أمير سعودي ينتقد الهيئة
وفي مقال نشرته إحدى الصحف السعودية قبل عدة أشهر بعنوان"عمل الحسبة.. والخروج عن الغايات والأهداف" الذي كتبه الأمير تركي بن بندر رئيس مجلس إدارة مجموعة حفيد الجدين يشير إلى ضرورة معاقبة الأفراد المخطئين من هيئة الأمر بالمعروف الذين يسيئون إلى الدين.
ويقول عن أخطاء الهيئة:"موقفنا كأفراد أو المجتمع بكامله بمعاقبة ومحاسبة المهمل أو المقصر أو المخطأ أو المتجاوز من قبل الدولة مهما كان نبل وسمو هدفه، ودرجة حماسه،وحيث أن (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هيئة رسميه حكومية العاملين بها موظفين مثلهم مثل باقي موظفين الدولة لهم مناصبهم ومراتبهم ومسمياتهم الوظيفية، وترقياتهم،ويستلم كل فرد منهم راتب آخر كل شهر من الدولة،ويعملون على سيارات حكومية تصرف لهم نفقة محروقاتها، كما أننا نعتقد أن تعيينهم في الهيئة جاء بناءا على التراضي بين الطرفين،كما جاء بناءا على شروط ومواصفات مسبقة وضعت كشرط للتوظيف كالمؤهلات العلمية وشهادات حسن السيرة والسلوك وغير ذلك من الشروط، وان هذا الموظف يفترض به كباقي موظفين الدولة ان يكون ملتزم بأداء عمله حسب الضوابط التي تخدم المصلحة العامة، كما أن الموظف حريص على تحقيق أهداف الهيئة مثله مثل باقي موظفين الدولة في باقي قطاعاتها، كما أن عليه قبول أن يطبق عليه النظام مثله مثل باقي موظفي الدولة إذا هو أهمل أو تجاوز أو قصر أو أخطأ أن يحاسب ويعاقب حتى ولو كانت نيته أيضا نبيلة وساميه؟ إلا لماذا نطالب ان تعاقب الدولة الطبيب والجراح الذي أخطأ وهو من جاءه المريض إلى عيادته ولا نطالب الدولة أن تعاقب وتحاسب أحدا من منسوبي الهيئة إذا هو تجاوز أو أخطأ أيضا؟!
لا بل إن خطأ أو إهمال أو تقصير أو تجاوزات موظفي (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أعظم بالنسبة لي من خطأ الطبيب أو الجراح لأن خطأهم أو تقصيرهم كما سبق وأن ذكرت في الحلقة السابقة يمس صورة الأمة الإسلامية بكاملها وليس فرد واحدا،كما يمس صورة دين قويم، وان في هذه الأخطاء هدية ثمينة وفرصة للمتربصين بهذا الدين،وأعداءه، وجائزة لأولئك المغرضين والحاقدين حتى على الدولة، ان أخطاء الدعاة أيا كانوا تختلف عن باقي الأخطاء لأنها بحق ديننا الذي هو عماد حياتنا وأساس وجودنا وسبب بقاءنا على هذه الدنيا،وليس خطأ في سفلتة شارع أو تأخر في رصفه أو إنارته من قبل بلدية".
ويضيف قائلاً:"من هنا أستغرب محاولة الالتفاف، وخلق نوع من الازدواجية في الدولة وقوانينها فالحملات التكفيرية الشرسة، والهجوم والويل والثبور لمن يقف ويصرخ حرصا وخوفا وإخلاصا وغيرة على دينه كما هو دين أولئك الآمرين بالمعروف حين يقال لهم : لماذا الخطأ؟ ولماذا التكرار في حدوث نفس حالات التجاوز أو التقصير التي أساءت لديننا؟ من المسئول عن تلك الأخطاء وتحمل تكرارها؟ ولماذا لا تشكل لجنة مختصة يحاكم ويحاسب ويعاقب إذا ثبت خطأ أو تقصير أو إهمال منسوبي الهيئة كما ان هذا الشيء مطبق على بقية المسلمين من أبناء الدولة وموظفيها الآخرين ؟ لماذا موظفي الهيئة يرفضون المحاسبة والعقاب ويربطون بين من يطالب بتطبيق ذلك عليهم بالتعدي على الدين، وعلى الله، والرسول صلى الله عليه وسلم، ويكيلون له شتى أنواع التهم ؟ أين أصحاب الرأي، والحكمة،والعقل الراجح من كبار علماءنا للتدخل والتصحيح لإيقاف أفعال تشويهية لصورة الإسلام؟
كما أنني اتفق من حيث المبدأ أن القائمين على أداء رسالة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) معرضون كغيرهم إلى الوقوع في الأخطاء لان الخطأ هو ليس مقتصرا على أهل الدعوة فقط وإنما على جميع الناس وكافة العاملين في جميع القطاعات ،وأصعدة المسئوليات وهذا ليس دفاعا عنهم إنما هي طبيعة البشر وسنة كونية ،ولكن مالا أفهمه وأدركه أن تتكرر نفس الأخطاء وذات الأخطاء إلى درجة كبيرة دون رادع؟".
وزاد في قوله:"من هنا أجد أنه من الطبيعي أن تصبح الهيئة وأخطاء منسوبيها على لسان كل الناس، وان هذا الأمر يتطلب الوقوف والتنبه له من قبل الدولة ، لقد أوردت إحدى الصحف المحلية مؤخرا، تعرض مواطن وزوجته لاعتداء من رجلين في (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) و معهم وللأسف رجل امن، وقاموا بضربه وزوجته بدعوى الاشتباه بهما بينما كانا أمام شقتهما في حي (النزهة) شمال الرياض. فمثل هذه الحادثة وغيرها من الحوادث المماثلة الكثيرة للأسف ،والتجاوزات العديدة لا تصب في مصلحة الدولة ومؤسساتها ، مما يستدعي الوقوف عندها بكل جدية وحزم لتدارك الموقف حتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال التي تسيء إليها،فالهيئة في نهاية المطاف إدارة حكومية مسئوله عنها الدولة ،كما ان الدين الإسلامي بريء من تصرفات هؤلاء وسلوكياتهم فقد دعا إلى الرفق، والرحمة، وحسن الخلق في التعامل، فكيف بنا إذا قام الذين مناط بهم نصرة هذا الدين وتوجيه الناس إلى الرشد بارتكاب مثل هذه الأخطاء الفادحة دون محاسبة ومعاقبه؟".
ويقول الأمير السعودي كذلك في سياق مقاله:"ما أن هدأت هذه القصة حتى فاجأتنا جريدة (الرياض) في عددها رقم (13698) وتاريخ(23/11/1426هـ) بأغرب منطق سمعته أو قرأته في حياتي احتقاري واستخفافي بالآخرين ،والمقصود بالآخرين هنا هم "سعوديين مسلمين"، يقول: المواطن (ع.ن.ع) بينما كنت أسير لوحدي في شارع (صفوان التميمي) بحي "منفوحة" الساعة التاسعة والنصف مساء،وإذا بثلاث رجال يهجمون علي من الخلف حيث قاموا بضربي ضربا مبرحا ومزقوا ملابسي واقتادوني إلى سيارة مدنية واركبوني بالقوة ،وأنا في حالة ضعف وهوان من شدة ما تعرضت له من ضرب أمام أعين الناس. وبعد أن أبرز بطاقة الأحوال (هويته) وأثناء معاينتها من قبلهم قالوا بكل أسف لم تكن أنت الرجل المطلوب لدينا ونحن نعتذر منك ونرجو أن تقبل اعتذارنا عن هذا الخطأ".
ويضيف:"والسؤال الذي يفرض نفسه علينا هل وصلت العبثية، والفوضى، والتعدي على الآخرين بالاعتداء عليهم حتى وإن كانوا متلبسين وبالجرم المشهود إلى هذا الحد؟ أليس المتهم والمدان لهم حقوق لدى أقسام الشرطة سعت وزارة الداخلية لسنها وتثبيتها لدى كافة الجهات المعنية؟ أليس في هذا التصرف ضرب الحائط بكافة أعراف وقوانين الدولة لا بل حتى قوانين الله وتعاليم دينه وما أنزل في سنة نبيه التي أساؤوا لها بهذا التصرف المشين ؟ أليس المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
فما بالنا إذا كان شخص يسير في أمان الله ولوحده في الشارع؟ أليس في ذلك إرهاب المواطنين الآمنين وإرعابهم وتخويفهم وهم بذلك لا يختلفون عن إرهاب أصحاب القنابل وإطلاق الرصاص على الآخرين لأن لهم رصاص من نوع آخر أكثر فتكا من الرصاص التقليدي؟ هل يعتقد من قام بهذا الهجوم والضرب المبرح وسحب الآخرين على وجوههم في الشارع على مرأى وأمام أعين الناس أنهم ليسوا بشر،وأنه لا كرامة لهم، ولا قيمه ؟ وأي اعتذار يتحدثون عنه ؟ لماذا لا يقدم من قام بهذا العمل المشين إلى القضاء لتتم محاكمته بصورة نظاميه؟ ولكن هل سيتعاطف القضاة معهم أم مع الضحية ؟ ولماذا لم نسمع من المسئولين والقياديين في جهاز الهيئة إدانة واستنكار لهذا الفعل من قبل منسوبيهم؟ لماذا لم نسمع منهم التزام بفتح تحقيق عاجل ومعاقبة من يثبت خطأه وتقصيره؟ أليس المنطق يقول بتحمل المسئولين في الهيئة جزء من هذا الذي يحدث على يد موظفيهم ؟ ثم كيف يطالبون الضحية قبول اعتذارهم ونسيان الخطأ معتبرين حسب ما ورد في خطاب اعتذارهم ان الخطأ من طبائع البشر،ومنطقهم العملي يقول عكس ذلك؟ هل هم بالفعل مؤمنين بأن تقصير الآخرين وأخطاءهم طبيعة بشريه ؟ أليس في أسلوبهم هذا تعبير صارخ بأن الأصل لديهم هو أن الناس كافة الناس على خطأ وضلاله يجب معاقبتهم ومراقبتهم دون رحمة أو هوادة؟ وأخير هل بالفعل لا ينقصهم سوى الدورات والتأهيل أم أن المسألة تدخل في منطق أكبر بكثير من الدورات ".
آخر من قام بالتعديل مدرعم; بتاريخ 05-10-2006 الساعة 07:40 AM.
|