ميثاق التجنيــــــــد لقاعـــــدة الجهــــــــــاد
بسم الله الرحمن الرحيم
ميثاق التجنيــــــــد لقاعـــــدة الجهــــــــــاد
الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار ، والصلاة والسلام على النبي المختار ، وعلى آله وأصحابه الأبرار الأخيار ، وبعد :
فإنه قد نزل بقلاع الإسلام عدوّه الأخطر ، وأحاط به خصمه الأكفر ، اليهود الملاعين وأولياؤهم من الصليبيين ، وأذنابهم من الزنادقة والملحدين ، فصبّوا على هذا الدين أحقادهم صبا ، وكشفوا عن دفين غيظهم فلم يدعوا منه قشرا ولا لبـّا ، وحلّت جيوشهم جزيرة الإسلام ، واحتلت دار السلام ، مالم يحدث مثله في غابر الأيام ، فوجب حينئذ النفير ، ووجب بذل الغالي والنفيس ، والقطمير والنقير ، وصار أوجب الواجبات ، وأعظم فرائض الدين المتحتّمات ، مجاهدة هذا العدو الصائل على الدين ، الباغي على المسلمين .
وإنما الجهاد اختيار الله تعالى لجنوده ، واستعماله من شاء من عبيده ، فهو يسلّط الأعداء بقدره ، يقدّر في الأرض من ذلك ما شاء ، ليرزق به من عباده منازل الجنّة من شاء ، فالعلة الغائيّة ، والحكمة الخفيّة ، تمحيص المؤمنين ، واتخاذ الشهداء ، وامتحان العباد فتركس الذنوب بأصحابها ، وترفع الحسنات أهلها ، ليُثاب كل عبد بما سبق من حسنته ، أو جريرته ، وما أخفاه من خفيّ سريرته ، فيستعمل الله من شاء في مساخطه ، ومن شاء في مرضاته ، يفضح المنافقين والأِشقياء ، ويصطفي الأصفياء ، ويرفع درجات البررة الأتقياء .
فالظاهر للبشــر في أحكام ظاهر القــدر صراع الأجساد ، واصطدام المواد ، واصطلام أفكار الجماعات والأفراد ، والحقيقة وراء ذلك ، لايراها إلا أهل البصائر والمدارك .
والفائز من أبصر ما وراء الصراع الظاهر ، من ميدان المتسابقين إلى الجنان ، فتعلّق قلبه بتلك المنازل ، ولم يحل دون همّته إلى رضوان الله والجنة حائل .
وعلى هذا الجوهر المكنون ، والســرّ المصون ، تدور فكرة تجنيد قاعدة الجهاد ..
وأول منازل تجنيد القاعـــــدة ، وهم نخبة القـادة ، عليهم معوّل نهضة الأمّة ، وإخراجها من الغمـّــــة :
غرس الإيمان بالتوحيد واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
* وثانيها إيقاظ التوبة .
* وثالثها تنوير القلب بنور الوحي.
* ورابعها كشف حجاب الغفلة .
* وخامسها بعث الهمّة .
* وسادسها إعداد الأسباب .
* وسابعها توطين النفس على المرابطة .
المنزلة الأولى : غرس الإيمان بالتوحيد واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .. قــال تعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) . وهي ثلاث درجات :
توحيد الذات الإلهية بالتفرد بالربوبية وشهود كمال الأسماء والصفات ، وإفراد الله بالعبادة ، والتعلّق بالتوكّل ، والتزام اليقين .. ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، ( رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ) ، ( وكانوا بآياتنا يوقنون ) .
الكفر بالطاغوت والبراءة منه وإظهار العداوة له ومجاهدته .. ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها ) .
تجريد الإتباع للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، ومجانبة طريق أهل الأهواء ، ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) ، وموالاة الموحدين أولياء الله ومحبتهم ، ومعاداة من يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين وهم أولياء الشيطان ، وبغضهم وجهادهم ... ( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذيــن كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) .. (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويبتع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) ،
المنزلة الثانية : إيقاظ التوبــة .. قال تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) .
وهي ثلاث درجات :
استشعار شناعة الذنوب في مقابلة سعة العفو الإلهي ، ومشاهدة التقصير في مقابلة نعم الربوبية .. ( إنه كان ظلوما جهولا ) ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) .
تذكّـر الآخرة والموت ( وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأيّ حديث بعده يؤمنون ) .. ( إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ) .
الندم ، والاستغفـــار ، والعزم على الاستقامة ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا ) .
المنزلة الثالثة : تنوير القلب بنور الوحـي .. ( ولكن جعلنا نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ) ..
وهي ثلاث درجات :
تحصيل علم ما هو فرض ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) .
مدارسة التنزيل ، وتعلــم السنّة وهدي النبوّة الأول ، ومتابعة التعلم بمجالسة العلماء ..( قل إنما أنذركم بالوحي ) ، ( وإن تطيعوه تهتدوا ) .. ( هل أتّبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ) .
إتباع العلم بالعمل ، وإلزام النفس بالتقوى ، وإدمان الذكر والتعبّد ، وهجر المعاصي والسيئات .. (ولمّا بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ) .. ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) .
المنزلة الرابعة : كشف حجاب الغفلة .. ( ولاتكن من الغافلين ) ..
وهي ثلاث درجات :
شهود النفس لتقصيرها تجاه الأمّة ، وإلزامها المسؤولية لتحقيق نهضتها .. ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله ) .. ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) .. ( وما أرسلناك رحمة للعالمين ) ..
تبيّن سبيل المجرمين ، ومعرفة الجاهليّة المعاصرة ووجوب مفارقتها .. .. ( وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) ( ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) .. ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) .
رؤية واجب المرحلة بعين البصيرة ، واليقين بتعيّن الجهاد على الأمّة طريقا إلى العزّة ، ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) .. ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .. ( فلا تطع الكافريــن وجاهدهم به جهادا كبيرا ) .
المنزلة الخامسة : بعث الهمّة ..( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ..
وهي ثلاث درجات :
تربية النفس السموّ لمنازل الأشراف بصدق المواقف ، والترفع عن ضيق التعصّب للأحزاب ، إلى تبّني مشروع الأمّة ، بعثها فتوحيدها فقيادتها للبشرية : ( من المؤمنيــن رجـــــال صدقـوا ما عاهدوا الله عليه ) ، ( ولتكن منك أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) .
الزهد بالدنيا ، والاستبصار بحقارتهــا ( ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب ) .
تعليــق الروح بنعيم الآخــرة ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) ..( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) .
المنزلة السادسة : إعداد الأسباب .. ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثُباتٍ أو انفروا جميعــــا ) ..
وهي ثلاث درجات :
تمرين البدن على الخشونة والجلد ، وتعلم أنواع وصناعة السلاح وقوة الرمي ، وترويض النفس على إلتزام الطاعة ، ولزوم أمــر الجماعة المجاهدة : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
فهم الخطط الحربيــــّة بأنواعها ، وطرق الإستخبارات ، وسبل الوقاية من استخبارات العدو ..( ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ) .
إستشراف مكامن ضعــــف العدوّ ، والتبصّر بطبيعة معادلة الصراع السياسي والعسكري ، وتحديد الأهداف السياسة ، وحسن تنظيم المراحل ( أولي الأيدي والأبصار )
المنزلة السابعة : توطين النفس على المرابطة ..( ولا تهنوا في ابتغاء القوم )
وهي ثلاث درجات :
استنزاف العدوّ بكل أنواع القتال ، وضرب أركان قوته المادية والمعنوية بلا كلل ، من غير تعجّل النصر ولا استعجال الثمرة ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) .
المصابرة حتى تحويل الجسد إلى شظايا الموت للأعداء .. ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) ، ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) .
ملازمة الجهاد حتى التمكين ، أو ينتقل إلى الجيل التالي ، أداء للأمانــــة ، وحفظا لميراث النبوة ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) .
حامد بن عبدالله العلـــــــــــي
الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية
Global Islamic Media Front
|