مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 11-07-2006, 07:56 PM   #5
عابق الذكرى
عـضـو
 
صورة عابق الذكرى الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
البلد: حبيبتي (بريده)
المشاركات: 2,621
لذت بالصمت كما لاذ الجميع, لكن عقلي كان يتكلم و يسأل و يرفض نعم يرفض قرار عمي..
" سآخذه معي عمي, ثم لما تبقى هنا و سوف أتزوج ؟؟ "
" يجب آن تتربى في بيت عمها ! "
" لكني أختها و من رباها و سيربيها ! "
صرخ عمي مزمجراً
" رنا الموضوع منتهى منه و لا نقاش فيه ! "
ينهي الموضوع و يغلقه كعادته دائماً في فرض رأيه على يخصني ثارت ثائرتي و تفجر البركان الخامد من حجرة معلنه التحدي..
قلت و أنا اقضم غيضي
" لم ينتهي عمي .. "
لكنه خرج من البيت غير عابئاً بكلامي, و من تلقى ثورتي زوجته المسكينة سلمى
" سلمى لما يفعل كل هذا ؟؟ "
" إهدائي, لم أراكي ثائرة هكذا من قبل !! "
قلت بأسف لا ذنب لها
" اعتذر, لم اقصد لكن عمي.. أف.. سأنتظره إلى أن يأتي "
لكن عمي كان أذكى مني لم يرجع إلى البيت ألا في وقت متأخر مما اضطرني دخول غرفتي و أبت الآمر في الصباح..
في الصباح و التعب اخذ مني مأخذ فلا نوم و لا ارتياح بكاء فقط بكاء و بعد نقاشا طويل و متعب..
أحاول تمالك نفسي بالا اصرخ في وجه عمي, قلت
" غيداء شقيقتي و إذا كنت سأتزوج سآخذها معي "
قال بتحدي
" إذا تزوجني ستبقى هنا "
" لماذا تصر ؟ "
" ستبقى في بيت عمها "
بادلته القول
" و هناك مع أختها "
" مع رجل غريب ؟ "
" كريم ليس غريبا فهوا سيصبح زوجي "
" بل اقصد ثامر "
" لأكنه صغير ثم ما العيب في ذالك "
قال موضحاً
" سيكبر و لا يصح أن تبقى مع رجل غريب في بيت و احد "
" إذاً لا زواج ! "
هزا عمي رأسه ثم قال
" ليس سبب لترفضي ! "
قلت, بحنق
" كيف لا يوجد سبب و غيداء ؟؟!! "
" أنت من ستتزوج و ليس هي "
لم تعجبني سخريته
" فكري بروية "
قلت بعناد
" لكني اتخذت قراري و لن أتراجع عنه "
تابعت بإصرار
" حتى لو كان لمصلحتي "
لا فائدة من كل المحاولات حتى إني كلمت كريم و ليحاول هو يمكن آن يؤدي إلى نتيجة, و جاءني خائباً
" ستبقى في بيت عمك و ستكون بخير "
قلت محتجة
" أنت لا تريدها في بيت ؟؟ و من لا يريد غيداء يرفضني بدوري "
" لا رنا, و لكن أريد تسهيل الآمر عليك أنت تعلمين كم أحب غيداء و كذالك ثامر "
" تكلم إذاً مع عمي و أقنعه ! "
كريم, قال
" تكلمت معه و هو مصر ما بيدي شيء "
قلت بغضب
" حتى أنا الآمر ليس بيدي "
انسحب إلى الوراء, قال
" ماذا يعني "
قلت و أنا اغتصب الكلام ليخرج
" لا استطيع خذلان غيداء "
قال صارخاً
" رنا لا تفعلي بي هذا ! "
ورحل كريم و كيف اصف لكم يوم رحيله و أي حال كنت اشعر و أي موقف وضعت فيه بسبب عمي مع زوجته
في الليلة ذاتها صغيرتي غيداء باكية و دموع معلقة على خدها
" رنا سترحلين عني ؟؟ "
" من قال لكي ؟؟
قالت وهي تبكي
" هادي و فادي "
ارتفع صوته بالبكاء و هي تحتضنني
" لا تتركيني رنا "
قلت و أنا امسح دموعها
" لن أتركك أبدا , أعدك فأنتي ابنتي "
و في الصباح استيقظت منزعجة من كل شيء حتى سلمى
" لما تكلميني هكذا ؟؟ "
التفتت إلي غاضبة
" و كيف أكلمك ؟
" مكرها "
قلت متضايقة
" ما فعلته بكريم لا يغتفر "
" و ما فعله عمي ماذا يسمى و قراره التعسفي "
" هل رايتي مني ما يسوء حتى تخافي من بقاء أختك معي "
" ليس الآمر علاقة بالخوف, انه مستقبل غيداء .. "
" سلمى تعرفين شعوري اتجاها كريم ! "
قلت بغضب
" ماراه بأنك حطمتي كريم ! "
سألتها
" ما الذي ترديه مني أن أتزوجه و اترك أختي تموت قهرا و هي صغير أنت لم تراه البارحة كيف كانت تبكي خوفا من تركها "
قالت سلمى بحنق
" أو تظنين أجبرك على الزواج من أخي ! "
تلقيت العتاب من الجميع و أولهم شقيقتي الغائبة وئام تلقيت اتصاله المنزعج تلومني على تصرفي و إهدار فرصة يمكن آن لا تتاح مجددا..
حتى رهف عندما زارتني عنفتني حتى خلت إنها الأكبر
" كريم لا يستحق منك كل هذا العذاب "
" رهف عمي هو المسئول عما يجري و سيجري "
قالت رهف
" ستكون بأمن, في بيت عمها لما العناد "
ففي كل شيء يقف عند طموح الآخرين أكون إنا عنصر متخاذل
" غيداء ستكون معي أينما اذهب و عمي سأجبره بطريقتي ... "
قبل أن أتم جملتي سمعت صوت عمي سالم يقول
" و كيف ستجبرينني رنا ؟؟ !! "

قلت بدون آن أعي عواقب قولي
" أريد العودة إلى بيت أبي , بعيدا عن تحكمك بنا "
" و هل سأسمح بذلك ؟؟ "
انسحبت رهف و بقيت وحدي أوجهه الموقف الذي سترون آلمه القاسي و وجعه الدامي..
" استطيع تدبير أموري و حدي لي و إلى شقيقتي, بيت أبي لا يزال قائما مكانه و سنحتمي فيه و بعيدا عن وضع حملنا عليك "
تقدم مني وامسك بذراعي بشدة وقوى خلت معها إنها تقطعت مع كلامه الجارح
" بيتكم تنسينا وجودة وكل ما يتعلق بهي من ذكريات.. و الآن اجلبي المفتاح "
قلت غير فاهمة
" أي مفتاح ؟؟ "
قال بسخرية
" مفتاح البيت الذي سيحميك مني ! "
افلت ذراعي, و دفعني بعيدا عنه.. و صرخ
" الآن ! "
أسرعت ابحث بين حقائبي القديمة لأني تركته مع أشيائي القديمة فتحت الحقيبة فتحت الجيب الداخلي فلم أجد شيئا و بحث في الجيب الخارجي خلف الحقيبة وجت ظرفا اغبر من ترهات الزمن فتحته و لم يكن غير
الرسالة التي أرسلها عمي سالم منذ أربع سنوات و سلمني إياها كريم
سحبها من يدي عنوة
" لا زواج فإذا لا رسائل من اليوم "
أتذكرون ما كان مكتوبا فيها سأذكركم..
,,,,,,,,,,,
بعد التحية:
رنا.. لعلمي المسبق بكِ كتبت الرسالة..
لم استطع الحضور أليكم لظروف خارجه عن إرادتي..
و ثقي كل الثقة بمن أرسلت..
فانتم أمانه..
بانتظارك..
من عمك سالم....
,,,,,,,,,,
فتح عمي المظروف وقبل أن يقراها قلت موضحة و مرعوبة من غضبه
" أنها الرسالة التي أرسلتها مع كريم يوم جاء يأخذنا إلى بيتك "
قلت و أنا امسح على ذراعي
" لازلت في الحقيبة لقد نسيتها تمما "
حمل الورقة بين أصابعه تذكرونها الأخرى الفارغة
تابعت بعصبية
" أرسلتها أنت و حتى الورقة الأخرى الفارغة "
أجاب بعدم اهتمام
" اعلم "
" تعلم بوجود ورقتان في المظروف ؟ "
قال ببرود
" نعم "
هذا يعني هو من وضعها...
عمدا !
" أنت من وضعها ؟ "
ليأتيني رده أكثر برودا من قبل
" نعم "
قلت بدهشة
" لماذا "
لماذا يضع شخص ما ورقة خالي من الكلام في رسالة ؟؟!!!
هنا على صوته مفزعا حتى لرمش العين
" أتريدين آن تعرفي لماذا "
الاندهاش و الصدمة اجتاحت على جزء من جسدي لما بان على وجهه من غضب مكبوت يحاول إخراجه..
خرج صوته مزمجرا بعنف
" سأخبرك ! سأخبرك رنا ! أبنت أخي الأكبر! إبراهيم.. "
" أباكي و منذ ثلاثين عاما كان يعيش هنا بيننا كعائلة واحدة لكنه اختار البعد و الفراق على محبة أهله, وتعرفين لماذا لان أمك لم تنجب و ألححت عليه أمي يرحمه الله بالزواج لتفرح بأولاده فقد كنت أنا صغيراً و
لم يحن الوقت للزواج.. غادر بدون رجعه على الرغم من بكاء أمي, فلم يعطف على كبر سنها و لا تعبها كأم, تعبت أمي كثيرا و أرسلت له رسالة اطلب من المجيء من اجل أمي , تعلمين ماذا فعل أرسل مع رسالتي
ورقة فارغة و لم يكن فيها كلمة واحدة و لا حتى سؤال عن أمه المسكينة, و توفيت أمي حزينة و مقهورة و مشتاقة لابنه الغائب لكن لم يكن لهذا فقط , فوضعت بيدي الورقة الخالية لأريحك من البحث عن أخرى في حال كان اختيار طريقة أباكي في الرد "
سحب الحقيبة و فتشها بنفسه عن المفتاح حتى وجده..
لم يدع فرصة للكلام أو التوضيح فقد صرخ صرخة اهتز لها قلبي و كل جزء من جسدي حتى ارتعشت أطرافي..
" هي كلمة أكررها مرة واحدة و لن تعاد ثانية, لكي أن تتزوجي لكن غيداء ستبقى هنا في بيتي, و إلا لا زواج و لا غيره تبقينا أنت أيضا إلى أن تموتي و في بيتي "
لم يكن عمي من يقف أمامي بل قلباً متحجراً و متلبسا ً بروح بشرية, أنهى حياتي, عمي من أنهى حياتي..
كبر كل شيء أمامنا حتى البيت الذي نسكن فيه تبدل إلى آخر اكبر ليحمل متطلبات الحياة..
و كبرا الحزن في قلبي ليتخللها في بعض لحظاتها شيء من الفرح
و كبرت غيداء , سبعة عشر عاما هو عمر محبو بتي الصغيرة..
أربعة عشر عاما هو ما مرا على جمود حياتي لأكبر بدوري بدون آن احمل من الحياة غير مآسيها, هنا انتهى دوري بصفحات ملأتها لكم بدموعي و الأمي لن أكابر و بعض من أوقاتها الفرحة..
سأبقى صامته لترو بأنفسكم ما تبقه من صفحات لم تملى إلى الآن و بقيت معا سطور فارغة..
صراخ و بكاء و ضحك أجتمع الأصوات الثلاثة في آن واحد اختلطت مع بعضها لتزلزل أركان البيت.. لتخرج كلا ًمن رنا و سلمى كلا منهما تستطلع ما يحدث..
في حديقة البيت و عند السور يقف شابان و فتاتان, احدهما يمشك بشعر الفتاة و في يده مقص, و تصرخ تحاول الابتعاد عنه و البنت الأخرى يمسكها الآخر يمنعها من الاقتراب منهم و هو يقهقه من الضحك..
" فادي اترك شعري "
فادي, قال
" ليس قبل آن أقصه "
قالت غيداء بتحدي و تهديد
" لن تتجرءا و تقص شعره و احد و إلا دخلت و أنت نائم و حلقت شعرك إلى الصفر و أكمل ما تبقى منه "
قال فادي بعناد
" و تتحدين
قالت رائدة و هي تحاول الإفلات من يد هادي
" اتركها لم تفعل شيء "
قال فادي
" اسكتي أنت و إلا جاء دورك "
هادي قال و هو يشد هو الآخر على شعر رائدة
" و أنا من سيقصه بيدي ههههههه "
فادي رفع المقص بيده و بيد الأخرى شعر غيداء
" استعدي سأبدى "
علا صراخ غيداء من ملامح فادي فقد بدا جاداً فيما يفعلها , و انقلب
الصراخ إلى بكاء و بصوت عالي !!
قالت بمحاولة يائسة
" ستندم فادي, اتركني "
" فادددددددددددددددي !!! "
صوت سلمى و هي تركض إلى وسط الممر الطويل الذي يصل الباب الداخلي بالحديقة..
انزل يده التي تحمل المقص لكنه لازال يمسك بشعر غيداء
صرخت
" اتركني "
تراخت قبضته قليلاً حتى أفلتها
رنا تقدمت منى و في عينها مغزىً لم افهمه, قالت
" غيداء لما لست مرتديه حجابك "
قلت و أنا اعدل الحجاب على رأسي
" هذا الأحمق نزعه من على رأسي "
" قال فادي حانقً
" لا تقولي أحمق يا صاحبة اللسان الطويل "
خاطبته أمه قائلة
" لما فعلت ذالك ببنت عمك ؟؟ "
قال و هو يمد إصبعه مهدداً
" كنت سأقص لسانها , و ليس شعرها فقط "
سألته متعجبة
" لماذا ؟؟
قال هادي و هو يقهقه من الضحك و يضرب على رأس فادي
" نعتته بالأقرع ههههههههه "
و يبدو أن غيداء لم تكتفي, قالت
" و أنت لا أرى شعرا معلقا على راسك "
ضحك الجميع على تعلق غيداء و تقدم هادي من غيداء يهددها بنزع حجابها لكنها ركضت إلى الداخل و رنا و رائدة معها وظلت سلمى مع ابنيها هادي و فادي..
قالت سلمى محذرة
" لم تعد أبنت عمك صغيرة لتنزع حجابها, فهو آمر مفروضا عليها و إياك آن تفعلا ذالك مجددا "
هادي و فادي قالا في نفس الوقت
" و لكنها غيداء "
أجابت
" لكنها كبرت و أباكما لن يعجبه ذالك "
فادي و هادي شابين في مقتبل العمر عمرهم ثلاثة و عشرون عاما يدرس فادي صيدلة أم هادي فقد اختار دراسة المختبرات, آخذا من ملامح أمهم الكثير و ابتداء صلع خفيف في رأس كل منهما, و غيداء لا تكف عن التعلق عن صلع فادي كلما اغتاظت منه و هيا تعاملهم بشكل مختلف فهم لا ينفكان عن مضيقتها كأخت لهم..

أما عن حامد عمره الآن ستة وعشرون سنة أكمل دراسته وتخصص في هندسة الحاسوب و يعمل في شركة كبير في وسط المدينة, حامد مختلفا عن أخويه فهو جادا و مسئول,غيداء تعلمت منه لغة الإشارة عندما كانوا صغار أم الآن فهي قلما تجلس معه بقرار غير مباشر من سالم..

نهاية العام الدراسي و الجميع مشغول في الاختبارات غيداء و رائدة في السنة الثانية من المرحلة الثانوية مع آن رائدة اصغر من غيداء بعدة أشهر إلا أن سالم إصرا على إدخالها المدرسة مع غيداء حتى لا تفوتها المدرسة بسبب نقص في عدة أشهر..

الكتب ملقاة في كل مكان أقلام هنا و دفاتر هناك و علب من الطعام و الحلوة و العصائر مبعثر في كل مكان حيث تذاكر غيداء و رائدة, و فجاء انفتح الباب ليطل رأس أبنى عمي حامد, آمر غير متوقع الحصول أن
يتواجد هو و في هذه الغرفة نقلت بصري سريعا إلى البعثرة التي تعم الغرفة و كذالك رائدة , اخفت رائدة ما بجانبها أسفل الطاولة التي تجلس عليها أم أنا فقد قبعت مكاني بلا حراك..

جلس حامد بعيدا قليلا سألني أولاً وهو مبتسم محركا أصابعه بالغة الإشارة
" ماذا تذاكرين ؟؟ "
رددت الابتسامة
" فيزياء "
سئل مرة أخرى
" هل انتهيتِ منه ؟؟ "
حركت صفحات الكتاب في يدي, ثم قلت
" الكثير "
رائدة خاطبت أباها
" تكذب , فهذا قولها دائما و في النهاية تحصل على درجة أعلى مني "
رفعت أوداجي متفاخرة
" هذا لأنكي عمياء لا تقرئين جيدا "
رائدة تعمدت السخرية, قالت
" سنرى ماذا ستفعلين في مادة النحو "
" ههههههه أبعيديها عني تصيبني بالتخمة "
نهض حامد من مكانه مشيرا لنا بخروجه و في لحظة ظننا بأنه رائدة غافلة أشار حامد لي
" ادرسي جيداً نجاحك يعنيني, مثلك "
أحمرا وجهي و تناقلت عليه جميع الألوان و لم أرد عليه بل أخفضت بصري حتى خرج..
" موووووووووووولعً بكِ "
تلعثمت و أزداد اشتعال وجهي خجلاً
" تتوهمين "
" حقا و هذه الحمرة التي تعتلي وجنتيكِ "
قلت و أنا أخفي وجهي بالكتاب
" انه.. انه البرد "
قالت وهي تعيد بصرها إلى الكتاب أمامها
" حقاً سنرى "
نعم حامد يهتم لأمري و هو أكثر رقة علي أنا و رنا من عمي سالم الذي يعامل رنا بجفاء أو حتى زوجته سلمى..
الأربعاء الساعة الرابعة عصراً
انتهينا اليوم من الاختبارات المهلكة و لم يبقى سوا عام واحد و انتقل إلى الجامعة..
في غرفة المعيشة أشاهد التلفاز و رائدة تتأفف على أي قناة اختارها
" غيداء.. هي ابتداء المسلسل و سينتهي و أنت تقلبين في التلفاز "
قلت بعدم اهتمام
" لازال هناك وقت ليبدأ ثم أريد أشاهد البرنامج "
و بما إننا نقسم معظم الأمور بيننا اليوم دوري في الحوزة على جهاز التلفاز و التبديل و كما أريد لكن ما لا يعجبني ما حصل الآن..
دق جرس الباب و الأسوأ في حظي اليوم دوري في فتح الباب إلى أبناء عمي تجاهلت صوت الجرس و تابعت النظر إلى جهاز التلفاز..
" فلتفتح أحداكن الباب "
صوت زوجة عمي المسترخية على إحدى المقاعد
رفعت رائدة صوتها و هي تشير بأنها فهمت حركتي
" غيدااااااااااء "
قلت ببساطة
" افتحيه أنتِ رائدة "
قالت بعناد
" لكنه دورك "
قلت كاذبة
" بل دورك أنتي "
قالت سلمى مؤكدة
" انه دورك يا غيداء , أسرعي و فتحي الباب "
أخرجت رائدة لسانها بشامتها, نهضت بتثاقل لآمر زوجة عمي لبست الحجاب و عدلته سريعاً و في نيتي ضرب هادي أو فادي و على رأسهم بجهاز تحكم التلفاز إن كان أحدا منهم, فقد أخذته عمدا و غيضا من
رائدة..
أمسكت مقبض الباب لإفزاع أبناء عمي فهو أحب الأمور إلي آن أثير الأقرع, أنزلت مقبض الباب ببطء و من ثم دفعت بالباب بعنف و كدت اصرخ بصوت عالي , فالواقف عند الباب ليس هادي أو فادي أو حتى
حامد المولع بحبي كما تقول رائدة أو عمي سالم الذي كبرا بعض الشيء بل كان شابا طويووول القامة عريض المنكبين و خصلات من شعره تتطاير تنبئ عن هبوب عاصفة مستندا على الحائط واضع يديه في جيبيه يرتدي معطفاً اسود و نظارة شمسية, ونظراته مركزه مركز عند طرف حذاء..
رافع رأسه من حيث كان بصره..
تحول الجمود في وجهه قليلاً قليلاً إلى ابتسامة انتزعت كل ما حولي و ثبتت عن تلك الابتسامة الساحرة..
أي شخص سيطرق الباب سيعرف بيت من أتى, ففي الخارج لوح مستطيل الشكل معلق على الحائط مكتوبا عليه بيت سالم حامد..
يمكن أن يكون من أصدقاء التوأمين..
انتشلني صوته المنخفض من غفلتي
" لم تجيبي ؟؟ "
" ماذا ؟؟ ... "
قال
" أنتِ غيداء "
سأشكوه إليهم فكيفه يتجرءا و يسألني عن اسمي و كيف عم يتكلمون عني عند الغرباء, لم اجبه إنما كاد وجهي ينفجر غيضا..ً
سئل مرة أخرى
" أين سلمى "
يا له جرأته يسأل أيضا عن زوجة عمي أي أصدقاه ترافقون, سألته بعصبية
" و من أنت حتى تسأل "
قال ببساطة وهو يخرج إحدى يديه من جيبه
" أكون أخاها.. ثامر "
ما آن نطق بالاسم حتى اندفعت راكض من إمامة إلى الطابق الثاني و إلى غرفة المعيشة,
وقفت عند الباب لاهثة و أحاول جمع أنفاسي..
" من كان ؟؟ "
قلت
" إن .. انه .. "
" من ؟؟ "
" انه ثامر "
هذه الليلة انقلب البيت فرحاً و ضحكاُ و بعض من البكاء من زوجة عمي لرؤيتها إحدى إخوتها بعد ثلاثة عشر عاما, فبعدى المشكلة التي حدثت بين عمي و رنا و بينها و بين كريم زار ثامر أخته مرة و احد و لم يرجع بعدها فقط يتبادلون الرسائل فيما بينهم و أما كريم لا نسمع أخباره إلا ليمما, لان عمي منع أي علاقة بين رنا و كريم حتى بالرسائل و كان يردد جملته على مسمعا من الجميع..
الحمد لله إني لم أوافق في البداية على عقد أي زواج إلا إذا اقترب الزفاف و إلا أصبحت الكارثة اكبر..
أم رنا و بسببي تنازلت حن حلمها و حبها كريم برغم محاولته في البداية التمسك بموقفه زواجه من كريم و اخذي معها لكن مع جبروت عمي و عصبيته و محاولته المخيفة لحظها لتحدي الجميع في رأيه و موقفة حتى لو كان لهدم الحائط الذي تتماسك عليه رنا..
رحل بعدها كريم على آمل أن يعود في العام القادم و يغير إحدى الاثنين من مواقفهم رنا و عمي و لكن لا طائلة في الآمر, ليعود خاوي اليدين محمل بهموم لا تعد..

هذه الليلة قبعنا أنا و رنا في كلا في غرفتها بعيداً عن الضيف الذي حل و حاملا معه الفرحة إلى البيت, و حتى طعام العشاء تناولناه في الطابق العلوي, وحيدون كغرباء انشلا من المجهول, اسمع صدا ضحكاتهم تتراء إلى مسمعي , و تأكلني الحسرة لوجودي هنا, ذهبت و جلست مع رنا و الملل يزداد أكثر, حتى رنا شعرت بما اشعر..
" غيداء اهدئي "
قلت بضجر واضعه يدي على خدي
" ههههه هل ترينني اشد شعري من الغضب !! "
قالت بود
" لا داعي لن اسمع صوتك لأشعر بك, فيكفيني و جود لأعرف ما يحمله
قلبك الصغير "

اقتربت منه و ضممتها, ثم قلت
" و لهذا أن اعشق عقلك الكبير الذي يسع كل همومي "
إشارة إلى موضع قلبي
" و أي هم قد حمله هذا القلب "
قلت
" مشاركة الجميع كعائلة واحدة "
ضحكة رنا و كم سعت فهي قلما تشاركنا و حتى ابتسامتها لا نراها
" هههههههههه كح كح مع عمك انسي الآمر "
رنا لم تتوقف عن السعال حتى احمر وجهها
" هل عاودتك مجددا "
" و هل انفكت حتى تعود "
" يجب أن تذهبي إلى الطبيب "
قالت غير مهتما
" لا داعي "
اعترضت على رفضها
" كيف لا داعي ؟؟ حال يزداد و أنت لا تهتمين "
غيرت رنا الموضوع
" هل كبر ثامر ؟؟ "
جلست مستسلمة فهي رنا عنيده كعمي
" لا أتذكره وهو صغير , فما رأيته كان رجلاً "
انفجرت رنا ضاحكة
" هههههههه و هو ماذا هههههههه؟؟ "
قلت
" ههههههههه رجل "
ظللنا هكذا ثلاثة أيام حتى رائدة التي كنا نلازم بعضنا دائما لم تعد تجلس معنا و الجميع مشغول بضيفهم ثامر,
ذات صباح استيقظت من النوم مبكر و نزلت إلى الطابق الأسفل و نسيت و جود ثامر في البيت مع آن رنا لمحت لي بشكل غير مباشر بعدم النزول و لكني كنت جائعة و لم اكتفي بطعام العشاء..
دخلت المطبخ لم يستيقظ أحدا بعد يعني لا إفطار جاهز سأخرج شيء من العلب الجاهزة و إلا سأموت جوعاً..
" صباح الخير "
فتحت عيني مصدومة واقف عند باب المطبخ يحدق في وجهي بتركيز
" إذا الجميلة كبرت و أصبحت أمراه "
قال جملة من هنا و أنا و ضعت المعلبات في مكانها و ركضت من إمامه مسرعة وقلبي يقرع كجرس المدرسة بل يدق كطبول و المزامير..و إذا لم أخطى لمحت على وجهه الابتسامة ذاتها يوم فتحت له الباب..
قال الجميلة كم هو جريه و كيف يحدق بحرية دون أن يخفض بصره

يومها ظهرا لم انفك عن التفكير في ثامر و قولها الجميلة حتى انه نطقها كما يحادث طفلة, أصبحت أمراه, أصبحت أمراه, حاولت أبعادة عن تفكير لكن دون فائدة..
" غيدددددددددددددداء "
" غبية حمقاء لما تصرخين في إذني ؟؟ "
" ههههههههههههه أكلمك و أنت سارحة فلم أجد طريقة غير خرق أذنك "
قلت متعمده الصراخ في أذن رائدة
" تكرمتِ و تذكرتني أيتها الخائنة "
قالت بسخرية و هي تبتعد
" هههههههه لا تكفين عن حبي .. لكن وجود خالي أنساني غيداء الرقيقة "
" حمقاء "
" أشكرك ابنة عمي العزيزة رائدة المهم ألن تذهبي , اليوم تعلق النتائج "
" لازال الوقت مبكراً "
قالت رائدة
" أيتها البلهاء أنها فرصة لنبقى بعض الوقت لنتحدث قليلاً مع أصدقائنا قبل ابتداء العطلة الدراسية "
" حسناً "
" أجهزي و سأكون في انتظارك في الأسفل "
ارتديت عباءتي و نزلت إلى الطابق السفلي و لم تكن غير سلمى
" أين رائدة ؟؟ "
قالت
" تنظرك في السيارة "
خرجت مسرعة ووجدت سيارة عمي متوقفة عند الباب فتحت الباب الخلفي و جلست على المقعد لا تفاجأ بان من سيوصلنا ثامر..
و شعرت بالخجل من أن افتح الباب مجددا و انزل منها, بقيت صامتة طوال الطريق..
و صلنا إلى المدرسة و أخذنا النتائج و خرجنا سريعا فقد خرج الجميع..
واقف خارج السيارة ينظر باتجاهنا عندما اقتربنا..
" هل أحرزتم جيدا "
لم اجب وقفت في مكاني لأنه كان يقف عن الباب الخلفي
قالت رائدة نسبتي عاليه
قال
" و الجمي.. و أبنت عمك "
لم يكمل ما كان سيقول الجميلة أخفضت بصري إلى الأسفل الأسفل بعدها تنحى و ركبت السيارة و أغلقت الباب, و عدنا إلى البت سالمين,أم عقلي و قلبي فقد أصابهم مكروه من ثامر..
امتدا بقاء ثامر الشهرين و امتدا عقلي إلى ما هو ابعد من ذلك فنظراته و كلامه يفضحونه و قد تجنت ألقاء فهو دائم يكرر كلما راني
" كيف حالك أيتها الجميلة "
يومها أخبرت رائدة بل شيء, فقد ضاق صدري بما احمل..
و مرا شهر أخر ليحصل غير المتوقع كريم بشحمة و لحمة في بيت عمي و لنهار و احد و سريعاً و لتحدث بمجيئه أمور متتالية متتابعة تلقى على بعضها البعض, بعضها مفرحة و الأخرى محزنة و الثالثة مفجعه و سترونهم كلا على حدا..
الأمر المفرح تقدم كريم لخطبتي إلى ثامر..
و من كلام سلمى الذي نقلته رائدة لي بأنه ثامر صرح بالمر إلى كريم منذ كان عمرة أربعة عشر عاما بقولة
" إذا كانت الصغيرة غيداء و وجود معك يعيق زواجك من رنا لسوف أتزوجها و نبقى جميعا في البيت نفسه "
و منذ عامين كرر كلامه و على الرغم من مرور الزمن و بلوغه السابعة و العشرين من عمرة إلا انه لا يزال على ما قاله و هو مراهق..
الأمر المحزن ابن عمي حامد ثار لوقع الخبر, و اعترض لرغبته هو الزواج مني, لتبدأ الدوامة من الحيرة إلى ابن عمي آم الحاضر من زمن الماضي..
" رائدة ماذا افعل ؟؟؟ "
رائدة حركة رأسها بحيرة
" رأسي سينفجر من التفكير, "
قالت رائدة بحسرة
" أحسدك اثنان يتصارعان على حبك "
قلت بسخرية
" حقاً "
قالت رائدة و هي تتأفف
" يا ليت لدي واحد فقط و أكون شاكره "
تابعت سخريتي
" إذا خذيهم هما الاثنين و اشبعي بهم "
قالت مغتاظة
" لا ينفع.. إحداهما أخي و الآخر خالي "
" إذا عندي لن تجدي الحل "
تكلمت يومها مع رنا المتعبة مؤخراً فهي لا تبدو بصحة جيدة
" رنا احتاج مساعدتك ! "
" الاختيار بيدك غيداء "
" كيف اختار بين اثنين إحداهما ابن عمي و الآخر "
ابتسمت رنا
" و الأخر ماذا ؟؟ "
لذت في الصمت ماذا يعني ثامر بالنسبة لي , حامد ابن عمي و هو رقيق و حساس و عطوف و اعتبره مثل أخي ويستطيع أن يحميني أم الآخر فهوى ؟؟ فهو ماذا غيداء, الإعجاب أم الحب..
" غيداء , اسألي قلبك ماذا يريد؟؟ لا ما يقوله الآخرون !! "
بعدة أسابيع أصبحت خطيبة ثامر بعقد شرعي فقد أصر هو لم يرد خطوبة بدون عقد يثبت أحقيته..
ثامر بدون أن نعلم جميعنا قد نقل إلى العمل في مدينتنا و قد اشترى بيت على مقربة, و لكم كان الجميع سعيدا بذالك..
كان يزورني كلما استطاع و لكنه ابتداء يتغير و في إحدى زيارته لم يعد ثامر كما كان ,
كأني أرسم لوحة فوق السحاب.. ينزع ألماً من قلباً ينزف بغزاره كان وجه قد نحل عن قليلاً عن قبل.. أراه دوماً شارد الذهن .. يغالبه النعاس كثيراً.. كان شديد التقطيب و العبوس.. ينظر إلى ساعته ما بين كل حين.. كلماته هي الأخر أصبحت قليلة !!
حاولت مراراً أن اكتشف ما في نفسه و عقلة.. فلم أصل إلى نتيجة تذكر
!!
يومها تحدثت معه بصراحة
" ما بك كل ما آتيت حمل وعلى وجهك مائة هم و هم "
قال ثامر مستاء
" لا شيء غيداء "
بل هنا أشياء فحتى صغيرتي انمحت من كلماته كما انمحت الابتسامة من وجهه..
قال فجاه بضيق
" سأذهب هذا الأسبوع إلى كريم "
" متى ستعود "
" لا اعلم "
" و عملك ؟؟ "
قال و بضيق أكبر
" سآخذ إجازة بدون مرتب "
و نهضا و خرج بدون حتى أن يودعني فلمشكلة تخصني !!
و بعد يومان تحدث معي عبر الهاتف
" غيداء احتاج الوقت .. "
قاطعته
" الوقت لماذا لتركي !! "
لذا بالصمت, فقلت
" ثامر اخبرني هل تزوجتني لأملك بان يتزوج كريم من رنا "
صمت و أنفاسا غاضبة حزينة
" إذا, فليحدث ذالك سريعاً !! "
و أغلقت الهاتف بدون أن اسمع منه.. و رميت بقرص الهاتف حتى كاد أن يتكسر و نمت و أنا اشهق من البكاء فقد تعلقت بثامر بل عشقته و ما تراه لي لحظته صورة رنا بحضها العاثر..
و مرا شهران و هو حيث ذهب إلى شقيقة حتى إني كنت ارفض مكالماته
و في إحدى المرات تعد أن يحادث عمي
" غيداء ثامر يطلبك على الهاتف "
و أجبرت نفسي للنهوض و التكلم لان عمي ظل جالسا يقرا على المقعد بجانب منضدة الهاتف..
" نعم "
قال ثامر مستاء
" ألن تلقي التحية حتى ؟؟ "
" غيداء "
قلت أخيراً
" أسمعك "
تنهد و قال
" خلت أني أحادث نفسي "
" لما لا تردين على مكالماتي ؟؟ "
" هكذا !! "
" صوتك متعب "
قلت و أنا أشارف على البكاء
" رنا مريضه .. "
أخفضت صوتي حتى لا يسمع عمي و تابعت
" و أنا تعبت منك "
لم يقل كلمة مواسية ولا حتى اشتياق فقط قال
" سأدعك ترتاحين مني إلى الأبد "
و أغلق الهاتف في وجهي كما فعلت سابقاً..

أما الأمر المفجع فهي حالة رنا التي يزداد تعبها يوما بعد يوم فكنا نتوقع انه عارض مرضي و سيزول
ذهبت معها إلى الطبيب و أصر على أن يحظر و لي آمره كما قالوا بما أن علاقة عمي و رنا ليست يسودها الجفاف توليت أنا الطلب من عمي الذهاب معنا لان رنا كانت غير مبالية بقول الطبيب..
في اليوم التالي ذهبنا أنا و رنا و عمي إلى نفس الطبيب
قال الطبيب
" ما صلة القرابة "
" عمها "
أشارا الطبيب لي بان اخرج لكني نظرت إلى عمي متوسلة البقاء
قال عمي يخطب الطبيب
" لا باس في بقاها فهي أختها "
قال الطبيب
" لكن .. حسناً "
ابتداء الطبيب كلامه
" حالة رنا لم تكن في البداية متضحة فهي تزداد بشكل مفاجئه حتى لا نعود لنا القدرة على السيطرة عليه "
قال عمي
" ماذا تعني؟؟ و أي حالة ؟؟ "
قال الطبيب
" مع العلاج سوف تحسناً ؟؟ "
تابع و هو يقراه الملف بجانبه
" حالة سرطان "
دوامة تلف و تدور تتخبط هنا و هناك لتوقعني أرضاًَ أفقت من غيبوبتي مستلقية عل سرير بحواجز من الحديد و مغطاة بشرشف ابيض, و في يدي مغروسة أبرى موصلة بأنبوب معلق استفقت و تذكرت ما حدث لأبكي غاليتي الحبية رنا..
" كفي عن البكاء "
" رنا , لا اصدق "
قالت بقلب مؤمنا
" إنها أرادت الله , فلنقل الحمد لله "
خرج من المستشفى على عكس ما دخلنا عمي بدا اكبر من عمره عشرين عاما و أنا لم اكفف عن البكاء و رنا اتخذت الصمت رفيقها..
مرة شهران رنا من سيء إلى أسوا و رغم العلاج الذي بدا لا فائدة ترجو منه.. و مرت أيام و أيام و البيت أصبح يعمه الحزن, و قلبي يتقطع على حالها..
رنا التي تساعد الجميع رنا صاحبة القلب الكبير أصبحت عاجزة عن اقل الأمور لا مشى إلا عندما نمسكها و إلا وقعت,
و في نهاية فصل الخريف و بداية فصل الشتاء..
و في إحدى أيامها كان عمي كلما راني كرر سؤاله
" كيف حالها الآن ؟؟ "

قلت بصوت باكي
" مرضها يشتد, أنها..
أنها تموت "
عمي نكسه رأسه بحزن..
قلت برجاء
" عمي هلا طلبتك في آمر لا تردني فيه !! "
التفت إلي لكنه ظل صامت للحظة,ثم سألني
" ما هوا ؟ "
قلت و مع أول سيل من الدموع
" دعنا نذهب إلى المدينة الأخرى .. اقصد المنطقة الساحلية إلى بيت رنا "
نظر نحوي ثم قال مستفهما
" تقصدين بيتكم ؟ "
صرخت من أعماقي صرخة موجعه تفجرا معها كل دموعي لتساب على خدي الغارق بحزنه
" اقصد بيت رنا, بيت رنا عمي الذي عاشت فيه و تركته و لم تعد له "
لذا بالصمت حتى تمزق آخر خيطا من صبري لتصدر منه ضحكة حوت غصة لم افهم كنها و لا معنى..
" أنها رنا
غدا سنرحل, إذا كانت تستطيع قضاء الوقت الطويل سيراً في السيارة "
قلت و أنا اقترب من عمي اقبل رأسه
" تستطيع عمي, تستطيع فهو الهواء الذي تتنفسه "
تركت عمي يلوذ بحزنه و أنا ذهبت إلى رنا..
>
<
>
بعدها سالم انعزل في غرفته يبحث بين أشياء القديمة عن المفتاح الذي أخفاه منذ سنين طويلة بتعنته و جبروته, وجده, حمله بين يديه شد عليه بيده
" سالم "
صوت سلمى و هي تقترب بجانب سالم
رفع رأسه المنحني بحزن, ثم نكسه مرة أخرى..
" سالم لما جالساً هكذا "
جالسا على الأرض رأسهُ منحني إلى الأسفل بانكسار و علامات الحزن تبدي على وجهه ثم اعتصر المفتاح في يده اعتصارا موجع و قال
" أنا من زادا الويل ويلا , أنا عمها المتكفل برعايتها من آماته قبل حين أنا يا سلمى أنا عمها أخ أباها أنا و لا أحدى غيري.. "
جلست سلمى بجانبه واضعة يدها على كتفه مواسيه
" ماذا ستفعل الآن ؟ "
قال بصوت مبحوح
" سأذهب غداً بهم إلى بيتهم , إلى بيت أخي إبراهيم "
قالت بشيء معترضة
" لن تتحمل هي أو أنت فالمنطقة الساحلية بعيدة "
قال سالم
" حامد من سيتكفل بقيادة السيارة, فلن ابذل بذالك مجهوداً كبير, المهم رنا ! "
" اذهب معكم ! "
قال معترضاً
" لا أنتي ابقي هنا معا رائدة و التوأمين, فلا يجب أن يضل البيت خاليا من أحدنا "
*
*
منذ الصباح الباكر استعدى الجميع للرحيل بد الآمر صعبا فـ رنا لا تقوى على السير فمع كل خطوا يزداد ألمها
سلمى و أنا من حملنها إلى داخل السيارة..
و طبعا حامد من استلم القيادة و عمي على المقعد الآخر.. أنا و رنا في الخلف..
كانت المسافة إلى بيت والداي يرحمهما الله طويلا جدا على الرغم من إغفاتها الطويل لكنها كانت تفتح عيناها للحظات و تلحظ المكان..
وصلنا حيث أشار عمي إلى حامد بان يتوقف بجانب بيتً ذو طابق و احد لأكنه مساحته كانت كبيرة لونه الخارجي رملي قديم و في بعض جهاته يتبين اثر قدمه..

أول من نزل كان عمي فتح الباب المواجه إلى رنا و نزلت بدوري و استدرت إلى الناحية الأخرى إلى حيث كان عمي واقفاً و مددت يدي لرنا أساعدها على النزول من السيارة فبدا الآمر صعباً فهي لم تعد تحرك
رجليها و التعب الشديد مرتسم على كل خلجات وجهها فقد أعياها السفر,و أنا لم اعد قادرة على سندها وحدي..

لكن حامد سبقني و امسكا بيدها و أخرجها من السيارة من ثم حملها بين ذراعيه بكل سهولة, متقدما بها ناحية عتبات البيت..
أما تعليق رنا المضحك الباكي
" لا مانع من ذالك فا أنت مثل ابني هههه "
آه يا أختاه حتى في أوج مرضك ترسمين الابتسامة على وجهي الحزين..
فهي ضحكات حزينة كلما صادفنا أمراً مضحكا..
و إن بدا الطريق مختلفا عما كان منذ ستة عشر عاما لتمر الذكرى متوهجة عاصفة في قلب رنا كغريق رأى سفينة النجاة بعدى فقدانه الأمل برؤية المنقذ..
و تعليقها المتقطع و بصوتها المثقل بالمرض
" البيت..
كما هوى..
السماء..
السماء من حوله تبدلت فقط.. "
هذا ما تراها رنا في عيناها هذا ما يلفح على و جهها المعذب كل شيء كما هو فقط ما تغير, السماء تبدلت لم تعد تراها كما كانت
اخرج عمي المفتاح من جيبه ليفتح الباب..
تفجاءت بيده تمتد نحوي تعطيني المفتاح, حدقت في المفتاح و هو يسبح بين أصابعي رفعت بصري نحوى عمي و ثم حامد و بين يديه رنا..
حرك حامد رأسه بان افتح الباب..
تقدمت بخطواتي و أدخلت المفتاح في خرم و حركته و فتح بصعوبة بعد هذه السنين, ابتدعت حتى يتقدم حامد إلى الداخل..
* رنا وضعت يدها على صدرها و أغلقت عيناها لتشم رائحة البيت تستنشق هواء و كل الأنفاس الذي كانت تسكنه من أبي المتوفاة, إلى أمها التي توفت بنفس مرضها, إلى أختها وئام التي اختارت لها طريق
سريع, إلى رهف و إلى آخر شخص حلا على البيت غيداء..
" أين ؟ "
سئلت محتارة أين ستبقى
إشارة بيدها إلى باب جانبي أسرعت و فتحت الباب..
كانت الغرفة مظلمة مددت يدي و انتشرا النور ليتبين أجزء الغرفة كانت تحوي سرير منفرد و على إحدى جانبيه سرير خشبي صغير ملتصق به..
حامد انزلها على فراشها و مد رجليها برقة فهي تتألم كلما حركتهما..
اقتربت منها لامست السرير الصغير مؤكداً كان لي..
" كنتِ تنامين عليه "
ابتسمت على الرغم مني لكنها لم تكمل لأنها أغمضت عيناها !
" رنا هل نمتِ ؟ "
حركة رأسها إيجابا, فما كان مني إلا آن خرجت من غرفتها لأدعها ترتاح و اكتشفت بعدها انه حامد خرج و لم اشعر به و وجدت عمي جالس على مقعدا منفرد في و حامد مقابل له و الجهد في عمي ظل مستيقظا منذ ليلة البارح و لم يغفو حتى و نحن في خط القدوم لأنه كان يدل كريم على التجاء المدينة و من ثم على البيت المحدد..
" عمي ألن ترتاح, تبدو متعباً ! "
رفع رأسه لكنه لم يجبني بل سئل
" و أختك ؟؟
قلت
" تركتها نائمة "
وقف عمي و مشى بتثاقل و مشى إلى عند المدخل حتى تصور لي انه سيخرج من البيت..
ناديته
" عمي أين ستذهب "
استدار نحوي, ثم قال
" سننام أنا و حامد هنا "
أشار بيده إلى باب بجانب الباب الخارجي لم انتبه له عندما دخلنا و عمي كان يعرفه جيدا , دخلا عمي و أغلق الباب خلفه..
بقيت و حامد و حدنا في الصالة, ثم نهض و أشار لي بأنه سيبحث عن مطعم لجلب الطعام
لم امنع اندفاعي و لهفتي لاكتشاف البيت تجولت بين غرفه غرفتان متجاورتان دخلتهم عرفت إنهما إلى وئام و الأخرى إلى رهف و ثالثة بعيدة عنهم قليلاً..
تجرأت أيضا و فتحتها يوجد في وسطها سرير خشبي كبير ذو أعمدة خشية عالية مغطى بشرا شف مزركشة من على جانبية, المس بأصابعي كل ما تقع عيناي علية, الإدراج الأعمدة الشر اشف الوسادات كل جزء من غرفة والداي يرحمهما الله..
أشم رائحة الماضية عود لطفلة حفرت في مخيلتي كما تكلمت عنها دائما رنا طوال الأربعة عشر عاماً..
على الرغم مني و كمعزوفة موسيقية حزينة أطلقت شهقة تلتها صرخة مؤلمة حزينة كئيبة..

في اليوم التالي..
منذ الصباح فتحت جميع النوافذ و الأبواب للغرف و حتى الباب الخارجي أبقيته مفتوح لم اعد أطيق غلق الأبواب اشعر بالاختناق, رنا لم تعد تقدر على النور و غرفتها دائمة الظلمة, في أي نور تشعره تبدءا بالصراخ من الألم..

جلست عند العتبة أعلى العتبات بعيدا عن السور الخارجي للبيت متوارية عن الأنظار..
لمحت امرأة كبيرة في العمر واقفة تتأمل البيت و على وجهها شبة ابتسامة, تحركت من مكاني إلى أعلى العتبات, اقتربت المرأة
" هل عاد البيت ينبض بالحياة ؟؟ "
سئلت السيدة الكبيرة

و اقتربت منها
" لستِ رهف بالتأكيد, بل الصغرى, ماذا قالت وئام .. نعم غيداء.. اسمك غيداء "
تعرف اسمي من وئام, أهي جارتهم ؟؟, قلت
" نعم غيداء و أنت أيتها السيدة ؟ "
قالت
" جارتكم أم باسم, اقصد جارت أمك رحمه الله "
قلت و أنا اقترب منها و ارفع يدها لأقبل اليد التي حملتني يوما بعطف
" أخيرا كتب الله أن انظر إلى وجهك المحب !!"
" الطفلة كبرت, و أصبحت امرأة "
ابتسمت على الرغم مني, ثم قلت
" و هل نظل كما كنى يا خاله !! "
قالت أم باسم
" صدقتي, كما كبرت أنا و كبرت وحشة هذا البيت بدونكم "
درت ببصري على البيت الغارق بالظلمة إلى حد الخوف..
" تشبهينها "
أحدق في أم باسم أمتع سمعي لما تقول, تابعت
" تشبهين رنا في سماحة وجهك, و تلك العينان, آه, أهي أبقيت حيث رحلة "
قلت بأسى
" لا يا خاله رنا هنا لكنها مريضة !! "
دخلنا إلى و من ثم إلى غرفة رنا كنت نص نائمة و الأنوار مطفئ كالعادة اقتربت منها..
" رنا غاليتي انظري من جاء لزيارتك "
فتحت عيناها ببطء حدقت في أم باسم رنا لم تتكلم بل طفرت دمعه حبيسة منذ أكثر من سبعة عشر عاما..
لقاء يقشعر معه البدن و أم باسم تبكي بصمت لما تراه من حال رنا و بدورها جلست بضع ساعات تتلوى على مسمع رنا القران و قرأتها المحركة للقلوب المثلجة للصدور, أضفت على المكان الراحة و الآمان..

في ثالث يوم من وصولنا, نمت نوما متقطع استشعر الوصول إلى النهاية و الاختناق لازمني إلى حد الموت..
نهضت من الفراش وضعته بالقرب من سرير رنا و تقدمت إلى النافذة و فتحتها يبدو المكان في الخارج مخيفة, و صوت الرياح أرعبتني أقفلتها وعت مكاني من شدة خوفي..

قرب الصباح قرب بشمسه و أي شمسا لا ترى نورها فقد أظلمت عينا رنا لم تعد ترى إلا شفافية المكان و الاختناق يزداد و العالم مغلق
" رنا تسمعينني "
" اضغطي على قدمي "
سألتها
" ماذا رنا ؟؟ "
" قدمي "
" تألمك "
أي سؤال و أي جوابا انتظر..
عادت لنوم أو الموت كما هو حالها دائماً لا اعلم أي منها بعدها أشرق الصباح بنوره الكئيب..
ظللت طوال الوقت اسكب في يدي زيتاً سائل للجسم و امسح رجليها و افجع بأنينها و صراخها الخافت في كل لحظة, أتوقف تطلب المزيد, أتابع تعنفني بعطف لإيلامي لها, خلفت بعدها تأوه و توجع يقطع نياط القلب..
و صراخها من الألم يتفاقم و وددت لو اقبض على هذا المرض اللعين و اخنقه بيدي و اقطعه اربأ لتجرءا على أمي الغالية رنا..
" رنا يؤلمك هنا "
لم ترد اقتربت منها
" رنا !! "
الصمت وكم اكره الصمت
" رنا لا تصمتي لن أأؤلمك سأمسح بخفة , فقط اسمعيني صوتك "
قلت و أنا ابكي
" رنا.. أجيبي "
هذه المرة استجابت لندائي
" غيداء "
قلت وبيدي امسح دموعي
" أنا بجانبك "
عادت للصمت مجدد , كانت تهدي تهدي و لا غير ذالك..
فتحت عيناها قليلاً لم تكن ترى يدها تحركها عشوائياً, مدتها ناحيتي لامست وجهي , مسحت عليه بحنان و عطف بعدها قالت
" غيداء.. اسعدي بحياتك "
قلت مرتاعة
" رنا .. ستبقيين معي ؟؟؟؟؟؟ "
و أرخت يدها و ابتسامة يتيمة على وجهها !!!!
" رنا الم تقولي باني ابنتك !! كيف تتركيني وحدي؟؟..سأموت بدونك, سأموت..
رنا, اشعر بالخوف تكلمي "
سكون المكان مخيف و نسمات الهواء التي دخلت عمداً من النافذة التي لم أغلقها جيداً..
اقتربت غيداء من رنا تحركها تحرك الجسد الراحل, تحرك الجسد الذي فرت منه الروح اقتربت أكثر من وجهها و بصوت هامس بجانب أذن
رنا..
" رنا, رحلتي !!
رنا اشعر بالخوف لا تتركيني وحيده !
رنا لم اكتفي من نصائحك و محبتك ! "
ابتعدت عنها تنظر من حولها و ضباب من الدموع يغطي عيناها , ظلت
بضع دقائق واقفة مصدومة غير مصدقه لتضع بعدها على فمها تمنع صرخة كادت آن تفلت منها ,
جلست على الأرض بكل قوتها لتطلق صرخة ما بعدها صرخة
صرخة اهتزت معه القلوب المتحجرة و أسمعت كل فاقدا فقد حبيبة
صرخة أشعرت الظالم بجور ظلمة..
" رنـــــــــــــــــــــــــا !
رنـــــــــــــــــــــــا !
رنـــــــــــــــــا تركتني وحيدة لماذا ؟؟
لماذا الآن ؟؟
رنا أنا غيداء طفلتك الصغيرة ! "
يدا امتدت على كتفها ترفعها بحنان و عطف و صدرا يلمها و عينا تبكي لبكاها و روح تموت معها حسرة..
كان الحبيب..
كان ثامر خطيبها لتشد عليها و تعتصر صدره إلى رأسها..
و في نفس المكان بكاء زعزع المكان بكاء رجل جاثياً على ركبتيه و كلمة ترددت على مسمعي
" لم أصل سريعا رنا !!!! "
#
بعد عام ..
" ألن نحدد موعدا للزواج ؟؟ "
" ألازلت راغب بان تتزوجني "
" و منذ متى كففت عن الرغبة في ذالك !! "
ابتسمت على الرغم مني
سئل مرة أخرى للمرة الإلف
" ماذا قلتي "
" في ماذا ؟؟ "
" غـــــــــــــــيداء "
قلت بإصرار
" حقا في ماذا ؟؟ "
أجابها بهدوء
" منذ عام و أنا ألح عليك و أنت تتهربين "
أخفضت راسي إلى يداي المتشابكة..
رفع راسي بإصبعه و في عينه البنية اللون قراءة الحب و العطف القديم
قلت و أنا أعود لا اخفض راسي مجددا
" سنتزوج في أي وقت تريد "
و كطفلً فرح و قف و ضم قبضة يده و هتف بفرح ليمد يده و يمسكني من ذراعيه و يضمني إلى صدره..
" أعشقك غيداء "
وطبع قبلة على رأسي..
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

ا نـــــ تـــــ هـــــ تـــــ


__________________
عابق الذكرى غير متصل