المنب
بسم الله الرحمن ارحيم
ل
الذين حلوا على هذا المقال حياكم الله تعالى ، و رفع قدركم ، وأعلى شأنكم..
و بلغنا و إياكم شهر الرحمة ، و عمّنا بالرحمة ، و ختم لنا بالعتق من النيران..
إخوتي ..
سأكتفي بخلاصة ما يجول بخاطري ، و سأدع الحديث عن فضائل شهر رمضان لمن هم أهل لذلك..
و الذي دفعني لنثر حبري - أو النقر على لوحة المفاتيح - هو مشكلات رمضانية تتكرر كل سنة ، غير أنّا لم نعمل الذهن بحثا عن حلول لها..
و سأستعرض و إياكم بعض ما ألمحه من سلوكيات مجانبة للصواب ، قد أمارسها أنا ، أو أنت ، أو أحدٌ ممن حولك ..
قراءة موسمية
لعلك إن دخل رمضان ، فتحت المصحف ، و تلوت آياته بصوت عذب شجي ، غير أن العينين ترمقان بطرف خفي أعلى صفحة المصحف عل الجزء انتهى !!
و كأن خلاص الجزء اليومي هدف و غاية ..
أليس كذلك ؟؟
سارق الجهد.... المطبخ.
لا عجب إن دخلت على امرأة في عصر يومي رمضاني و رأيتها تكافح و تجاهد في القلي و العجن ،و ..و ..
و لا عجب كذلك إن كان آخر أفراد الأسرة جلوسا على مائدة الإفطار هي الأم أو البنات..
و كثير من النساء تتحسر على وقت قبيل المغرب ، و تغبط زوجها الذي يقضيه في المسجد ..
لا غرو أنها مأجورة ، لكن هل من حل لهذه المشكلة ؟؟
و تورّمت الأقدام في العشر الأواخر..
نعم إنها لتتورم ، لكن لم ؟
أمن طول قيام ؟؟
قد يكون كذلك و طوبى لمن هذا حالها، غير أنها من المؤسف أنها تتعب و تنصب لهثا وراء الجديد في كل سوق ..
هل هذه المعضلة بلا حــل ؟
ما الذي حل بالعالم ؟؟
تدخل المعلمة الفصل ، تلقي الدرس بلا نفس ، تثور لأدنى همسة أو حركة !!
تناديها أمها طالبة منها المساعدة ، تتأفف .. تتضجر.. و قد ترفض !!
تتصل بزوجها تعلمه بأن فلانا سيفطر معهم ، و أنها تحتاج لكذا و كذا ، يصرخ عليها .. و يبدأ بالسب و الشتم !!
يا إلهي ما الذي حل بالناس ؟ لم هم غاضبون ؟
عذرا أنهم صائمون !!
لم يرتفع مؤشر الغضب عند الصيام ؟ سؤال هل له من إجابة؟؟
أنت و القنوات..
ما أن يرتوي الجسد بالماء البارد ، و بالرطب الجني ، إلا و تسري في أوصالك الطاقة و النشاط..
فتكون على موعدين من الالتهام:
التهام غذائي.
و التهام بصري.
و هذان النوعان من الالتهام غالبا ما يقترنان..
فلا تطيب فطائر الجبن ، و كأس عصير التوت البارد إلا على مائدة الفضائيات.
يأتي وقت صلاة العشاء ... التراويح ... ما بعد منتصف الليل..
تريد الصلاة و القراءة ، فلا تتمكن ..
فالمعدة مشغولة بالضيف الثقيل ..
و الفكر مشغول بما رأى و شاهد..
ما بين تأثرٍ بحدث ، أو ترقبٍ لحلقة قادمة !!
أليست معضلة ؟ ما الحل ؟
أيها الأماجد..
رمضان فرصة لجني الأرباح ..
و تهذيب الأرواح..
فيه مزايا استثنائية لا تتوفر في بقية الشهور..
فما الشهر الذي أوله رحمة ، و أوسطه مغفرة ، و آخره عتق من النار ؟
و ما الشهر الذي تصفد فيه الشياطين ؟
و ما الشهر الذي شرفت لياليه بكون ليلة القدر إحداها ؟
إن كان كذلك لم لا نشمر عن سواعد الجد..
أرأيت لو كان أحد الأحبة مدعوا لديك ، ما أنت صانع ؟
ألست تهتم بالمكان .. تحرص على أن تكون ضيافتك له على أتم ما يكون ؟
رمضــان ألا يستحق هذا ؟!
و هو الضيف الكريم ، الآتي بنسائم الإيمان ، و نفحات الغفران .
لم لا نحسن ضيافته ؟
ضيافته ليست بالموائد الحبلى ..
ضيافته ليست بالأفلام الكوميدية ، و المسابقات..
ضيافته ليست باجتماعات ما بعد العاشرة ، و جولات مراكز التسوق..
ضيافته:
بجسد نأى عن الأنظار ، و أنُس بمناجاة الغفار..
و بصوت خنقته العبرات ؛ تأثرا بتلك الآيات ..
و بدموع حرى ، تغسل قلبا طالما أثقل بالآثام..
رمضان تستحق أكثر من هذا .. غير أن القوم ألهتهم المشاغل..
و إليك الآن حلولا مختصرة لمشكلات رمضانية :
فأما المشكلة الأولى و هي الاستعجال في قراءة القرآن ، فلا أظن سببا لذلك إلا الرغبة في ختم القرآن، و بما أن القرآن قد غدا مهجورا ،صارت قراءته في رمضان فرضا نفسيا لازما..
و لعل لسؤال الوالدين و الأصحاب أثر في ذلك..
فتهذ الحروف هذاً، دون إدراك للمضامين.
و لو كان لكل شخص ورد يومي قبل رمضان لما وقع في هذه المشكلة..
غير أن المصحف لا يمس إلا في الفصل ، أو إن جاء رمضان!!
و لعل الحل يكمن في تمرين النفس على قراءة القرآن دوما ،و الإكثار من ذلك في شعبان ، فلقد كان السلف يكثرون من قراءته في شعبان تهيئة للنفس، و لذا سمي بشهر القراء..
و اعلموا أن ختمه مرة واحدة بتدبر خير من ثلاث و أربع يسابق بها الآخرين..
أما المشكلة الثانية ( سارق الجهد : المطبخ )
فيا ذات الأنامل اللذيذة ، إن رمت دواءً ناجعا لهذا الداء الذي استشرى ، فعليك بمعالجة المشكلة من أساسها ، و هو في كسر القاعدة التي استقرت في أذهاننا : أن المائدة الرمضانية مائدة الإبداع و التنويع و ( التبذير).
فما الفرق بين مائدة 30 شعبان ، و مائدة واحد رمضان ؟؟
لم يتقبل الأبناء قلة الأصناف في الأيام العادية ،وفي رمضان تمتعض وجوههم إن لم تتنوع المائدة ؟
إحدى الأخوات اتفقت مع أسرتها على أنها لن تزيد في المائدة الرمضانية عن المعتاد ، و وعدتهم إن انقضى رمضان أن تطهوا لهم ما تشتهي أنفسهم مما لذ و طاب..
اتفاقية جميلة ، حوت عدة إجابيات :
- الرقي بفكر الأسرة ، و أن هذا الشهر ليس شهر تغذية..
- تخفيف أعباء الطاهية أماً كانت أم بنتا ، و تفريغها و لو جزئيا للعبادة..
- التخفيف على الميزانية التي تصاب بهزال بمجرد دخول الشهر..
و لو اتفقت الأسرة على التصدق بالمبالغ المدخرة جراء الاقتصاد في المائدة ، لكان خيرا على خير..
لكن إن كان لا مفر من الطبخ و النفخ ن فلا أجد أفضل من إعداد الأطعمة مسبقا ، و حفظها في غرفة التجميد..
فهذا خيار مناسب جدا و مجرب لمن أرادت فعلا استغلال وقتها..
و ابدئي من الآن..
أما مشكلة الغضب..
فأرجع هذا و الله أعلم إلى عدم الاحتساب أولا ، و عدم التعود على الصيام ثانيا..
فهو بين ليلة و ضحاها قد حُرم الطعام و الشراب ، مع أن الأعباء المرمية على كاهله أو كاهلها هي هي لم تتغير، فمن الطبيعي أن تحدث ردة فعل لهذا الحرمان..
لكن هناك أناس يعملون في قطاعات شتى : كالتعليم ،و المستشفيات ، و الأعمال الميدانية ، و دأبهم صيام النوافل ، و مع ذلك لم يؤثر ذلك على عطائهم و نفسياتهم..
إلى من يعاني:
لعلكم تصوموا بعض أيام شعبان تهيئة للنفس لدخول رمضان.. وهذا هدي السلف قبلنا ، وهذه هي السنة الإكثار من الصيام في شعبان ، و هنا ينحسر جزء من حكمة الصيام في هذا الشهر.. و الله أعلم..
أما القنوات ، و عجبا لهذي القنوات التي تتفنن في طرق جذب المشاهد إلى مستنقعها الآسن..
فمن مسلسل كوميدي ... إلى مسابقة مثيرة ... إلى فيلم تاريخي ...إلخ
و هكذا حتى يقع المسكين في الشراك ، و لا يستطيع بعدها الحراك !!
الأفاضل:
إن كنا مفرطين طيلة الأشهر الماضية ؛ لم لا نضغط على أنفسنا في رمضان..
لم نعده شهرا للاستمتاع ؟
فبدل أن يكون شهرا لغسل الذنوب ، صار شهرا لتلطيخ الصحائف بالذنوب و الآثام..
من أسرته هذي القنوات ؛ عليه بالعمل من الآن .. فليعود نفسه على هجرها ، حتى تألف النفس ذلك ، وليهجر قبل ذلك إعلاناتها المروجة..
و إن كان لدي ثمة اقتراح لمن عقد العزم على الاستغلال الأمثل ، وهو أن يخرج مثل هذه الملهيات عن بيته ، على الأقل يضمن سلامة حواسه من التلوث الفضائي..
و بهذا سيجد نفسه منشرحة للصلاة .. لتلاوة الآيات ... للخلوة مع النفس..
لا ينازع هذا الانشراح لقطة مثيرة ، و لا نكتة سخيفة ، و لا كيف ستكون الحلقة الأخيرة..
أيضا احرص على هجر المجالس التي تتسلى بالحديث عن ما عرض في الشاشات ، فلعل شيئا منها يعلق بقلبك ، فتقع في الفخ الذي هربت منه ..
أما الأسواق فالحل باقتضاب : تسوقي من الآن ، و لا تقولي لم تنزل البضائع الجديدة!!
و إن لم يتيسر هذا فتسوقي نهارا لا ليلا ؛ ابتعادا عن الزحام ،و اقتناصا لليال فضيلة.. و ثقي أن الله معك إن صدقت نيتك..
هذه بعض مشكلات ، قد تعرض للبعض ، وهذه الحلول التي هديت إليها - و الباب مشرع أمام الإضافة و التعليق - فإن أصبت فمن ربي وحده ، و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان ، و الله و رسوله منه بريئان..و أستغفر الله أولا و آخرا ..
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..
▓▒░ ابنة شكري!!
.
.
.