[align=justify]أخي الإدريسي .. وكذلك أخي الطير أشكركما على هذين الردّين الجميلين .. وأُعظِمُ فيكما أن أعطيتماني شيئاً من وقتكما لقراءة الموضوعِ ..
أخي الإدريسي ..
إنَّ التحزُّبَ والانقسامَ أمرٌ قديمٌ ليس بحديثٍ .. فعندما فُتِحَ بابُ الفتنةِ بمقتلِ ثاني الخلفاءِ الراشدينَ ؛ تتابعتِ الفتنُ مِن بعدِهِ ، وظَهَرَت فرقُ الابتداعِ ، الذين خالفوا منهجَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وصحابتِهِ الكرامِ ، وتَمَـزَّقَ شملُ الأمَّةِ بعدَها ، وأصبَحَت شيعاً وأحزابا ً؛ وكان الأمرُ كما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم .
فعن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليأتينَّ على أمّتي ما أَتَى على بني إسرائيلَ ، حَذوَ النّعلِ بالنّعلِ ؛ حتى إِن كانَ منهم من أَتى أمَّه علانيةً لكان في أمّتي من يصنعُ ذلك ، وإنَّ بني إسرائيل تفرَّقَت على ثنتين وسبعين ملَّة ، وتفترقُ أمّتي على ثلاثٍ وسبعينَ ملَّة ؛ كُلُّهم في النَّارِ إلا ملَّةً واحدةً " . قالوا : مَن هي يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " .. [ رواه الترمذيُّ وغيرُهُ بسندٍ صحَّحه جمعٌ من أهل العلمِ ] .
وعندما حَدَثَت هذه الفرقُ في الأمَّةِ – كما أخبرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم – لم يَعدم ولن يُعدم الخيرُ فيها ، إذ ظَلَّت فئةٌ منها مُتَمَسِّكةٌ بالهدى والحقِّ ، وهم ظاهرون إلى قيامِ السّاعةِ ، لا يضُرُّهُم من خَذَلَهم ، أو خَالفَهُم ؛ مصداقاً لبشرى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيهم ، حيث قال : " لا تَزَالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحقِّ ، لا يضرُّهُم من خَذَلَهم ؛ حتى يأتي أمرُ اللهِ ، وهم كذلك " [ رواه مسلم ] .
ومن هنا وجَبَ على كلِّ مسلمٍ أن يَتَعَرَّفَ على عقيدةِ هذه الطائفةِ المباركةِ التي تلتزمُ الإسلامَ الصحيحَ .
وعليه – أيضاً – أن يعرفَ الإيمانَ الذي آمنوا وعَمِلوا به معاً ، ويعرف حقيقةَ هذا الإيمانِ ، ومسمَّاه ، ومراتبَه ، وخوارمَه ، ونواقضَه ، وموانعَه ، وأركانَه التي هي : الإيمانُ باللهِ ، وملائكتِهِ ، وكتبِهِ ، ورسلِهِ ، واليومِ الآخرِ ، وبالقدرِ خيرِه وشرِّهِ .
وكذلك عليه أن يعرف الحقَّ وأن يأخذه ممَّن جاء به ، والجماعةُ هي ما وافقَ الحقَّ ولو كنتَ وحدَك .. كما هو معلومٌ لديك ..
والتحزُّبُ والانقسام .. أمرٌ ناتجٌ بلا شكّ عن الخلافِ والاختلافِ .. إلاَّ أنَّ الخلافَ سُنَّةٌ كونيَّةٌ .. خلقَ اللهُ النَّاسَ وجعلَ فيهم الاختلافَ .. الاختلافَ السَّائغَ المقبولَ .. إلاَّ أنه نهاهم عن بعض ما ينتجُ ربّما عنه .. فنهاهم عن التحزُّبِ والانقسامِ إلى الشَّيعِ التي يضربُ بعضُها بعضاً ..
أما عن سؤالك بقولِك : ( وكيف أذا تريد أن نتعامل مع أخطاء الشيخ ابن باز ؟؟؟ .. ابن عثيمين .. ابن تيمية .. ) ..
فأقول : نعم التعامل مع أخطاء جميع العلماء الذين يكثر صوابُهُم .. ويقلُّ خطؤهم هو بهذه الطريقة .. لأنَّها قاعدةٌ لم آتِ بها من كيسي .. وإنما هي قاعدةٌ ذَكرَها كثيرٌ من أهلِ العلمِ على أنها من صُلبِ منهجِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في التعاملِ مع المخالفِ الذي يسعُ معه الخلاف .. وذكَرَها عددٌ من الأصوليّين وممَّن كتب في مقاصد الشريعة .. كالذّهبيِّ وابنِ القيِّمِ والشَّاطبيِّ .. وغيرِهِم ..
أما عن قولك : ( صدقني لقد فتحت باباً يدخل منه الريح !!! ) ..
فأقول : أنا آسف ، فلم أعلم أنَّ هناك مَن سيُدخلُ عليه هذا البابُ ريحاً ( مُريبة ) كأمثالِكم ..
الموضوع لا يحتاج لما ذكرت .. عافاك اللهُ .. إلاَّ أن يكون من باب : " حدثوا الناسَ بما يعرفون " فلم أعرف أنَّ هناك مَن ليس لديه القدرةُ أن يعرف .. ( أقصد : يعرف مثل هذا الكلام ) ..
أخي الطير .. أفدنا ببعضِ الأفكار والفوائد .. حول هذا الموضوع ..
بارك اللهُ فيك .. الحمد لله أنك ممن يعرف .. وممن لا تزعجه الريحُ التي ستدخلُ بعد فتحي لهذا البابِ ..[/CENTER]
|