مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 11-08-2006, 06:27 PM   #1
قايم قاعد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 147
>>> عرس حرمل وقايم<<<

أذن ( أبومحمد ) لصلاة الظهر ، ولم يكن قد تغير أي شيء على أدائه المعروف ، فصوته مبحوح ، ويمد في نهاية لفظ الجلالة ، ويقطع بحدة في نهاية ( أكبر) ، ويدير وجهه يمينا وشمالا عندما يصل إلى ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) وكان ينهي هذه المقطوعة الروحانية برفع صوته جدا بـ(لاإله إلا الله ) ولكنه كان يمد لفظ الجلالة ويبدأ يخفض صوته حتى يختفي ، كان يفعل ذلك كله ويداه في أذنيه ، مستقبلا القبلة ، واقفا فوق ( حصاة ) أو مرتفع بسيط ، ولكن صوته كان مسموعا جدا إلى كل أهل ( الخب ) .

كنت مع أخي في أقصى المزرعة ، وما أن سمعنا الأذان حتى وضعنا ما بأيدينا وتوجهنا إلى ( أقرب ساقي ) ثم ( كرعنا ) لنشرب أولا ، ثم توضأنا ، سبقني أخي إلى المسجد ، وسبقته إلى البيت ( وهذا ترتيب معتاد بين الأخوة بهدف معرفة إذا كان أهل البيت بحاجة إلى شيء ) ، لحقت بأخي في المسجد ، وقبل أن تقام الصلاة لاحظ الجميع ( أبو سليمان ) يجلس في ( الروضة ) و يلتفت يمينا وشمالا ، كأنه يتفقد المصلين ، وكنا نعرف أن ( إلتفت ) بصوته ، إذ أنه يقرأ القرآن ثم يلتفت فنسمع صوته توجه يمينا أو شمالا ...

صلى بنا ( المطوع ) ولما سلم وفرغنا من الصلاة ، لم نكن نستطيع سماع أي شيء غير التهليل والتكبير ، ولما هدأت الأصوات ، قام ( أبو سليمان ) أمام الجميع ليقول : ( ترا اليوم القهوة عندنا بعد العصر وننكمل قهوتنا عند ابو حمد نبي نزوج إبراهيم ولا يتخلف أحد منكم ولا تصيفون علينا ماحنب محترين أحد )...

نعم .. كانت هذه الكلمات عبارة عن ( عزيمة عرس ) بسيطة ، وسريعة ، ومفاجئة ، ولكنها مليئة بالصدق ، وممتلئة بالوفاء ، وكانت دافئة ، ولها مذاق نفتقده كثيرا الآن .

كان الترتيب يقتضي أن يذهب رب الأسرة فقط ، وإذا تطلب الأمر أحد أبنائه معه ، وذلك لقلة ذات اليد ، ولتخفيف الأعباء على أهل الزوج والزوجة ، فضل والدي أن أذهب معه ، فلما صلينا العصر ، عدنا إلى البيت ولبست ثوبي الخاص بالمناسبات ، ثوب يصل إلى أسفل نصف ساقي بقليل ، من الصناعة الصينية ، ( نيلي جدا ) ، وكنت قد أخرجته من ( الخزنة ) فلبسته ( بعرافيطه ) ثم وضعت ( طاقيتي ) على رأسي ، وتحركت إلى والدي وكان عمري ساعتها قرابة الثالثة عشرة ، نظر إلي والدي بعين ٍ حادة جدا وانتقاد شديد ( هو أنت المعرس ؟ واللي تبي أبو ..... مايخليك ترجع للبيت ؟ ) ( يقصد واحد نحوت !! ) رجعت مسرعا وغيرت ثوبي بثوب آخر ، ولحقت بوالدي مع عمي ، وسرت خلفهما حتى وصلنا بيت ( أبو سليمان ) كان الجميع وقوفا ، ( وما أبطينا ومشينا ) ، ووصلنا إلى أهل العروس وبالتحديد إلى بيت ( أبو حمد ) ولكن قبيل وصولنا وقف ( أبو سليمان ) وابنه إبراهيم ( العريس ) ويتضح أنه يدور حوار ساخن جدا ، تدخل إخوته ، ثم سمعت ( أبو سليمان ) ينادي على والدي باسمه ، ذهب إليه والدي وكنت خلفه تماما ( أحب الشرافه ) ، قال ( أبو سليمان ) : ( شف هالحمار الأدرع يقول إني ما ابي العرس واني منب داخلن معكم ) التفت إليه والدي : ( يا إبراهيم هو أنت ما بك حراك ؟ والا طرا عليك شي ٍ جديد والا عطنا علمك الجماعة يحتروننا وهالشغل هذا مهب شغل رجال ويبي يفشلنا كلنا ) كان إبراهيم واقفا بصمود وخوف وهلع وحياء وشجاعة ، ( ولاأعرف كيف اجتمعت هذه الأشياء في وقت واحد ) .. اتضح لوالدي ووالده أن الحالة ميؤوس منها ، رجع والدي ( للجماعة ) الذين حضروا مع ( العريس ) وكانوا قرابة ( أحد عشر رجلا ) وكانوا قد علموا بالموضوع ولم يتدخلوا ، شرح والدي الموضوع عن ( أبو سليمان) وسأل ( الربع ) ( وش الحيلة والسواة ) ، ولإن ( المطوع موجود فليس لأحد الحق في الحديث قبله احتراما ) قال ( المطوع ) : ( وش راي الاخوان ؟ ) كان من بين الحاضرين ( أبو حرمل ) وابنه ( حرمل ) ، قال ( أبو حرمل ) بحزم : ( كان الولد ثلجة ماعت بيديكم وماله شف ابد فعندي لكم شور .. نبي نخلي ( حرمل ) بدل إبراهيم إذا وافق ( أبوحمد ) وبالنسبة للمهر اللي دفعه ( ابوسليمان ) نرده له إن شاءالله بس على السعه ) ....!!

كان ( أبوسليمان ) قد حضر ، واستشار ( المطوع ) برأي ( أبو حرمل ) فرأى أنه أنسب ما يكون ، واختاروا مرة أخرى والدي ، ليسبق ( الجماعة ) وينسق مع والد العروس ، لما وصلت مع والدي استقبلنا الرجل بترحاب مليء بالتساؤل عن ( الجماعة ) ، إلا أن والدي لما فرغ من السلام على الموجودين قال ( يابوحمد تراي سبقت الربع أبي أشوف كانكم تحتاجون شي ، وابيك ترخص لي عقب العشاء منب تانين – محتري – صلاة المغرب ) فهم ( أبو حمد ) أن والدي يريد تقديم عذر ولكن ليس على الملأ .. مسك يد والدي وابتعدا قليلا ، وهناك ( حيث لم أسمع شيء ) جلسا تحت ( أثلة ) قريبة ، والكل منهما ( مبوبز ) وتحدثا ، قام ( أبوحمد ) وتوجه إلى بيته ، وكان واضحا ما يعتصره ، وقربت من والدي فطلب مني الابتعاد حتى يناديني ، وماهي إلا خمس دقائق تقريبا حتى عاد ( أبوحمد ) وقال لوالدي من بعيد : ( لا يصيفون علينا جماعتكم ترا عشانا زاهب ) ، طلب مني والدي الركض سريعا ( لجماعتنا – أهل العريس ) لتأكيد حضورهم ولما وصلت قلت ( للمطوع ) : ( يقول أبوي يستعجلون على مايبون ) ....

( فصخ ) المطوع ( بشته ) وأعطاه ( حرمل ) - الذي لم يفق حتى الآن من سكرة الموقف ! - قال : ( تلفلف بهالبشت وامله وانا عمك ترا المرجله بالعرس والمرجله الصدقية بانك تعامل المره زين ) تخلف إبراهيم عن المجموعة ، ووصلنا هناك ، حيث تم عقد النكاح ، ثم شربنا القهوة فالعشاء الذي لم يكن سوى ( حلتين مطازيز ) ، وحتى اليوم وأنا كلما رأيت ( حرمل ) وإذا بدهشته لم تزل على وجهه !! حيث فجأة تحول من مدعو إلى ( عريس ) ! ولا أستبعد أن بعد شفتيه عن بعضهما لم يكن منذ خلق بل من تلك اللحظة التي دهش فيها ، ولم يكن له أي ( دخل ) بالقرار الحاسم الذي اتخذ بحقه !

بعد ثلاث سنوات على هذا الزواج ، رزق حرمل بطفلين ، وكانت حياته هادئة وسعيدة شأنه شأن أقرانه ، فلم يكن في ذاك الوقت مشكلات اجتماعية ( وحريمن يتهددن ) ، لذلك كان الاستقرار ملكا على قلوبهم .

في مساء يوم غائم ٍ ، والبرد فيه قارس ، اجتمعت مع خالي في منزلنا ، وكنت ( أصب ) له القهوة ، ولا أعرف مالذي جاء بقصة ( حرمل ) فذكرتها ( لخالي ) ، ( والحقيقة أنه كان يعرفها ويعرف تفاصيلها أكثر مني ، ولكني كنت مقربا إليه وهو محبب إلي – ربما لسذاجتي – ) ...

كان الوقت قبيل صلاة العشاء ، أذن للصلاة فصلينا العشاء ثم عدنا ، وافترقت عن خالي حيث ذهبت للنوم بين ( أكوم التبن أدور الدفا أنا وأخوتي ) ، ولإن خالي جاء وتأخر عندنا ، فكان من الطبيعي أن ينام في البيت وهذا أمر اعتدناه وأحببناه ، فعلاقته بوالدي حميمة جدا ، وهو لطيف وإن كانت قلة ذات اليد تقتل فيه كل شيء حلو ...

قبيل الفجر قمنا جميعا ، وشرب القهوة الكبار ، ونحن نحارب النعسة حتى لا تستقر على عيوننا ، ولما توضأ والدي وذهب إلى المسجد اقترب خالي مني وقال : ( شف يا قايم أنت قرايك ماشاءالله تبارك الله زينه وطيبه والجماعه جايزتن لهم وانا اليوم تعيبان وابيك تقرا لي آية ( كذا وكذا ) من مبطي وانا ودي اسمعه وانت تقراه بس شف اذا مسكت اذني يعني عد الآية وارفع صوتك ) قلت له : ( سم ياخال ) .

ذهب خالي إلى المسجد ، وقربت الماء لوالدتي ، وغسلت ( فناجيل ) القهوة ( وما أدراك مالقهوة) ، ثم أذن المؤذن لصلاة الفجر ، فلم ينتهي من الأذان حتى كنت في المسجد ، كان المسجد بطول عشرة أمتار وبعرض ستة أمتار ، كانت الأرضية ترابية ، وأنا أدخل ( المصباح ) لم أسمع سوى قراءة للقرآن ، وقراءة للورد ، وبكاء مكتوم خاضع ، وصلاة هادئة خاشعة ، والمسجد ممتليء بالكبار والصغار ، وكل أخذ موقعا اعتاد عليه ، كان السقف من ( الاثل والسعف والتبن والطين ) ، كان الجو هادئا للغاية ، عبادة ، وصمت ، وإيمان ، تلفت أبحث عن خالي ، فوجدته متكأ على جدار المسجد من الناحية ( الشمالية ) ولم يكن أقرب مكان إليه إلا في وسط المسجد ، فلما دخلت ، صليت ركعتين ، ثم اعتدلت في جلستي وبدأت أقرأ الآيات التي اختارها خالي : ( فانحكوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .. ) الآية ، وكل ما أنهيت الآية وضع يده على أذنه ، فأعيد قراءتها من أولها إلى آخرها وبصوت أعلى من السابق، حتى بدأ بعض ( الجماعة ) يلتفتون إلي ، أما أحدهم فطبع التفاتته بابتسامة ٍ ، التفت والدي وألقى علي نظرة استغراب لترديدي هذه الآية وذكرني بالآية التي بعدها ( كأنه فهم أنني أقرأ من حفظي ولم أستطع الإكمال ) لحظتها فقط ، عرفت أنني لم أكن بخير ! وأنني انسقت خلف كلام خالي دون روية ، وأنني نقلت جماعة المسجد من لحظات الخشوع والهدوء والإيمان إلى شيء آخر ..

لما خرجت من المسجد سألني أخي الكبير ( وش بلاك تردد الآية أو تبي أبوي يسمعك ؟) فشرحت له ما كان من خالي ، ولكن أخي هز برأسه مشيرا بعدم قناعته ، خاصة أنه يرى أني متعلم وذكي ، ولم يعلم أن الظاهر غير الباطن ، وأن ظاهري الذكاء والتعلم ، وباطني الغباء والجهل ، بعد بزوغ الشمس بنصف ساعة ، جاء والدي وقال لي : ( اللي يبي العرس مهب لازم يحرّج ، أنا ما منعت احدن منكم وعموما يكون خير ) كان خالي معه يبتسم ( بخبث ) ثم علق : ( يستاهل – قايم ) ...

كنت ملازما لوالدي في تحركاته خاصة في داخل بريدة ، ولإن عمل والدي يتطلب منه متابعة فكان من الطبيعي أن نذهب يوميا إلى بريدة ، والباطن ، ووهطان ، والصباخ ، وأحيانا إلى البطين و أمهات الذيابه ، كل ذلك كان معتادا عندي ، ولكني لاحظت والدي في الأيام الخمسة الأخيرة كان يمر بأحد معارفنا في بريدة فيقف على الطريق ثم يذهب إليه وحده ويبقى عنده نصف ساعة إلى ساعة يوميا ، وكنت بالطبع أجلس في السيارة لا أبارحها ، تكرر هذا المشهد كثيرا ولم يلفت انتباهي فمعاملات والدي مع الناس كثيرة والتغيرات في خطته اليومية واردة ، كان عمري ساعتها ست عشرة سنة ، وربما في بداية السابعة عشرة ، بعد أيام أخذ والدي مبلغا من المال وبعض الحاجات من أقمشة بسيطة غير ( مفصلة ) وأخرى لم أتبينها ، أنزلها والدي عند هذا الرجل ....

كان صباح يوم الأربعاء ، وكنت مع والدي نقف عند باب فضيلة الشيخ العلامة ( صالح الخريصي ) ، سلمنا عليه ثم تحدث والدي معه عن بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات ، ثم حضر رجل له معاملة مع والدي واختصما عند الشيخ وحكم الشيخ بينهما وتراضيا ، فلما أراد والدي المغادرة قبض على يد الشيخ وقال له ( ترا بكرا عند الوالد فنيجيل فايت هذا الولد – قايم – يبي ان شاء الله يعرس وودنا تحضر انت ومن تحب من الاخوان وترا الامور متيسره ) بارك لي الشيخ ودعا ، ثم اعتذر من والدي لسبب لا أعرفه ولكنه كان مقنعا لوالدي الذي همس في أذن الشيخ بكلمتين ثم غادرنا .

ركبت وانا فقط أطالع في وجه أبي ! ( يبه وش قلت تو للشيخ ؟ ) قال : ( ماسمعتن ؟ ) قلت : ( إلا بس من هو اللي يبي يعرس ؟ ) قال بحزم : ( اللي يقرا قبل صلاة الفجر فانحكوا ماطاب لكم من النساء تقل مالقى غير هالوقت وقدام خلق الله ) ، كانت هذه الكلمات أشد علي من الصفع ! أنا طلبت الزواج ؟! وبهذه الصورة ؟! وتذكرت خالي ، وكيف ورطني قبلا مع والد ( رقية أم قرون ) ، وكيف ورطني ثانية الآن ، والمشكلة أنه لايمكن إطلاقا أن أفعل ما فعله ( إبراهيم ولد ابو سليمان ) فوالدي سيتزوج من هذه الفتاة بدلا عني ( هكذا قالت لي أمي التي حرضتني على ألا أكون السبب في ذلك !!! )

وعموما الحمد لله فعندي يوم كامل أعرف فيه أنني سأتزوج ولست مثل ( حرمل ) الذي خطب وتزوج ودخل بزوجته في ظرف نصف ساعة !



( ليلة الدخلة بالتفصيل بإذن الله سأكتبها لكم قريبا ولكن عليكم أن تعذروني لبعد الفقرات والنسيان فللعمر أحكام )





· همسة :

( دع الأمور ولا تشترط ، فليس لك غير ماكتب الله لك )



للتواصل :

Live1442@hotmail.com

أتمنى أن يشرح لي أحد كيف أرتب توقيعي بحيث تظهر موضوعاتي بشكل مرتب دون ظهور الرابط بالشكل الموجود .

__________________




[flash=http://buraydahcity.org/abu-raed/aburaed-gamgad.swf]WIDTH=501 HEIGHT=201[/flash]
بيض الله وجه ( أبو رائد ) على إهدائه هذا التوقيع > ولد ابوي انت هذا اللي يعرف قدر الشيبان( الشيبان هم مابين عمر 35 - 40 )
قايم قاعد غير متصل