلالهم بأن الحياة قد أقفلت أبوابها في وجهي مرة أخرى..
لأستدير مسرعه إلى أي مكان المهم أن لا يكون كريم فيه..
حاول التحدث معي لكني لم أداع الفرصة له سوى النطق باسمي !
"رنا ! "
و رغم نداء لم يمنع قدمي من الاستمرار في المشي قدماً..
و لم أجد مكانا افر إليه غير باب المطبخ المفتوح و كانت سلمى مع ابنتها رائدة تلتهم الطعام.. دخلت مسرعه و أغلقت الباب خلفي..
رفعت سلمى رأسها تسال
" ما بالك تلهثين و كأنك في حلبة سباق "
" أخاك هنا "
" من ثامر؟ "
قلت و أنا أغمض عيني بغضب مكبوت
" كلا الآخر "
" كريم "
قالت و هي تنظر إلى الباب المغلق
" لما أغلقت الباب "
" لم أكن ارتدي الحجاب جيداً "
قلت كاذبة و أنا اعدل حجابي على راسي
وضعت ابنتها على الأرض و خرجت من المطبخ ليصلني صوتهم حيث أنا أموت حزن و ألاما..
بعد دقائق خفضت الأصوات بحيث لم اسمع شيئاً فسمعت صوت الباب يفتح و توقعت آن تكون سلمى..
لكنه كان كريم..
دخل وجعل الباب نصف مفتوحا و تقدم بالتجاء الطاولة الصغيرة الموضوعة في وسط المطبخ..
وقفت بسرعة و في نيتي الخروج من أي مكان يكون هو فيه..
تكلم بسرعة و بصوت خافت
" رنا .. لا تهربي .. جئت لأتكلم معك لأوقت لدي"
قلت بحنق
" لا أريد التكلم معك "
قال برجاء
" دقائق لا تضرك في شيء أرجوكِ "
قال وهو يقترب أكثر و أكثر و لا يفصلني عنه سوى عدة بوصات
" رنا "
لم يستطع قول أكثر من خمس كلمات فصوت سير احدهم يقترب من الباب قد عجل من الآمر..
بل كان الباب يفتح معلنا عن القادم..
بصوته الهامس و غماز تيه الاثنتين, قال
" انتظريني رنا.. حتى أعود .. فقط انتظريني "
لم يتسنى لي الوقت لي للفرح أو الحزن على طلبه بان انتظره !
لأنه بعدها فتح باب المطبخ و تجمدت معها أنفاسي عندما لمحت وجهه عمي يشرف على الداخل..
و التفت بخوف إلى كريم ثم إلى وجه عمي و لم استطع رفع عيني و النظر إلى تلك العينين التي تتقدا شرا..
أي مواقف لا احسد عليه و بسببك أنت ... كريم ...
من شدة خوفي لا استطيع وصف الكثير مما رايته في وجه عمي..
فصوت عمي خرجا مرتديا الجد و الصرامة, و مكبلا بثبات أعادا تدفق الدماء إلى وجهي المبيض خوفا و رهبه..
صوت عمي و بكلمتين تلفظ بهما اقشعرا جسدي اجمع من الخجل و الخوف..
" الآن تذهبي !!"
و حيث كان واقفا مد يده إلى الباب ليفتح المتبقي منه مادا يده بطولها إلى الخارج و بحركة من رأسه لم تدعي لي أي مجال للانتظار أكثر..
و هربت من الشرار المندفع من عمي ,لا اعرف ماذا قادني إلى غرفة رهف حيث كان الصغار يلعبون, غيداء و التوأمين فادي و هادي.. رفع الثلاثة رؤؤسهم و على وجوههم الصغيرة الدهشة.. تقدمت منهم مسرعه, حملت الصغيرة غيداء و احتضنتها بكل قوة, احمد الله حتى غيداء شعرت بخوفي فقد ضمتني بحنان, لكنها تراجعت بعدها تريد إكمال لعبها..
أبقيت نفسي حبيسة مع الصغار لكن عقلي يكاد ينفجر من الغضب من كريم لما وضعني فيه من إحراج, عمي الآن ؟
سؤال غبي.. ماذا سيقول؟؟ بل ماذا سيفعل ؟؟
بعد ساعة رجعت رهف من المدرسة هي أيضا تعجبت لوجودي في غرفتها !
لم يتسنى لها طرح أي سؤال كعادتها لأني عمي جاء أخيرا و بنفسه و وجهه لا يطمئنا خيرا..
قال موجها كلامه إلى رهف
" رهف اخرجي قليلا !! "
قالت ببلاهة
" أنا ؟؟ "
قال عمي ببغض
" بطبع أنتي ! "
بعد خروج رهف و التوأمين أيضا وجها كلامه مباشر و بدون أي مقدمات تذكر..
فصوت عمي المزمجر و مع كل كلمة تخرج مهددة.. أفزعت أصغر عرق في جسدي يسير فيه الدم..
" لا أريد ما حدث اليوم أن يتكرر! "
قلت متلعثمة و مرتبكة
" لكن.. أنا.. لم.. "
قال بغضب
" لا أريد نقاشاً "
قلت في محاوله يائسة لتكلم
" لم يحدث ما.. "
صرخ مزمجرا و بكل قسوة
" قلت لا نقاش في هذا الآمر.. و لا أريد فتح الموضوع مجددا "
الجم لساني مع جبروت عمي و تعنته..
فيكفيني ما ذقته من مرارة..
أي جريمة فادحة قد ارتكبتها لأصبح كالمذنب الذي لا يغتفر له..
بسببك يا كريم بني أول حاجز بيني و بين عمي و أنا من وقع في شركه
عمي سالم أصبح شديد العصبية و الغضب و خصوصا عند رؤيتي بعدها تجنبت البقاء معهم قدر الإمكان..
لم اعد أتحمل الوضع فعمي أولا و زوجته سلمى ثانيا, فزيارة و احده من الخبيثة فائزة تقلب الأمور من الأعلى إلى الأسفل و تصبح حياتي بعدها تكون فيها فائزة في ضيافة زوجة عمي, و أنا متأكدة آن الهدف من
زيارتها إلى سلمى هو إغضابي و تفجير آخر خيطا من صبري و هذا ما حدث في خر مرة رايتها فيها ,
فهيا و في أكثر الزيارات تأتي لتبدأ التلميح المباشر عن ما كان بينها أو ما تحلم بهي نحو كريم و الانتهاء به أيضا, فخرجت الكلمات مني مندفعة فقط لجعل الخبيثة تموت غيظا..
استغليت غياب سلمى فقلت إلى فائزة و أنا أتنهد بوله
" أتمنى آن يعود كريم سريعا ليتم ما اتفقنا علية "
لو وصفة لكم وجه فائزة حينها لجف الحبر قبل آن يكتب أي كلمة, فقد علا وجهها الجمود و انقلب لونها إلى الأحمر الداكن و قارب وجهها على الانفجار لكثر ما ابتلعت من هواء في جوفها دونا إخراجه..
هكذا رددت الصاع صاعين وضربتها في الصميم, فلم أعد احتمل تلميحاتها و لا غرورها و تبجحها لمعرفتها العميقة بكريم !
هانا أعلنت الحرب و أوقت النار مشتعلة..
لان كريم لي, لي وحدي أو لا لأحد..
بعد تعليقي تركت فائزة تشتعل غضبا وحدها و لا أخفيكم من شدة احمرار وجهها شعرت بان شعر رأسها سيقف منتصبا من الغضب..
لم يدم انتصاري طويلا فزوجة عمي جاءت لي غاضبه بدورها لأن الخبيثة فائزة لم تنتظر وقتا لبث الكذب و الزور و إضافة الكثير على ما قلته لها, و الله اعلم أي كلام قد إضافته من جعبتها الحاقدة..
تجنبت نظراتهم جميعا و حتى أبنى عمي الأكبر حامد أره بين حينا و آخر ينظر إلي مفكرا, هو أيضا يفهم ما حولها على الرغم الصمت الدائم الذي قدر له .. و إلحاح رهف المستمر لمعرف ما يحدث و لما كان يصرخ و
بصوت عالي في ذالك اليوم و في غرفتها و علي أنا بذات..
" رهف ليس لدي رغبة في الشرح و التوضيح "
رهف, قالت
" لأريد شرحاً فقط أشركيني في همك الذي يضيق بك و يجعلك تبكينا طوال الليل !! "
قلت و الدموع تنسكب على وجهي بدون توقف
" أنا كما الغريق مستند على قشه, ألن تبتسم الدنيا في وجهي, ألن أعيش مثل الآخرين ويكون لي من يطبطبا على كتفي عندما احزن و أتألم, اخبريني رهف أأبدو نحسا أطارد بهي نفس.. !! "
قالت رهف بحنان
" و أين ذهبت أنا ! "
قالت و أنا أحرك راسي و انتحب و ابكي كالفاقد في أول يوم له بدون حبيبة
" اقصد رجلا رهف رجلاً لي وحدي, رجلاً يحميني, رجلاً يضمني بشوق, رجلاً اشعر معه كأني ملكت الدنيا بأسرها ! "
قالت رهف باكية بحزن
" رنا.. أنا معك لا تعتبريني طفلة صغيرة تحب آن تلهو مع الصغار.. استطيع الاستماع إلى أختي ألكبره و ضمها إلى صدري كما تفعل هي تماما.. "
لم يدم الآمر طويلا لان رنا تعلقت بذراعي رهف و كل منهم تحتضن الأخرى بحب و حنان و خوف مما حدث و سيحدث..
*
*
بعد مرور تسعة أشهر و في ليلة رافقها القمر بدرا و هبات من الهواء تدخل خفية من تحت الباب جاء عمي سالم و هو مبتسم و يخرج من خلف يده شيئا ما لوحا به في وجه سلمى
" ماذا لديك ؟؟ "
" أنها رسالة من أخيك كريم "
سلمى, قالت
" رسالة ! ماذا جاء فيها "
قال عمي و هو يعطيها الرسالة
" لم افتحها فهي تخصك, أما أنا فقد أرسل لي أخرى "
أخذت الرسالة منه و بعد آن فتحتها وقرأتها صامته كانت تبتسم من حينا إلى أخر و الفرح و السرور ينبعث من وجهها..
شعرت بلهفة لمعرفة فحو الرسالة,
بعدها تقدم حامد إلى أمه يشير إليها أن تقراها الرسالة بصوت عالي..
" تريدا آن اقرأها "
أشار برأسه بالإيجاب
" حسناً "
بعضاً ما جاء فيها..
,,,,,,,,,,,
تحية من القلب من ارض الغرباء إلى القلوب المحبة و الوجوه الحسنة وكلي شوقا لرؤيتكم..
نحن بكامل الصحة و العافية ينقصنا و جودنا معكم..
و عملي الجديد جيدا جدا, و مستقراً فيه..
أما عن ثامر يسألكم كيف حال الجميلة, ويرسل قبلاته لها وحدها..
و أنا أيضا ارغب جدا في رؤية الجميلة..
و لدي مفاجئة لكم, يمكن أن تحدث في أي لحظة..
و في النهاية أودعكم السلامة..
كريم..
فقط انتظريني
,,,,,,,,,,,
انتظريني, هل قال انتظرني
يكرر طلبه دائما بان انتظره, يقصدني أنا بكل تأكيد حاولت تمالك نفسي و آن لا يظهر على و وجهي الانفعال و الفرح لسماعي ما كتب في رسالته..
علق عمي على الرسالة وهو ينظر نحوي ليشيحا بنظره سريعا
" تبدو كما لو إنها رسالة حب, لا رسالة من أخ إلى شقيقته "
سلمى طوت الرسالة و دمعه معلقة على أهدابها من شدة فرحها
" الغربة من تفعل ذالك, سالم هل تغار من أخي ؟ "
قال عمي و هو ينظر إلي للحظة
" الغربة, أو أشياء آخر ! "
و من تكلم عن الغيرة "
لم تعلق سلمى فقط اكتفت بنظره إلى عمي..
بعدها بربع ساعة..
دق جرس الباب, نهض حامد لفتحه, و لحقه التوأمين..
ليصرخ إحدى التوأمين
" ثامر "
نهض الجميع للمفاجئة السارة, و لأكنها لم تكتمل لأنه جاء و حدة..
و ما آن دخل حتى أمطرته سلمى بالقبل و بعشرات الأسئلة
" أوه.. ثامر.. عزيزي "
" هل آنت بخير ؟ و كيف حال كريم ؟ لما لم يأتي معك ؟؟ "
" هل تأكلون جيدا ؟ هل انتم مرتاحون ؟ "
تدخل عمي قائلا
" سلمى ! على أين من أسئلتك يجب آن يجيب ! يكاد يختنق بين يديك أبعديه قليلا ! "
قالت سلمى بحزن
" لا تلمني يا سالم فهما أخواي الوحيدان و بعيدين عني و وحدهما, آلا
تريدني آن اقلق ! "
قال موجها كلامه إلى ثامر
"هيا ثامر اجبها, و إلا لن تفك اسر يدك إلى يوم غد "
ضحك ثامر مظهرا أسنانه البيضاء
" لكني أريد يدي ! "
قالت سلمى بإصرار
" لن ادعها حتى تجيبني ! "
قال ثامر مستسلما
" نحن بخير "
حركة سلمى رأسها معترضة
" فقط ! "
عمي سالم لم يتمالك نفسها لينفجر ضاحكا من أعماق قلبه لتنفرج أساريره
"هههههههههههه , سلمى
ثامر تحدث معها مفصلا و أنت أوجزت الحديثة كله بكلمتين , نحن بخير "
قالت سلمى
" سالم ما بك هذه الليلة ؟ ! "
نعم عمي يبدو على غير عادته , أكثر ارتياح و أكثر مرحاً.. هل الرسالة التي أرسلها كريم إلى عمي هي السبب ؟؟ فل ننتظر و نرى !!
قال عمي
" فقط تذكرت آمرا, سأدعكم فقد تأخر الوقت, ثامر أهلا بك بيننا "
" ثامر لم تجبني ! "
قال متململاً
" قلت لكي نحن بخير "
قالت سلمى باعتراض
" قلت ذالك مسبقا , غير ذالك "
ثامر قال مفكراً
" اممممم كريم يرسل تحياته و خصوصا إلى الجميلة "
نبض قلبي نبض شوق لروايته يا ليته عاد مع ثامر و ينهي عذابي..
" كيف أتيت وحدك كل هذه المسافة ؟ "
قال ثامر وهو يمط شفتيه
" و هل تريني طفلا صغيرا يظل الطريق ! "
قالت سلمى و هي تطبع قبلة على خده
" ستظل في نظري صغيرا حتى لو كبرت "
قال
" أوصلني صديقا لكريم "
قالت مستفسرة
" و لما لم يأتي هو بنفسه !! "
" الشركة التي يعمل فيها رفضت أعطاه أجازه و هو لم يكمل العام على العمل معهم "
" و أنت ! "
" في عطلة صيفية و سأبقى بطولها هنا معكم "
قالت سلمى فرحة
" هذا يسعدني, لكن تمنيت عودة كريم فانا مشتاقة إليه كثيرا "
حتى أنا تمنيت و ليت الأمنيات بيدي..
*
*
مرت العطلة الصيفية سريعا و ثامر أضاف على البيت مرحا و بهجة و لم نشعر بمرورها السريع..
عمى سالم هدئا قليلا من ناحيتي, و عادة كما كان قبلا حتى لو بقى بعض الجفاء..
و في إحدى الأيام قررنا القيام برحلة بحرية قبل بدا الدراسة و قبل رحيل ثامر مجددا, خرجنا منذ الصباح الباكر و لم نعد إلا في فجر اليوم التالي..
و كان يوماً لا ينسى فقد سعدا بهي الجميع..
و عند عودتنا الجميع كان غارقا في النوم متعبون من كثر اللعب عدا عمي الذي كان يقود السيارة و سلمى و أنا بطبع كنت اغو من حين إلى آخر..
عند وصولنا إلى البيت و في وسط الظلام وعلى أعلى العتبات و نور القمر تبينا ظل احدهم مستندا بجانب الحائط و يغط في النوم..
توقعتم من يكون هذا الجسد العريض و الوجه المبتسم حتى وهو نائم
( اشعر بالشفقة عليه لما سيحدث له مستقبلا.. ترانيم )
توقعتم من يكون صاحب الغامزتين الساحرتين؟؟
انه المغترب في ارض الغرباء..
انه كريم !!
قال ثامر و هو يتثاءب
" انه كريم ! "
اقتربت سلمى من أخيها, قالت
" كريم انهض "
فتح عينيه ببط حتى تقينا من الواقف أمامه..
حركه أصابعه بين خصلات شعره
" جئتم, انتظرتكم طويلا "
لن اصف لكم الاستقبال و الترحيب و البكاء من سلمى لعودة كريم لأني حاولت جاهدة إخفاء الدموع من عيني فلم افلح ..
اقترب عمي محييا
" لم أتوقع عودتك ! منذ متى أنت هنا ؟ "
قال بتعب
" منذ الصباح و أنا قابع مكاني حتى تيبست عظامي "
قالت سلمى مشفقة
" أخي المسكين, ادخل حتى لا تصاب بزكام "
تقدم الجميع إلى الداخل و آن حاول كريم التخلف عنهم قليلاً التقت نظراتنا و ببسمة أخاذة قال هامساً
" اشتقت لكي "
طأطأت راسي بخجل ونبضات قلبي تتراقص بفرح..
بعد نصف ساعة..
كريم على إحدى المقاعد الكبيرة و بجانبه سلمى و عمي في مقعدا منفرد طبعا لم إجراء على الجلوس معهم خوفا من غضب عمي.. و لجت إلى النوم فهو السبيل الوحيد للبقاء مع الأحلام..
......
مرا عام كامل على رؤيتي رنا و في ليلتا قمرية جاء قمري حاملا البراءة و البسمة الخجولة .. كنت راغب جد في العودة إلى مدينتي الحبيبة و رأيت من أحب و لكن لم تمنحني الشركة التي اعمل فيع أي عطلة و تحملت الوحدة بدون أخي ثامر ثلاثة أشهر متتالية , أكملت العام على استلامي الو ضيفة لاستغلها و بدون تهاون و عند وصلي أفوجئ بخلو البيت و من أي احد لانتظر اليوم بطوله عند عتبت الباب.. و لم يهرب القمر و إلا قمري قد ظهر..
خمسة أيام هي كل ما لدي مرا منه ثلاثة و بقي يوم ونصف بالتحديد..
خلالها اتخذت قراري المؤجل...
" سلمى متى يعود سالم ؟؟ "
" الثامنة مساءً "
" حسناً "
اقبل الليل ببطء و انتظاري لسالم كطفل صغير وعد بلعبة جديدة في آخر الليل..الساعة التاسعة كنا مجتمعياً على مائدة الطعام
" سالم .. هلا أعطيتني بعض من وقتك لدي موضوعا أحادثك فيه "
قالت سلمى و هي تجمع الأطباق من على المائدة
" سأدعكم لوحدكم ! "
أمسكت سلمى من ذراعها
" ابقي, الموضوع يخصني, و الأفضل آن تستمعي لما سأقوله "
سالم, قال
" تكلم ! "
قلت
" ليس على المائدة ! "
تدخلت سلمى
" الأمر خطير إلى هذه الدرجة !! "
قلت
" لا تتعجلي "
نهضنا ثلاثتنا و ذهبنا إلى غرفة الضيوف, جلست سلمى على الكرسي الكبير و سالم معها إما أنا اتخذت المقعد المنفرد حتى لا شعر بالتوتر
" ها نحن جلسنا قل ما لديك "
استجمعت أشتات نفسي المبعثرة هنا و هناك ثم قلت
" سالم لان أزين الكلام, لأظهر نفسي مختلفا, فأنت تعرفني جيدا "
سالم و سلمى ينتظرا آن أكمل دون أن يصدر عن ملامحهم أي تغيير
تابعت
" بودي.. اقصد أن أتقدم لخطبت ابنة أخيك رنا "
هتفت سلمى
" خبر مفرح لسوفا..
قاطعتها
" لا تتعجلي, لم انتهي بعد "
قال سالم
" دعينا نستمع لها, ثم افعلي ما يحلو لكي "
أكملت
" كنت راغبا في المر و منذ التقيت بها أول مرة لكن انتم اعلم بظروفي كيف كانت و أين اسكن لا املك سوى بيت صغير جدا و لا يكفي لتكوين عائلة و مع وجود أخي الوحيد صعب الآمر و هذا ما جعلني ابحث عن
فرصة عمل أفضل و في مكان بعيد "
قالت سلمى مستفهمة
" و ما المشكلة هذا لا يعيبك "
قال سالم مستاء
" سلمى لا تتسرعي , فهمت ما تعني, المطلوب "
قالت
" لدي يوم واحد لمعرفة الرد بعدها سأعود إلى وظيفتي "
قالت سلمى مستنكرة
" إلى الآن لم افهم ما المشكلة ؟ "
قلت أخيرا
" ستكون مجرد خطبة إلى آن يقدر لي الله العودة "
لذا الجميع بالصمت و أول من ابتدأ بالكلام كان سالم
" كريم لطالما اعتبرتك مثل أخي تماما, لكن الأمر ليس بيدي القرار بيد رنا لأنه مصيرها و هي من تقرر "
,,,,,,,,,,,,
بعد عام..
ثلاث سنوات و نحن نعيش في بيت عمي..
كبرت غيداء خلالها و قريبا ستكمل الرابع من عمرها..
أما رهف في السنة النهائية في المدرسة الثانوية..
و سأخبركم إحدى أمورها..
في خلال أيام الدراسة و بعد عودتها من المدرسة مباشرة جاءت رهف إلى غرفتي و على وجهها المئات من المشاعر المختلفة خجل, توتر, اضطراب و غيرها..
و كالعادة لاذت بالصمت, و كما هو متعارف أنا من سيسحب الكلام سحبا
" رهف.. اخرجي ما في جعبتك "
قالت رهف خجلة
" أنا ماذا سأقول ! "
قلت موضحة
" أعرفك جيدا عندما يمتلئ عقلك بكلام تحاولين التكلم فيه "
قالت
" أنا !! "
قلت مصرة
" نعم آنت, هل يوجد احد سواكي معي الآن ؟ أم أتحدث إلى نفسي ؟ "
لم تتكلم اختلج في وجهها مشاعر مختلفة
قلت بإلحاح
" رهف استمع إليك "
قالت متلعثمة و حمرة الخجل اعتلت خدها
" صديقتي.. نهى.. أخبرتني.. اقصد.. تكلمت مــ "
كنت مستلقية على السرير و مع كلماتها المتقطعة رفعت رأسي لا نصت جيدا لما تقول..
" نهى ؟ مشكلة بينكم ! "
" لا "
" إذا "
قالت على استحياه
" ترغب بان.. اقصد.. إن أخاها سيتقدم لخطبتي "
لذت بالصمت صمت فجر الينبوع من ذكريات ضلت خامدة و لفترة طويلة..
مضى كل شيء بسرعة الخطبة و حتى الإعداد إلى الزواج المقرر الاحتفال به بمجرد انتهاء الاختبارات النهائية..
بدت رهف في ليلتها أجمل ما تكون زهرة في الثامنة عشر تتفتح على الحياة الجديدة بفرح و سعادة..
و من المفاجئات السارة ليكتمل الفرح في تلك الليلة هو حضور أختي العزيزة وئام و بطنها المنتفخ..
" لم أرد آن أفوت هذه المناسبة "
" تحملتي مشقت السفر و بطنك منتفخ هكذا "
قالت وئام بحنان
" انتم كل ما لدي في الدنيا رنا "
و كادا أن ينقلب الاحتفال إلى مناحة عندما احتضنت وئام رهف و كلا منهم تبكي لرؤية الأخرى..
و الحمد لله عدة الليلة على خير..
ليلتها جلسنا أنا و وئام نتذكر أيامنا الماضية و دموع الفرح تنسكب من حينا إلى آخر ..
( آه آه ذكريات الطفولة و الصبا لا يمكن آن تنسى )
" و كيف هو هذا الكريم ؟ اهو وسيم "
قلت على استحياه
" انه يأسر قلبي , و ازداد شوقا يوما بعد يوم ليته يعود ليستقر هنا ! "
قالت وئام
" تذكرت "
فتحت حقيبتها و أخرجت منها كيس صغير مدته ناحيتي
ثم قالت
" إعطاني إياها عمي قبل دخولي هنا, إنها لك "
ثم قربت الكيس من انفها, قالت
" أشم رائحة كريم بداخلة "
أسرعت بالتقاطه منها, وهي تقهقه ضحكاً
" لما أخفيته "
قالت بخبث
" خفت أن تلتهي عني به و آن لا تنطقي بكلمة بعدها "
قالت و أن ادفع رأسها بيدي
" أنت كما كنتي أختي وئام "
قالت
" هههههههههه أليس هكذا أفضل آن نكون كما نحن, سأدعك مع كريم
و أنا مع ابني القادم , تصبحين على خير "
فتحت الكيس كان في داخلة رسالة و أوراق متناثرة حولها لوردة حمراء
و راحة الزهر تفوح منه أخفيت راسي تحت الغطاء و نور خافت يصل الكلمات المكتوبة بخط كريم..
,,,,,,,,,,
رنا يا عطر إزهار الربيع..
سألتني مرة لما تقدمت لخطبتي الآن
سأجيبك.. حتى استطيع النظر إلى عينك دون خوف..
و آن لا تقتليني بنظراتك العصبية كلما نظرت نحوك..
أخيرا رنا سأحملك بين ذراعي..
سأحضر خلال شهر..
عاشق الجميلة.. كريم
,,,,,,,,,,
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الجزء الثاني عشر
و الأخير من سطور فارغة !
أتعبني البكاء ..
أتعبني..
بكيت الأب فبعده أصبحت يتيمة..
و بكيت الأم فبعدها فقدت الصدر الحاني ..
و بكيت البيت و بعده فبعده أصبحت غريبة..
و أبكاني الحب و لا يدا لي في ذالك..
رنـــــــــــــــــا !!
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
ليلة البارحة نمت و الابتسامة تتراقص على محيا قلبي..
ففيها حدث أمور ثلاث لم يكن لي اسعدا منها..
في هذه الليلة زفت رهف عروسا متزينة بجمالها..
و شقيقتي وئام وبعدا فراق قرابة الأربع سنوات جاءت تشاركنا زفاف رهف..
و هي تنتظر مولودا و قريبا جدا..
استلمت رسالة من خطيبي كريم يخبرني بقدومه بعدا ثلاثين يوما ولتحديد موعد زواجنا..
بكلماته الرقيقة التي حوت صفحة بيضاء مزركشة تفوح منها رائحة
عطره الأخاذ..
,,,,,,,,,,
رنا يا عطر إزهار الربيع..
سألتني مرة لما تقدمت لخطبتي الآن
سأجيبك..
حتى استطيع النظر إلى عينك دون خوف..
و آن لا تقتليني بنظراتك العصبية كلما نظرت نحوك..
أخيرا رنا سأحملك بين ذراعي..
سأحضر خلال شهر..
عاشق الجميلة.. كريم
,,,,,,,,,,
نمت ليلتي محتضنا الرسالة و كلي شوق لرؤية كريم..
في اليوم التالي..
الساعة الواحدة ظهرا استيقظت متأخرا على غير عادتي, البارح بعد زفاف رهف قضيت الوقت ساهرا مع وئام نستعيد الذكرى الماضية و اللحظات الجميلة التي أسعدها بارتباطي بكريم, و حياتها التي تعيشها مع
باسم..
أما عن شقيقتي غيداء لم تكف البارحة عن اللعب هي و رائدة ابنة عمي سالم في حفل زفاف رهف و لشدة تعبها نامت في السيارة في طريق العودة من مكان الحفل إلى البيت..
و في صالة البيت الصغير..
وئام جالسة على المقعد الكبير و في يدها كوبا من الشاي الساخن و غيداء على الطرف الأخر من المقعد وئام كانت تنظر إلى غيداء بنظرات غريبة جامد لم افهم لها معنى..
" وئاااااااااااااااااام "
صرخت بقوى في وجه وئام الغافلة
انتفضت حتى سقطت قطرات من الشاي على ثوبها الفضفاض,ثم قالت
" أرعبتني "
قلت لها و أنا أحرك إصبعي ناحية وجهها
" في ماذا كنتِ تفكرين ؟
اممممممم
في قتل الطفلة مثلا ؟! "
وئام فتحت عيناها على و سعهما مندهشة مما أقول, هنا انفجرت ضاحكة
" هههههههههه كنت أداعبك "
قالت وئام حانقة وهي تمسح ثوبها
" دعابة ثقيلة ! "
سألتها بجد
" حقا بماذا كنتِ تفكرين ؟ "
وئام, قالت
" كنت أفكر.. "
قاطعتها
" إذا كما توقعت تفكرين في قتلها "
قالت وئام وهي ترفع الوسادة الصغيرة من على المقعد تهدد بضربي
" ألن تكفي ! ماذا حدث لرنا القديمة ؟ "
عاودت الضحك
" ههههههههه, وضعتها في علبة من مغلقة الإحكام وكتب عليها عبارة لا عودة "
قالت بخبث
" كل هذا بسبب رسالة من كريم ! "
قلت و أنا أحرك خصلة من شعري
" و أكثر "
سئلت مفكرة
" تشبه من "
رفعت إحدى حاجبي مستفسرة
" من ؟ "
" اقصد الصغير ! , تشبه أبي أم أمي ؟؟ "
قالت وئام وهي تشير ناحية غيداء لتشيح ببصرها بسرعة عنها
" غيداء ! "
انظر إلى الصغيرة الغالية غيداء الساكنة في مكانها, اختزن كل جزء من ملامح وجهها الصغير و كأني انظر إليها لأول مرة, و كأني أؤكد على ما أراه دائما
" اعتقد, اهمم أبي "
قالت مؤكدة على كلامي
" كما قلت أنا, فهي أخذت الشيء الكثير من عينييكِ "
قلت بخجل
" حتى كريم قال ذالك "
قالت و هي تحرك إحدى حاجبيها
" هههههههههه, و ماذا قال أيضا "
ازداد خجلي و حاولت تغير الموضوع
" كم ستمكثين هنا ؟ "
" غدا سأرحل "
قلت بحسرة
" آوه وئام لماذا لا تبقين أيام أكثر ؟ "
نظرة إلى بطنها و قالت
" أتمنى ذالك, لكم كنت مشتاقة لرؤيتكم أنت و رهف و.. و و حتى غيداء , لكن
تابعت وهي تنظر إلى بطنها
" سألد قريبا و باسم مشغول جدا بعمله, ثم البيت هنا صغير و لن يكفي لي و باسم حتى لو لليلة واحدة "
تقصد بذالك بيت عمي سالم فهو صغير و ممتلئة بالأرواح البشرية
اقتربت احتضنها
" سأشتاق لكي "
قالت
" لا تخافي سأحظر زفافك أنت و المدعو كريم "
قلت مهدده و ساخرة
" أقتلك إذا لما تفعليها كما كنتِ ستقتلين الصغيرة "
قالت ضاحكة
" هههههههه لا تكفين "
*
*
رحلت وئام إلى الأرض التي ولدنا و عشنا على ترابها مودعة إلى ما يكتب الله لنا من لقاء.. و خلال أسبوعاً من رحيلها اتصل لنا باسم يخبرنا بان وئام أنجبت صبيا أسمته إبراهيم..
مرا الشهر يعد اليوم ليصحو يوما آخر مشرقا بقرص ذهبي متوهج..
مرا شهر يحوي ثلاثون يوما أعدها بأنفاسي المشتاقة و نبضات قلبي الحانية و دموع عيني المحبة.. اعد معها ساعتها أسابق النهار لأنام ليلاً لأصحو على يوما جديد فقط لرؤية كريم..
في احد الليلي كنا مجتمعين كلنا حامد و عمي سالم و زوجته سلمى و على رجليها رائدة الصغيرة على مقعداً الكبير و كريم جالسا بجانب ثامر على مقعد و أنا بمقعد أخر و بجانبي غيداء..
" ألن تحددا موعدا لزواجكم "
استدار كريم ناحيتي و ابتسم تلك الابتسامة
" إذا كانت رنا تريد "
ابتسمت على الرغم مني
تابع قولة
" التاريخ العاشر يناسبك ؟؟ "
" من ايتى ناحية "
أجاب و هو يغمز بعينه
" الزواج , و ما غيرة "
قلت بخجل
" كما تحدد أنت "
سارات الأمور على ما يرام إلى أن تفجرت القنبلة التي زعزعت البيت و انقلب الأمور على عقباها و اختلطا الحابل بالنابل و جفا عيني النوم من الدموع من الصراع الذي عشته و من الاختبار الذي وقعت فيه و هو
الاختيار..
في عصر ذالك اليوم كنا نتحدث و نتضاحك مع زوجة عمي و جاء في الحديث ذكر غيداء..
" البيت الذي اشتراه كريم كبير حتى انه خصص غرفة خاصة إلى غيداء "
تدخل عمي في الحديث
" غرفة إلى غيداء ! لماذا ؟؟ "
قلت ضاحكة
" لن يعقل آن تنام معنا بعدا ذالك "
لكن عمي لم يضحك و لا حتى يبتسم بل بدئ وجهه واجماً عابساً
" ماذا هناك عمي ؟؟ "
ببساطه قال كلمته, ببساطة
" غيداء ستبقى في بيت عمها "