ما سبق أعلاه هو الحق الذي لا محيد عنه ولا خلاص إلا إليه إن شاء الله
ولكن أعتقد أنه لايخفى على القارئ الفطن الفرق بين الانتساب المحمود والانتساب المذموم
الانتساب المحمود أن يعرف الشخص قبيلته وأهله وذويه والقريبين منه والبعيدين عنه في عمودي النسب أو حتى القبائل الأخرى بدون احتقارلأحد ولا فخر على أحد فهذا لا أحد يحرمه
ومن قال من أهل العلم بتحريم ذلك..!! أو جعله من الكبائر..!! فاليأتنا وليتحفنا به
ولن يجده أبدا !!!
بل قال عليه الصلاة والسلام(تعلموا من أنسابكم ماتصلون به أرحامكم) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وقواه الحافظ ابن حجر وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد
قال ابن مفلح في الآداب الشرعيةج1 ص 265(وفي الخبر الصحيح (خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير) ــ قال ابن مفلح ــ قال في شرح مسلم (فيه جواز تفضيل القبائل والأشخاص بغير مجازفة ولا هوى ولا يكون هذا غيبة) ثم قال ابن مفلح معلقا على كلام شرح مسلم (هذا صحيح وهو كثير في كلام أحمد وغيره من الأئمة)
وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة والشرعة في اليمن والأمانة في الأزد) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1084 بل في صحيح البخاري في غزوة حنين (قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا النبي لاكذب أنا ابن عبد المطلب) وفيه ( غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله )
بل هناك أمور تحدث من علامات الساعة مرتبطة بالقبائل ففي البخاري (أشد أمتي على الدجال
بنو تميم) انظره برقم 4108 وفي الصحيحين (أنه لاتقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه) وكذلك خروج المهدي وأنه من ذرية الحسن بن علي في آخر الزمان وحديثه عند أهل السنن
كل هذا يدعو لمعرفة من هم تميم ومن هم قحطان ومن هم ذرية الحسن وهذا دليل بالتضمن (كما يعرفه علماء الأصول ) هذا دليل على بقاء العرب واستمرارمحافظتهم على أنسابهم وإلا كيف تعرف تميم وقحطان وغيرها بعد مضي القرون إلا بعلم النسب المحمود لا المذموم راجع (معجم أنساب الأسر المتحضرة من عشيرة الأساعدة ) للشيخ ناصر الفهد
...فهذا الانتساب المحمود الذي درج عليه أهل العلم قاطبة في قديم الزمن وحديثه حتى علمائنا من العجم والموالي وغيرهم حفظوه واشتغلوا به فهذا ابن سيرين مولى يوصف بسعة علمه بالأنساب وهذا البخاري ألف كتابه (التاريخ) في أسماء الرجال وأنسابهم وكذا العقيلي في كتابه( الضعفاء ) يتطرقون للأنساب والبطون الكبار والصغار وهم عجم !!!
وياقوت الحموي اختصر جمهرة النسب للكلبي وأصله رومي لكن لم يضره ذلك فكان إماما في علم البلدان واللغة والشعر والأنساب وكذا( أبو عبيد القاسم بن سلام) رومي الأصل كان مملوكا لرجل من الأزد كما ذكر ذلك من ترجم له وهو من العلماء الادباء
وهذا (ابن رسول اليماني) ألف بالأنساب وهومختلف في نسبه ، وكذا أبو جعفر محمد بن حبيب الغدادي
مولى للهاشميين من علماء العراق المعدودين ألف بل دقق في الانساب أظنه أكثر من غيره في كتابه (مختلف القبائل ومؤتلفها) وهكذا سار العلماء حتى عصرنا هذا بدون (احتقار ولا افتخار)
وبقي النسب علما محفوظا تتناقله الأمة جيلا بعد جيل حتى الشناقطة في اقصى المغرب جعلوه من ضمن علومهم التي لايسمى صاحبها عالما حتى يحيط بها وهي خمس وأربعون فناً بل الأمام الشنقيطي صاحب التفسير(أضواء البيان) المشهور له منظومة فيه وهم ليسو عربا!!
...ولماذا نذهب بعيدا هذا الشيخ العلامة الرحالة محمد بن ناصر العبودي له كتاب فرد في بابه لم يؤلف مثله إلى يومنا هذا وهو (معجم قبائل أسر القصيم ) أو عنوانا قريبا منه وغالب اعتماد الجاسر في كتابه الجمهرة عليه إذا تحدث عن أسر القصيم وهو ليس منتميا لقبيلة
أقلوا عليه لا أبا لأبيكم# من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
بل أعرف كثيرا من علمائنا الأفاضل ممن لا ينتمون لقبائل لديهم ثقافة عالية جدا بالأنساب بل
أذكر أحد أحبابنا تزوج من أسرة الجربوع ودعا الشيخ سليمان العلوان فسأله ممن يريد الزواج؟ فقال: من الجربوع فقال الشيخ له

من الجربوع راعين أوثال أو الجربوع راعين بريدة ) فقال صاحبنا : (راعين بريد ة)
ومعلوم أن بينهما فرقا فالذين من أوثال سبعان والذين من بريدة من شمر
وحدثت أن الشيخ له اطلاع واسع بالقبائل
حتى ابن باز سئل في مجموع الفتاوى فما وجد في ذلك من غضاضة
وقبله شيخ الإسلام في كتابه(اقتضاء الصراط المستقيم) تكلم عن العرب وقبائلهم وعاداتهم و أنه ينبغي المحافظة عليها مالم تخالف الشرع بكلام طويل يحسن الرجوع إليه
فلماذل بعض الأخوة لايريدون أي كلام عن العرب وقبائلهم مطلقا حتى لو
كان على هذه الطريقة المحمودة!!!!!؟؟؟؟
فما يفتح أي موضوع عنه إلا تجد مشاركات تدعو( لإغفاله أو إقفاله) كيف لو علموا أن الخيل لها أنساب دوّنها العلماء ودرسوها وحفظوها ولهم مؤلفات في أنسابها؟؟
أما يسعه ــ من يطالب بقفل مثل هذه المواضيع ــ ماوسع علمائنا السابقين والللاحقين
أما النوع الثاني:
من الكلام بالأنساب فهو الانتساب المذموم وهو الذي تنزل عليه أحاديث النهي
وهو إذا كان على طريقة الاحتقار للآخرين لحديث (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم أو الافتخار لحديث عند مسلم (ولا يفخر أحد على أحد) فهذا العلماء كلهم عربهم وعجمهم
رأيا واحدا أنه محرم ولا يجوز
وبهذا التفصيل يعرف متى يحق لنا الكلام ومتى نسكت ومتى ندعو للإمساك عن هذا الموضوع
أما أن يقال( إن الكلام بالأنساب كله غلط وباطل)
فهذا لايعرف له قائل من أهل العلم لاسابقا ولا لاحقا بل هو قول محدث وأوصي الإخوة بالرجوع لكلام شيخ الإسلام في (اقتضاء الصراط المستقيم) ففيه ما يشفي ويكفي.
عذرا للإطالة لوجود لبس وخلط في الموضوع.